|
خريطة الطريق الامازيغية
انغير بوبكر
كاتب وباحث مغربي مهتم بشؤون الديموقراطيةوحقوق الانسان
الحوار المتمدن-العدد: 1320 - 2005 / 9 / 17 - 09:19
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
*مشروع خريطة الطريق الامازيغية : من اجل وعي جديد بمتطلبات المرحلة امازيغيا. 1-ملاحظات اساسية : *صياغة خريطة الطريق الامازيغية بشكل متكامل تتطلب عمل جماعي منظم يشارك فيه كل من يعتقد ان الأمازيغية ممكن ان تلعب دورا ما في الحياة العامة بكل تفاصيلها ومستوياتها. *مشروع خريطة الطريق الامازيغية هو تساؤلات و نقط نظام ومقترحات اكثر منها اجابات لأنه ببساطة شديدة الاجابات تتطلب عدة تشريحية مخبرية وعملية لا ندعي امتلاكها بشكل كامل ويقيني. *الوعي الجديد بمتطلبات المرحلة نسبي ومتطور لان ما نعتقده اليوم ادراك سياسي بتطورات العملية السياسية ببلادنا قد يكون بناءا على ارهاصات ومؤشرات قد لاتكون علمية بالشكل المطلوب وقد يفنذها تطور سياسي او اقتصادي في اليوم الموالي لذلك فالوعي الجديد قد يكون وعي قديم يتجدد وهو ما يعني الدوران في حلقة مغلقة. * الخطوط العامة لمشروع خريطة الطريق الامازيغية التي تؤسس لوعي جديد لتعامل الامازيغيين مع ما يحيط بهم لا تتغيأ خلق اجماع حول قضايا وهو طرح مميت فالاجماع الفكري والسياسي دليل علة وسقم اكثر منه مؤشر استقرار كما تظن بعض الانظمة كما ان التهوين والعدمية في التعامل مع الموضوع دليل جمود عقائدي وسياسي وهي اعراض موت اكلينيكي للفكر ولحامله. فالمقاربة لاتتوخى الاجماع السقيم ولا النقد اللئيم. 2-لماذا خريطة الطريق الأمازيغية؟ خريطة الطريق الأمازيغية تبدو لي على الاقل ضرورية في المرحلة الراهنة لعدة اسباب موضوعية اجملها مختصرة في اربع تحديات مطروحة على الفعل الديموقراطي الامازيغي من اجل المساهمة الفعلية والمجدية في احداث التحولات الضرورية في بلادنا التي تسعى الى الالتحاق بركب الدول الديموقراطية وارساء اسس بناء دولة المواطنة وحقوق الانسان. او بمعنى مختصر ماهي التحديات الكبرى التي لايمكن للفعل الأمازيغي ان يتطور ويساهم في خلق وعي جديد بدونها. *التحدي الاول: تنظيم الفعل وتقويته وحفظ مناعته *التحدي الثاني: ارساء خطاب نضالي تاريخي بتحليل علمي رصين وبعمق استراتيجي *التحدي الثالث: تكوين تحالفات وتنسيقات والانضمام الى جبهات مع ضرورة التمييز بين الاستراتيجي منها والتكتيكي. *التحدي الرابع :التثقيف والتكوين السياسي والفكري للفاعلين في الحقل الامازيغي . هذه التحديات ليست هي الوحيدة التي يمكن ان تكون ضرورية للرقي بالوعي الامازيغي وإيلائه المكانة النضالية والديموقراطية التي يستحقها من اجل المساهمة في دمقرطة الدولة والمجتمع ,لكن تبقى التحديات الاربع المذكورة اساسية وهي بداية الطريق. مشروع خريطة الطريق الامازيغية مقاربة للنضال الامازيغي وفق العناوين التالية : التنظيم-الخطاب والمرجعية-الممارسة والتنفيذ- التكوين والتثقيف وآليات المراجعة والنقد. 