أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ماركوس ملطى عياد - كنيستنا الأرثوذكسية الرسولية















المزيد.....


كنيستنا الأرثوذكسية الرسولية


ماركوس ملطى عياد

الحوار المتمدن-العدد: 1322 - 2005 / 9 / 19 - 04:46
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قرأت مقال الأستاذ كمال غبريال فى جريدة إيلاف عن الكنيسة القبطية ورياح التغيير والأهم فى المقال هو رد القراء الذين يثبتون لى كل يوم أن المشكلة الشرقأوسطية هى مشكلة أصولية غير مقتصرة على الدين الإسلامى فقط فالقراء أجابوا على السيد غبريال بالتخوين والتشكيك فى مذهبه الدينى واستنكار ما قاله بدلا من الرد على أفكاره بأفكار أخرى وأنا إن كنت مختلفا معه فى بعض الجزئيات إلا أننى أتفق فى معظم ما طرحه فى مقاله وأريد أن أؤكد ما قاله لا لأننى من هواة المفرقعات الإعلامية ولكن لا مفر من كشف الجروح كوسيلة لمداواتها وليس التشهير فهذا المقال لا أقصد به أى إساءة لكنيستنا القبطية الأرثوذكسية التى أعتز بانتمائى إليها
فى بيتنا استبداد وانفراد بالقرار
فى كنيستنا مسلمات وخطوط حمراء ممنوع الاقتراب منها أو تصويرها والمسلمات هى أهم أدوات المستبد فالمستبد الدينى والسياسى لهما نفس المنهج يخلطون بين الإله المعبود وبين المستبد المطاع فلا يحق لهم مراقبة المستبد أو مواجهته بأخطائه كما لا يحق لهم مساءلة الله عما يفعله والمستبد قد يبدو متواضعا كارها للمديح لا لأن طبيعته هكذا بل لأنه يريد أن يمدحه الناس بالتواضع ويحاول تثبيت أفكاره بنسبها إلى قواعد وثوابت لذلك فأنا لا أعادى أشخاصا ولا أعارض ثوابت ولكن أعارض ترفيع تلك الثوابت فوق مصفاة العقل وفى مواجهتى أريد من يقارعنى الفكر بالفكر والحجة بالحجة وليس بالتخوين أوالتكفير أو الاتهام بالهرطقة أو العصيان ألم تأمرنا الدسقولية أنه يجب محو الذنب بالتعليم فلنفتح معا الملفات الحساسة فى جو من المصارحة مستخدمين أدوات المنطق والإقناع الخالية من الرموز والشعارات والمسلمات والإجابات الفضفاضة
فمشاكل الكنيسة ليست وليدة اليوم بل هى مشاكل متعمقة فى جذور التاريخ ومنها جزء كبير متعلق بالتقاليد فى المجتمع الشرقى ورغم أن كنيستنا تعيش فترات ازدهار افتقرنا لها فى الماضى وهذه نقطة تحسب لقيادات الكنيسة الحالية إلا أن ذلك ليس كفيلا لكى نطرح جانبا الملفات المسكوت عنها داخل كنيستنا القبطية وبناء على مبدأ أن أهل مكة أدرى بشعابها فإن تلك الأمور تم طرحها فى الداخل ولم أجد إلا التبرم وما يسمى بالغضب "المقدس" والاتهام بالعصيان والتسبب فى العثرات والوقوع فى فخ الإدانة فلم يكن من مفر سوى نقل المشكلة إلى الخارج مع ما يحمله ذلك من اتهامات جديدة بالخيانة والعمالة والتآمر على الكنيسة المجيدة مع عدو الخير الذى يكره السلام الموجود داخلها لأنها كنيسة مقدسة رسولية أصيلة فى كل شئ أما واقع الحال فى كنيستنا أن " الكبير فيها كبير والنص فيها نص وكلنا نعرف مين الكبير ومين النص داخل كنيستنا" فلن يكون الشخص فيها محترما ما لم يكن شجاعا جريئا والإنسان العادى فيها منبوذ ما لم يكن غنيا أوكريما وإن