أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - هوس الأصوليين الإسلاميين بحكم العالم















المزيد.....


هوس الأصوليين الإسلاميين بحكم العالم


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 4745 - 2015 / 3 / 11 - 14:56
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تمتلىء كتب الأصوليين المسلمين بكتابات تنم عن رغبة محمومة للسيطرة على العالم ، وفرض الإسلام على كل البشر، فى تغافل تام لخصوصة الإنسان، سواء الدينية أو الثقافية. ولابد من الاعتراف بأنّ هؤلاء الأصوليين يستمدون فكرتهم عن (نشر الإسلام) من أحاديث نبى العرب ، فعن أنس بن مالك أنّ النبى كان إذا غزا بنا قومًا لم يكن يغزو بنا حتى يُصبح ، فإنْ سمع أذانــًا كفّ عنهم وإنْ لم يسمع أغار عليهم.. ولما خرجنا إلى خيبر قال رسول الله ((الله أكبر خربتْ خيبر، إنــّا إذا نزلنا بساحة قوم فساءَ صباح المُـنذرين)) (صحيح البخارى- رقم 610) وفى حديث آخر عن أبى هريرة أنّ الرسول قال ((والذى نفسى بيده لقد هممتُ أنْ آمر بحطب فيُحطــّب ، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلا فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم)) (صحيح البخارى – رقم 644)
فى الحديث الأول تأكيد على أنّ سماع الأذان هو المعيار لعدم الغزو، وبدون ذلك يكون المُبرّر للغزو. وقد دفعتْ البشرية (منذ فجر التاريخ) ثمنــًا غاليًا وفادحـًا بسبب الاستعمار. ومن مشاكل اللغة العربية أنّ مصدر الكلمة (العمار) بينما معناها الشائع هو احتلال بلد لبلد آخر، لنهب موارده . ويذهب ظنى أنّ الأكاسرة والأباطرة فى العصور القديمة أصابهم فيروس virus حمى استغلال الشعوب لصالح (مجد) زائف هو السيادة على العالم . وذاك المجد الزائف دفع ثمنه الجنود (سواء مرتزقة أو فى جيش محترف) من دمائهم ، ناهيك عن مآسى الشعوب الذين تم غزو واحتلال أوطانهم . وشهد مسرح التاريخ قيام امبراطوريات ثم سقوطها ، بل إنّ بعض الامبراطوريات ورثتْ الامبراطورية السابقة عليها ، مثلما حدث عندما ورثتْ الامبراطورية الرومانية الامبراطورية اليونانية ، إذْ بسطتْ روما سيطرتها على الدول اللاتينية المحيطة بها. وفى عام 301 ق. م غدتْ روما سيدة البحر الأبيض المتوسط دون منازع ، فاتجهتْ نحو الشرق وحوّلتْ مقدونيا إلى ولاية تابعة لها ، وأرغمتْ أنطونيوس الرابع على الانسحاب من مصر، فأصبح البطالمة يدينون بعرشهم لروما التى أخضعتْ بلاد الإغريق . حدث ذلك رغم أنّ الإسكندر الأكبر (356- 323ق. م) بدأ عهده بمحاربة الفرس ثم أمضى سنتيْن لإخضاع صور وغزة ثم اتجه إلى مصر، فاستسلم له واليها الفارسى . ثم توغل فى الامبراطورية الفارسية حتى الهند فاجتاح إقليم البنجاب ولكنه تراجع بعد أنْ رفض جنوده الاستمرار فى الغزو، بسبب الظروف الجغرافية والمناخية. ويرى كثيرون من المؤرخين أنه كان ينوى (فتح) العالم كله (رغم أنه مات عن 33 سنة) وأنه أحرز (فتوحات) أى غزوات لم يحرز مثلها أحد قبله. وأنه كان يحلم بحلم مثالى زعَمَ فيه ((ربط الشرق بالغرب بالمحبة وليس بالقوة)) فكيف تكون (المحبة) مع الغزو والاحتلال ونهب موارد الشعوب ؟
