أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - تيسير حسن ادريس - خلع جلباب الحسكنيت* !















المزيد.....

خلع جلباب الحسكنيت* !


تيسير حسن ادريس

الحوار المتمدن-العدد: 4734 - 2015 / 2 / 28 - 10:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


توطئة: (جلباب الحسكنيت) هو النهج الذي ابتدعه مؤخرا النظام الإسلاموي في الخرطوم، ويريد من خلاله إيهام المجتمع الدولي بإعتداله وعدم وجود علاقة تربطه بالتنظيم الدولي للإخوان المسلمين.
(1)
يعيش النظام الحاكم منذ عام ونيف، ويتكسب الوقت من حالة الإرباك التي وضع فيها مجمل المشهد السياسي السوداني بعد خطاب (الوثبة) الذي بذل فيه الرئيس وعودا منزوعة الدسم لبداية حوار وطني جامع، تبخرت كالعادة في الهواء كبقية الوعود والتعهدات التي ظل يبذلها للقوى المعارضة من آن إلى آخر، طول فترة حكمه التي تجاوزت الربع قرن؛ بغرض إرباك وتشتيت وحدتها ، وصرف انتباه الجماهير عن المعاناة اليومية التي تواجهها في تدبير شؤون معاشها؛ ليستمر المشير ومن معه من صحابة الزمن الأغبر في الحكم والنهب، وتدمير ما تبقى من مؤسسات الدولة السودانية.
(2)
وقد كان تخطيط النظام (للوثبة الرئاسية) أن تستغرق ما تبقى من فترة للوصول لميس انتخابات التزوير الجديدة في ابريل 2015م، ولكن المشهد السياسي المعارض بقيادة قوى الإجماع الوطني سرعان ما وضع حدًّا لهذه المهزلة، وهو يعلن بذكاء موافقته على الحوار بشرط تهيئة المناخ الضامن لنجاحه، وبهذا الشرط وُضع الرئيس في ركن ضيق، فبهت الذي كفر، وارتضى من الغنيمة بإياب الصف الإسلاموي المفاصل منذ عام 1999م، والذي عاد منكسرًا، حاسرَ الرأس بعرَّابه وحواريه على إثر صفقة خاسرة، نال بموجبها منسوبوه أعطيات مادية ووظيفية؛ أما الرجلُ الأكثر حماسًا لحل المعضل الوطني عبر الحوار الإمام الصادق المهدي زعيم حزب الأمة، فقد تم التخلص منه، والدفع به للمنفى، بعد أن استفيد من مواقفه المهادنة في إجهاض انتفاضة الشباب في سبتمبر 2013م.
(3)
وجد النظام الحاكم نفسه مكشوف الظهر بعد خروج الإمام الصادق المهدي الذي كان بأطروحاته الناعمة يحد من جموح القوى المعارضة نحو التغيير الدراماتيكي، فقد ظل حتى خروجه من البلاد يتمسك بمبدأ المساومة، والهبوط الناعم، ولعل تفريط النظام في الإمام الصادق بهذه الطريقة المستغربة قد أتى بدوره في إطار صفقة توحيد الصف الإسلاموي، والمرجح أن ضغوط مباشر قد مورست على النظام من قبل الشيخ حسن الترابي لقطع طريق التقارب بين السيد الصادق والنظام بدواعي الغيرة السياسية، وعدم توافق كيمياء الزعمين.
(4)
عموما خرج الإمام ميمما شطر تحالف المعارضة المسلح؛ ليعقد اتفاقا معه تباركه بقية قوى المعارضة، فيثمر وثيقة (نداء السودان) التي زادت من عزلة النظام خارجيًا، وعمقت من أزمته الداخلية فكان لابد له وقد وجد نفسه محشورًا في جحر ضب أن يقرَّ بعدم جدوى وثبته الرئاسية التي عول عليها ، ويعيد رسم تكتيكاته، فاستغل توقيع قوى الإجماع الوطني على وثيقة (نداء السودان)، ودشن حملة قمع شاملة طالت أول ما طالت الأستاذين فاروق أبو عيسى وأمين مكي مدني، اللذان مهرا الوثيقة بتوقيعهما، واتجه من بعد لمنظمات المجتمع المدني، والصحف السيارة ليطالها إيقاف النشاط، وسحب التراخيص، والمصادرة، ولمزيد من التصعيد والإرباك مضى النظام قدُمًا في الإعداد للانتخابات، رافضًا حتى أصوات العقلاء من مناصريه الذين رأوا ضرورة تأجيلها لما بعد نهاية الحوار الوطني الذي دعا إليه.