اعترض أحد مثلى ومثل الأستاذ غبريال على ذلك النظام فإننا نجد مقاومة يقودها جيش من العقول المتحجرة المصبوبة فى قالب واحد بعد أن عبرت عليها ماسحات مفخخة وزرعت فيها قنابل الخوف من المجهول والخروج عن طاعة ولى الأمر ومن ثم التسليم والاستسلام لأنها عقول لم تعرف أن الكنيسة هى الشعب وأن رجال الدين الذين نسترجى رضاهم وعطفهم أحيانا ونستجدى بركاتهم باستمرار بل ومنا من يلعق أحذيتهم هم أساسا خدام الشعب لا أسيادهم لم تتعلم تلك العقول أن الشعب هو عصب الكنيسة وهو صاحب القرار فيها ولم تعرف أن كلمة كنيسة فى الأصل اليونانى قبل أن تستخدم فى المسيحية كانت تشير إلى أى جماعة لها حكم ديمقراطى فأنا لا أطالب ببدعة من بدع نهاية الزمان بل أطالب الكنيسة أن تكون أكثر أرثوذكسة وأكثر رسولية مثلما كانت الكنيسة الأولى التى عندما عقدت المجمع الكنسى الأول شارك الشعب فى اتخاذ قراراته "أع 23:15" أطالب كنيستنا أن توزع السلطات لتعطى دورا أكبر لغير رجال الدين كما فعلت الكنيسة الأولى عندما تمسك الآباء الرسل بالصلاة وخدمة الكلمة تاركين الأمور المادية والإدارية للشمامسة الذين تم انتخابهم من الشعب بطريقة ديمقراطية "أع 2:6-6" أطالب الشعب أن يمارس حقوقه بدلا من السلبية وحالة الخوف من الاقتراب من مشاكل الكنيسة أو قرارات رجال الدين الذين أوهمونا أنهم كالفحم المشتعل يحرق من يقترب منه لأنه فحم مؤيد من الروح القدس ومن يتشكك فى ذلك فليذهب إلى الجحيم
*وهناك محاولات كثيرة للإصلاح فى الماضى ولكنها باءت بالفشل ومنها محاولة تأسيس المجلس الملى فى أيام البابا كيرلس الخامس للإشراف على ممتلكات الكنيسة ولكن البابا "الفرعون" رفض من يشاركه الإدارة وانحاز له المتزلفون وأصحاب الأفكار الغيبية والطاعة العمياء وطالبوا بالخضوع لمطالب البابا تنفيذا لقوانين الكنيسة (القوانين التى تم تفصيلها على حسب رغباتهم) واتهموا بطرس باشا غالى ومناصريه بالعصيان والهرطقة والخيانة لأنهم يطالبون بنظام أشبه بما هو قائم فى الكنائس البروتستانتية التابعة للاحتلال الإنجليزى . وإن كان حقا إسناد الإدارة المالية لهيئة أخرى من خارج رجال الدين تعتبر هرطقة فإن الذى ابتدع تلك الهرطقة ليس بطرس باشاغالى بل الآباء الرسل الذين رفضوا ترك خدمة الكلمة فى سبيل خدمة موائد (حسب تعبيرهم) وأسندوا تلك الخدمة إلى الشمامسة الذين تم انتخابهم من الشعب بطريقة ديمقراطية كما ذكرت آنفا وإصرار البابا على ديكتاتوريته وإشرافه الكامل على أمور الكنيسة تطور ووصل إلى ذروته أيام البابا يوساب الثانى وأدى إلى انقسامات خطيرة داخل الكنيسة بسبب سوء استخدام البابا لتلك السلطات
أين الشفافية فى الكنيسة؟
* أنا لا أشكك فى ذمة أحد ولكن ما أعرفه جيدا أن السلطة مفسدة والسلطة المطلقة مفسدة مطلقة "والمال السايب بيعلم السرقة" ورجل الدين رغم أنه يرتدى الملبس الأسود إلا أنه مازال يرتدى تحته جسدا يثبت أنه غير معصوم من الخطأ وهناك احتمال وارد من أنه قد يسئ استخدام أموال الفقراء المستأمن عليها فلما لا يكون فى كنيستنا شفافية ؟ ولما لا يقدم رجل الدين إقرار ذمة مالية كى يقطع ألسنة النمامين ؟ "هو صحيح على راسه عمة بس ما فيش على راسه ريشة"