وإذا استبعدنا الغزوات التى لم تتستــّر بأى غطاء أيديولوجى فى العصور القديمة ، إلى التستر بغطاء دينى زائف فى العصور الوسطى مثل الحروب الصليبية ، التى شنــّها المسيحيون الأوروبيون بين القرنيْن الحادى عشر والرابع عشر، بحجة استعادة الأراضى المقدّسة وخاصة القدس من المسلمين ، بينما الهدف الحقيقى هو إحتلال أراضى شعوب المنطقة. ولعلّ أكبر دليل على ذلك أنّ الحملة الصليبية الخامسة التى دعا إليها البابا (أنوست الثالث) كان هدفها الاستيلاء على مصر. وبالفعل استولى الغزاة على دمياط ولكن حملتهم فشلتْ. فهل كفوا عن محاولة الغزو؟ الاجابة لا، إذْ تجدّدتْ المحاولة فى الحملة الصليبية السابعة بقيادة لويس التاسع ملك فرنسا المعروف ب (ورعه) ولكن ذاك (الورع) لم يمنعه من محاولة غزو واحتلال مصر. وبالفعل تم احتلال دمياط للمرة الثانية. وفى فترة حكم الملكة (شجر الدر) انتصر شعبنا المصرى على الجيش الفرنسى وتم أسر الملك لويس التاسع ولم يُطلق سراحه إلاّ بعد دفع فدية كبيرة. وتلك الحروب الصليبية شهدتْ العديد من المآسى راحتْ فيها أرواح بشر لا ذنب لهم فى ذاك الصراع المقيت بسبب الغزو والاحتلال ، سواء من شعوب المنطقة المغزوة أو من جنود الغزو. ووصل الأمر فى الحملة الصليبية الأولى (1095- 99) التى قادها بطرس (الناسك) وآخرون ، إلى ارتكاب العديد من الجرائم البشعة ، كما ((استهل الغزاة أعمالهم بذبح اليهود ))
وإذا كانت الحروب الصليبية أخذتْ ستارًا زائفــًا (تحرير القدس) من المسلمين ، فماذا عن (الحروب الدينية) التى حدثتْ فى فرنسا (1562- 98) ؟ وهى سلسلة حروب بين الشعب الفرنسى ، وكانت صراعًا بين البروتستانت والكاثوليك ، وبدأتْ الحرب الرابعة (1572- 73) بمذبحة عيد سان بارتلميو. وانتهتْ الحرب الخامسة (1574- 76) بصدور مرسوم يوليو الذى منح حرية العبادة فى فرنسا كلها عدا باريس .
فإذا استبعدنا الغزوات التى لم تتستـّر بالدين فى العصور القديمة ، وركــّزنا على الحروب الصليبية والحروب الدينية ، تبيّن لنا أنّ (المرجعية الدينية) هى الآفة التى أصابتْ البشرية وتسبّبتْ فى العديد من المآسى ، وأنّ تلك الآفة بدأها العهد القديم الذى كرّس الغزو والاحتلال بالمشيئة الإلهية. وعن جذور الصراع بين بنى إسرائيل والفلسطينيين (على سبيل المثال) نجد الرب العبرى يقول (( كان فى الأرض جوع غير الجوع الأول الذى كان فى أيام إبراهيم. فذهب إسحق إلى أبيمالك ملك الفلسطينيين إلى جرار. وظهر له الرب وقال لا تنزل إلى مصر. اسكن فى الأرض التى أقول لك . تغرّب فى هذه الأرض فأكون معك وأباركك . لإنى لك ولنسلك أعطى جميع هذه البلاد)) (تكوين – إصحاح 26) ثم يقول ليشوع ((قال له الرب أنت قد شختْ . وقد بقيتْ أرض كثيرة جدًا للامتلاك . هذه هى الأرض الباقية. كل دائرة الفلسطينيين.. وجميع سكان الجبل من لبنان.. أنا أطردهم من أمام بنى إسرائيل. إنما أقسّمها بالقرعة لإسرائيل ملكــًا كما أمرتك)) (يشوع – إصحاح 13) ذاك الرب (الافتراضى) يستخدم لفظ (القرعة) وهو يُوزع أراضى الشعوب على شعبه (المختار) ولكن تلك (القرعة) هل تتم ب (السلم) أم ب (الحرب) ؟ قال النص ((وحارب بنو يهوذا أورشليم وأخذوها بحد السيف وأشعلوا المدينة بالنار)) (القضاة - الإصحاح الأول) وعندما تمرّد بنو إسرائيل على ربهم العبرى ماذا حدث ؟ قال النص ((ثم عاد بنو إسرائيل يعملون الشر فى عينىْ الرب فدفعهم الرب ليد الفلسطينيين أربعين سنة)) (قضاة – إصحاح 13) ومع ذلك يتراجع الرب (أو يُراجع نفسه وفق مشيئة كاتب النص الذى قال ((وكانت حرب شديدة على الفلسطينيين كل أيام شاؤل)) (صموئيل الأول – إصحاح 14)
