|
ماذا لو وصلنا لحافة الأرض ؟!
صلاح يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 4735 - 2015 / 3 / 1 - 18:47
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ليست وظيفة الفكر أن يلعن الشر الكامن في الموجودات، بل أن يستشعر الخطر الكامن في كل ما هو مألوف، وأن يجعل من كل ما هو راسخ موضع إشكال ! ميشيل فوكو -----------------------------------------------------
يبدأ المسلم نهاره عند الفجر بالصلاة ومن ثم الدعاء، ولا يخرج من بيته قبل أن يتم منظومة التسبيح والإذكار التي يمجد فيها الإله ويستجديه الحماية والرزق وصلاح الحال. بالطبع هنا يجب التوضيح بأن الدولة المسلمة تغيب كمؤسسات عن قيامها بواجب خدمتها للناس، فلا مشافي متقدمة ولا مدارس ولا تعليم جامعي صالح لمواكبة سوق العمل، ولا ضمان اجتماعي للمرضى والعاطلين عن العمل، وبالتالي يصبح من مصلحة الدولة تضليل الناس وتوجيههم نحو الوهم المتمثل بخدعة وجود إله قادر على الإرزاق دون عمل، وقادر على الشفاء دون طبابة، وقادر على حفظ الإنسان من الشرور دون منظومة أمنية وشرطية، على أن الأخيرة هي الوحيدة المتوفرة بكثرة في دولة الإيمان، ولكنها لتوفير الحماية للنظام الحاكم الإسلامي وليس للأفراد والمواطنين، بل إن مفهوم المواطنة نفسه مدمر ولا يوجد مواطنين، بل رعية ( قطيع ) يفعلون ما يؤمرون. ولنتأمل هذا الدعاء الذي أخرجه غالبية أئمة السنن:
دعاء المتزوج وشراء الدابة
إذا تزوج أحدكم امرأة، أو إذا اشترى خادماً، فليقل ( اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه، وإذا اشترى بعيراً فليأخذ بذروة سنامه وليقل مثل ذلك ). أخرجه أصحاب السنن إلا النسائي، وانظر صحيح الترمذي 1 / 316
لاحظوا أعزائي أن الزواج من امرأة يقابله شراء العبد أو الخادم، وأن كل هذا يقابله مساواة مع شراء البعير، ثم يأتينا أبو بدر الراوي للرد على هذه الشبهة، فما هذا الدين القائم برمته على الشبهات ؟ ضعوا كلمة " شبهة " في محرك غوغل، لتشاهدوا بأنفسكم كم من الشبهات تحوم حول هذا الدين ؟!
لا يمكن أن نقبل بهذا الفكر في القرن الواحد والعشرين، قرن جراحة الليزر وعصر المريخ وهذا العالم الذي أصبح قرية صغيرة بفضل ثورة الاتصال والتواصل.
لماذا نصر على نقد الدين ؟؟! ولماذا قال ماركس ( إن أرقى أشكال النقد نقد الدين ) ؟! ولماذا عرّف ميشيل فوكو الفكر بأنه اكتشاف الأخطار الكامنة في المألوف ؟! إن المألوف لدى المؤمنين هو عبارات الدين التي يرددونها بأمر من رجال الدين عساهم يجدون الرزق أو الحماية أو الشفاء، بينما لو تأملنا المجتمع الألماني المتقدم لوجدنا أن أكثر من 86 % من الشعوب الألمانية مسجلة " بلا ديانة "، وأن أعلى من هذه النسبة في الدول الاسكندنافية الراقية !
متى يعمل هذا المسلم إذا كان سيردد ( سبحان الله وبحمده ) مائة مرة ؟! وأين هي إرادة الإنسان المسلم عندما يردد كالببغاء ( الحمد لك حتى ترضى والحمد لك إذا رضيت والحمد لك بعد الرضى ) ؟! ما هذا الإله الذي يجب الخضوع والذل والاستجداء ؟؟!