* أنا لا أقلل من شأن الكهنة بل وإحقاقا للحق فإن الكثيرين منهم يتفانون فى خدمتهم ولكن النظام الحالى الذى يعطى صلاحيات واسعة لرجل الدين مع غياب آليات المراقبة والشفافية يعتبر بيئة حاضنة للفساد وتفرز رجال دين غير جديرين بتلك الوظيفة وتلك السلطات تتيح لهم المتاجرة باللبس الأسود وبالنصوص المقدسة وأصبح من المعتاد فى كل أبروشية "منطقة" أن نسمع عن كاهن أو أكثر مشهور بالتلاعب بأموال الفقراء دون وجود من يردعه أو يحاسبه أو حتى يرد له كرامته إن كان مفترى عليه والشئ المضحك المبكى أن من هؤلاء الكهنة من يهمل شعبه ويهرب الناس من الكنيسة بسبب إساءاته المتكررة وتسلطه ثم نراه يذرف الدموع على رجل أراد أن يغير دينه "قمة النفاق والسطحية"
لماذا تصر الكنيسة على أننا أيتام لم نصل بعد لسن الرشد؟
* أنا لا يعنينى كثيرا ما أقدم عليه قداسة البابا من مبايعة لمبارك باسم المجمع المقدس طالما أنه لم يستخدم فى ذلك سلطان الحل والربط وربما تثبت الأيام أنه كان محقا فى وجهة نظره التى أعتقد أنها ارتبطت بتخوفه من تحول النظام الديمقراطى إلى فوضى يدفع الأقباط ثمنها فرغم أن الكنيسة لا ينبغى أن تربط نفسها بالسياسة إلا أن الضرورات تبيح المحظورات ولكن مع كامل تقديرى واحترامى لقداسة البابا والمسئولية الجسيمة الملقاة على عاتقه والظروف التى فرضت عليه أن يكون المتحدث السياسى باسم الأقباط إلا أن الخطأ الذى لا يغتفر للكنيسة هو إهمالها فى التوعية السياسية للشعب فزمن الوصاية قد انتهى منذ دهر مضى ومع ذلك لم يندمج الأقباط فى السياسة وكان يجب علي البابا توعية الشعب لكى ينخرطوا فى الحياة الحزبية ومؤسسات المجتمع المدنى فسلبية الأقباط ليست نتيجة الظروف السياسية بل وأيضا نابعة عن الثقافة المتراكمة فى العقل الجمعى الذى تم تفكيكه وتركيبه على أساس الانسحاب من الحياة العامة والانطواء وتكوين الجيتوهات المعنوية فى نفوس الأقباط نتيجة ضخ حالة من الشعور بالغربة والشعور بالاضطهاد والاستسلام للأمر الواقع والكتب والشرائط والترانيم والتعاليم الكنسية مليئة بمثل تلك الثقافة "حيث قادنى أسير ..تنتهى غربتى فى عالم الدموع .. التقليد.. التسليم ..أى شركة للنور مع الظلمة... اعتزلوا اخرجوا منها يا شعبى ..حبيبتى عين مقفلة وينبوع مختوم .. ليس لنا ههنا مدينة باقية .. إن كانوا قد اضطهدونى فسيضطهدونكم"
رغم أن كنيستنا ليست كنيسة انعزال ولا كنيسة طاعة عمياء ولاكنيسة شعارات ولا مسلمات بل هى روح وحياة وتجديد فى الفكر هى كنيسة بحث وتدقيق وتفتيش فى الكتب واندماج فى المجتمع وحوار واتخاذ القرارات بناء على اقتناع وليس لمجرد الطاعة أو الوصاية من أحد فالله نفسه يلجأ إلى الحوار والتفاهم "مع إبراهيم تك18" وأحيانا يتنازل عن رأيه "مع موسى عد14" ومع شعبه يقول "هلما نتحاجج يقول الرب"إش18:1" فكيف يأتى البشر ليطالبونا بطاعتهم باسم الله؟ كثير من رجال الدين يطالبوننا أن نكون كجثة يحملها تيارهم كيفما يشاء ويعتبرون ذلك وصية كتابية وحياة تسليم "مثل قصة شجرة الطاعة التى ذكرها الأستاذ غبريال"