ولا يختلف العهد الجديد عن العهد القديم فى الموقف من مصر، من حيث الانحياز لموسى وأتباعه ضد شعبنا المصرى ، إذْ جاء فى العهد الجديد ((بالإيمان موسى لما كبر أبى (= رفض) أنْ يُدعى ابن ابنة فرعون مفضلا بالأحرى أنْ يُذل مع شعب الله.. بالإيمان صنع الفصح ورشّ الدم لئلا يمسهم الذى أهلك الأبكار. بالإيمان اجتازوا فى البحر الأحمر كما فى اليابسة الأمر الذى لما شرع فيه المصريون غرقوا)) (الرسالة إلى العبرانيين- إصحاح 11) وكذلك ((فأريد أنْ أذكركم ولو علمتم هذا مرة أنّ الرب بعدما خلــّص الشعب من أرض مصر أهلك أيضًا الذين لم يؤمنوا)) (رسالة يهوذا / 5) ويأتى التطابق بصورة عملية وصريحة عندما يقول النص أنّ المسيح ((ملك إسرائيل)) (إنجيل مرقص – إصحاح 15)
ولو انتقنا إلى النسخة الأخيرة من الديانة العبرية ، فإنّ القرآن جاء ليؤكد ما سبق تدوينه فى تلك الديانة ، ولو أخذنا الموقف من مصر، نجد العديد من السور والآيات التى لا يختلف مضمونها عن المضمون السابق فى العهديْن القديم والجديد . فنجد الانحياز الصريح لبنى إسرائيل (البقرة /40، 47، 122) والجاثية / 16) والأعراف – من 127- 141) ويونس – من 87- 93) والشعراء – من 10- 66 وخاصة الآية رقم 59 والتى نصّتْ بكل صراحة ووضوح على توريث مصر لبنى إسرائيل . ومع ملاحظة أنّ هذه السور والآيات على سبيل المثال فقط . ومع ملاحظة (ثانيًــًا) أنه فى حالة الرد المأثور عند العروبيين والإسلاميين الذى ينص على أنّ ((العهديْن القديم والجديد تم تحريفهما)) فإنّ الرد عليهم يأتى من القرآن الذى يُكذب مزاعمهم ، إذْ ينص على أنّ ما ورد فى القرأن مطابق لما ورد فى التوراة والإنجيل فى أكثر من سورة ((إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور)) (المائدة / 44) و((هذا كتاب مبارك أنزلناه مصدق الذى بين يديه)) (الأنعام / 92) و((آتينا موسى الكتب والفرقان)) البقرة / 53) و(آمنوا بما أنزلتُ مصدقــًا لما معكم)) (البقرة / 41) والنسا / 47. وهذه الآيات على سبيل المثال فقط ، ولكن الرد الحاسم والذى لا يستطيع أحد أنْ يُكابر فيه هو ما جاء فى النص الذى يؤكد على أنّ القرآن مطابق لما قبله فقال ((إنّ هذا (أى القرآن) لفى الصحف الأولى . صحف إبراهيم وموسى)) (الأعلى / 18، 19) أما عن توريث أراضى الشعوب ، فالآيات عديدة منها (على سبيل المثال فقط) النص التالى ((ولقد كتبنا فى الزبور من بعد الذكر أنّ الأرض يرثها عبادى الصالحون)) (الأنبياء / 105)
وطالما أنّ (الصالحين) هم المسلمون الذين ميّزهم القرآن عن غيرهم بنص قاطع الدلالة وواضح المغزى ((أفنجعل المسلمين كالمجرمين)) (القلم / 35) إذن يرى النصوصيون من المسلمين أنّ جميع أبناء الجنس البشرى مجرمون ، وبالتالى يحق للمسلمين نشر الإسلام والسيادة على جميع دول العالم ليتحوّلوا إلى الإسلام حتى لا يكون على وجه الأرض (مجرم) واحد .
