أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - حُزنكَ حُزنْ مِعدانْ..!














المزيد.....

حُزنكَ حُزنْ مِعدانْ..!


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 4745 - 2015 / 3 / 11 - 00:29
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    



ــ كُلْ ، يا مُعُلمُ
فقال لهُم : لي طعامٌ آكُلهُ لا تعرفونهُ أنتم ..
سفر يوحنا

لعدة مرات يكون (عبد مكطوف ) سائق سيارة الكوستر في الذي يعمل على خط ناصرية ــ جبايش هو سائق السيارة التي استقلها ذاهبا الى مدرستي التي تقع في عمق الأهوار ، وما أن تصل السيارة عند مشارف الأهوار وضفافها حتى يبدأ ( عبد ) بتشغيل أغنية يعرف أني اعشقها هي أغنية ( حزنكَ حُزنْ مِعدان ) لوحيدة خليل ، ولأن نصف ركاب الكوستر من المعدان تسكنهم سعادة خفية ، وهم يتساءلون في سريرتهم لماذا حزنهم مميزا ، وربما الكثير منهم لا يدرك تماما لماذا قيل هذا المثل حين تهطل الدموع ويتعالى نواح الأمهات في مواسم موت المعدان ، عندما يموت الصغار غرقا في مياه الأهوار جراء انقلاب زورق أو بسبب امراض البلهارسيا أو عندما تلتهب اعضاءهم الذكورية وقت الختان الذي يتم اغلبه من قبل جوال يدعي انه خبير في التضميد ،أو عندما تنفق جاموسة وهي لم تزل تدر حليبها بكرم وفير، أو حين يموت رب الأسرة بعد أن يخنقه السعال والسل وهو لا يعرف سبب علته ، وللمعدان حزن سنوي يأتي مع أيام عاشوراء ينحبون فيه بصمتٍ وهم يشكون نأي المكان عن قباب كربلاء.
وهكذا تسجل الأغنية على طويل الطريق سحر حنجرة وحيدة خليل صاحبة الاغنية الاسطورية ( مضيع بالعرب صوبين ) ، يلفنا الصمت وتأخذني مديات الماء الى ليالي قراءاتي وسماع الاغاني العاطفية واحتساء اللبن الذي تهديه لنا جواميس القرية القريبة من المدرسة.
ذات يوم تعطلت سيارة الكوستر في منتصف الطريق وقرب قرية من قرى المعدان ، وكانت قرب هذه القرية توجد نقطة مرابات لفصيل من فصائل الجيش المنتشرة في مناطق عدة من مناطق الاهوار في الوية استحدثت في الحرب العراقية الايرانية يسمونها الوية الاهوار.
جلسنا على حافة الماء ، وقد دعانا الجنود لشرب الماء وحين ذهبت الى النقطة المتخندقين بها شاهدت رجلا من ابناء المعدان يرفض وبإصرار دعوة الجنود ليتناول لحما مشويا يقدمونه له ، وبين استغرابي وضحكاتهم لامتناعه ، وقول عريف الفصيل للرجل :انه لم يذق هذا اللحم بعرس أمه . كنت استغرب للحزن الغريب القاتم بين عينيه وكأنه يتلو مراثي كُتبتْ بلغة مسمارية ، تذكرت الاغنية التي كنا نسمعها قبل لحظات .
اقتربت من الرجل وقد حبس دموعه بين مسافات اجفانه الشاسعة : عماه لماذا لا تأكل من اللحم المشوي الذي يدعوه اليه الجنود .
لم يرد .
أحد الجنود قال :لأننا يا أستاذ نأكل من لحم جاموسته.
قلت : لماذا تأكلوها وهي جاموسته.
قال :لقد عبرت الى حقل الالغام الذي يحيط بالفصيل وتقطعت ارجلها .انتظرنا من يحملها بعيدا قبل أن تتفسخ فلم يأت احد .ذبحناها وشوينا لحمها لنأكله واليوم جاء هذا الرجل ليسأل عنها وقد عرف اننا شوينا لحمها ونأكله الآن لذا هو حزين.
عدت الى السيارة ، ومثل الرجل صاحب الجاموسة اخفي دمعة حزن مؤلم لأقول لسائق السيارة بعد أن اكمل تصلحيها :شغل المسجل وأرجعنا الى حزن المعدان........!



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موسيقى تقشير الموز
- توابيت السفر الى أبدية القصب
- لا وقت للوقت في نينوى ...!
- بحيرة البجع والبولشوي في الجبايش
- أركاديا ( الخيال بلون القصب )
- خوليو اجليسياس : شكراً عبادي العماري...`
- أحمد الناصري ، شاكر الناصري ، ( أنا ) الناصري
- الميثولوجيا من سنحاريب الى داعش
- سدخان وشيش خان ومنصور خان....!
- شمعة في نهارٍ مشمس
- حكايات المعدان عن زهرة التوليب
- السنونو وقميصهُ الأسود
- صابئة الاهوار وأهوار الصابئة...!
- أساطير المطرب نسيم عودة
- الظلُ في الظلِ شمسٌ مُستحية................!
- هموم المعدان وعطاس الجواميس
- التصوف بين السياسة والكياسة
- نصيحة النبي العزير
- داعش لا تأكل النساتل والبيتزا
- فنتازيا الحرف السومري ( بين نينوى وعاشوراء )


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - حُزنكَ حُزنْ مِعدانْ..!