وما نعرفه جميعا أن الهراطقة كانوا بطاركة وقساوسة وكانوا يسيطرون على أتباعهم باسم الطاعة وليس الإقناع ولو لجأوا للإقناع ما وجدوا لهم تابعين
ومن ذهب منا ليشارك فى الانتخابات الأخيرة ذهب أملا فى أن يحصل على بركات الطاعة التى يهبها رجل الدين لمن يشاء لأنه يتحكم فى الكنيسة كما يتحكم أحد الملاك فى أملاكهم (حتى فى توزيع البركات واللعنات) بعد أن كان الشعب هو الذى يدير الكنيسة وهو الذى كان يختار رجل الدين وهو الذى يحاسبه إن أخطأ ويحكم عليه بالأغلبية "2كو6:2" منذ ألفى عام مضت
فالكنيسة هى الشعب وليس رجل الدين وأينما وجد رجل الدين فلكى يخدم الشعب لا ليتحكم ويتسلط وينهب أموال الشعب ولا ليؤدى طقوسا وفرائض جامدة يحمل فيها المبخرة لنفسه ويتظاهر أنها للإله المعبود أنا لا أهاجم الكهنوت بل أهاجم النظام الكهنوتى بتركيبته الحالية وأطالب بالشفافية والعدالة وإعطاء سلطات أكثر للشعب وغير خاف على أحد أن الكنيسة استقت الكثير من مبادئ المجتمع الشرقى الأبوى الهرمى بطبيعته الذى يعتبر أن الوطن هو السلطة لا هو الشعب ولا هو الأرض والويل كل الويل لمن ينتقد السلطة لأن من يفعل ذلك كأنه اغتال الوطن جميعه أما من ينتقد كنيستنا الرسولية المتمثلة فى رجل الدين فالويل كل الويل له لأنه أصبح مثلث اللعنات وصار مصدرا للعثرات
مجتمعنا مثل المجتمع العام من مكوناته الأساسية الخوف من رب الكون ورب الأسرة والمدير والرئيس الذين تجتمع في أيديهم السلطات ومن يعترض يتهم بالعصيان والخروج عن القوانين وكأننا مجرد أيتام لم نصل لسن الرشد ولا يحق لنا أن نسأل أو ننتقد فإن انتقدت وضعا معينا فى الكنيسة تجد من يقول "لا تدينوا.........." وكأننا مجرد ضيوف فى الكنيسة لا ينبغى أن نتدخل فيها وأكرر مرة أخرى أن كلمة كنيسة تعنى مجتمع ديمقراطى الشعب يختار الشمامسة والقساوسة "أع3:6" والشعب يحاسبهم بصورة ديمقراطية "2كو6:2"
الخرافات فى بعض الكتب الدينية
*كما ذكر السيد غبريال مشكلة كسوف الشمس الموجودة فى السنكسار كمثال لبعض الخرافات فى كتبنا الكنسية إلا أن المشكلة فى السنكسار وغيره من الكتب ليست فقط فى الخرافات بل وأيضا المبالغات فى تعظيم وتمجيد القديسين بصورة غير موضوعية (سأذكر ذلك لاحقا) بل معظم الكتب التى تملأ مكتباتنا بها ما لا طائل لنا به من مبالغات وأحيانا خرافات وكمثال على ذلك كتاب بستان الرهبان وهو ملئ بالقصص غير الواقعية مثل ذلك الراهب الذى سافر إلى الفضاء على سفينة سحاب لمدة ثلاثة شهور لعله كان فى رحلة استكشافية للمجموعة الشمسية ولكنه لتواضعه أخفى ما اكتشفه أو ذلك الراهب الذى وجد سلم يعقوب فوصل إلى السماء فى رحلة قصيرة حضر خلالها قداسا وعاد بسلام إلى الأرض ومعه تفاحتان ذهبيتان. " شاهدت قصصا مشابهة لذلك فى سلسلة مغامرات أليس فى بلاد العجائب "
ذلك الكتاب يركز على جهاد القديسين رغم أن بولس الرسول يقول تمثلوا بإيمانهم وليس جهادهم فالجهاد يختلف أسلوبه من إنسان لآخر والسلوك الذى قد يكون مناسبا لهم قد لا يكون مناسبا لنا على الإطلاق