3-خريطة الطريق الامازيغية : رؤية نقدية تحليلية للتحديات الاربع: +التنظيم : الحركة الامازيغية الى حد الآن لاتزال تتميز بالسمات التالية ولا تنفرد بها : -التشرذم والانقسام في صفوفها : المتتبع للحقل الامازيغي سيستنج بغير عناء ان الحركة الامازيغية المكونة اساسا من العمل الجمعوي والتي تعززت بتأسيس حزب امازيغي تتميز بتناقض وجهات النظر بين مكوناتها في قضايا عديدة ولاسباب تبدو احيانا شخصية وذاتية ضيقة اكثر منها اختلاف مرجعيات او رهانات . ففشل تجربة التنسيق الوطني بين الجمعيات الامازيغية واحداث المعهد الملكي للثقافة الامازيغية زادا التناقضات استفحالا انعكس بشكل او بآخر على الأداء الجمعوي والطلابي الأمازيغي وبخر آمالا ومهدت لموجة اليأس التي بدأت تدب في الجسم النضالي الأمازيغي. -الزعماتية والشخصانية: ماتزال الحركة الامازيغية مرتبطة "بالرموز" اي ان رأي الزعيم والرئيس دائما على صواب ورأي غيره خطأ يستوجب التصويب في احسن الاحوال او الاقصاء في اكثر الحالات , لذلك ترتبط تسمى الجمعيات الامازيغية في المغرب بأسماء رؤسائها وقد زكت الدولة نفس التوجه بتعينها معظم رؤساء الجمعيات الامازيغية "المعتدلة" اعضاء في المجلس الاداري للمعهد الملكي ممثلين شكليا انفسهم فيما هم اختيروا فعليا لانهم رؤساء لجمعياتهم. هذه التربية التنظيمية انعكست بشكل سلبي على اداء الفعل الامازيغي وساهمت في انشقاق الحركة وتشظيها وبث روح الانتهازية في صفوفها. -مخالفة القوانين الاساسية والداخلية للجمعيات: عادة ما تلصق ممارسة خرق القانون بالدولة ويبقى معيبا الحديث عن خرق للمجتمع المدني للقانون لكن واقع الحال يؤكد ان من بين المؤشرات الخطيرة التي بدأت تنخر الجسم الامازيغي وهي بنت شرعية للتربية التنظيمية الغير السليمة خرق معظم الجمعيات الامازيغية للقوانين الداخلية والاساسية التي شرعتها بنفسها من قبيل احترام عدد محدد من ولايات الرئيس او احترام مواعيد المؤتمرات او بقاء الرئيس اكثر من عشرين عاما او غيرها من الممارسات التي هي بعيدة عن الحداثة والديموقراطية في حدودها الدنيا. +الخطاب والمرجعية : تعتبر مرجعية اي حركة بمثابة الموجه والبوصلة النظرية التي يتم من خلالها واحتراما لها صياغة خطاب يحمل بين طياته الابعاد الاستراتيجية والتكتيكية في علاقة اية حركة بالمحيط الداخلي والخارجي اي بمجموع القوى الفاعلة والمؤثرة والمتواجدة معها في علاقة تفاعل وتماس كيفما كانت سمة هذا التفاعل سلبا او ايجابا , اتفاقا او اختلافا . فهل تملك الحركة الامازيغية بالمغرب مرجعية محددة يمكن الركون اليها و يمكن بمقتضاها نقد ممارساتها او تقييم درجة تدحرج خطابها وسط الناس ومستوى تأثيره في اختيارتهم وقناعاتهم؟ في الحقيقة يمكن رصد تمظهرات خطاب مرجعي متناثر هنا وهناك في طية هذا التصريح وفي ذاك المقال لكن من الاستعصاء بمكان الحديث عن بناء مرجعي متماسك واضح الاهداف والمنطلقات النظرية لدى الحركة الأمازيغية بالمغرب ,مما ينعكس مباشرة على طبيعة وكيفية تدبيرها للنضال الامازيغي , ودرءا لظلم لا نستطيع تحمل وزره لابد ان نؤكد على ان الحركة الامازيغية في مجملها حركة تتبنى المشروع الحداثي الديموقراطي وهو بكل تأكيد تمظهر او