أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عصيد - الاعتدال المتطرف أو التطرف المعتدل














المزيد.....

الاعتدال المتطرف أو التطرف المعتدل


أحمد عصيد

الحوار المتمدن-العدد: 4744 - 2015 / 3 / 10 - 21:08
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يتساءل كثيرون عن الأسباب التي تجعل حزب العدالة والتنمية المغربي الذي يرأس الحكومة، يُصاب مع تياره الدّعوي بالسّعار كلما تعلق الأمر بمطالب النساء وحقوقهن، في الوقت الذي تظل فيه التيارات الدينية الأخرى السلفية وتنظيم العدل الإحسان مستكينة هادئة، والمفارقة التي تدهش الناس هي أنهم يسمعون ليل نهار عن أن الحزب المذكور يعتبر نفسه حزبا "معتدلا" وينعت الآخرين بالغلوّ والتطرف، وقد سبق لي أن صرّحتُ لبعض وسائل الإعلام الأجنبية بأننا، في نضالنا من أجل الديمقراطية، نعاني مع حزب العدالة والتنمية أكثر من أي تنظيم إسلامي آخر، بسبب إصرار هذا الحزب على استعمال فيتو "الخصوصية" ضدّ الحقوق الأساسية للمواطنة، واعتبار ذلك من واجباته المقدسة، هذا السلوك المتناقض أطلقنا عليه نعت "الاعتدال المتطرف" أو "التطرف المعتدل"، وهو ما أنكره بعض قياديي هذا الحزب آنذاك، وإن كانت التصريحات اللامسؤولة لرئيس الحكومة ورئيس الحزب قد أكّدت ذلك بدون تحفظ أو تقية. وها هو اليوم العالمي للمرأة ومسيرة النساء المظفرة ليوم 8 مارس المنصرم، قد أماطت اللثام مرة أخرى عن الوجه القبيح للحزب الإسلامي المشارك في الحكومة، الذي استعمل مع أتباعه ومليشياته الإلكترونية وصحافته ومنظريه (ومنهم فقيه الغوغائية السيد أحمد الريسوني)، أكثر الأساليب خسّة وهي الكذب والإشاعة والقذف والسبّ في حق النساء المناضلات، وذلك من أجل التشويش على احتفاليات العيد الدولي للمرأة، والتغطية على العجز الحكومي في تفعيل الفصل 19 وإنصاف النساء المغربيات اللواتي منحهن الدستور حقهن في المساواة والمناصفة.
كانت مسيرة 8 مارس رسالة بليغة إلى هؤلاء الذين يتوارون وراء كراسي الوزارات لكي يعرقلوا المسار الديمقراطي لبلادنا، الذي يعطره العرق والدم والتضحيات الجسيمة للرجال والنساء منذ أزيد من نصف قرن، هؤلاء الذين يعتقدون بأنهم بحفاظهم على مرتبة الدونية للمرأة سيتاح لهم ممارسة الوصاية على المجتمع المحافظ والمغلق، وإعادة إنتاج النموذج الأبوي الشرقي الرديء في الدولة والقوانين والقيم، وهو النموذج الذي أثبت التاريخ بأنه لم ينتج إلا ثقافة الحريم والعبودية.
لم تكن النساء المتظاهرات يوم 8 مارس من النخبة المتعلمة فقط، ولا من اللواتي نعتهن رئيس الحكومة بـ"الوجوه الرمادية"، واعتبرهن شرذمة قليلة لا تمثل أحدا، ولم تكنّ من النساء اللواتي يتهمهن رئيس الحكومة بتنفيذ "أجندة أجنبية"، وإن كنّ لم يطالبنه إلا بتفعيل وعوده في التصريح الحكومي وتطبيق الدستور، جاءت النساء من مختلف مناطق المغرب، ومنهن العاملات والفلاحات وربات التعاونيات والنساء السلاليات ونساء التعليم ومختلف القطاعات، ليقلن بأنه قد سقط القناع عن القناع، وأنهن لم يعدن يثقن في الوعود الكاذبة، وأنهن لن يحترمن من لا يحترمهن.
ثمة من قال إن المسيرة كانت "سياسية"، فما معنى ذلك ؟ هل المقصود به حدّة انتقاد الحكومة ورئيسها ؟ هل يتعلق الأمر بمشاركة مناضلات القطاعات النسائية للأحزاب والذي هو أمر طبيعي وضروري، أو بظهور قياديين من هذا الحزب أو ذاك ؟ لماذا لا تتسم المسيرات النسائية في العالم الديمقراطي بهذه الحدة في مواجهة الحكومات، أليس السبب في ذلك هو وجود حكومة غريبة في تركيبتها وتكوينها ومواقف أعضائها وتصريحاتهم ضدّ الدستور وضدّ الحقوق الأساسية للمواطنين ؟ هل يوجد رئيس حكومة واحد في العالم الديمقراطي الذي أسّس ليوم 8 مارس ورسّخ دلالاته، نطق في حق النساء بنفس ما نطق به رئيس حكومتنا أو وزيرته في الأسرة والتضامن ؟ إن السبب الحقيقي لكون مهازلنا لا مثيل لها في البلدان المزدهرة هو أن حكومات تلك البلدان قد أرست القواعد الصلبة للديمقراطية على أساس تعاقد اجتماعي واضح يحمي الجميع رجالا ونساء، ويضمن المساواة بينهم، ما يجعل المنتخبين يعتبرون أنفسهم في خدمة هذا التعاقد وليسوا في خدمة مخطط سرّي، يجعل منهم متآمرين على الدولة وعلى المؤسسات وعلى المواطنة ومكتسبات القوى الحية، ويضمرون نوايا تخريبية تهدف إلى تقويض التجربة الديمقراطية وعرقلة بناء الدولة والمجتمع الحداثيين.
في بلدنا رئيس حكومة يصرّح علانية بشتم النساء المطالبات بحقوقهن الشرعية التي هي التزامات للدولة، ويتأسف على الزمن الذي كانت فيه المرأة مصباحا يضيء بيوت الحريم ويؤنس الرجال المتعبين من الكدّ خارج المنزل، فلماذا يريد الناس مسيرة عادية رتيبة كمثل مسيرات البلدان الديمقراطية ؟
كان لا بد من مسيرة في مستوى تحديات واقعنا، حتى تبعث بالرسائل المطلوبة لمن هو بحاجة إلى ذلك، وأعتقد أنها قد بلغت.