كما أنه يذكر آراء متطرفة مثل الرهبان الذين ثاروا ثورة عارمة لأنهم وجدوا سفينة حطت على الشاطئ القريب منهم ووجدوا داخل السفينة إمرأة ولم يهدأوا إلا بعد أن غادرت السفينة بمن عليها
أو ذلك الطفل الصغير الذى نزل إلى السوق مع أحد الرهبان فوجد مخلوقا غريبا لم يجد مثله فى الدير فسأل الراهب عنه فقال له " هذا هو الشيطان" بدلا من أن يقول أنها إمرأة
هذا الكتاب يوحى لنا أن التوبة هى جلد للذات رغم أن كلمة التوبة المذكورة فى الإنجيل لها معانى أخرى غير جلد أو تعذيب الذات
أما حان الوقت لننقى تراثنا من مثل تلك الخرافات فهذا ليس بستان الرهبان بل يمكن أن نسميه أفغانستان الرهبان أو مغامرات تان تان فى بلاد الرهبان أو نسميه بستان العجائب ولا يوجد أى معنى لطبع ونشر مثل هذا الكتاب بصورته الحالية إلا لو كانت الكنيسة تؤمن بالخرافات كما أننى قرأت كتابا لأحد المفكرين المسلمين يستشهد ببعض مما جاء فى هذا الكتاب ليثبت أن المسيحية لا تحترم المرأة بالمقارنة بالإسلام

تغييب دور العقل
كثيرون من آباء الكنيسة يغيبون دور العقل وينقلوننا إلى عالم من الغيبيات وهذه النقطة كانت محل انتقاد كثير من المؤرخين للأقباط فالأساس فى المسيحية هو العقل أما الغيبيات فقد تكون أوهاما.
المسيح هو العقل ويقول بولس الرسول "ننمو إلى قياس قامة ملء المسيح"أف13:4"
كلمة توبة باليونانية هى "ميتانيو" أى نمو بالعقل أو اتساع مدارك العقل وليس ما لا يفهمه العقل.
كلمة ضمير المستخدمة فى العهد القديم تعنى العقل فالعقل هو الذى يحكم بين الخير والشر يقول الكتاب "ياأولادى أريد أن تكونوا أولادا فى الشر وليس فى أذهانكم أما فى أذهانكم فكونوا كاملين" فالعقل لا يتعارض مع البساطة بل ما يسميه البعض بساطة لا يكون سوى سذاجة لا يعترف بها الكتاب المقدس
ويقول أيضا " ليس أطفالا مضطربين محمولين بكل ريح تعليم" " أف4: 14" وإن كان المسيح هو العقل فالخطية هى تغييب دور العقل أو هى اللاوعى "لو34:23"
التركيز على الرؤى والمعجزات على حساب الواقع
*أنا لا أتشكك فى كم المعجزات التى حدثت بشفاعة رجل مثل البابا كيرلس السادس فالذى يصنع المعجزات هو الله بواسطة أو بشفاعة القديسين والسيد المسيح نفسه أكد أن من يؤمن به يفعل مثل تلك المعجزات بل وأعظم منها ولكن الاهتمام الأكبر ينبغى أن يكون فى التوبة وعمل الخير والنمو فى المحبة ويوحنا المعمدان أعظم مواليد النساء لم يصنع فى حياته آية واحدة
*المسيح نفسه نصح التلاميذ ألا يفرحوا بالمعجزات وإخراج الشياطين "لو20:10"
*قلل بولس الرسول من شأن المعجزات والنبوات أمام فضيلة المحبة "1كو13"
*سئل الأنبا باخوميوس أن يحدثهم عن الرؤى فأجاب " من يبحث عن الرؤى والظهورات هو إنسان غبى لا يعرف خلاصه أما إذا أردت أن تبحث عن منظر فانظر إلى انسان متواضع ففى هذا الإنسان المنظور سوف تجد صورة الله غير المنظور"
ورغم ذلك نجد داخل الكنيسة اهتمام بتلك الغيبيات على حساب دور العقل ويستغل البعض الغيبيات ليلهى الشعب عن واقع الحياة فى سبيل الآخرة رغم أن الآخرة فى المفهوم المسيحى هى امتداد للحياة كما أن حب الحياة هو سند للاستعداد للآخرة والأقباط بطبيعتهم مولعون بالمعجزات والرؤى والغيبيات على حساب الاهتمام بالواقع ومنذ وقت غير بعيد قام أحد الأساقفة بتأليف كتيب ادعى فيه أن نهاية العالم فى ربيع 2001 والغريب أن بعض الكهنة كانوا يروجون لأفكاره ( فلنرى حجم تصديقنا لتلك الغيبيات دون وجود مساحة من التفكير العقلانى أو البحث العلمى)