مؤشر من مؤشرات مرجعية قيد التبلور في احسن الحالات او في دائرة التفكير على الاقل. لكن الخطاب الحداثي الديموقراطي رغم اهميته كإعلان نية مبادئ لا يعني الشئ الكثير في المعمار النظري المتماسك , لذلك فخلط والتباس كبير ان نقول بأن من يدعي حقا او بهتانا بانه يتبنى الخطاب الحداثي والديموقراطي فذلك يعفيه من ارساء مرجعيته النظرية التي يمكن بواسطتها ان نحكم على صدقيته مستقبلا وتكون انارة للاجيال المقبلة لتنقيحها ونقدها وتطويرها او الغائها ان لم تعد الحاجة الموضوعية لها قائمة. فهل يمكن التأسيس اليوم للفكر النهضوي بدون الرجوع مرجعيا دراسة وتقييما واستخلاصا الى الرواد محمد عبده والكواكبي والطهطاوي ورشيد رضا وطه حسين وعلي عبدالرازق وقبلهم بكثير رواد التراث من ابن رشد ومحي الدين بن عربي ومسكويه وابو حيان التوحيدي وابن حزم الاندلسي وغيرهم ؟ او نقد وتقييم الفكرة القومية العربية بدون الالتجاء الى مشيل عفلق وقسطنطين زريق وآخرون كما انه من المستحيل بناء فكر ماركسي نهضوي بدون الاستعانة بخبرة وتجارب المفكريين والفلاسفة والسياسيين السابقين امثال ماركس, انجلز, لينين ,ماو ,لوكاتش,التوسير ,بولانتزاس ,مهدي عامل,سمير امين والائحة الطويلة من الذين لهم اسهامات نظرية وخبرة في الممارسة لايمكن تجاهلها في اي نهوض ماركسي يتوخاه احد ما او حركة معينة؟ كذلك نفس الشئ يمكن ان ينطبق على الحركة الامازيغية بالمغرب فعدم خندقتها ضمن اصطفاف مرجعي ما يجعلها لا يمكن ان تستفيد وتفيد ؟ لكن قائل من حقه ان يقول ان الحركة الامازيغية تستلهم رؤاها من التراث الانساني وهي غير معنية بخطابات مرجعية ابانت عن فشلها وانها تحتفظ لنفسها بالاستقلالية عن التجاذبات وتعطي لنضالها طابعا حقوقيا لا غبار على صدقيته لدى الجميع, ودليله على ذلك ان جميع المطالب حقوقية كالحق في الاعلام والتعليم والدسترة ولا يوجد تصور لكيفية توزيع الثروة ولا لطبيعة النظامين الاقتصادي والسياسي ولا لايديولوجية ثقافية مميزة ولا حديث عن تحالفات تكتيكية او استراتيجية ما يهمنا هو فقط حسب القائل والعودة عليه ان الحركة الامازيغية حركة مطلبية حقوقية هدفها الدفاع عن الامازيغية باعتبارها مسؤولية وطنية . والوطنية تعبير عن حرية التنقل بين المواقع اي كل من يدافع عن الامازيغية في الوطن الكريم فهو في صالح الامازيغية . هذه التخريجة الحقوقية للافلات من سؤال المرجعية يمن تبيان تهافتها على مستويين احدهما نظري والثاني عملي . النظري : الحقوقي هو في النهاية تعبير ايديولوجي لمرجعية مستتيرة ودليلنا على ذلك ان الاعلانات والمواثيق الدولية المرجعية تمت صياغتها من قبل دول وهيئات لها تصور سياسي واقتصادي وثقافي ارتضت ان تكون هذه المواثيق ركيزة لتنظيم العلاقات داخل هذه البلدان او فيما بينها اي بمعنى ادق الحقوقي ثمرة نضال وتفكير وخبرة المنظومة الدولتية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا .واذا كان الامر كذلك وهو بالفعل كذلك فكيف يكون المولود خارج طبيعة الوالد؟ كما ان الحقوق تختلف اهميتها باختلاف المنظومة السياسية وتوضيحا لهذه الفكرة نستقي مثال حق الملكية فهو عند اليبرالية حق لاغبار عليه و من اعمدتها فيما يعتبر عند الماركسية باطل يكرس التوزيع الغير العادل للثروات و تعمل على اسقاطه وغيرها من الامثلة التي تبين خضوع الحقوقي وانصياعه لمرجعيات حسب الظروف والمعطيات. لذلك ما تعتبره الحركة الامازيغية حقا تابثا في ترسيم الامازيغية في الدستور على سبيل المثال قد يكون على الصعيد الحقوقي واضح وناصع الا ان تدخل السياسي بمصلحته ورهاناته وتخوفاته يحول الحق باطلا او في احسن الاحوال الحق مؤجلا, لذلك فنظريا اعتبار الامازيغية مسؤولية وطنية- وهو شعار احد الجمعيات الامازيغية في احد مؤتمراتها - لا يعني سوى ان الحركة الامازيغية عليها ان تعيد صياغة الامازيغية التي تريد والحقوق المرتبطة بها. العملي: الحركة الامازيغية تموج بالمنخرطين والمنتمين سياسيا لذلك يسعى هؤلاء النشطاء المشتركون بين الحركة والتنظيمات السياسية الى احترام البعد الحقوقي الصرف للأمازيغية لتوقير الانتماء السياسي ودليلنا هو ان معظم النشطاء المشتركون ساهمو في تحييد الحركة الامازيغية وتقييدها لكن لم يؤثروا في المقابل على توجهات احزابهم او تعبيراتهم السياسية المختلفة ويظهر ذلك جليا على سبيل المثال في دستور 1996 حيث صوتت معظم الاحزاب التي ينتمي اليها النشطاء الامازيغ على الدستور فيما قاطعته الحركة الامازيغية فتم تغليب شطر من الانتماء على شطر آخر و بشكل واضح فهناك جمعيات امازيغية كثيرة موجهة ومسيرة بتوجيهات احزاب وقوى سياسية .اما شعار الامازيغية مسؤولية وطنية ومسؤولية الجميع فمعناه العملي المباشر الامازيغية رهن حقوق الامازيغية بما اتفقت عليه مختلف القوى السياسية اي انتظار اجماع وطني لن يتحقق ابدا الا بتدخل قوي وفاعل من قبل مؤسسات مطاعة ومهيبة كما هو حال هذا التطور الذي عرفته الحقوق الامازيغية التي انتقلت من مرحلة الانكار الى مرحلة الاعتراف الجزئي بفعل تدخل المؤسسة الملكية التي كان تدخلها محل انتقاد غير معلن من طرف معظم القوى السياسية التي اعتبرت المبادرة الملكية في الموضوع غير منتظرة ومتجاوزة لطرح الاحزاب وهو ما انعكس فيما بعد بعرقلة مجموعة من المؤسسات الحكومية لمساعي المعهد الملكي في تدريس الامازيغية مثلا. في سبيل بناء خطاب امازيغي ذو مرجعية محددة لابد ان تكون الحركة الامازيغية مستعدة في الخوض في قضايا نظرية لكي تبلور معالم كبرى للمشروع المجتمعي التي تروم المساهمة في تشييده ,ومن هذه القضايا التي لاتملك الحركة بد من مناقشتها و اعطاء الموقف منها : 1-العولمة2-التراث-3-الهوية-4-التعدد الثقافي والايديولوجي5-الدين-6 النظام السياسي7-النظام الاقتصادي وهذه عناوين ملزمة الحركة الامازيغية الخوض فيها وهي ورشات مفتوحة بقدر ما يغني فتحها الحركة الامازيغية يفيد كذلك الحركة الفكرية والنضالية ببلادنا فالنقاش الفكري والسجال الايديولوجي دليلا عافية في المجتمع ومن بوادر وجود صناعة فكرية مزدهرة ستساهم في ارساء البنى التحتية للفكر العقلاني . +الممارسة: الحركة الامازيغية في ممارساتها النضالية مطالبة بتحديد مواقفها على صعيد الممارسة من العناوين التالية : *الحركات الاسلامية *اليسار *الملكية قد يستغرب البعض –وذلك حقه- ان تكون الحركة الاسلامية موضوع خلافي من حيث كيفية التعامل معها على صعيد الممارسة ,استغراب مصدره ان الحركة الامازيغية حركة ديموقراطية حداثية فيما الحركة الاسلامية مشروعها ينعت اتباعا وتقليدا توارتته الاجيال والاجيال بحركة ظلامية رجعية ,فكيف نجمع بين الشئ ونقيضه في ممارسة ما ؟ ان ما ينعت بالقطائع الايديولوجية بين المشاريع المجتمعية على شاكلة مشروع متكامل مكان مشروع آخر متكامل يحتاج الى تدقيق سياسي على صعيد الممارسة فإدعاء حركة ما امتلاك مشروع جاهز ناجز تستطيع اسقاطه على واقع مادي متحرك وديناميكي زعم نرجيسي لا يقيم للوقائع المادية التي ينوي تغييرها اي اعتبار بل هو ادعاء لاهوتي اصولي يمتلك ناصية الحقيقة والهداية وهو من بين مسببات ما وصله واقعنا وفكرنا من انتكاسات متتالية واستمرار تراكم الهزائم الفكرية والسياسية التي لم تكن سوى نتيجة للنفي والاقصاء المتبادل من طرف اصحاب المشاريع الفكرية والسياسية لبعضهم البعض , اختصارا ان دعوتنا للأخد بدور الحركة الاسلامية بعين الاعتبار في ممارسة الحركة الامازيغيةيستهدف في نظري امرين : -الاعتصام بأخلاق النسبية والموضوعية اي ان نرى الحركة في التاريخ تحليلا ودراسة كما هي لا كما نشتهيها فالحركة الاسلامية معطى موضوعي واضح جلي لا يمكن انكار دورها في التاريخ بإقصائها بل بنقد برامجها والتعامل مع الافضل لديها وادخالها في عملية تحويلية صراعية للاستفادة منها والتاريخ في النهاية سينصف كل توجه او مشروع مجتمعي استطاع ان يصمد ويجابه الواقع الصعب العنيد، والانخراط فيما قصده الدكتور بلقزيز في كتابه "نهاية الداعية" الطبعة الاولى 2000 صفحة 51 عندما قال ما يلي :"اول طقوس التزام النسبية-والموضوعية-في التفكير،التخلي عن التعصب المرضي للأفكار التي يكونها المرء لنفسه ويتشرنق فيها , محولا اياها الى مطلقات يقينية! , فمن هذه النزعة الايمانية تنشأ النرجيسية الثقافية ويتغذى مديح النفس المرضي ,بحسبانهما تعبيرا عن الشعور بالاشباع المعرفي , والاستغناء عما يفيض عن حاجة النفس من القيم الرمزية! كما ان التحلي بأخلاقيات الحوار , وبنهج المناظرة العلمية ,سبيل سالك نحو بناء فكر نقدي بناء متحرر من العدوانية السادية... وعلى ذلك فالتحرر الذاتي يبدأ من اخضاع الافكار الى محكمة المعرفة والواقع ،وتأسيس الحوار ،والمخاطبة ،والنقد على معطيات التحكيمين :المعرفي والواقعي " -الاستفادة من قدراتها التنظيميةلتكوين تحالفات قوية معها من اجل تحقيق بعض مطالب الحركة الامازيغية لاسيما ان الحركة الاسلامية نفسها محتاجة الى من يسندها في مواجهة ضغوطات الداخل والخارج ولعل جاحد يجحد فيقول بأن هذا الموقف هو انبطاحي واستسلامي لان الحركة الاسلامية هي عدو من بين الاعداء فكيف نتحالف معها ؟ بغض النظر عن صحة مقولة العدو والصديق في السياسة.