أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد ابداح - الخضوع الفكري















المزيد.....


الخضوع الفكري


محمد ابداح

الحوار المتمدن-العدد: 4739 - 2015 / 3 / 5 - 10:31
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الخضوع الفكري

يبدوا أن ما فعلته وتفعله داعش في كل من سوريا والعراق ولبنان وليبيا وغيرها من الأماكن التي تمكنت من الوصول إليها مادياً ومعنوياً ، لم ينجح فقط في قتل آلاف الأبرياء ، ونزوح أضعاف تلك الأعداد من منازلهم وقراهم ومدنهم وبلدانهم، بل في تحقيق ما لم يتمكن اليهود أنفسهم من تحقيقه، رغم كل ما تملكه من إمكانات مالية وبشرية هائلة ، ومن تنظيمات صهيونية سرية وعلنية ، ضخمة ، ودعماً أممياً شاملاً ومستمر، عسكرياً ومالياً واعلامياً ، في منذ بداية دعوة محمد عليه السلام وحتى يومنا هذا، وهو إطلاق رصاصة الرحمة على ما تبقى من رمق أخير لصورة الإسلام على مستوى العالم بأسره ، وها قد بدأت تباشير هذا الهلع العالمي من الصورة النمطية للهمجية العربية والأسلامية ، والتي تم اختزالها في صورة وحش بشري يدعى تنظيم داعش ، فكل دول اعلالم تحارب الإرهاب العربي والإسلامي ، وتأخذ الإحتياطات الأمنية والتدابير الإحترازية المسبقة في سبيل منع وصول جحافل الغزو الداعشي لبلادهم ، والأخطر من ذلك كله مدى تأثير داعش على الفكر الغربي ، هذا الفكر المتطرف والذي ألقى بظلاله على الفكر والثاقفة الغربية ، فقد صدر في فرنسا مؤخراً رواية شبه خيالية للكاتب الفرنسي (فينكيلكراوت ويلبيك) باسم ( الخضوع)، وهي تصور فرنسا على انها بلد متأسلم تدرس جامعاتها الطلاب القرآن وتجبر النساء على ارتداء الحجاب، وفي العام 2022، تواصل فرنسا انهيارها التدريجي البطيء، فيما يتولى زعيم حزب اسلامي رئاسة البلاد، وتشجع النسوة على ترك اعمالهن، مما يؤدي الى انخفاض معدل البطالة، والجريمة تختفي في الاحياء السكنية الفقيرة المكتظة بالمسلمين وغيرهم والحجاب يصبح الزي السائد، وتجبر الجامعات على تدريس القرآن، اما الشعب الفرنسي المخدر والفاسد، فيعود الى سليقته التي تعود عليها منذ الحرب العالمية الثانية وهي التعاون مع المحتل ايا كان ويتقبل فرنسا المتأسلمة الجديدة.
ولست أدري هل أن كاتب الرواية (ويلبيك) قد استشرف المستقبل ، وعلم ما سيحصل لفرنسا بعد سبع سنوات من الآن، أم أنه يعكس فقط حدة الجدل الدائر حول تأثيرالاسلام على الهوية الوطنية الفرنسية فعلا في فرنسا ، حيث تبدأ الرواية بنهاية الولاية الثانية للرئيس الفرنسي الحالي فرانسوا أولاند في عام 2022. يتخيل ويلبيك تحالفا سياسيا سيظهر في دورة الإعادة في الانتخابات، يجمع بين حزب أسماه "الأخاء الإسلامي" وأحزاب أخرى، بهدف الوصول إلى سدة الحكم، وتنتهي الانتخابات بفوز المرشح الإسلامي الكاريزماتي محمد بن عباس، ويعين فرنسوا بيرو، مؤسس حزب الحركة الديمقراطية، رئيساً للوزراء.
ولعل كتاب (الانتحار الفرنسي) للصحفي اليميني اريك زمور (وهو فرنسي من اصول يهودية)، والذي يناقش انهيار فرنسا الاخلاقي امام الاسلام المتوثب، قد لعب دوراً دورا أساسياً في خلق دافعاً قويا لظهور تيارات فكرية متخوفة من خطر الإسلام كرواية ويلبيك.
غير أن رواية الخضوع لويلبيك قد تمنح مصداقية لحقيقة ثقافية وفكرية لما يدور في أروقة السياسة الفرنسية ، وترددها مؤخراً على لعب أي دور سياسي مؤثر في الأحداث الدولية وخصوصاً منطقة الشرق الأوسط الملتهب ..
ويرى ويلبيك ان المذنبين هم المثقفون اليساريون، والجمهور العام المدلل المنحل، وغير المهتم بمصير البلاد، والساسة الذين تعودوا على اللعب بالديمقراطية الحزبية، والتحالفات التجارية لأشغال المناصب الوزارية، ووسائل الإعلام، قصيرة النظر، التي تهتم بترضية أذواق القراء المسحورين بنجوم السينما والرياضة وبصرعات الموضة. ووسائل الإعلام الشريكة في خلق النظام الجديد
كما أنه يمكن القول أن للرواية بعد سياسي واضح، فبعد انحسار الضجة الاعلامية، سينظر الى هذه الرواية بوصفها تمثل لحظة حاسمة في تاريخ الافكار النخبوية في فرنسا ، وهي اللحظة التي دخل فيها اليمين الفرنسي المتطرف في مرحلة مراجعة فكرية شاملة، وخصوصاً بأن هذه الرواية أي الخضوع ، تعكس فكراً معاد للاسلام ، بل ويكشف أبعادا حقيقية لقضايا سياسية تتظاهر النخبة الباريسية اليسارية بأنها غير موجودة اساسا.
وقد وصف ويلبيك في مقابلات اجراها قبيل نشر الكتاب إن فكرة قيام حزب اسلامي بتغيير وجه السياسة الفرنسية فكرة معقولة جدا، وقال ويلبيك لمجلة باريس ريفيو ( حاولت ان اضع نفسي مكان شخص مسلم، وتيقنت انه في الحقيقة انهم (المسلمون) واقعون في انفصام هوية لا يحسدون عليه، وقال إن المسلمين محافظون بطبيعتهم، ولا يمكنهم التأقلم مع اليسار خصوصا بعد ان تبنى هذا زواج المثليين، ولكنهم يشعرون ايضا بالتهميش من جانب اليمين الذي يرفضهم)، وأكمل قائلاً : ( اذا اراد مسلم ان يصوت في الانتخابات، ماذا عساه ان يفعل؟ هو في الحقيقة في وضع صعب جدا إذ ليس لديه اي تمثيل بالمرة) ، وبصرف النظر عن حقيقة وضع المسلمين في فرنسا ، إلا أن الهدف الرئيسي من روايته الأخيرة ( الخضوع) يتمحور حول عودة الدين الى قلب الوجود الانساني واضمحلال افكار التنوير التي سادت منذ القرن الثامن عشر، حيث إن عودة التطريف الديني على غرار فترة الحروب الصليبة في القرون الوسطى، ظاهرة عالمية وهي موجة عاتية لا فرار منها، لذا فإننا قد نشهد تقهقراً في القيم الفكرية العلمانية .
وقد أضاف ويلبيك في مقابلاته الصحفية الى ان عودة الدين تعتبر امرا جيدا - ويقول إنه لم يعد ملحدا - وان حتى الاسلام يوفر حلا افضل من الفراغ الوجودي الذي يعاني منه الانسان المتنور.
وفي لفتة محايدة قال ويلبيك : ( دون شك، وكما في كل النصوص الدينية هناك مجال للاجتهاد، ولكن قراءة منصفة للقرأن لا بد ان تقود الى الاستنتاج بأنه لا يدعو الى حروب دينية عدوانية بل الى الصلاة فقط ! ، ولذا يمكنك القول إني غيرت رأيي بالقرآن، ولذا لا اشعر اني اكتب بدافع الخوف، بل اشعر بأمكانية التوصل الى تفاهمات، اعترف بأن دعاة تحرر المرأة لا يستطيعون التوصل الى هذه التفاهمات، ولكن انا والكثيرين غيري يمكنهم ذلك) ، ووفي نهاية الرواية، يبدو ان بطلها فرنسوا قد توصل الى "تفاهمات" من هذا النوع فعلا، فقد قرر العودة الى عمله كمدرس في جامعة السوربون المتأسلمة طمعا في راتب مرتفع واملا بالاقتران باكثر من زوجة وبعض الجواري مما تملكه يمينه .
وخلاصة القول : أن الروائي الفرنسي يتخيل تحالفاً سياسيا سيظهر يجمع بين حزب أسماه الاخاء الإسلامي، وأحزاب أخرى، بهدف الوصول إلى سدة الحكم، ولكن في اعتقادنا أن الرواية تحمل تناقضات عدة ، قد تعكس صراعاً فكريا يدور بين النخب السياسية والثقافية الفرنسية ، بين تيار رافض للمد الإسلامي وفي نفس الوقت يدافع عن القيم الفرنسية والتي تنادي بحرية الدين والتعبير ، وبين فكراً فرنسياً يحذر من تنامي الخطر الإسلامي على القيم الفرنسية برمتها ، وخير شاهد على ذلك قول ويلبيك ( ان عودة الدين تعتبر امرا جيدا - وبإنه لم يعد ملحدا ) ثم يعود ويقول ساخرا بعد صدور روايته ،( سأخسر أسناني في عام 2015، وسأصوم رمضان في عام 2022 !! ).
محمد ابداح



