أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - عبدالحليم حفينة - المصريون والأزمة السورية














المزيد.....

المصريون والأزمة السورية


عبدالحليم حفينة

الحوار المتمدن-العدد: 4743 - 2015 / 3 / 9 - 15:53
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


منذ إندلاع الثورة السورية وما تبعها بعد ذلك من اقتتال داخلي عنيف، ظهرت مئات الدراسات السياسية التي تحلل علاقة دول الجوار والدول الكبرى بما يحدث في سوريا ومدى تأثير ذلك على مصالح تلك الدول، وبعيدًا عن تلك التحليلات الأكادمية، لفت انتباهي وأسر خاطري تلك المشاعر التي آراها في الشارع المصري تجاه ما يحدث في سوريا، بعيدًا عن الموقف الرسمي للدولة، وبالأخص تجاه اللاجئين السوريين في مصر؛ فمنذ نزوح السوريين جراء أحداث العنف، ترى كثير منهم في شوارع مصر، تعرفهم بملامحهم الشامية ولهجتهم التي تجذب أذنك من بين كل صخب الشوارع، كما أن زي المرأة السورية التقليدي تراه حاضرًا أيضًا في كل مكان، بل أصبح يدخل سوق الموضة المصري، بالإضافة لظهور محلات تقدم المأكولات الشامية الشهية.

هذا الحضور السوري القوي في المجتمع المصري يحمل بين طياته ملامح رائعة للشعب المصري، فبعد أن تخيل البعض أن معدن الشعب المصري قد ُدفن تحت أحمال الفقر والجهل والمرض، نراه من آن لآخر يهب ويلقي من على عاتقه كل أحمال المعاناة والألم؛ لينتصر للقيم الإنسانية الرائعة التي رسخها عبر تاريخه العظيم في وجدان العالم، فرأيناه يثور في ثورة يناير بشكل أذهل العالم وما حدث بعد ذلك من أحداث لا ينتقص من عظمتها، ولكن هكذا تتخبط الثورات حتى تحقق أهدافها وتُرسي قيمها.

السوريون في مصر يسكنون كل المحافظات تقريبًا، يتوزعون وفقًا لمقدرتهم على تحمل أعباء المعيشة، فتجد بعضهم يعيش في أرقى أحياء القاهرة والأسكندرية، والبعض الآخر يعيش في القرى والمدن الصغيرة، هذا التواجد الجغرافي الواسع يعكس مدى تسامح المصريين وتقبلهم الإنساني الرائع للسوريين، والأكثر إبهارًا من ذلك ألا تجد المصري يتعامل مع شقيقه السوري بمنطق الإحسان، فعلى العكس تجده يشعر بمسئولية الأخ تجاه شقيقه المبتلى، رأيت ذلك بعيني، عندما كنت أرى كثير من المتشددين تجاه الإخوان وقت فض اعتصام رابعة العدوية، لا يصغى لتحريض بعض الإعلاميين على الأشقاء السوريين، بل كنت أسمع دعوات قهوجي بفك كربهم بعدما يحاسبه سوري من رواد المقهى في نبرة صوته أسى حقيقي
، وأجد عامل يكسب قوته يومًا بيوم، يتبرع بما يقرب ربع يوميته لأسرة سورية في حاجة.

كل تلك المعاني الإنسانية التي تراها في المصريين، ليست وليدة الأمس، بل هي تراكمات حضارية لشعب عظيم، رغم ما تعرض له من محاولات لتغريب ثقافته، وطمس قيم التراحم من منظومة قيمه، وما أرصده الآن ليس نوعًا من الانتصارات الوطنية أو العرقية الضيقة، ولكنه رصد إنساني محايد لشعب لابد أن يكون في مكانة حضارية أفضل، ولست بحاجة أيضًا إلى استعراض عظمة السوريين وكبريائهم وعزتهم، فهم أبناء حضارة عظيمة، وشعب راقي، ابتلاه الله بحرب اقليمية بين قوى تسعى للسيطرة والهيمنة على المنطقة، وكم كنت أتمنى أن تكون الدولة المصرية صاحبة كلمة في الصراع الدائر لتنقذ السوريين من تلك الحرب الضروس التي تدمر بلا هوادة بلدهم، ولكننا أيضًا ما زلنا في مرحلة بناء دولة ما بعد الثورة، وإن كان البناء متعثر، ولكن سيكتمل لا محالة، وستنتصر الثورة على كل المستبدين.

من آن لآخر تحدث حوادث فردية تجاه السوريين، كتلك التي تحدث أحيانًا بين المصريين وبعضهم البعض، ونستطيع أن نقول أن تلك الأحداث لا ترتقي أبدًا لدرجة العنصرية، فالمصري مؤمن بمسئوليته تجاه أهل سوريا، وأننا أصحاب مصير واحد، بحكم الجغرافيا واللغة والدين، ذلك المصير الذي تحدده الشعوب لا الزُمر الحاكمة لتلك الشعوب، الآن نتحرر لنكون أصحاب السيادة، وإن كان الثمن باهظ، ولكن كُلفة العبودية والإنقياد أكثر ألمًا وكُلفة، فالشعوب الحرة هي التي تتسيد العالم وتقوده، وتعلو ثقافتها على كل الثقافات.



#عبدالحليم_حفينة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أُنثَى -قصة قصيرة-
- من اليأس إلى دولة الثورة
- الدين والتعليم والفن.. ثالوث التحرش الجنسي
- عن وهم شعبية السيسي الجارفة!
- وفاء بالعهد - قصة قصيرة -
- حرية العقيدة والدستور
- بين الأفكار المعلبة والبحث عن الذات
- الزواج على الطريقة المصرية


المزيد.....




- روسيا تبدأ محاكمة الصحفي إيفان غيرشكوفيتش بتهمة التجسس والول ...
- نائب مصري يهاجم مدبولي: هل يعلم أن قرار إغلاق المحال سبب مزي ...
- مدفيديف: القانون الدولي يجب أن يعكس توازن مصالح كافة الدول
- أولمرت يتهم نتنياهو بالخيانة
- إردوغان يتهم نتانياهو بالتخطيط لـ -كارثة- في لبنان
- لماذا فرضت المحكمة العليا الإسرائيلية على الحريديم الخدمة ال ...
- تواصل الغارات الإسرائيلية في قطاع غزة، وكتيبة جنين في الضفة ...
- واشنطن تواصل ضغوطها على إسرائيل لتجنب حرب مع حزب الله
- زيلينسكي يصادق على استحداث -قوات المسيّرات- في جيشه
- الاستخبارات التركية تعلن تحييد قيادي في -العمال الكردستاني- ...


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - عبدالحليم حفينة - المصريون والأزمة السورية