|
الهويه و الطائفيه
سامر عزيز عساف
الحوار المتمدن-العدد: 4735 - 2015 / 3 / 1 - 00:07
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في الهوية والطائفية سامر عساف في ضوء الصراع الحالي في العراق و سوريه حيث تتداخل حدود الصراع بين السياسي القومي و الطائفي في جزء منه تأخذ الهويه الطائفيه دورا متزايدا كمحرك فنلاحظ مثلا أن أغلب القوى المسلحه المتصارعه تستخدم الخطاب التجيشي حيث أن هذا الخطاب انحدر من الشعبوي العام إلى الشعبوي الطائفي في مرحله لاحقه حتى في ادبيات المثقفين والأعلام فراحوا يتحدثون عن " الحرب على السنه" او "الفكر الوهابي التكفيري". ومن ثم تطور الصراع من سياسي إلى مستويات تحتيه متعدده حاولت القوى المتصارعه المحليه و الغريبه منذ البداية اللعب على التمايزات الأجتماعيه و الدينيه بشكل خاص و تأطير هذه الهويات في صراعها على السلطه سيكون لنا عوده الى هذا الموضوع لاحقا. لا يمكن النظر إلى الطائفية إلا من خلال تعريف الهوية الذاتيه للفرد في بعديها النفسي والاجتماعي. فالهوية هي الجواب المبطن لسؤال: من انا؟ ظهرت عدة نظريات (سيكولوجيه ـ سيسولوجيه) في العقود الماضية تخص ديناميكية المجموعات والاشخاص حاولت الخوض في الانتماء للمجموعة. قبل الخوض في تلك النظريات لابد من معرفة وجهة نظر علم النفس في الهوية وعلاقتها بالمجموعة. الهوية هي تعاريف ذاتيه للذات تنطلق من الوعي واللاوعي تحدد سلوك الفرد وتحكم الى حد بعيد آلية اتخاذ القرار بل والإدراك أيضا، فمن خلال هذه التعاريف يرى كل فرد العالم الخارجي. فاعتناق الفرد لمجموعه من القيم وحمله للصفات هي آلية تمايز طبيعية فُطر عليها الكائن البشري في صيرورة البحث عن المعنى الفردي الذي يحوي في طياته التناقض مع الذوبان في المجموعة. في العلوم الطبيعية هناك مبدا تمايز الخلايا الذي يقوم على ان "التراكم الكمي يؤدي الى تمايز وظيفي" للخلية ذاتها، وهذا ينطبق على النسيج النفسي للفرد، والجسدي ايضا. الى جانب الهوية الذاتية (فانا فلان واتمتع بالصفات التالية. الخ) وهناك البعد الاجتماعي للهويه فانا أنتمي الى هذه المجموعة الأثنية او الدينية، أو حتى الفكرية ولا انتمى الى تلك. هذه العملية الطويلة تتعرض في مسيرتها الى انتداب المجتمع وبالتالي تنشا هذه الفردية مصبوغة بألوان ثقافيه مجتمعيه كالدين والقومية. فلا المسلم ولد مسلماً ولا العربي ولد عربياً بل هي توصيفات مكتسبه لتواجده في بيئة محدده. في المجتمعات المبتعدة عن الشمولية (كاوربا مثلا) يمكن ملاحظة ان هناك مجموعات ثقافية صغيرة Subcultures وهي من حيث العدد بحيث تغطي قسما كبيرا من المجتمع، فترى في كل مدينة مهما بلغ صغرها اناس متمايزين في الملبس والمأكل ونوع الموسيقى التي يسمعونها مثلا. توضح التجارب والبحوث النفسية أن الهوية الذاتية تتناسب عكسا من حيث الحجم مع الهوية الجماعية، فكلما تضخمت الهوية الفردية من حيث البناء والإشباع القيمي يصبح حاملها أقل حاجة إلى الهوية الجماعية لذلك نلاحظ مثلا أن الهوية القومية والدينية اضمحلت لصالح الهوية الفردية في المجتمعات المتقدمة. فالانتماء لا يكون سلبياً الا عندما يترافق مع تلك النوازع لتحقير المجموعات الأخرى التي يتم التمايز عنها. وقد حاول الباحثون دراسة هذه الدوافع التي تحتاج الى مقدار ضئيل من التمايز لتظهر. فمثلا تم تقسيم عدد من الطلاب في قاعه الى مجموعتين بشكل عشوائي وأعطي للمجموعة الأولى دفاتر وأقلام لونها أحمر وللأخرى دفاتر وأقلام لونها أزرق. هذا التمايز كان كافيا ليصبح لأفراد المجموعة الواحدة تقييمات سلبية تجاه أفراد المجموعة الأخرى مقارنة بأفراد نفس المجموعة. هنا يصبح فقط عامل التمايز بحد ذاته الهدف حيث أضع حدوداً لذاتي من خلال توصيف الآخرين وهي صفات غير مباشرة، فانتقاص الآخر يشعرني بكمالية مأمولة. أحد أهم الباحثين في الهوية الاجتماعية. "Henri Tajfel"يعد وقد اثبت من خلال تجاربه أن الانتماء للمجموعة بغض النظر عن ماهية المجموعة كافٍ لظهور الديناميك السلبي بين المجموعات. من أهم النظريات التي تبحث في دوافع الانتماء وتعريف الذات انطلاقا من الجماعة نظريه الصراع على الموارد ونظرية المجموع صفر كخلفيه محركه لصراع المجموعات وبقدر ما يبدو ان لهذه الاليه أثر محرك تبقى محدودة في شرح الديناميكية السلبية بين المجموعات. وثمة ايضا نطريه الموت او الخوف من امكانية الانقراض، فالإنسان مفطور على حب البقاء فمن يشبهني يمكنه ان يكون عونا في الحفاظ على النوع والمجموعة اي الحفاظ على الصفات الخاصة بي من خلال بقاء المجموعة. ثمة أيضا نطرية الإحساس بالخوف فعندما نحس بالخطر يصبح الانتماء ضرورة لمحاربة خوف الانقراض. على هذه الخلفية النظرية يمكن مقاربة الهوية وعلاقتها بالطائفية، ففي المجتمعات المتخلفة ثقافيا تصبح الهوية الجماعية تعويضا عن نقص في الهوية الذاتية وهكذا يكون الانتماء للمجموعة والتبعية لها أقوى من المجتمعات المتقدمة فكريا حيث الهوية الذاتية تتضخم لحد اضمحلال الحاجة الى الهوية الجماعية ومن ناحية أخرى فإن حالة الحرب التي تعيشها مجتمعاتنا في الوقت الراهن تفرض اليات الخوف آنفة الذكر التي تدفع بهؤلاء الى السقوط في حضن المجموعة. ثمة أيضا عامل حاسم في هذا الشأن وهو الادراك ففي حالات الاجهاد النفسي تصبح المدخرات المتوفرة في تلك اللحظة محدودة لإمكانية المحاكمة المتوازنة هناك اليات عدوانيه اسقاطيه ناتجه عن الالم مهمه في هذا الشأن ولكن لها مقام اخر و العوامل الاخرى السياسية والإعلامية ليست مجال بحثنا هنا. .......
#سامر_عزيز_عساف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|