فردنا ينبني على حقائق موضوعية تتمثل فيما يلي : *القوى الكبرى في العالم اليوم الاكثر عداء للإسلاميين عدلت مواقفها اتجاههم بل ان الولايات المتحدة نفسها التي كانت ضحية الارهاب والذي اتهم فيه بعض فصائل الاسلاميين اي القاعدة اتبعت في السنوات الاخيرة عبر سفارتها وعبر مراكز ابحاثها حوارات وندوات شارك فيها الاسلاميون بفعالية بل اعطي الضوء الاخضر امريكيا لعدد من الدول الاسلامية بالسماح لها بالترخيص للأحزاب الاسلامية وبمشاركتها في الحكومات , ولعل الادارة الامريكية فطنت اخيرا بأن اشراك الاسلاميين في الحكم قد يكون خير امتحان لبرامجهم السياسية ولصدقية ممارستهم السياسية , كما ان التجربة اللبنانية شاهد على تعامل سياسي مع الاسلاميين حيث مثل حزب الله اللبناني في الندوة النيابية وفي الحكومة ولم تعترض اي من القوى الدولية والمحلية على ذلك بل ان القرار 1959 المتعلق بلبنان نص على نزع سلاح حزب الله مع تشجيع انخراطه في العملية السياسية, مع العلم ان حزب الله يوجد ضمن تحالف سياسي يدخل يشمل حتى الاشتراكيين. *عادة ما ينم اقصاء الاسلاميين من حقهم في الممارسة السياسية- بدعوى عدائهم للديموقراطية وان لاديموقراطية مع اعداء الديموقراطية- عن تخوف غير مشروع لدى الكثيريين والذين لا ينطلق غالبهم من عشق او ايمان بالديموقراطية انما هو اقصاء سياسي لتوجه عارم يكتسح المجتمع بفعل تبيان زيف شعارات كبرى رفعها بعض ادعياء الديموقراطية وحقوق الانسان وفشلت في امتحان الواقع والممارسة ,الحركة الامازيغية لا ينبغي ان تنطلي عليه هذه الخديعة وان تركب مركب الاقصاء وتبريره ان هي ارادت ان تعالج المجتمع معالجة علمية بعيدا عن الاعتبارات الايديولوجية فثمة امرين يجب التفريق بينهما الحقيقة العلمية والادعاء الايديولوجي. اما عن ما نراه في علاقة الحركة الامازيغية واليسار المغربي فإننا نرى اليسار هو الحضن الطبيعي للحركة وان نجاح اليسار المغربي في بلورة ما يطرحه من شعارات هو نجاح للحركة الامازيغية والشعب المغربي قاطبة ,لكن ثمة عمل كبير ينتظر اليسار ليكون في مستوى تطلعات الحركة الامازيغية والشعب المغربي ,فاستمرار سيطرة الفكر القومي العروبي المتحجر لدى فصائل كبيرة منه وعدم قيامه بمراجعات فكرية وسياسية توصله الى فهم ادق بمتطلبات استنهاض الفعل الجماهيري ليحمل عبء المرحلة وانعدام وحدته وتشرذم قواه بفعل سيطرة الحلقية والارتدوكسية والنرجيسية وادعاء امتلاك نهائي للحقائق كل هذه الملاحظات الاولية والسريعة تجعل مهمة التنسيق مع اليسار مزدوجة فهي مهمة اقتسام المسؤولية وتكاملها في الدفاع عن حقوق المواطنين وتأطيرهم ومهمة اخرى هي استئناف عمل نقدي لتصورات اليسار وممارساته, فالحركة الامازيغية مطالبة بدعم جهود تطوير اليسار بالمغرب ووحدته كما هي مسؤولية بشكل من الاشكال عن تطوير مواقفه تجاه الامازيغية والتي للأسف الشديد تبدو اكثر تخلفا من مواقف بعض القوى المحسوبة على اليمين . الموقف من المؤسسة الملكية هو موقف مباشر من اهم صناع القرار السياسي بالمغرب لذلك يجب ان يتسم هذا الموقف بالبرغماتية السياسية المطلوبة اي التعامل مع المبادرات الملكية تعاملا ايجابيا مع اعتبارها اول الغيث ، وتفعيل قوى الضغط المحيطة مع ديبلوماسية امازيغية