|
الأكثرية السنية الوطنية مغيبة ، وصالح المطلك لا يمثل سوى حزب البعث
حامد الحمداني
الحوار المتمدن-العدد: 1323 - 2005 / 9 / 20 - 11:01
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
في ظل الظروف الخطيرة والبالغة التعقيد التي يمر بها الوطن العراقي تعاني الأغلبية السنية الوطنية حالة من التغييب القسري عن مجرى التطورات التي تجري في المشهد السياسي الحالي ، فتارة يمنع أبناء الطائفة بقوة السلاح من قبل القوى الإرهابية من ممارسة حقهم في الانتخابات كما جرى في انتخاب الجمعية الوطنية ، وتارة أخرى تختزل الطائفة في شخص الدكتور صالح المطلك وبعض المقربين إليه ليمثلوا الطائفة السنية في لجنة إعداد الدستور الدائم . وعلى هذا الأساس يحق لنا أن نتساءل : *كيف تم اختيار صالح المطلك ورفاقه ممثلاً للسنة ؟ *على أي أساس جرى هذا الاختيار ؟ * من هي الجهة التي كانت وراء هذا الاختيار * وهل يمثل صالح المطلك ورفاقه حقاً الطائفة السنية ؟ * ما هي الانعكاسات السلبية على الطائفة السنية بهذا الاختيار؟ أسئلة لا بد من الإجابة عليها كي نضع النقاط على الحروف ، ونكشف زيف هذا الاختيار، والذي كان وراءه ، والأهداف التي يرمي إليها من وراء هذا الاختيار . ففي واقع الحال أن صالح المطلك لا يمثل إلا العناصر البعثية التي أُسقطت من السلطة في التاسع من نيسان 2003 ، وهو لا يخفى مواقفه التي يعبر عنها علناً في مختلف وسائل الإعلام مدافعاً عن رفاقه البعثيين، ورافعاً راية إلغاء الفقرة الواردة في مسودة الدستور والمتعلقة باجتثاث البعث الصدامي من الحياة السياسية ، واعتبار الفكر البعثي فكر شوفيني فاشي اذاق الشعب العراق من ويلاته وجرائمه ما يعجز القلم عن وصف بشاعته ، تماماً كما فعل النازيون وفكرهم الفاشي أيام حكم هتلر طاغية ألمانيا . ويبدو أن اختيار المطلك ومجموعته قد جرى من قبل الولايات المتحدة وسفارتها في بغداد في محاولة لخلق نوع من التوازن بين قوى الإسلام السياسي الشيعي المهيمن على الحكم والعناصر البعثية التي تدعي العلمانية! ، حيث لا تطمئن الولايات المتحدة لتوجهات قوى الإسلام السياسي الشيعي في إقامة دولة دينية وطائفية . هل عجزت الولايات المتحدة عن إيجاد عناصر وطنية ديمقراطية سنية نظيفة لتمثل هذه الطائفة المغيبة عن المسرح السياسي الحالي ؟ أم أن الولايات المتحدة لا ترمي حقاً وصدقاً إلى إقامة نظام حكم ديمقراطي حقيقي في البلاد ، بل هي تسعى لخلق سلطة ذات مظهر ديمقراطي بائس تدين لها بالولاء المطلق ، وتنفذ أجندتها المرسومة سلفاً لمنطقة الشرق الأوسط الكبير .
إن هذا التوجه الأمريكي ينطوي على مخاطر جسيمة على مستقبل العراق ومستقبل الديمقراطية المنشودة ، فالقوى البعثية بكل أصنافها ومستوياتها ليست فقط لا تؤمن بالديمقراطية ، بل لقد مارست اشد أساليب القمع لأبسط الحقوق الديمقراطية للشعب طيلة سنوات حكمها البشع ، وأن أية محاولة لتبييض صفحة البعثيين ومحاولة إشراكهم في إدارة شؤون البلاد من جديد مرفوضة تماماً من قبل الشعب العراقي بكل طوائفه وبشكل خاص من الطائفة السنية التي ترفض رفضاً مطلقاً أن يمثلها صالح المطلك ورفاقه . إن بروز صالح المطلك ورفاقه على المسرح السياسي الحالي كممثل للسنة قد شكل إهانة كبرى وتجاهلاً خطيراً للطائفة السنية وممثليها الحقيقيين حاملي الفكر المتنور والملتزمين بالديمقراطية كمبدأ وهدف ، والمؤمنين بحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية ، والطامحين ببناء عراق ديمقراطي متحرر يتساوى فيه أبناء الشعب بكل قومياتهم وأديانهم وطوائفهم في الحقوق والواجبات دون تمييز، والاهتمام بشكل خاص بالمرأة العراقية وستقبلها الاجتماعي والسياسي لكي تأخذ دورها الرائد والضروري في المجتمع وعلى قدم المساواة مع الرجل في كل مجالات الحياة المختلفة . إن اختيار صالح المطلك ورفاقه ممثلين للطائفة السنية قد أدى إلى انعكاسات سلبية خطيرة على الطائفة وصلت إلى حد اعتبارها من قبل جانب كبير من الطائفة الشيعية مناصرة لقوى الإرهاب والفاشية والقوى الظلامية ، وهي التي اكتوت بجرائم الإرهابيين والبعثيين الفاشيين