|
تأملات في عزل اثني عشر منتخبا جماعيا.
كريم اعا
الحوار المتمدن-العدد: 4738 - 2015 / 3 / 4 - 20:15
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
في بداية شهر يناير، انتشر نبأ عزل بعض أعضاء المجالس الجماعية، وسرى كالنار في الهشيم في مختلف وسائل الإعلام، وخاصة الإلكترونية منها. ودون أن نتوقف عند تعاطي الفاعل السياسي بالأساس، مع هذا المعطى الذي يحمل في طياته العديد من الرسائل والعبر، سنحاول في هذه الأسطر قراءة المراسيم المعللة لقرارات العزل هاته، واستخلاص ما يمكن من نتائج لعلها تساهم في المزيد من توضيح الرؤية حول واقع النظام السياسي القائم ببلادنا والدور الذي يقوم به المنتخب والمجالس المنبثقة عن المسلسل الانتخابي. إن قرارات العزل الصادرة بالجريدة الرسمية عدد 6322 بتاريخ فاتح يناير 2015، والتي بلغ عددها اثنا عشر قرارا، اعتمدت على القانون 78.00 المتعلق بالميثاق الجماعي، وخاصة المادة إحدى وعشرون التي تنص على ما يلي: "كل عضو من المجلس الجماعي ثبتت مسؤوليته في ارتكاب أعمال وأفعال مخالفة للقانون ولأخلاقيات المرفق العام، يمكن بعد استدعائه للإدلاء بإيضاحات كتابية حول الأعمال المنسوبة إليه توقيفه لمدة لا تتجاوز شهرا واحدا بقرار معلل لوزير الداخلية، أو عزله بمرسوم معلل، يتم نشرهما بالجريدة الرسمية". والمادة ثلاثة وثلاثون التي تنص على ما يلي: "يمكن توقيف أو عزل رؤساء المجالس الجماعية ونوابهم بسبب مسؤوليتهم عن ارتكاب أخطاء جسيمة ثبتت في حقهم، وذلك بعد الاستماع إليهم أو استدعائهم للإدلاء بإيضاحات كتابية حول الأفعال المنسوبة إليهم. يتم التوقيف، الذي لا يمكن أن يتجاوز شهرا واحدا، بموجب قرار معلل يصدره وزير الداخلية وينشر بالجريدة الرسمية. يترتب، بحكم القانون، على العزل المقرر بمرسوم معلل ينشر بالجريدة الرسمية، عدم أهلية الانتخاب لمزاولة مهام الرئيس أو مهام النائب خلال المدة المتبقية من الانتداب". كما اعتمدت قرارات العزل المذكورة على تقارير المفتشية العامة للإدارة الترابية وكذا التحريات التي قامت بها الإدارة بخصوص الخروقات التي ارتكبها المعزولون. تبين قراءة أولية للقرارات قبله، أنها امتثلت للجوانب المسطرية التي حددها الميثاق الجماعي، وخاصة المادتان المذكورتان أعلاه. وهكذا تم الوقوف عند الخروقات المرتكبة والتي اعتبرت أخطاء جسيمة وأفعالا مخالفة للقانون ولأخلاقيات المرفق العام، وبعدها الاستماع لتوضيحات المعنيين بالأمر قبل إصدار قرارات العزل التي نشرت بالجريدة الرسمية. لقد طالت قرارات العزل رئيس مجلس مقاطعة، وخمسة رؤساء مجالس جماعية، وستة نواب للرؤساء. والملاحظ أن بعض المجالس عزل نوابها في حين لم يطل رؤساءها أي إجراء. مما يطرح علامات استفهام كبرى حول تفويض الاختصاصات ومدى قدرة صاحب الاختصاص على مراقبة وتتبع المفوض له الاختصاص. كما نسجل أن قرارات العزل طالت جماعات قروية وأخرى حضرية، وفي مختلف أنحاء المغرب: الدار البيضاء، سلا، برشيد، أزيلال، وزان، مارتيل، أكادير. مما يجعلنا نسائل أداء المجالس الجماعية في شموليتها وكليتها، خصوصا عندما سنعرض الخروقات المسجلة التي تخترق الجغرافيا وتضرب عميقا في صلب البنية القائمة. وهكذا حددت قرارات العزل الخروقات المرتكبة أثناء مزاولة أعضاء المجالس الجماعية في ما يلي: -;- تسليم رخص البناء ورخص السكن دون احترام القوانين والأنظمة المعمول بها في مجال التعمير؛ -;- تسليم رخص لتشييد بنايات