#أحمد_عصيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإساءة للأديان ليست مبدأ ديمقراطيا وإلحاق الأذى بالغير ليس ...
- بعض المسكوت عنه في النقاش حول الإرهاب
- ناقوس الخطر الذي دُق في أنكولا
- على هامش المنتدى العالمي لحقوق الإنسان -الوطنية- ليست هي الت ...
- من يقوم بتنفيذ -أجندة أجنبية- بالمغرب ؟
- المغاربة والعلمانية: قراءة في نتائج دراسة ميدانية
- الديمقراطية ومنطق -أخف الضررين-
- هل يعرف العرب معنى النصر ومعنى الهزيمة ؟
- حقيقة ما يحدث في -غرداية- بالجزائر
- عندما يستنجد مسلمو الهند بالعلمانية
- إلى المقامرين بالوطن
- لماذا لا تنجح الانتخابات في بلدان المسلمين
- مأزق طارق رمضان
- لماذا نحن ضد إعدام 529 إخوانيا مصريا
- من أين تأتي جاذبية خطاب العنف والتطرف ؟
- حقوق المرأة في الدستور المغربي، مكتسبات معطلة
- جذور الإسلاموفوبيا من أجل نظرة واقعية
- من المسئول عن جعل الفنانين المصريين سفراء للعسكر ؟
- لماذا تظل الحقائق صادمة في بلدان المسلمين ؟
- ثورة القبل


المزيد.....




- عمال أجانب من مختلف دول العالم شاركوا في إعادة بناء كاتدرائي ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي ...
- أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى ...
- الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي- ...
- استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو ...
- في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف ...
- ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا ...
- فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عصيد - الاعتدال المتطرف أو التطرف المعتدل