000

وبينما ينشغل المُتحضرون فى كوكبنا (الهند ، الصين ، أوروبا ، أميركا الشمالية والجنوبية إلخ) بالحرية والتنمية والدفاع عن حقوق الإنسان فى أى مكان ، وإجراء المزيد من الأبحاث العلمية للقضاء على الأمراض التى تـُهدّد حياة البشر(السل ، السرطان إلخ) وأنّ الاكتشافات الطبية يستفيد بها كل إنسان على كوكبنا الأرضى ، ينشغل الأصوليون المسلمون بحلم طوباوى مريض : لابد من أنْ يسود الإسلام كل بقعة فى كرتنا الأرضية. وهذا الحلم لكى يتحقق يلزمه توفر الشرط الضرورى لذلك ، أى أنْ تعتنق كل شعوب العالم الإسلام . ولكن إذا لم يتحقق هذا الشرط ، نكون إزاء إحتلال استعمارى يخضع فيه غير المسلمين للمسلمين الذين غزوا أراضيهم.
أكتب هذا وأنا مُدرك لتلك الفانتازيا السوداء البائسة ، ومُدرك لأنّ صيرورة التاريخ وإنْ كانت حلزونية، إلاّ أنها لا ترتد إلى الوراء ، ومع ذلك يشغلنى هاجس تصاعد المد الأصولى الإسلامى فى أوروبا ، حيث يرفض المسلمون (العرب بالذات) الاندماج فى المجتمع الأوروبى الذى وفـّر لهم حق الإقامة وحق العمل ، بل وحق (المواطنة) لدرجة أنْ يتولى (المسلمون) أرفع المناصب . ورغم كل هذه الحقوق التى لا يحصلون عليها فى بلادهم الأصلية ، فإنهم يُصرون على السير عكس تيار حركة التاريخ ، ويرون أنّ (سعادتهم) الحقيقية لن تتحقق إلاّ إذا فرضوا معتقداتهم الدينية على المجتمع الذى هاجروا إليه بمحض إرادتهم . أى أنهم لا يكتفون بما حصلوا عليه من حق ممارسة شعائرهم ، والتعبد بديانتهم بكامل الحرية ، وبناء المساجد إلخ وإنما يطمحون إلى ما هو أكثر من ذلك ، مثل الخروج على تقاليد وثقافة المجتمع الذى يعيشون فيه (فرض النقاب – نموذجًا – ذبح الماشية فى عيد الأضحى فى الشوارع – نموذجًا ثانيًا- ارتفاع المآذن فوق المساجد- نموذجًا ثالثـًا- رغم أنّ المساجد فى بداية الإسلام كانت بدون مآذن - نصْبْ الميكروفونات على المساجد – نموذجًا رابعًا- الصلاة فى الشوارع والميادين- نموذجًا خامسًا إلخ) يفعلون كل ذلك وهم يعلمون أنّ دولة عربية (السعودية) لا تسمح ببناء كنيسة داخل أراضيها ، وأنّ دولة مثل مصر(بسبب سيطرة الأصوليين على الثقافة السائدة منذ يوليو52) تضع العراقيل أمام المسيحيين ، سواء فى بناء كنائس جديدة أو تجديد وإصلاح القديمة.
