أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمود الزهيري - قرابين الآلهة















المزيد.....

قرابين الآلهة


محمود الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 4746 - 2015 / 3 / 12 - 22:46
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


1
هكذا يري الملايين من سكان المعمورة حسب الرؤية الدينية التي شاعت بين المؤمنين بالديانات السماوية الإبراهيمية , والديانات الوثنية علي حد سواء , فيما يمكن تسميته بالمشتركات الإيمانية / الإعتقادية , التي تتشابه فيها الديانات السماوية مع الديانات الأرضية / الوثنية , من أنه منذ أن قتل الأخ قابيل أخاه هابيل , حال تقبل الإله قربان هابيل , رفض قربان قابيل , وتبدأ قصص ومرويات قابيل وهابيل وتحاك الأساطير حولهما , بما مؤداه أن الألهة تتقبل القرابين , بكافة أنواعها حسب كل ديانة من الديانات , بداية من الإنسان والحيوان , وبعض المشروبات والأطعمة .
2
حسب المعتقدات الإيمانية , فإن الغرض من تقديم القرابين تمثل عبادة سامية مؤداها إرضاء الآلهة حينما تغضب , لأن غضبها بمثابة الهلاك الكامل , والشر الكامن الواقعين علي من يخالف الآلهة , ويعمل علي إغضابها , ولذلك كانت القرابين بمثابة السعي الدؤوب بإتجاه الآلهة لنيل الرضا الكامل حسب القدرة الإنسانية الضعيفة المتهافتة علي الدوام لنيل هذا الرضا الإلهي , وتبدأ سلسلة القرابين من تقديم الدم الإنساني عبر طقوس مرعبة غاية في الرعب , ليتم ذبح الإنسان والتضحية به حتي يهدأ غضب الآلهة , ويأتي في المرتبة الثانية الحيوانات , ثم تأتي سلسلة المشروبات والمأكولات الأخري سواء كانت خموراً أو حبوباً , وفي قصة قابيل وهابيل المتوارثة عبر كافة الأديان , أن الإله تقبل الذبح للكبش السمين من هابيل , ولم يتقبل الحبوب من قابيل , برمزية أن الإله يميل إلي الذبح والدم والتضحية , من أجل إرضاء ذات الإله والوصول إلي سكينته وهدوءه ومنعاً لأسباب غضبه وكراهيته لمن لم يمتثل لأوامره .
وغالبية المؤمنين يهرعوا للحج إلي الآلهة وتقديم القرابين وذلك حسب المعتقدات لتجنب الكوارث الطبيعة من زلازل وبراكين وحرائق , أو الوصول إلي مراتب الصحة والقوة البدنية , والإطالة في أمد الحياة , والسعادة والطمأنينة وراحة البال , وذلك عبر القرابين والأدعية والتمائم , وهكذا تستمر مسيرة الملايين بإتجاه نيل رضاء الآلهة .
3
في تاريخ تسلسل الأديان والمعتقدات نقرأ لمرويات كثيرة , تبدأ من قابيل وهابيل , وتصل لإبراهيم أبو الأنبياء وقصة الذبيح معلومة , ومعها قصة المسيح برمزية الفداء والتضحية عن الإنسان والحيوان , إلا أن هناك ديانات أرضية / وثنية , عبر مسيرة التاريخ الإنساني تقدم بني الإنسان قرابين للآلهة , فمثلاً المصريين والفينقيين والهنود والعرب والصينييين , يقدموا أبنائهم ذكوراً وإناثاً قرابين , وقد كان المصريين القدماء يقدموا عروس النيل قرباناً لنهر النيل تجنباً لغضبه وشره في الفيضان وإغراق البيوت والأرض الزراعية , فكانت عروس النيل بمثابة القربان السنوي تجنباً لغضب النيل المزعوم , وكم قدمت فتيات مصريات قرباناً للنيل , وبعد تشييد القناطر والسدود والترع والمصارف , لم تكن هناك فيضانات للنيل , ولم يبدو منه غضب , فحينما حضر العقل غاب الصنم المتمثل في غضب النيل . وهذا الطقس السنوي , يصاحبه طقوس سنوية لشعوب أخري , تقدم الدم كقربان لإرضاء الآلهة , ومنهم طائفة صينية تذبح سنوياً فتاة عذراء , ويتم شرب دمائها , ويوزع لحمها علي الفقراء , بجانب القرابين التي تقدم للشياطين التي يتعبد بها بعض الطوائف كآلهة ..
4
مازالت القرابين والصدقات والزكوات والتبرعات والهبات والعطايا , وبالطبع النذور تقدم للآلهة ووسطاء الآلهة , وبالتحديد في كافة الأوساط التي تعتاش علي مفردات الجهل , وتزداد فيها معدلات الفقر وكافة منتجاته , وبالتحديد معظم الأماكن والبيئات التي تعمل فيها بجد ونشاط كافة دوائر الفساد السلطوي , باعتبارها منتج من منتجات الطغيان .