والمبالغة فى تعظيم القديسين
*إذا قرأت قصة حياة قديس سوف يهيأ لك أنك أمام ملاك لا يخطئ ويظن القارئ أو السامع أن هناك هوة عميقة تفصله عن القداسة فالمبالغة فى القداسة وإغفال نقاط الضعف فى هؤلاء القديسين وطمس السلبيات الموجودة فى تاريخهم هى سمة فى كنيستنا رغم أن الإنجيل قدم لنا صورة متكاملة عن حياة القديسين سواء عن فضائلهم أو ضعفاتهم وسأستدل على بعض الأمثلة سأقدمها فى صورة أسئلة لأتجنب الأخطاء التاريخية
ما سر الخلاف بين البابا ديمتريوس 12 والعلامة أوريجانوس ؟ لماذا قام بحرمه دون أن يعطيه فرصة للدفاع عن نفسه؟ لماذا اختلف البطاركة المتعاقبون على تلك الشخصية ؟ بعضهم حله من حرمه والبعض الآخر أعاد حرمه بعضهم اعترف بكتبه والبعض الآخر صادرها بدعوى أنها تخالف العقيدة
أيهما سيتم الأخذ برأيه فى الأبدية؟ ألا تذكرنا الكنيسة باستمرار بأن ما يحله رجل الدين يكون محلولا فى السماء وما يربطه يكون مربوطا فى السماء ألا تحاول الكنيسة إيهامنا أن ما يقوله أو يفعله رجل الدين هو بإرشاد من روح الله؟
ما علاقة الملك قسطنطين بالكنيسة؟ لماذا عقد مجمع نيقية ؟ هل حبا فى استقامة الإيمان أم حرصا على استتباب الأمن فى مملكته الممتدة؟ لماذا ساءت علاقته بالبابا أثناسيوس ولماذا نفاه؟ لماذا تأخر فى نوال المعمودية حتى أصبح على فراش الموت؟ ذلك الرجل الذى يصفونه بالبار والصالح واضح أنه لم يتقرب قط من أسرار الكنيسة ولا أعلم هل تزوج مدنيا أم كنسيا رغم أنه لم ينل سر المعمودية إلا فى الهزيع الأخير من عمره؟
تقول قصة" أشك فى صحتها" أنه ظهر للأنبا بيشوى وامتدح الرهبان لأن مكانتهم كبيرة عند الله أكثر من المتزوجين لذلك هو نادم لأنه لم يترهبن
هل المجامع المقدسة وقراراتها ضد من تسميهم هراطقة هو قرار صادر من الروح القدس الحال فيهم أم أنه قرار بشرى صادر من ناس ترتدى زى رجال دين ؟ وهل نفى رجال الدين لهؤلاء الهراطقة هو قرار صادر من الروح القدس أم أنه قرار سياسى؟ وماذا عما حدث فى مجمع أفسس وصراع الأساقفة على ترتيب الكنائس هل كان هذا بتدبير من الروح القدس؟ وماذا عن المجامع التى برأت بعض الهراطقة الذين ادعوا توبتهم ثم ثبت بعد ذلك خداعهم ومراوغتهم ؟ هل كانت قرارات تلك المجامع بإرشاد من الروح القدس ؟ وماذا عن المجامع اللاحقة التى انقسمت فيها الكنيسة وكل جانب كان يحرم الجانب الآخر بسلطان الروح القدس؟ وهذه هى الوسيلة التى يستخدمها رجل الدين حتى الآن ليضفى على ديكتاتوريته الشرعية فيوهم الناس أن قراره هو بإرشاد من الروح القدس (ياعينى على الروح القدس حيرتونا وحيرتوه معاكم)
ما سر الخلاف بين البابا ثيؤفيلوس23 ورهبان شيهيت لماذا ثاروا عليه يريدون قتله؟لماذا اختلف مع من يسمون بالإخوة الطوال؟ ما سر الخلاف مع الأنبا يوحنا ذهبى الفم أسقف القسطنطينية؟ لماذا قام الأول بعقد مجمع ونفى الأخير ظلما بمباركة الملكة أفدوكسيا التى ساءت علاقتها بالبابا يوحنا بعد أن اغتصبت حقل أرملة فقيرة؟