والأكثر خطورة ما سمعته من أصدقائى وأقاربى المُستنيرين العاملين فى أوروبا ، حيث لاحظوا أنّ أغلب الأسر(المسلمة / العربية) تبث فى أطفالهم كراهية المجتمع الأوروبى . والحجة السائدة هى أنه مجتمع (كفار) وأنّ المسيحيين مشركون لأنهم يعترفون بالتثليث وهو ضد التوحيد الإسلامى . بعد هذا (التمهيد) تأتى نصيحة أولياء الأمور(الختامية) لأطفالهم : لا تـُجالسوا أطفال المسيحيين ولا تـُصادقونهم ولا تـُآكلونهم ولا تلعبون معهم . والنتيجة هنا مزدوجة : انفصام الأطفال المسلمين عن المجتمع الذى يعيشون فيه (= تعميق الشعور بالغربة والاغتراب) مع تضخيم الإحساس بالتميز، وفى نفس الوقت ينشأ الطفل الأوروبى ولديه إحساس عميق بشىء غير مألوف وغريب على المجتع الذى نشأ وعاش فيه أبواه وأخواته الكبار. هذه المشاعر المكبوتة تظل تنمو إلى أنْ يكبر الطفل ويصير شابًا ، فيُدرك أنه يعيش فى مجتمع مُنقسم على ذاته. وأنه لم يعد مجتمعًا واحدًا مُتجانسًا ، وبالتالى (كما يؤكد علماء علم الاجتماع والأنثروبولوجيا) يفتقد المجتمع أهم مقوماته : المشروع القومى والهدف الوطنى الذى يضم جميع أبناء الوطن ، بغض النظر عن معتقداتهم الدينية والمذهبية. وهو أحد مبادىء حقوق الإنسان العالمية التى تربوا عليها.
إصرار المسلمين على التميز داخل المجتمع الأوروبى ، خلق أخطر أنواع الفيروسات الاجتماعية (اللا تسامح) ويعود الجذر التاريخى له من القرآن الذى كفـّر المسيحيين (سورة المائدة 17، 72، 73) وعدم اتخاذ اليهود والنصارى أولياء (المائدة 51، وآل عمران28) والقتل المتوالى لمن أطلق عليهم الكفار، إذْ نصّ على ((يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة)) (التوبة 123) فهذه الآية فى رأى مفسرى القرآن أنها لا تتوقف عند (كفار) قريش ولا تـُخاطبهم وحدهم ، وإنما تتجاوزهم إلى جميع (الكفار) فى العصور التالية. بل إنّ القرآن فرّق بين المسلمين والمجرمين ((أفنجعل المسلمين كالمجرمين)) (القلم / 35) فهذه الآية جعلتْ المسلمين الضد للمجرمين . ووفقــًا لعلم المنطق فإنّ المعنى هو ((أنّ غير المسلمين مجرمون بالضرورة)) وأنّ ((المسلمين غير مجرمين بالضرورة)) ونظرًا لأنّ (المسلم) خاصة الأصولى مؤمن بأنّ القرآن لا يأتي بالباطل ، فعلى المؤمن به أنْ يُصدّق كل ما ورد فيه. وفى تفسيره لآية ((إنّ الدين عند الله الإسلام)) آل عمران /19قال ابن كثير((هذا إخبار منه تعالى بأنه لا دين عنده يقبله من أحد سوى الإسلام)) وتأكد ذلك فى الآية رقم 85 من نفس السورة ((ومن يبتغ غير الإسلام دينــًا فلن يُقبل منه وهو فى الآخرة من الخاسرين)) وعن التميّز عن باقى البشر نصّتْ الآية رقم 110من نفس السورة على ((كنتم خير أمة أخرجتْ للناس))