إن الشعوب التي تقدمت بعد الثورة الصناعية قد تمكنت من بناء جنتها على الأرض، وانتزعت السلطة من الملك والكنيسة، تلك الشعوب لا تقرأ القرآن، ولا تصلي، ولا تصوم، ولا تطوف حول الكعبة، ولا تردد أذكار الصباح والمساء، بل يفكرون ويخترعون ويبدعون ويعملون ليلاً نهاراً لكي يتمكنوا من تكوين مجتمع الرفاه والسعادة، فلا بطالة ولا مرض ولا فقر ولا جوع ولا أمية ولا همجية ولا انتهاك لحقوق الإنسان.
يجب ألا ننسى ولو للحظة هذا التاريخ المرعب المروع للأديان والمعتقدات التي طرحت تصوراتها للكون والطبيعة والنظام الفلكي بطريقة طفولية تعتمد على الرؤية المجردة للشمس وهي تدور في قبة السماء. لقد مثل اكتشاف كوبرنيكوس ومن بعده جاليليو لدوران الأرض حول نفسها ونشوء ظاهرة الليل والنهار، بثبات الشمس النسبي، ثورة تاريخية هائلة وضعت نقطة فاصلة بين المعتقدات الدينية والعقل البشري، لكن في بلاد المسلمين ما زالوا يعلمون أطفالنا بأن خيرنا من تعلم القرآن وعلمه، وأن القرآن هو كلام الرب المتعالي خالق الأكوان الذي يجب أن ندعوه ونسترضيه ونرضي غروره لكي يحقق لنا أمنياتنا.
لا توجد تهمة للردة أو للتخلي عن معتقدات، ولا يوجد تقديس مبالغ فيه للكتب المقدسة وتخيلها الساذج للأرض والكون. قديماً كان بحارة كولومبوس يخشون ويرتعبون من الوصول إلى حافة الأرض وبالتالي كانوا طوال الرحلة يناقشون كولومبوس في السؤال العقائدي ( ماذا لو وصلنا لحافة الأرض ؟ ). اعتقد كولومبوس نفسه عندما وصل إلى جزيرة كوبا بأنهم قد وصلوا لجزر الهند، ولم يكن يخطر ببال هذا العظيم المجازف بأن العالم قد ينتقل إلى تمدد ثوري غير مسبوق بأرض جديدة وكنوز وثروات جديدة.
المعتقدات المسيحية واليهودية اصطدمت مع حقائق العلم والاكتشافات الفيزيائية، فلما بقي الإسلام دون صدام حتى اللحظة، رغم أن ما جاء به القرآن لا يختلف عما أتت به كتب العالم القديم حول مركزية الأرض ودوران الشمس ؟!
في اعتقادي أن ثمة عاملين مهمين قد أديا إلى تأجيل صدام القرآن مع حقائق العلم، العامل الأول هو لغة القرآن وعمومية الخطاب مقارنة مع اللغة المتداولة حالياً، والعامل الثاني هو أموال الدول النفطية وإنفاقها بسخاء على مجموعة من الدجالين والمختلين عقلياً مثل مصطفى محمود وزغلول النجار وأباطرة الإعجاز الموهوم والكاذب. ولنلقي في عجالة نظرة على هذين العاملين.
أولا: لغة القرآن مقارنة باللغة المتداولة
يقول محمد في القرآن ( والأرض إذا دحاها )، حيث يفسر المسلمون كلمة " الدحو " بأنها البيضة وبأن هذه الآية تقر حقيقة فلكية حول الشكل البيضاوي للأرض، وفي الحقيقة يوجد كم كبير من الكذب والافتراء والتلفيق، فكلمة " دحاها " في معجم لسان العرب تعني ( مدها وسواها ) أي بسطها، أما علاقة البيضة بالموضوع، فهي أن المعجم استند على عملية الدحو التي يقوم بها النعام للأرض قبل أن يضع بيضته، فتقوم أنثى النعام بتسوية وتمهيد وبسط الأرض لكي تضع عليها البيضة بشكل آمن. تم التزوير، وتمت طباعة ملايين الكتب وملايين المقالات وتم ترديد هذه الأكذوبة ملايين المرات حتى أصبحت وكأنها حقيقة لا تقبل الجدل !!!