لماذا هيج البابا كيرلس24 الملقب بعمود الدين المسيحيين ضد الوالى والفلاسفة الوثنيين حتى حرقوا معهد الموسيون ولم يكتفوا بذلك بل قبضوا على الفيلسوفة الوثنية "هيباتيا" قتلوها وسحلوها فى الشوارع بصورة مشينة للأقباط؟
لماذا هاج بعض الرهبان على أبيهم الروحى الأنبا باخوميوس أب الشركة ونادوا بقتله قبل أن ينجو من أيديهم بأعجوبة؟
هل يوجد فى ديننا ما يدعونا لقتل المخالفين لآرائنا؟
فى عام 457 ميلادية فى القرن الخامس الميلادى بعد عصر الشهداء والرهبنة وأوج انتشار المسيحية ووقوف المسيحيين صامدين أمام أصحاب المذاهب الأخرى استغل الأقباط غياب حاكم الإسكندرية وانقضوا على بروفوريوس البطريرك الخلقيدونى الدخيل قتلوه وسحلوه فى الشوارع وأحرقوا جثته وذروا رمادها امعانا فى التشفى والانتقام
لقد ذكر كتاب تاريخ الكنيسة الكثير عن قداسة وورع الأنبا باسيليوس مطران القدس فى أواخر القرن التاسع عشر ولكنه لم يذكر شيئا عن علاقته بالبابا كيرلس الخامس فلماذا اعترض الأنبا باسيليوس على سيامة القس يوحنا الناسخ بطريركا؟ وعندما ذهب مجبرا لسيامته قال له " يعنى ما لقيوش غيرك أنت ياحنكوش؟" ولم يسامحه البابا الجديد على تلك الكلمة وأوقفه عن الخدمة لمدة 6 شهور
اتهم البعض البابا كيرلس الخامس112 بأنه ديكتاتور لا يريد أن يشاركه أحد فى أخذ القرار لذلك رفض فكرة المجلس الملى
ذلك الرجل الذى يصفه البعض بالشفافية والقداسة لم يكن يحب من يوجه إليه نقدا لذلك لم يجد وسيلة ليتخلص من القس سرجيوس ملطى سوى أن سامه كاهنا ثم لفق له تهمة وحرمه ولم يعف عنه إلا بعد أن أخذ منه وعدا ألا يقف على منبر ويعظ لكى يضمن ألا ينتقده؟وهل تلفيق التهم هو بإرشاد من الروح القدس؟
لماذا ترك للأنبا يؤانس شئون الكنيسة فى آخر أيامه؟ وذلك الأخير قام بتجريد أحد الأساقفة (أعتقد أنه رئيس دير السريان) من رتبته لمجرد أنه قام بسيامة بعض الرهبان كهنة فى الدير
لماذا سعى الأنبا يؤانس والأنبا مكاريوس والأنبا يوساب للبطريركية رغم أنهم كانوا أساقفة على كراسى؟
لماذا لجأ البابا يوساب للسيمونية "سيامة رجال دين فى مقابل قدر من المال" ؟ إن كان السبب فى ذلك هو سكرتيره الخاص الذى يدعى" ملك" وباقى حاشية البابا هل هذا يعفيه من المسئولية؟ تلك الفترة كانت وبالا على الكنيسة القبطية وكثيرون تركوا المذهب الأرثوذكسى بسبب الانقسامات فى الكنيسة
أنا أكتب ما تذكرته مما قرأت فى الماضى ومؤكد أن التاريخ يحوى ما يسع مكتبة عن ضعفات وعيوب هؤلاء القديسين الذين نتغنى بفضائلهم ونصورهم للناس أنهم وإن كانوا بشرا إلا أنهم مصنوعون من طينة ذهبية ليست من نفس طينتنا معتقدين أن المبالغة فى مدحهم سوف تقودنا إلى المثالية ولا ندرى أن المثالية الزائدة سوف تقودنا إلى طريقين لا ثالث لهما إما "الدروشة" والتطرف أو اليأس من الطريق الروحى لأننا لا نستطيع أن نكون مثلهم وماذا نتوقع من طفل نقول له أن القديس (......) كان يأكل قطعة خبز كل يومين ويشرب رشفة ماء كل أسبوع إما سيلجأ للتقليد الأعمى أو سيبعد عن الكنيسة رغم أن الإنجيل ينصحنا أن نتمثل بإيمانهم لا أعمالهم