5
فكرة القرابين والنذور, فكرة مرتبطة بالعطالة والبطالة البشرية في أسوأ معدلاتها الإجتماعية , فحيث تسود الرفاهية وترتفع معدلاتها في أي جغرافية _نري الأفكار الدينية التي يعتاش مردديها علي ارتفاع معدلات الفقر والجهل _ في انحسار وخفوت , وتقل نسبة النذور , وتنعدم القرابين في الغالب , سواء كانت قرابين آلهة السماء , أو آلهة الأرض , فدائماً ماكان القائمين علي أمر القرابين من الوسطاء السماويين , أو الأرضيين , أو القائمين علي أمر صناديق النذور بكافة أنواعها , يتحينوا فرصة فراغ المكان ويفتحوا صناديق نذورهم , ويدفعوا بالأموال الموجودة بها لأعلي , فمن يصعد للسماء يكون من نصيب السماء , ومن يقع علي الأرض يستقر في جيوب وسطاء السماء , وفي الحقيقة لاتصعد ثمة نذور أو قرابين للسماء علي المطلق وتستقر علي الدوام في حجور وجيوب محتالين ونصابين السماء والأرض .
6
فكرة القرابين كذلك ارتبطت بذوات الآلهة , والقائمين بدور الوسطاء بين الناس والسماء أو وسطاء الأرض للسماء أو وسطاء السماء للأرض , حيث أوهموا الناس بأن آلهة السماء أو آلهة الأرض تغضب وتكره وتسكن وتحب , وتهتاج وتصب اللعنات ونيران الغضب علي من لايقدم القرابين والنذور , وكانت الغاية المثلي هي الحياة بالمجان علي حساب المجهود الإنساني للفقراء والمرضي والجهلاء , إذ لماذا تنعدم فكرة القرابين والنذور في مجتمعات الرفاهية , ولماذا بالتالي ينعدم وجود وسطاء السماء للأرض أو وسطاء الأرض للسماء ؟! ؛ والقياس علي مفهوم الحروب بكافة مسمياتها سواء كانت حروب أو فتوحات أو غزوات يحمل ذات المعني المتمثل في الحياة بالمجان علي حساب الغير من الشعوب والأمم بلا أدني تقدير للمجهود الإنساني في العمل والإنتاج وعلاقات العمل والإنتاج القائمة بينهما , وأري أن الحروب الصليبية , أو الفتوحات الإسلامية , ماكانت إلا بمثابة إستعمار للأرض وسلبها ونهبها لإضافتها كرصيد للشعب / الأمة المنتصر جيشها بلا أدني مسؤلية حضارية تجاه قيمة العمل واستعباد مواطنيها لدي المنتصر بمزاعم سماوية .
وما العقل إلا الأداة العظمي التي بها يسعد الإنسان , وبمخالفتها يشقي , وكلما غاب العقل بزغ الصنم , وكلما أشرق العقل خنس الصنم , وخنست معه القرابين والنذور ووسطاء الأرض وموظفي السماء , وغاب كذلك مفهوم غضب الآلهة وسخطها علي من لم يقدم لها الدم قربان , ويجعل الذبح عبادة , والحرق والقتل والتدمير من أجل رضاءها وسعادتها وابتهاجها , إذ علي هذا المنوال تسير كل العصابات الدينية الموظفة للمفاهيم الدينية الإرهابية الدموية , وتدعي أنها تسعي لإرضاء الآلهة وسعادتها بجز روؤس المخالفين وذبحهم وحرقهم أحياء من أجل سعادة الآلهة التي لاتهنأ إلا بالمزيد من الدماء وحرق المخالفين لأتباعهم أحياء , وإلا كان من يعبد الشياطين أرقي وأسمي من آلهة الدم , وفي كل شر !



#محمود_الزهيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن الآلهة التي تبتهج لمشاهد الذبح والدم والحرق : إلهنا ليس ك ...
- عن الآلهة التي تكره الرسم والنحت والموسيقي والغناء .. إلهنا ...
- عن الولايات المتحدة الأمريكية راعية مملكة الشر .. تأصيل الإر ...
- أزمة لائحة العداءات .. والوجه الآخر للعملة الرديئة !!
- ثورة يناير2011 : جدل التفسير وجدلية التأويل !!
- معاذ الكساسبة الرمز .. أنت من انتصر علي قاتليه !!
- بعث حياة
- كوباني
- هل تعرفني قريتي؟.. **
- اخترتك وطني !
- بلاموعد !!
- لست براحل !!
- غفوة
- حضرة الوجد
- لماذا أغلقت التليفون؟!
- الدولة المرضعة
- الدولة العبرية والدول العربية : مزايدات رخيصة لمواقف ثمينة
- مقام الفقد !
- العشق الأول ..
- قانون الجلباب !


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمود الزهيري - قرابين الآلهة