أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - أحمد صبحي النبعوني - مواسم المونة الماردينية ( السليقة ) لقاء ومحبة وتعاون وبركة














المزيد.....

مواسم المونة الماردينية ( السليقة ) لقاء ومحبة وتعاون وبركة


أحمد صبحي النبعوني

الحوار المتمدن-العدد: 4743 - 2015 / 3 / 9 - 20:33
المحور: سيرة ذاتية
    


اشتهرت الأسرة الماردينية في الجزيرة السورية بجودة طبخها ونكهته المميزة منذ القدم وبشهادة معظم الملل والطوائف الأخرى ... فكيف لا يكون لموسم المونة لديها أهمية خاصة .
أعمال المونة في وقتنا الحاضر أخذت تنحسر وحلت محلها الأغذية الجاهزة والمغلفة . لكننا لا نستطيع إن ننسى طفولتنا وأنشطة الأم التي كانت طوال فصل الصيف تجهز وتحضر لأسرتها مونة فصل الشتاء
واحد أنواع هذه المونة ما كان يسمى باللهجة المحلية ( السليقة ) ، أي سلق حبوب القمح .

كنا أطفالاً صغاراً ننتظر بفارغ الصبر هذا اليوم الذي كان يسمح لنا فيه بمساعدة الأهل في إشعال النيران تحت السليقة ، والطفل يجد متعة فائقة عندما يسمح له بإشعال النار ....
في نهاية موسم حصاد القمح والشعير كان يبدأ المزارعون بتوزيع قسم من إنتاجهم كهدايا وزكاة على الجيران والأصدقاء والأقارب أو يتم شرائها من أحد التجار.

يحدث ذلك عندما نكون جالسين في فترة ما بعد الظهر في أرض الدار والذي كان يسمى بالحوش تحت شجرة التوت التي كانت متواجدة في معظم الأحواش نشرب الشاي مع أفراد العائلة فنسمع فجأة صوت العربة التي كان يجرها الحصان فنعلم بشكل مسبق بأن هناك كيس من القمح قد أرسله لنا احد الأقارب أو الأصدقاء ، وبالمناسبة إن كيس القمح الذي كان يزن تقريبا /120/ كغ كان يسمى بالجوالة ، فنقول جوالة القمح أو جوالة الشعير .

وأهم ما كان يميز قمح الماضي عن اليوم أنه كان يزرع بعلاً وبدون أي أسمدة كيماوية لذلك تجد أن طمعه أطيب وألذ بكثير من القمح المروي .
قبل عملية السلق هذه كان هناك نسوة متخصصات بعملية غربلة جوالة القمح والتي تحتاج لجهد عضلي لتخرج منها حبوب القمح الغير مقشرة أو قطع السنابل والأتربة وغيرها .

بعد هذه العملية تبدأ عملية سلق القمح حيث يجلب وعاء كبير يسمى بـ ( النقرة ) أو النقرية والذي كان يتسع أحيانا لكيس قمح كامل ويوضع عادة في الشارع أمام الدار ويملأ بالماء وتشعل تحته النيران إلى أن يصل لدرجة الغليان ومن ثم يوضع القمح فيه ليتم سلقه وكان يجتمع حول هذه النقرة معظم أطفال الحارة وكل طفل يحمل بيده صحناً صغيراً وينتظر حصته من هذه الحبوب المسلوقة التي يأخذها معه للبيت ليرش عليه قليلاً من السكر أو الملح فكانت تشكل للأطفال وجبة غذاء كاملة تساعدهم على النمو وتقوي أجسادهم .

وعندما ينضج القمح يتم إفراغه من النقرة ويفرش على شوادر فوق اسطحة المباني الطينية حتى يجف لمدة ثلاثة أو أربعة أيام وذلك حسب درجة حرارة الشمس ويتم تقليبه يومياً بقطع خشبية صغيرة حتى لا يتعفن هذا القمح و يجف بشكل جيد ..

ثم تجمع هذه الحبوب الجافة وترسل إلى الطاحونة لجرشه ثم يجلب إلى البيت حيث يبدأ عمل النسوة اللواتي يقمن بعملية فرز وغربلة جديدة لتخرج منه حبوب كبيرة والتي كانت تسمى بالخشانة وحبوب متوسطة تسمى بالبرغل وحبوب صغيرة والتي تسمى بالسميد بالإضافة إلى قشور القمح والتي تسمى بالنخالة والتي كانت تباع كعلف لأصحاب الحيوانات من بقر وغنم .

وأذكر أن والدتي كانت تحتفظ بقليل من هذه القشور ( النخالة ) لتصنع منه مخدة صغيرة يتنافس فيها أفراد الأسرة على امتلاكها ..
جميع هذه المكونات كانت توضع في غرفة صغيرة تسمى بـ ( البخيري ) أي بيت المونة .

ما أجمل أيام زمان وما أجمل أصالتها ..
على الرغم من هذا العمل الشاق والمتعب للأم التي كانت تجهز لأسرتها مونة الشتاء طيلة فترة حياتها وحتى الممات .
ليست هناك في الحياة امرأة واحدة تهب كل حياتها وكل حنانها
وكل حبها، دون أن تسأل عن مقابل . . إلا الأم . . فامنحها يا الهي عمراً اطول من عمر الإنسان....



#أحمد_صبحي_النبعوني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شجاعة المرأة في المجتمع ولكن ..
- السائق والعجوز وزيت الكاز
- ما بين الماضي والحاضر تبقى ماردين بهجة للروح الحزينة


المزيد.....




- لاستعادة زبائنها.. ماكدونالدز تقوم بتغييرات هي الأكبر منذ سن ...
- مذيع CNN لنجل شاه إيران الراحل: ما هدف زيارتك لإسرائيل؟ شاهد ...
- لماذا يلعب منتخب إسرائيل في أوروبا رغم وقوعها في قارة آسيا؟ ...
- إسرائيل تصعّد هجماتها وتوقع قتلى وجرحى في لبنان وغزة وحزب ا ...
- مقتل 33 شخصاً وإصابة 25 في اشتباكات طائفية شمال غرب باكستان ...
- لبنان..11 قتيلا وأكثر من 20 جريحا جراء غارة إسرائيلية على ال ...
- ميركل: لا يمكن لأوكرانيا التفرّد بقرار التفاوض مع روسيا
- كيف تؤثر شخصيات الحيوانات في القصص على مهارات الطفل العقلية؟ ...
- الكويت تسحب جنسيتها من رئيس شركة -روتانا- سالم الهندي
- مسلسل -الصومعة- : ما تبقى من البشرية بين الخضوع لحكام -الساي ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - أحمد صبحي النبعوني - مواسم المونة الماردينية ( السليقة ) لقاء ومحبة وتعاون وبركة