أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - آدم يس مكيوي - الموت فنا














المزيد.....


الموت فنا


آدم يس مكيوي

الحوار المتمدن-العدد: 1321 - 2005 / 9 / 18 - 07:01
المحور: حقوق الانسان
    


في رثاء صديق و في رثاء أمة

دولة و حكومة فرطت في أبنائها , ألقت بهم إلي التهلكة غير عابئة . بينما جلس وجهائها و سلاطينها وندمائهم أصحاب الياقات المنشية القابعون في قصورهم المنيفة المعزولة و قد تركوا كلابهم يرتعون في ربوع البلاد و يشربون من دماء الضحايا أهل مصر الحقيقيون ,

و قد فجعت مصر بنبأ إحتراق ما يربو علي الأربعين شخصا ما بين ناقدا و كاتبا و مبدعا و محبا لفن المسرح في قاعة صغيرة غير معدة و لا مجهزة إطلاقا بعناصر الأمان , راحوا ضحية منظومة متكاملة من الفساد و القهر و الإهمال و اللامبالاة .

مثقفون و مبدعون حقيقيون كتيبة كاملة من كل الأعمار من محبي المسرح لقوا وجه ربهم , بينما كانت مؤسسات الدولة غارقة حتي أذنيها في التطبيل و التهليل للسلطان المؤبد الجاثم فوق الصدور و القابض علي الأعناق.

وزارة ثقافة دأبت علي التغريب , يدها شحيحة مغلولة إلي عنقها عندما يتعلق الأمر بالإنفاق علي الإنسان المصري البسيط المثقف الذي تجده في شوارع و حواري و كفور و نجوع و قهاوي البلاد , بينما تبسط يديها كل البسط عندما تنفق بسخاء منقطع النظير علي كرنفالات ثقافية رخامية تضيع القيمة وسط صخبها.

إرتحل المبدعون إلي أركان الكنانة المهمشة البعيدة عن أعين سكان القصور , أبوا أن يجلسوا في مكاتب مكيفة , ذهبوا بحثا عن الفن ولا شيئا غيره , فكان عقابهم أن يحترقوا حتي الموت و أن يستغيثوا فلا تجيبهم إلا عربات مطافي متهالكة , و إسعاف غير مجهز و مستشفي يعاني من سوء الإمكانيات , و ثلاجة مشرحة لا تعمل و تصريخات متنطعة هوجاء لأبواق النظام المسئولين ذوي الأقفية السميكة , فقد كان أولي بالسيدان محافظ بني سويف و مدير الأمن ألا يستعملوا حنجرتهم التي بلا شك قد بح صوتها من الهتاف لمبارك , فما نطقوا إلا كفرا و تعريضا بشهداء المسرح العظام.

و من النكبات التي حلت بنا , نعق غراب أخرق يرتدي مسوح الشيوخ زاعقا بأن هذا جزاء من يمارس الفنون و كأن هذا ما كان ينقصنا في خضم هذا الهول .

إني أرثي أمة بأسرها ضاع فيها و سيظل يضيع أبناؤها , ضاعوا من ذهبوا يبحثون عن وجه الوطني الحقيقي فأهالوا عليهم التراب.

و أنا إذا أرثي أمة , فأرثي نفسي لفقدان صديقا عزيزا غاليا , كانت جذوة الفن متقدة بين ضلوعه و بين ضلوع زملائه الراحلين . إنه العزيز الراحل شادي منير الوسيمي , الفنان الساخر اللاذع الصغير , كان مسكونا بحب الفن , كرس نفسه له , صدره الرحب و أريحيته و إلتماعة عينيه وموهبته الفطرية , جعلته هو و زملائه محمد مصطفي حافظ فنان الديكور الدمث المهذب , محمد شوقي الغريب , محمد إبراهيم و معهم أساتذتهم يشدوا الرحال مدفوعين بحب أبو الفنون يغزلون برجل حمار و بأقل الأمكانيات التي ضنت بها عليهم الدولة.

قتلتكم يا فتيان المسرح دولة قاسية باردة , ذبحتكم بسكين بارد .

سلطة لم تكن تحبها يا شادي , و لم يتركوا لنا إلا الدموع نسكبها علي خسارتكم.



#آدم_يس_مكيوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- نيويورك: وقفة في برج ترامب تندد باعتقال طالب بجامعة كولومبيا ...
- ألمانيا تحقق مع مشتبه بهم في تهم تتعلق بالعمل القسري والاتجا ...
- ليبيا: الأمم المتحدة تحذر من المعلومات المضللة وخطاب الكراهي ...
- الأمم المتحدة: حرب السودان هي أسوأ أزمة إنسانية وهناك 30 ملي ...
- يونيسف: 1.3 مليون طفل دون الخامسة بالسودان يعيشون في بؤر الم ...
- -لم نعد أمريكا بعد الآن-.. شاهد كيف علق سيناتور أمريكي على ا ...
- سيناتور ينتقد اعتقال الناشط الفلسطيني محمود خليل.. ويوجه رسا ...
- الأمم المتحدة: سنرحب بأي اتفاق لوقف إطلاق النار في أوكرانيا ...
- نتنياهو متناسيا كل الارهاب الذي مارسه بغزة: مجلس حقوق الإنسا ...
- الأمم المتحدة تبدي موقفاً بشأن -الاعتداء- على عمّال سوريين ف ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - آدم يس مكيوي - الموت فنا