وكذا رخص السكن لا تدخل في مجال اختصاص رئيس مجلس المقاطعة؛ -;- تسليم رخص الربط بشبكة الكهرباء لبنايات غير قانونية؛ -;- عدم اتخاذ الإجراءات القانونية المتعلقة بضبط وزجر المخالفات المرتكبة في مجال التعمير؛ -;- تسليم رخص استغلال الملك العمومي الجماعي لأغراض تجارية لا تدخل في مجال اختصاص رئيس مجلس المقاطعة؛ -;- كراء محلات تجارية تابعة للملك الخاص الجماعي لا تدخل في مجال اختصاص رئيس مجلس المقاطعة؛ -;- منح رخص استغلال فوق سوق غير مهيكل مملوكة أرضه للخواص؛ -;- منح التفويض في المهام لبعض النواب دون احترام القوانين والأنظمة الجاري بها العمل في مجال التفويض؛ -;- تسليم رخص الهدم بدون تفويض من رئيس مجلس المقاطعة؛ -;- توقيع وثائق تتعلق بزجر المخالفات المرتكبة في مجال التعمير بدون تفويض من رئيس مجلس المقاطعة؛ -;- تسليم وصولات بتصريح لمزاولة أنشطة تجارية وحرفية وخدماتية بدون سند قانوني؛ -;- الموافقة على إقامة معرضين للصناعة التقليدية بدون سند قانوني؛ -;- عدم احترام بعض القواعد التنظيمية المتعلقة بالصفقات العمومية؛ -;- أداء مبالغ غير مستحقة لفائدة مقاولة نائلة صفقة متعلقة بفتح مسلك قروي؛ -;- التشجيع على التقسيم غير القانوني للعقارات وذلك بتسليم شواهد إدارية بعدم خضوع بقع أرضية لمقتضيات القانون رقم 25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات؛ -;- عدم استخلاص بعض المداخيل المستحقة لفائدة الجماعة؛ -;- عدم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة في حق مكتري للسوق الأسبوعي والمجزرة الجماعية رغم عدم وفائه بالتزاماته تجاه الجماعة؛ -;- عدم مسك محاسبة مادية لمقتنيات الجماعة؛ -;- عدم اتخاذ الإجراءات القانونية في حق شركات عقارية قامت بنصب لوحات إشهارية بدون ترخيص وبدون أداء مستحقات الجماعة؛ -;- سوء تدبير ممتلكات ومرافق الجماعة، خصوصا ما يتعلق بتدبير مرافق الوقوف؛ -;- عدم احترام الشروط الواجب اتباعها للترخيص بإقامة معارض تجارية بتراب الجماعة؛ -;- تصحيح إمضاء عقود عرفية تتعلق ببيع بقع أرضية وذلك دون احترام القوانين والأنظمة الجاري بها العمل؛ -;- القيام بمنح رخص استغلال مجموعة من مواقف العربات دون تسوية وضعيتها القانونية وخصوصا ما يتعلق بإجراءات نقل ملكيتها للجماعة؛ -;- الإشهاد على تصحيح إمضاء عقود عرفية تتعلق ببيع أو تنازل عن بقع أرضية سلالية دون احترام القوانين والأنظمة الجاري بها العمل؛ -;- منح شواهد إدارية بهدف تقسيم عقارات دون اللجوء إلى رأي الوكالة الحضرية؛ -;- اختفاء ملف تجزئة عقارية من أرشيف الجماعة، والذي يشكل موضوع دعوى قضائية مرفوعة ضد رئيس المجلس المتهم فيها بالتزوير والاختلاس واستغلال النفوذ؛ -;- منح شواهد إدارية بمثابة الإذن بالتحفيظ أو بقسمة بقع أرضية ناتجة عن عمليات استخراج أو تقسيم أو تجزيء دون احترام المقتضيات القانونية الجاري بها العمل؛ -;- التشجيع على البناء غير القانوني من خلال منح رخص الربط بالكهرباء والتزود بالماء الصالح للشرب تهم بنايات عشوائية؛ -;- منح رخص الاستغلال لإقامة محلات بيع مواد البناء فوق أراضي الجماعات السلالية وذلك دون احترام الضوابط القانونية والتنظيمية الجاري بها العمل في هذا المجال؛ -;- إبرام عقود كراء بشأن ممتلكات تدخل ضمن الملك العام الجماعي؛ -;- تسليم شواهد التخلي عن متابعة مخالفي قانون التعمير بالرغم من كون المخالفات موضوع التخلي لا زالت قائمة ولم يتم إزالتها.