ثانياً: وهم الإعجاز العلمي والعددي
كما سلف في المفارقات بين لغة القرآن واللغة المتداولة، تم اللعب على وتر غباء المسلمين وقلة ثقافتهم وانعدام قدرتهم على البحث، بل وإيمانهم المطلق بأن القرآن كلام الله العجيب المعجز الذي لا يأتيه الباطل، فانطلقت في السبعينات من القرن الماضي جرثومة الإعجاز العلمي، حيث أدى ارتفاع سعر النفط في دول الخليج إلى تضخم ثروة هائلة تحت سيطرة عائلات همجية متخلفة أصرت على استغلال الثروة من أجل محاربة الفكر الناقد ومحاربة التنوير، فتم شراء مجموعة من الكذابين والدجالين والمشعودين، فامتلأ الفضاء العقلي الجمعي بمعلومات كاذبة مضللة عن أوهام الإعجاز العلمي للقرآن، منها مثالاً لا حصراً آية ( يعلم ما في الأرحام ) التي عاش عليها الإعجازيون طيلة 1400 عام إلى أن تم اختراع جهاز لكشف الجنين يعمل بالأشعة، وعندها وقع الإعجازيون في ورطة كبرى، إذ إن الإنسان نفسه أصبح يعلم ما في الأرحام، وبالتالي تضاءلت قدرة إله المسلمين، إلى أن قال الشيخ شعراوي ( وهل يعلم العلم مستقبل الإنسان ؟ غني أم فقير ؟ سعيد أم تعيس ؟ ) وكان ذلك في منتهى التعسف والابتذال ! أيضاً آية ( والعنكبوت تبني لها بيتاً ) التي فسرها مصطفى محمود على اعتبار أنها إعجاز بيولوجي متقدم، فأنثى العنكبوت هي التي تنسج البيت وليس الذكر، وبعد البحث تبين أن القرآن لم يقصد الأنثى من ناحية بيولوجية، وإنما قصد التأنيث بهدف التحقير والتصغير، فقال العرب " نملة ودودة ونحلة " !
أما الآية ( والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم ) فهي مستندة أساساً إلى حركة الشمس الظاهرة في القبة السماوية، وهي كما نعلم حركة وهمية لا تعبر عن حقيقة دوران الأرض حول نفسها. " إن الله يأتي بالشمس من المشرق فأتي بها من المغرب " وهو تأكيد قرآني آخر على حركة الشمس وليس دوران الأرض !!
أما الإعجاز العددي، فهو أسخف مما يستحق الرد عليه، فكلمة " يوم " لم ترد في القرآن 365 مرة !!
ويلاحظ أن أمثلة الإعجاز هي أمثلة انتقائية مكذوبة على اعتبار أنهم واثقون من غباء القطيع الذي يردد " آمين " دونما تفكير !
#صلاح_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا لست مسلماً ؟!
-
انتقائية الإسلام وانفصام المسلمين
-
الأسباب الشرعية لحرق الطيار الأردني !!
-
في نقد العقل الإسلامي
-
رسالة عاجلة إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي
-
إلى الرئيس الفرنسي هولاند !
-
لماذا تركت الإسلام ؟! كتابي الجديد
-
سمك لبن تمر هندي – ردا على مقال شامل عبد العزيز !
-
حقيقة المرأة في الإسلام !
-
نهاية الإسلام !
-
لا تلوموا داعش !
-
هكذا صنعوا الأنبياء !
-
شكرا طلعت خيري .. شكرا - داعش - !
-
جولة عاجلة في دهاليز الإسلام !
-
ما أحوجنا إلى القرامطة !
-
عن فساد التعليم العربي الإسلامي !
-
جذور الإرهاب الإسلامي
-
الأسباب الحقيقية للتكفير !
-
هل الفيلم المسيء .. مسيء حقاً ؟!
-
ما بعد حمزة كاشغري !
المزيد.....
-
عمال أجانب من مختلف دول العالم شاركوا في إعادة بناء كاتدرائي
...
-
مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي
...
-
أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع
...
-
الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى
...
-
الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي-
...
-
استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو
...
-
في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف
...
-
ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا
...
-
فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|