المرجعية الثانية أحاديث محمد مثل ((أمرتُ أنْ أقاتل الناس حتى يشهدوا أنْ لا إله إلاّ الله وأنّ محمدًا رسول الله)) (ورد فى الصحيحيْن عن عمر بن الخطاب وصحيح المسند رقم 12643- ابن كثيرج2ص1338، 1339) وجاء فى حديث صحيح أنّ النبى قال ((لا تسألوا أهل الكتاب عن شىء فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا.. إلخ)) وجاء فى تاريخ الطبرى والسيرة الحلبية أنّ النبى قال ((أنه يدعو أهل قريش إلى أنْ يتكلموا بكلمة تدين لهم بها العرب ويملكون بها العجم)) (العجم فى اللغة العربية- بهائم- والعجم ضد العرب- والعجم كل من لا يتكلم اللغة العربية – مختار الصحاح – المطبعة الأميرية بمصر- عام 1911- ص 440) وتبعًا لذلك قال النبى ((بُعثتُ بالسيف والخير مع السيف ولا تزال أمتى بخير ما حملتْ السيف)) وقال ((إذا تبايعتم بالنسيئة وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد ، سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم)) (رواه أحمد وصححه الحاكم) وقال ((من قاتل لتكون كلمة الله هى العليا فهو فى سبيل الله)) وقال ((من لم يغز ولم يُجهز غازيًا أو يخلف غازيًا فى أهله ، أصابه الله بقارعة قبل يوم القيامة)) وقال ((من مات ولم يغز ولم يُحدّث نفسه بغزو مات على شعبة من النفاق)) (أبو داود ومسلم والنسائى والترمذى والبخارى) هذا الجذر التاريخى تلقفه حسن البنا وجماعة الإخوان المسلمين فتأسّستْ دعوتهم على ((مطاردة اليهودية الماكرة ومصارعة المسيحية. وأنه بفضل الإسلام ((انحصر ظلها عن قارتىْ آسيا وأفريقيا وانحازتْ إلى أوروبا فى ظل الدولة الرومانية.. وتضم الدولة الإسلامية فى غرب أوروبا وتمخر الأساطيل الإسلامية عباب البحريْن الأبيض والأحمر حتى يصيران معًا بحيرة إسلامية)) (الشيخ حسن البنا ومدرسته- د. رؤوف شلبى- دار الأنصار- عام 1978- ص 324) وقال عبد القادر عودة ((طبيعة الإسلام أنْ يعلو ولا يُعلى عليه. وأنْ يفرض حكمه على الدول وأنْ يبسط سلطانه على العالم كله)) (الإخوان المسلمون وجذور التطرف – تأليف السيد يوسف- هيئة الكتاب المصرية- عام99ص579) وإذا قفزنا إلى لحظتنا الراهنة البائسة نجد أنّ محمد مرسى قبل أنْ يتولى الرئاسة قال ((سنعيد الفتح الإسلامى لمصر)) (نقلا عن أ. ماجد عطية – وطنى 6/5/2012) فإذا كانت مصر لم يدخلها الإسلام (من وجهة نظره) فمن باب أولى فتح (= غزو) أوروبا. ونفس المعنى ردّده أ. طارق البشرى فقال ((إنّ مصر فى حاجة لاستكمال إسلامها)) (نقلا عن أ. سمير فريد- المصرى اليوم 12/7/2011) وكان خيرت الشاطر أكثر وضوحًا إذْ قال ((إنّ الجماعة تستعد للحكومة الإسلامية بهدف الوصول إلى مرحلة سيادة العالم)) (الشروق المصرية- 23/4/2011) وقال أيضًا ((الإخوان المسلمون لا يقبلون أنْ يشغل منصب رئيس الدولة مسيحى أو امرأة)) (المصرى اليوم 24/4/2011)
وإذا كان الإخوان المسلمون (فى بداية الألفية الثالثة) يحلمون بذاك الحلم الطوباوى المريض ، برسم سيناريو مُتخيّل عن أملهم فى (سيادة العالم) حتى على الدول الأوروبية التى يعيش العرب والمسلمون عالة على إنجازاتها العلمية فى كل المجالات ، فإنهم (أى الإخوان) إنما يسيرون خلف (مرشدهم) الأول (حسن البنا) الذى خاطب (رعاياه) فقال لهم (( إنّ الدور عليكم فى قيادة الأمم وسيادة الشعوب (لأنّ) الدين يُوجّه المسلمين إلى أفضل استعمار، وأبرك فتح . ويُقيم المسلمين أوصياء على البشرية القاصرة ، ويعطيهم حق الهيمنة والسيادة على الدنيا )) (نقلا عن أ. طارق البشرى – الحركة السياسية فى مصر- 1945- 1952- دار الشروق – ط 2 – عام 1983- ص 72) وما سبق اقتباسه مجرد نماذج وليس على سبيل الحصر.