لماذا لا ندرس تاريخ القديسين كاملا ونعطى فكرة عن ضعفاتهم وفضائلهم كما نرى فى الكتاب المقدس وأذكر على سبيل المثال قصة داود الذى كان شجاعا ودافع عن قطيعه ضد دب وأسد ووقف بشجاعة أمام جليات ولكنه ضعف أمام شاول وهرب وكذب على أخيمالك الكاهن ولم يخبره أنه هارب وهرب إلى ملك جت وخاف منه وتظاهر بالجنون ويأس وقال "إنى سأهلك يوما ما بيد شاول" ورجع ثانية إلى الفلسطينيين وتعامل معهم بالمكر والدهاء هو داود الذى كان متسامحا جدا مع شاول ورفض أن يقتله أكثر من مرة ولكنه ثار وغضب على نابال وأراد أن ينتقم لنفسه ويقتله لولا حكمة أبيجايل زوجته هو الذى يلهج فى ناموس الرب ليلا ونهارا وهو الذى تكاسل عن القيام بقيادة الجيش واشتهى وزنا وقتل ولم يذكر الأنجيل عن أحد غيره أن قلبه مثل قلب الله
فلماذا لا نتمثل بالكتاب المقدس ونعترف أنهم بشر قد يصيبوا وقد يخطئوا لماذا نصورهم وكأنه من طينة ذهبية ليست من نفس الطينة التى نتكون نحن منها
أليس هذا هو تاريخنا الذى نتغنى به؟ لما نتجاهل تاريخنا الذى يعبر عن هويتنا وشخصيتنا؟ بل هو تاريخنا الذى يتكرر معنا فى حياتنا اليومية فلابد أن نتصارح معه
الخلاصة
وأخيرا إن كنا نريد حقوقنا فى الخارج فلابد أن نبدأ بإصلاح الداخل وأنا لا أعترض على أشخاص داخل الكنيسة ووجه اعتراضى لا يمس طقوسا أو أسرارا كنسية فما يهمنى هو الشفافية الكاملة وهذا سوف يصون للكهنوت كرامته وقدسيته وسوف يقطع ألسنة النمامين كما أطالب بتفعيل دور الشعب فى قرارات الكنيسة لأنهم هم الكنيسة والسيد المسيح جاء ليلغى وصاية الناموس لا لنكون تحت وصاية رجل الدين كما يقول الكتاب "الروحى يحكم فى كل شئ ولا يحكم(بضم الياء وفتح الكاف) فيه من أحد" "1كو15:2"وأخيرا يجب تجديد الفكر والانفتاح على العالم والمشاركة الفعالة والخروج من شرنقة التزمت والجمود والانخراط فى الغيبيات وعلى الكنيسة الآن تنقية التراث والكتب من الخرافات والمبالغات الغيبية وتأليه القديسين ومن ثم الاعتماد فى الأول والآخر على العقل فالمسيح هو عقل الله والمسيحية هى نمو فى العقل وليست معجزات أوظهورات أونبؤات التى أحيانا ما تكون مجرد أوهام



#ماركوس_ملطى_عياد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مبروك لمبارك ... خادم الهرمين
- الرجل العربى لا يبكى إلا لغاية فى نفسه
- صباح الخير ياحكومة . هنا المقاومة!!!
- أفضل الحلول لمأساة العراق
- تاريخ مكتبة الإسكندرية كما يجب أن يكون
- لعن الله ساس ويسوس


المزيد.....




- 144 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى
- المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة ...
- ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم ...
- عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي ...
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات ...
- الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ ...
- بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ماركوس ملطى عياد - كنيستنا الأرثوذكسية الرسولية