داخلية فعالة يمكن عبرها استقطاب دعم المؤسسة الملكية الى جانب المطالب المشروعة للأمازيغيين ،فالملكية حريصة على اعطائها ضمانات بخصوص افق ورهانات كل حركة مطلبية لتختار التعامل معها بالتعامل المناسب ، وهنا تلعب لعبة المستشاريين السياسيين للملك الدور الحاسم في تدبير الملفات واقتراح الحلول ،ومادام المحيط الملكي خاليا من مناصري الامازيغية فالسلام على الامازيغية الى يوم يبعثون, مشكك في هذا القول بل ناقد له يقول بأن الحقوق تنتزع ولاتعطى وان الملكية تحكم بمشروعية تقليدية مستمدة من اختصاصات الملك وفق الفصل 19 من الدستور ,فكيف سنتعامل ايجابا ونحن حركة حداثية ديموقراطية مع مؤسسة تقليدية ؟ ظاهر هذا الانتقاد جيد ومنسجم لكنه على حد تقديري المتواضع يجهل او يتجاهل التاريخ , فالخطأ الكبير الذي وقع فيه الامازيغ في تاريخ المغرب يتمثل في مقاومتهم للاستعمار الفرنسي والاسباني بقوة السلاح وبالتضحيات الكبيرة الا ان احزاب ما يسمى بالحركة الوطنية وخاصة حزب الاستقلال هي التي وقعت ايكس ليبان وتفاوضت مع المستعمر وتفاوضت مع الملكية ففازت بحكم المغرب سياسيا واقتصاديا ,فهل قدر ان يكون نصيب الامازيغ دائما الصراع مع المستعمر والآن الصراع مع الملكية ؟ ام انه آن للأمازيغ ان لا يدخلوا معارك مجانية يستفيد منها الاخرون بل الاحرى ان يساهموا في حكم المغرب وتدبير صراعتهم بالتي هي احسن .كذلك ما اقترحه اليوم في مشروع خريطة الطريق الامازيغية وهو التحالف مع الملكية فيما هو في صالح الامازيغية وعدم الانجرار في المعارك التي لا طائل من ورائها. هذه الافكار المتعلقة بالعلاقات الايجابية مع اليسار والملكية والاسلاميين بالمغرب قد لا ترضي الكثيريين الا انني وبتواضع شديد ارى ان تكون على الاقل محور تدقيق وتشاور ونقد به تستقيم الافكار وعبره يتطور الصراع في المجتمع ليعطي الافضل في الممارسة ويجنب الحركة الامازيغية اخطاء سابقة وقعت فيها حركات اكبر منها واجدر ، فهذه الافكار بخلاصة شديدة استفزاز للوعي الامازيغي ودعوة جادة للنقاش والمحاورة على قاعدة ان الحقيقة والموضوعية نسبيتان. +المفاهيم التي من الضروري مراجعتها وتدقيقها يرتكز خطاب الحركة الامازيغية اليوم على عدة مفاهيم ومقولات مشتركة تحتاج الى تدقيق وتصويب , وسنتطرق اليها بعجالة كبيرة لان المجال لا يسمح لاكثر من ذلك . العلمانية : قلما تجد ناشط امازيغيا لا يدافع عن العلمانية ويجعل منها محور نضال الحركة الامازيغية الى حدود ان البعض دائما ما يربط بينهما ويقول بأن الامازيغية غير ممكنة الا بالعلمانية , الا ان النقاش حول هذا المفهوم قلما نجد من بين انصاره من الامازيغ من يؤصل له , كما ان الحركة الامازيغية بتبنيها لهذا المفهوم الا تعلن حربا على نفسها باعتبار ان الامازيغ هم اكثر المغاربة تدينا ؟ -تامازغا: عادة ما يستعمل الامازيغ مفردة تامازغا للدلالة جغرافيا على اماكن تواجد الامازيغ بالعالم الا ان هذا المفهوم هو ذو دلالة عرقية شبيه بالوطن العربي الذي ننتقده لانه يحمل شحنة عرقية .فكيف نرفض الوطن العربي ونقبل بالوطن الامازيغي ؟ هناك كذلك مفاهيم اخرى نرى ضرورة التدقيق فيها ومراجعتها كالشعوب الاصلية والاعراف الامازيغية واسطرة بعض الشخصيات التاريخية وبعض الاحداث التاريخية. خاتمة : هناك من الاسئلة والاشكالات المطروحة في هذه الورقة المتواضعة ما يبدو ان طرحها والخوض فيها من الامور التي لاداعي لها لان نشطاء الحركة الامازيغية قد حسموا اختياراتهم "الصحيحة" وان الجواب عن هذه الاسئلة مضيعة للوقت وأنه لايجب بتاتا حسب رأيهم وضع بعض المفاهيم وبعض الممارسات موضع النقد والتشكيك لانها من التوابث واليقينيات من قبيل الحق المطلق والشر المطلق ,لكني اخترت ان اعاكس هذه اليقينيات وارمي حجرة صغيرة في بركة آسنة متجمدة من التقاليد والاعراف الثقافية والمفاهيمية والسياسية ،فرغبتنا في دولة الحق والقانون لا يوازيها الا تحرير للوعي الامازيغي من التقليد والتوارث والاستنساخ اي مقاربة المواضيع والتوجهات لا يجب ان تكون محسومة وفق الهوى والاتباع انما وفق الابداع والنقد والتجربة المتواصلة والتي مهما غنيت واتسعت لابد ان تتحلى بالتواضع والقابلية للتجديد والتطوير والتكييف.
انغير بوبكر [email protected]
#انغير_بوبكر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل حركة البوليزاريو حركة تحرر وطني او حركة ارهابية؟
-
هل يفلح الدستور العراقي الجديد في دحر الارهاب؟
-
الحركة الامازيغية والانتقال الديموقراطي :مقاربات اولية
المزيد.....
-
مسؤول عسكري بريطاني: جاهزون لقتال روسيا -الليلة- في هذه الحا
...
-
مسؤول إماراتي ينفي لـCNN أنباء عن إمكانية -تمويل مشروع تجريب
...
-
الدفاع الروسية تعلن نجاح اختبار صاروخ -أوريشنيك- وتدميره مصن
...
-
بوريسوف: الرحلات المأهولة إلى المريخ قد تبدأ خلال الـ50 عاما
...
-
على خطى ترامب.. فضائح تلاحق بعض المرشحين لعضوية الإدارة الأم
...
-
فوضى في برلمان بوليفيا: رفاق الحزب الواحد يشتبكون بالأيدي
-
بعد الهجوم الصاروخي على دنيبرو.. الكرملين يؤكد: واشنطن -فهمت
...
-
المجر تتحدى -الجنائية الدولية- والمحكمة تواجه عاصفة غضب أمري
...
-
سيارتو يتهم الولايات المتحدة بمحاولة تعريض إمدادات الطاقة في
...
-
خبراء مصريون يقرأون -رسائل صاروخ أوريشنيك-
المزيد.....
-
الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية
/ نجم الدين فارس
-
ايزيدية شنكال-سنجار
/ ممتاز حسين سليمان خلو
-
في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية
/ عبد الحسين شعبان
-
موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية
/ سعيد العليمى
-
كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق
/ كاظم حبيب
-
التطبيع يسري في دمك
/ د. عادل سمارة
-
كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟
/ تاج السر عثمان
-
كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان
/ تاج السر عثمان
-
تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و
...
/ المنصور جعفر
-
محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي
...
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|