هذا الخطاب الاستعلائى الاقصائى داخل مصر، له أنصار يعيشون فى أوروبا تحت مسميات عديدة تأخذ شكل (مراكز بحوث إسلامية) يُردّدون فيها توجهاتهم عن مجتمعات الكفر، وأنّ الإسلام قسّم العالم إلى فسطاطيْن (مؤمنين = المسلمين ، وكفار= غير المسلمين فى كل بقاع العالم) وإذا كان لى أنْ أبدى رأيًا عن وضع المسلمين فى أوروبا ، لتحقيق الاستقرار الاجتماعى ، فإننى أتمنى أنْ يتبنى الليبراليون (من المسلمين) خطابًا تنويريًا ، يتأسّس على فصل المعتقد الدينى عن الانتماء الوطنى ، وأنّ الانسان (المسلم) المُصر على معتقداته التى يخلط فيها بين ما هو وطنى وما هو دينى ، ومُصر على تكفير المجتمع الذى قبل هجرته وآواه ووظفه إلخ فعليه (وفقـًا للعقل وللمنطق) أنْ يعود إلى وطنه الأصلى ، طالما أنه لا يستطيع العيش مع المجتمع الذى يرى أنّ ثقافته وتقاليده وأعرافه ، تتناقض مع معتقداته. وهل يمكن أنّ يتحقق هذا الحلم (الإنسانى) بينما الإدارة الأمريكية مُـستمرة فى سياستها الداعمة لكل الأصوليين الإسلاميين؟
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذهنية التحريم
- هل يمكن التخلص من كابوس يوليو1952
- الإبداع والتراث العبرى / العربى
- مدرسة سيد قطب والإسلاميون الإرهابيون
- العداء الرعوى ومجتمع الزراع
- ثقافات الشعوب القديمة والديانة العبرية
- إعدام فرعون سينمايًا
- نماذج من عجائب التراث العبرى
- الإخوان والاستعمار: تاريخ الخزى والعار
- أول سيدة تُمنح وسامًا عسكرًا
- الإرهاب الدينى والمغالطات السائدة
- أوهام الوحدة العربية ووقائع التاريخ
- حرق الكتب وحرق البشر
- مثقفو الأربعينات والجامعة العربية
- غياب التعريف العلمى لمعنى الدولة
- المؤسسات الكهنوتية وتهمة ازدراء الأديان
- انعكاس الثقافة القومية على الاحتفالات الشعبية
- الاعتزاز القومى وأسماء الأشخاص
- رواية (ما باحت به ساره) والوحدة العربية
- تاريخ الجزية : وصمة عار على كل الغزاة


المزيد.....




- هكذا أعادت المقاومة الإسلامية الوحش الصهيوني الى حظيرته
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة-إيفن مناحم-بصلية ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تعلن استهداف مستوطنة كتسرين بصلية ...
- المواجهات الطائفية تتجدد في شمال غربي باكستان بعد انهيار اله ...
- الإمارات تشكر دولة ساعدتها على توقيف -قتلة الحاخام اليهودي- ...
- أحمد التوفيق: وزير الأوقاف المغربي يثير الجدل بتصريح حول الإ ...
- -حباد- حركة يهودية نشأت بروسيا البيضاء وتحولت إلى حركة عالمي ...
- شاهد.. جنود إسرائيليون يسخرون من تقاليد مسيحية داخل كنيسة بل ...
- -المغرب بلد علماني-.. تصريح لوزير الشؤون الإسلامية يثير جدلا ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف حيفا ومحيطها برشقة صاروخي ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - هوس الأصوليين الإسلاميين بحكم العالم