|
ظاهرة البرازيلي
عماد حياوي المبارك
(Emad Hayawi)
الحوار المتمدن-العدد: 4748 - 2015 / 3 / 14 - 12:15
المحور:
الصحافة والاعلام
ظاهرة البرازيلي
من الصدف أن تجاور بيت أهلي في حي القادسية ببغداد، إعدادية الصمود العربي للبنات وفي شارع بيت أهل زوجتي بحي المتنبي بالمنصور تقع ثانوية التجارة للبنات ومعهد الفنون الجميلة للبنات (بعد فصل الجنسين) وإعدادية الكفاح العربي للبنات... وكنا نعاني من تصرفات الشباب الطائش وإزعاجهم لنا وللطالبات وغلقهم الشوارع واستخدامهم منبهات السيارة بغير أسباب، وكنت اُسمّي تواجد كم هائل من سيارات المراهقين (ظاهرة البرازيلي) لأننا وفجأة نجد شوارعنا وقد امتلأت... بسيارات البرازيلي ! × × ×
كنا خلال أواخر التسعينات في محل شارع النهر نشترك بصحيفة (بابل)، كلنا يتذكر هذه الجريدة ذات القطع الصغير، ولأن موزع الجرائد (شايب) من أهل الجنوب نحب لهجته وطباعه، فقد اشتركنا بالجريدة تشجيعاً له، فعودنا أن يأتي بها يومياً بوجه صبوح ولا يغادر إلا وقد شربَ الشاي. من بين مواضيع الجريدة كنا نقرأ ـ على ذمة الوكالات ـ لأنها تَنقل بالنص تعليقات أجنبية على الوضع بالعراق، كما كان يلفت نظرنا بعض المواد التي تكتب من خلال أعمدة ظاهرة بصدر الصحيفة فنستعجل قراءتها قبل أن يحين وقت الغداء لنحمّي (سفرطاساتنا)، حيث ستكون تلك الصفحات لاحقاّ... (شرشف) المائدة !
في أحد أعداد الجريدة، كُتب عمود تحته اسمٌ لكاتبه، يقول بأن على المدارس والعوائل تربية وتحصين بناتهم طالبات الثانوية أكثر، وهي مسئولية البيوت وإدارات المدارس بمنع تمكيج وتبرج البنات وضرورة مراقبتهن ومحاسبتهن، وعلى الآباء والأمهات والمدرسات الحرص على تحشيمهن وتحجيبهن... الخ.
لم أطِق كلام الكاتب ولا طريقة طرحه، فتزاحمت الكلمات في ذهني ووقفتْ (ببلعومي) وأحسستها ثقيلة وصار عليّ إطلاقها بدل أن (تنام) على قلبي، فسألتُ صاحبنا الموزع حول إمكانية إيصال تعليق مكتوب برسالة للجريدة، فوعدني بأنه سيسلمه لمكتب التوزيع باليد حين يستلم الأعداد الجديدة عند الصباح، حينها سيأخذ طريقه لقسم التحرير في الجريدة الواقع بين ساحة عقبة وساحة الفتح بالكرادة. فكتبت أسطر قليلة وتحت اسم مستعار زيادة في الحيطة، قلت فيها بعد تقديم التحية والإشارة للموضوع إياه...
(( ... أخي الكاتب، كان يُجدر بك أن تدعو الأسرة على الحرص بتربية أولادها، بدل مطالبتك بزيادة تقييد حرية بناتنا، فلِمَ الأم لا تقوم بمراقبة ابنها ساعة (حلّة) مدارس البنات، ولمَ لا يحاسِب الأب أبنه حين يخرج خلسة بسيارته بهذا الوقت، أليس هؤلاء الشباب الطائش الفوضوي هو من يتحرش ببناتنا ويقطع الطريق عليهن ويضايقهن ويعرضهن للخطر، وينشر الضوضاء في الشارع، ام العكس ؟ إننا نعاني اليوم بمناطقنا السكنية من طيش الأولاد وتعَديهم على حرية بناتنا وتعريض أطفالنا للخطر والشارع للضجيج... ابحث عزيزي المحرر عن جذور المشكلة ونادِ بإنقاذنا من صولات هؤلاء المتسيبين وحث عوائلهم بتوجيههم نحو الصواب، بدل تضييق الخناق على بنت مسكينة لا حول لها في الشارع ولا قوة. دع بناتنا ولا تحملهن ذنب أخوانهن، الرجاء أن تطرح حلولاً غير تلك التي ذهبتَ إليها. )) × × ×
بعد أسبوع وبينما كنت أتوقع رد فعل ـ سلبي ـ من الصحفي المحرر للعمود... وإذا بشاب ببدلة أنيقة وربطة عنق يتجه للمحل بعد أن أشار صاحبنا موزع الجرائد البصراوي له، فسَّرَ بأشارته تجاهنا ـ تقريباً ـ غاية الضيف الثقيل هذا.
قال وبدون تحية: الأستاذ شخصياً يشرف على المقالات، ولا مرة نستلم رسالة مثل مالتكم.
أجبته بعد أن أدركْتُ غايته ولمست الشر واللؤم في عيونه... ـ أنا كنت أيضاً أؤيد رأي الجريدة، يجب تربية بناتنا بشكل أفضل، لكن صاحبنا كان له رأي مغاير أغضبنا، فطردناه بغير رجعة ! ـ منو تقصد ؟ قال شريكي وقد فهم أنني أحاول تلافي الأمر: زبون من الموصل عديم التربية، الحمد لله أنه زعل وما راح نشوفه !
قال الأخ الأنيق وهو يقف منتفضاً: على كل حال خلي يحترم نفسه... وإلا أحنة نعلمه الاحترام، أبن الـ... كانت هذه آخر كلمة نطقها بدل إلقائه التحية علينا، ثم همَّ بالمغادرة...
علق أخي صلاح الذي كان جالساً: شورطكم ياغشمة، هذه كتابات (عدي) تحت أسماء مستعارة !
عماد حياوي المبارك
× نحمد الله أن الصحافة هذه الأيام في العراق غدت في وضع أفضل، لكن لا تزال المخاوف تحيط بكتاب الكلمة الصادقة والجريئة، من قبل فئة متزمتة جاهلة لا تعرف ما تقرأ ولا تفهم إذا قرئت، هذا إذا كانت تعرف القراءة أصلاً. لا تزال هنالك (سيوفاً) مسلطة على رقاب كتابنا ومثقفينا وأدبائنا في داخل بلداننا العربية... للأسف الشديد.
#عماد_حياوي_المبارك (هاشتاغ)
Emad_Hayawi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صراصر... بنات عوائل
-
حلال... حلال
-
عيون... (العيون)
-
(حبيبة)... الحبيبة
-
ما في حد... أحسن من حد !
-
عصر الفولاذ
-
السبي في التاريخ
-
جداريات... (تشوّر)!
-
في 13 شباط... استذكار شهداء ملجأ العامرية
-
تهنئة لمواليد 29 فبراير
-
نذر لاند
-
البوسطجي
-
مدارس أو مذاهب
-
لغز بِعثة (فرانكلين)
-
عن الأسماء وعن القصص...
-
(مغماطيس)... إبن حلال
-
من (الديرة)... إلى (كبطاش).
-
زيارة... (ميمونة!).
-
رحلتي الأخيرة إلى المغرب
-
فاتي كانو
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|