|
المسلم الكافر
هيثم بن محمد شطورو
الحوار المتمدن-العدد: 4747 - 2015 / 3 / 13 - 13:27
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
هل فعلا يوجد ما سمي الخوف من الله عند المسلمين العرب؟ الغالبية تـتـشدق بهذا الإحساس المقولة الفريضة أو ما شئت في محاولتـك لتعقل هذا المنافق الأسطوري. المنافق المستعـد إلى تخطئة كل العالم لأجل ترضية غروره المرضي. الشخصية العربية المسلمة أساسا و المقصود الآن هي شخصية مراوغة بامتياز. يملؤها الحسد و الغيرة و تكيف ذاك الإحساس بمفردات دينوية و اخلاقوية و سياسوية. شخصية تـنـفي الآخر بكل الأشكال المخـفية منها و الظاهرة. الإقصاء العنيف و الإقصاء اللين. شخصية تبحث عن ذاتها التائهة بنفي الآخر. و قيل انه من السهل معرفة ما لا أريد و لكن من الصعب معرفة ما أريد.. فالخوف من الله ليس إلا خوفا من الموت. انك تجد العـقـلية الدينية تستـند أساسا إلى عذاب الجحيم و نعيم الفردوس المأمول. أدبيات عذابات القبر تمتد من العنف على مستوى الوعي و القول إلى العنف على مستوى الممارسة. فالضجة التي أحدثها المفكر التونسي "محمد الطالبي" بالقول انه لم يجد تحريما لشرب الخمر في القرآن اثبت مدى داعشية التـفكير العام. فأساسا من المفترض ان يعرف الشخص حجمه مقارنة مع من تختلف معه. و العامة في الوعي تسب المفكر و تدعم تكسير احترام العـقل. و أنت حين تـتحـسس ردود الفعل على المستوى السيكولوجي فهناك رغبة في نـفي النـقص بنـفي الذي تحـس تجاهه بالنـقص. فالمفكر و المثـقـف بشكل عام ينظر إليه بـريبة ناتجة عن عـدم الفهم الناتج عن عـدم الارتـفاع إلى مستوى التـفكير الذي يحمله المثـقـف. هذا النقص يجعل العامي يتراوح بين احترامه لعـلمه بتـفوق المثـقف المعرفي و يجعله ينـفيه و يقصيه لنـفس السبب.. و طبعا تـتحـسس كل أمراض الغيرة و الحسد.. تتحسس كذلك عجزا ذاتيا عن البدء بتـثـقيف النـفس. لو كان المرء جديا مع نفـسه فانه ينظر إلى المسالة من زاوية النقد الذاتي و بالتالي ينكب على القراءة و الاطلاع و تـزويد العـقـل بالمعرفة و هذا أمر متاح لكل إنسان، و لا ينـقـصه إلا القرار بولوج عالم الكتاب و مصاحبة المثـقـفين ليستعين بهم. و طبعا لا نتحـدث هنا عن ناقـدي الطالبي المتاسس نـقـدهم على المعرفة و الـقبول المبدئي بصراع الأفكار دون نـفي للشخص المفكر.. و ما يشغل الذهن أساسا هو حالة الوهن التـفكري العامة المخجلة. ففي مثل هذه المناسبات يظهر لك بوضوح عـدم ولوج العـرب إلى عصر العـقل من جـديد. انك في عصر الهلوسة و الخرافة و الخوف.. الخوف. ما يلخص كل المشهديات هو الخوف. لم يبق من الدين غير الزبانية و الجحيم و الجنة و حور العين أما الله فحجاب كثيف في النـفس يطمس نوره. ذاك الحجاب الذي جاء الإسلام ذاته ليزيله عن النـفس. ذاك الحجاب الذي هو الكفر. انك في عصر العربي المسلم الكافر المحتـقـن بجهله لنـفـسه.. و جل ما في الأمر ان الخوف الذي يستـتبع الخضوع للدكتاتور قـد انتـقـل إلى الخوف من الآخر . فسياسيا الكل خائف من الآخر خوفا من استبداده. ثـقـافيا الخوف من الفكر الذي يحفر في التاريخ و يقض المضاجع و يهاجم الإطلاقيات و الثبوتيات. اجتماعيا الخوف من الجديد المربك و الآخر المتـفوق. اقـتصاديا الخوف من الانهيار. و سيكولوجية الخوف هذه هي آخر ما تبقى من تراكمات الاهانة للذات التي سافرت في متاهتها إلى الأبعد و الأبعد. و انك أيها العربي قد دخلت عصر القـلـق و ليس من عدو حقيقي ل كالا انت.. انت الفردية و انت الجماعية. النحن المتـفكك الذي يقتله الحسد و الغيرة و الجهل و التفاهة و الغرور الذاتي. النحن التي لا يجعلها نحن الا الحب. الحب المتاسس على مهاجمة الخوف. المرحلة الهامة هي القادمة و هي مواجهة الفرد لذاته، لأمراضه و نـقائصه و عـفـونـته و تـفكيره الضال عن حقائق الأمور. مواجهة الـذات لاطلاقيتها و اطلاقية أحكامها أي مواجهة الجهل. الجهل بالذات و الآخر. "أيها الإنسان اعـرف نـفـسك بنـفـسك" هذا ما قاله سقراط و هو الأساس لكل وجود إنساني حقيقي غير غائب و متغـيـب و مغـيب. انه الأساس الوحيد لكل حياة يمتـلكها الإنسان و ليست الحياة البائسة التي تراها تمر أمامك كالسراب دون أن تمسك منها بشيء...من هنا يكون مواجهة المجتمع لذاته و محاولة فهم الجميع للجميع من خلال العـراء و الانكـشاف.. بعـدها تـنـطلق مسيرة بناء الوعي العام الصحي الذي يحقـق الانسجام مع الحياة و مع العالم و مع الذات التي سيجـدها حـتما..
#هيثم_بن_محمد_شطورو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
معترك اسلامات
-
النفس الواحدة القرآنية و الإسلام
-
تهافت الإسلام التقليدي
-
الفلسفة هي إكسير الحياة
-
دائرة الإسلامي الجحيمية
-
انك في عصر الإنسان العالمي
-
ماذا يخفي العنوان الداعشي؟
المزيد.....
-
إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش
...
-
مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية
-
سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -أفيفيم- بصلية صا
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -ديشون- بصلية صار
...
-
سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
-
أسعد أولادك…. تردد قناة طيور الجنة التحديث الجديد 2025 على ج
...
-
استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024
-
“فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|