ولعل الوقوف عند هذه المخالفات وتصنيفها يبين بجلاء أنها ترتبط في أغلبيتها بمجال التعمير، سواء عبر مخالفة القوانين والأنظمة المعمول بها في هذا المجال، أو عبر تشجيع البناء العشوائي أو التخلي عن متابعة المخالفين، أو عدم تفعيل مسطرة متابعتهم ... من هنا يحق لنا أن نتساءل عن السر وراء ارتباط المخالفات بهذا المجال. أيكون الدجاجة التي تبيض ذهبا؟ أيكون مجالا لشراء الأصوات والذمم والاستثمار الانتخابي؟ أيكون تعبيرا عن اختيارات تعتمد الريع العقاري والسياسي؟ ثم ألا يحق لنا أن نسائل الدولة عن بؤس جمالية مدننا وقرانا، عبر تورط المنتخب الجماعي، ومن خلفه سلطة الوصاية في تناسل أحزمة الفقر وانتشار السكن العشوائي وغير اللائق؟ إلى جانب الخروقات المشار إليها سابقا، تحضر وبقوة أخرى الإحالة على عدم تفعيل القوانين وتجاوز المساطر، والاستهتار بالمال العام وغياب الحرص على عدم تبديده أو تحصيله. وهنا نقول أين هي سلطة الوصاية بجبروت أجهزتها وبأسها؟ أين هي المراقبة القبلية والبعدية؟ أين هي المفتشيات المختلفة؟ أين هي عمليات الافتحاص؟ وهل تمت عمليات التفتيش والتحري في جميع المجالس الجماعية، وبالخصوص التي أثيرت حولها الأسئلة عبر الإعلام؟ وإن كان كذلك لماذا لا يتم نشر ما تم التوصل إليه لإعطاء كل ذي حق حقه؟ وهل ستنتهي المسألة بعزل هؤلاء أم سيدخل القضاء على الخط؟ على أن بعض المخالفات تسائل تكوين المنتخبين الجماعيين، وتكوين الأطر الإدارية العاملة إلى جانبهم، وكذا تكوين المكلفين بتتبع أعمالهم ومراقبتها خصوصا من سلطات الوصاية. وعموما يمكن القول إن قرارات العزل المنشورة في الجريدة الرسمية المشار إليها أعلاه تقدم الدليل الملموس على ما يمكن للمنتخب الجماعي أن يأتيه في إطار تحمله لمسؤولية تسيير الشأن المحلي، وما يمكن لأجهزة الدولة أن تقدمه إن هي أرادت إعمال القانون وإعطاء الدليل على إيمانها الفعلي بتقوية المؤسسات المنتخبة. إنها نموذج على ما يمكن لنظام سياسي أن ينتجه في ظل انتشار الأمية وتغول اقتصاد الريع واستشراء الفساد وتمييع الفعل والعمل السياسيين.
#كريم_اعا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في الوعي الثوري.
-
دروس من وحي تضليل طبقي.
-
منظومة التربية والتكوين ووهم الإصلاح.
-
فرنسا الثورة، لا فرنسا الرأسمال.
-
لنسقط وهم نسبة النمو.
-
الممارسة السياسية الواعية طريق الطبقة العاملة للانتصار.
-
لماذا يرهبهم الصراع الطبقي ومفاهيمه؟
-
وسيتمر الهجوم الطبقي على مكتسبات الطبقة العاملة.
-
أنا الحاكم المستبد.
-
المدينة التي أساءت للزهور.
-
الملكيات لا تنتج إلا رجعية.
-
قراءة أولية في القانون المنظم للمجلس الأعلى للتربية والتكوين
...
-
تحرر اليسار شرط وجودي.
-
في الصداقة.
-
التقييم ودروب الاستمتاع بالحياة.
-
النساء أولى ضحايا صعود الحركات الظلامية الرجعية للسلطة السيا
...
-
في موت الذات وانعتاقها.
-
البؤس وحده لا يصنع ثورة.
-
الثورة المزعومة.
-
النسيج المقهوي بالمغرب.
المزيد.....
-
-لا يتبع قوانين السجن ويحاول التلاعب بالشهود-.. إليكم ما نعر
...
-
نظام روما: حين سعى العالم لمحكمة دولية تُحاسب مجرمي الحروب
-
لأول مرة منذ 13 عامًا.. قبرص تحقق قفزة تاريخية في التصنيف ا
...
-
أمطار غزيرة تضرب شمال كاليفورنيا مسببة فيضانات وانزلاقات أرض
...
-
عملية مركّبة للقسام في رفح والاحتلال ينذر بإخلاء مناطق بحي ا
...
-
إيكونوميست: هذه تداعيات تبدل أحوال الدعم السريع في السودان
-
حزب إنصاف يستعد لمظاهرات بإسلام آباد والحكومة تغلق الطرق
-
من هو الحاخام الذي اختفى في الإمارات.. وحقائق عن -حباد-
-
بيان للجيش الإسرائيلي بعد اللقطات التي نشرتها حماس
-
اختتام أعمال المنتدى الخامس للسلام والأمن في دهوك
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|