#محمد_ابداح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أدركتُ النجوم
- موسوعة القيم الإنسانية ج1
- ياليت قومي يعلمون
- فؤادي
- أحزاني الجميلة
- عينيكِ
- حاضرة إذا غبتِ
- وعد بلفور
- الحوار القاتل
- ابتسمي كما شئت !
- مواساة القلوب
- عيد ميلادك
- أدوار البطولة
- انا وأنت أيام جميلة
- 27 يوماً في بغداد - ج8
- 27 يوماً في بغداد - ج7
- كم أنت إنسان رائع !
- حكمة الشر ج2
- حكمة الشر
- 27 يوماً في بغداد - ج6


المزيد.....




- تردد قناة طيور الجنة كيدز 2024 نايل سات وعربسات وخطوات ضبط ا ...
- خبيران: -سوريا الجديدة- تواجه تحديات أمنية وسط محاولات لتوظي ...
- أردوغان يهنئ يهود تركيا بعيد حانوكا
- “السلام عليكم.. وعليكم السلام” بكل بساطة اضبط الآن التردد ال ...
- “صار عندنا بيبي جميل” بخطوات بسيطة اضبط الآن تردد قناة طيور ...
- “صار عنا بيبي بحكي بو” ثبت الآن التردد الجديد 2025 لقناة طيو ...
- هل تتخوف تل أبيب من تكوّن دولة إسلامية متطرفة في دمشق؟
- الجهاد الاسلامي: الشعب اليمني حر ويواصل اسناده لغزة رغم حجم ...
- الجهاد الاسلامي: اليمن سند حقيقي وجزء اساس من هذه المعركة
- مصادر سورية: الاشتباكات تدور في مناطق تسكنها الطائفة العلوية ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد ابداح - الخضوع الفكري