والسلفيين الظلاميين القادمين من وراء الحدود لتنفيذ جرائمهم البشعة بحق الشعب العراقي . أن الصحافة ،وصحافة الانترنيت التي فسحت المجال لبعض أنصاف المثقفين لكي توجه الاتهامات الباطلة ، والتي ليس لها أساس للطائفة السنية، قد أثارت ردود فعل خطيرة على الجانبين الشيعي والسني ، وهي بالمحصلة تتجه نحو إثارة العداء الطائفي والدفع باتجاه تصعيد المواقف نحو الصراع الطائفي والحرب الأهلية التي لا تخدم أي من الطائفتين ، وتدفع بشعبنا نحو الهاوية . لم يكن بودي أن أتحدث عن الموضوع الطائفي ، ولم أكون يوماً قد فكرت بهذا الأسلوب ، وسوف لن أكن أبداً داعية لطائفة ما ، وسأبقى في خدمة مجموع شعبنا بكل طوائفهم وأديانهم وقومياتهم ، والمعيار عندي يبقى دائماً هو الوطنية الصادقة ، وحب الشعب ، والذود عن الوطن ، والعيش المشترك ، والاحترام المتبادل لكل مكونات شعبنا . ينبغي أن نكون حريصين في كل أحاديثنا وكتاباتنا ، لا نُطلق التسميات والاتهامات جزافاً على أي من مكونات شعبنا ، فتعبير المثلث السني على سبيل المثال يثير ردود فعل خطيرة لدى الجانبين على حد سواء ، ولا يخدم بالتالي الوحدة الوطنية ، بل على العكس من ذلك يشيع الكراهية والعداء غير المبرر بين مكونات شعبنا . إن دمائنا قد امتزجت بين مختلف طوائفنا ، ويندر أن لا نجد هذا الامتزاج بين أبناء الطائفتين السنية والشيعية وبين العرب والكورد وسائر مكونات شعبنا ، وأن على كل غيور على مصالح الشعب والوطن أن يبذل أقصى ما يستطيع من جهد لإفشال المخطط الإرهابي الخطير بإشعال الحرب الأهلية والطائفية ، وينبغي أن نحرص كل الحرص ، وبكل الوسائل والسبل على تمتين عرى الأخوة والمحبة بين جميع مكونات شعبنا ، وهذا الأمر هو واجب مقدس يقع على عاتق الجميع من أجل الخروج بالعراق من هذه الأزمة الخطيرة التي يمر بها والوصول بشعبنا إلى شاطئ السلام ، وتحقيق الحياة الحرة الكريمة لبني وطني ، ولا شك أن هذا الأمر يعتبر مسؤولية الجميع .
#حامد_الحمداني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بمناسبة طرح موضوع اصلاح منظمة الأمم المتحدة ، هذاهو الطريق ل
...
-
حقوق المرأة العراقية والدستور
-
الدين والدولة وضرورة الفصل بينهما
-
ماذا أعدت قوى اليسار والديمقراطية والعلمانية للانتخابات القا
...
-
فاجعة الكاظمية ومسؤولية الحكومة
-
خاب أمل الشعب بالأمريكان وبكم يا حكام العراق
-
حسناً فعل سماحة السيد السيستاني فهل يلتزم الآخرون ؟
-
التصدي للإرهاب مسؤولية المجتمع الدولي
-
إلى أين تقودون العراق وشعبه أيها السادة ؟
-
جرائم الإرهابيين وضمائر الأشقاء العرب
-
أما آن الأوان لكي يتحسس المثقفون العرب مواقع أقدامهم؟
-
في الذكرى السابعة والأربعين لثورة 14 تموز المجيدة - الزعيم ع
...
-
صدور كتاب صفحات من تاريخ العراق الحديث للباحث حامد الحمداني
-
حول خطاب السيد رئيس الوزراء إبراهيم الجعفري ، وخطاب القسم
-
حول المقبرة الجماعية الجديدة المكتشفة قرب السماوة
-
إلى متى يستمر التلاعب بمصير الشعب والوطن
-
ذكريات عمرها نصف قرن مع الشهيدين صفاء الحافظ وعبد الجبار وهب
...
-
في ذكرى حملة الأنفال المجرمة ضد الشعب الكوردي
-
السلطة العراقية المنتخبة وآفاق المستقبل
-
صدور ثلاثة كتب للباحث حامد الحمداني
المزيد.....
-
شركتا هوندا ونيسان تجريان محادثات اندماج.. ماذا نعلم للآن؟
-
تطورات هوية السجين الذي شهد فريق CNN إطلاق سراحه بسوريا.. مر
...
-
-إسرائيل تريد إقامة مستوطنات في مصر-.. الإعلام العبري يهاجم
...
-
كيف ستتغير الهجرة حول العالم في 2025؟
-
الجيش الإسرائيلي: إصابة سائق حافلة إسرائيلي في عملية إطلاق ن
...
-
قاض أمريكي يرفض طلب ترامب إلغاء إدانته بتهمة الرشوة.. -ليس ك
...
-
الحرب بيومها الـ439: اشتعال النار في مستشفى كمال عدوان وسمو
...
-
زيلينسكي يشتكي من ضعف المساعدات الغربية وتأثيرها على نفسية ج
...
-
زاخاروفا: هناك أدلة على استخدام أوكرانيا ذخائر الفسفور الأبي
...
-
علييف: بوريل كان يمكن أن يكون وزير خارجية جيد في عهد الديكتا
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|