(5)
بالتوازي مع إشاعة الرعب، وتشديد القبضة الأمنية داخليًا، سعى النظام خارجيًا لابتزاز المجتمع الإقليمي والدولي بملف الجماعات الإسلامية المتطرفة، خاصة مع تصاعد وانتشار عمليات تنظيم (داعش) الإرهابية، فأعاد قنوات الاتصال السرية بالولايات المتحدة الأمريكية، ولا شك أنه قد زودها بمعلومات ذات أهمية فيما يخصُّ الساحة الليبية التي يحتفظ النظام فيها بعلاقات تعاون وطيدة مع المجموعات المسلحة المتطرفة المتمركزة في مدينة (درنة)؛ ليثمر هذا الجهد عن رفعٍ جزئي للمقاطعة الأمريكية المفروضة منذ عقود شمل أجهزة الاتصالات؛ حدث هذا مباشرة بعد الزيارة التي قام بها وزير الخارجية علي كرتي ونائب رئيس حزب المؤتمر الوطني الحاكم إبراهيم غندور لواشنطن.
(6)
ثاني ثمار الصفقات المشبوه -التي اعتاد النظام إبرامها مع القوى الدولية عند المنعطفات الخطيرة- تجلت في الزيارة العجولة لدولة الإمارات العربية المتحدة، والتي قوبلت بفتور وبرود مخجل من قبل القيادة الإماراتية، لحد خرق البرتوكول واستقبال الرئيس بالمطار من قبل نائب رئيس مجلس الوزراء الشيخ "منصور بن زايد آل نهيان"، وطفله الذي لم يتجاوز عمره الست سنوات، فعلى الرغم من الوفد الرفيع المستوى الذي رافق الرئيس السوداني، وخطورة الملفات التي من المفترض تداولها، إلا أن برودة الاستقبال، وعدم تمكن البشير من لقاء نظيره الإماراتي، تشير لفقدان القيادة الإماراتية الثقة في نظام الخرطوم، وعدم إيمانها بجدية مساعيه الرامية لتغيير جلده، و (خلع جلباب الحسكنيت).
(7)
لقد بدأ نظام الخرطوم يمهد منذ فترة لإستراتيجية (خلع جلباب الحسكنيت) عبر تصريحات بعض كبار سدنة مشروعه الفكري، أمثال الأستاذ على عثمان، ود.غازي صلاح الدين، اللذان امتلكا الجراءة على تجاوز الخطوط الحمر، والمس بالتابو المقدس، وهما يتناولان بالنقد شعار حركة الإخوان المسلمين الرئيس (الإسلام هو الحل)، الذي اعتبره أحدهما فضفاض، في حين دعا الآخر لضرورة مراجعته وإعادة النظر فيه، أضف إلى هذا ما اعتاد منظرو التنظيم على نشره أسافيريا، وفي الصحف السيارة، من مقالات ناقدة لتجربة الحكم الإسلاموي في السودان، حتى وصل الأمر بأحد أساطينه لدرجة الإعلان عن تخلي النظام عن مبدأ القتال في سبيل تطبيق الشريعة الإسلامية.
(8)
كل هذه الشواهد وغيرها تؤكد أن إستراتيجية (خلع جلباب الحسكنيت) موجهة بصفة خاصة للمجتمع الدولي، بغرض كسر العزلة، وإكساب نتائج الانتخابات القادمة المقبولية في إطار الصفقة التي أبرمت مؤخرا مع أمريكا، ولم تتضح حتى الآن معالم بنودها بصورة نهائية، فالنظام في هذه المرحلة غير معني بالداخل ، ولا يعير تسارع الأحداث فيه أدنى اهتمام، رغم تعقد قضايا الجماهير التي ضاقت ذرعا بصعوبة الواقع، فضعف مواقف المعارضة -التي لم تستطع إخراج مظاهرة واحدة تضغط بها لإطلاق سراح قياداتها المعتقلة منذ شهور- قد طمأنت النظام، وأغرته بمواصلة نهج تجاهل، وإهمال القضايا الداخلية.
(9)
النظام الحاكم منشغلٌ تماما عن هموم الشعب لصالح انجاز انتخاباته، التي وعدت أمريكا الاعتراف بنتائجها كعربون، ومقدم دفع لعملية فصل إقليم دار فور، على قرار فصل الجنوب والتي يجب أن تتم قبل نهاية عام 2019م، وكذلك مهتم بعقد اتفاق مع المعارضة المسلحة تنال بموجبه منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق الحكم الذاتي الإقليمي، تمهيدا لفصلهما مستقبلا، مما سيضمن له تواصل الدعم الأمريكي لبقائه في السلطة إلى ما بعد عام 2019م، هذه التسريبات تناقلتها العديد من الجهات المهتمة بالشأن السوداني عقب لقاء السيدان كرتي وغندور للادارة الامريكية مؤخرا.
(10)
يرى عقلاء السياسة، وحتى بعض منسوبي الحركة الإسلامية أن مقتل النظام يكمن في سعيه المحموم لإرضاء أمريكا على حساب القضايا الداخلية المتفجرة، ويدللون على خطأ هذا التوجه بمصير الأنظمة التي سقطت في المنطقة، رغم تمتعها بعلاقات وطيدة مع أمريكا، مثل نظام حسني مبارك في مصر، ونظام بن على في تونس، نتيجة أهملها الوضع الداخلي؛ إن تعويل النظام على ضعف قوى المعارضة يهمل متغير هام برز في الشارع السوداني في السنوات الأخيرة، وهو تحفز مجموعات شبابية مقدرة -تعاني من اليأس والإحباط، تحت وطأة الضغوط الاقتصادية والاجتماعية- للانقضاض على مجمل المشهد السياسي القديم بنظامه الحاكم، ومعارضته بعد أن فقدت الثقة في كافة مكوناته.
(11)
راكمت هذه المجاميع الشبابية التي لا تنتمي للمواعين التنظيمية السياسية المتعارف عليها، وعيًا سياسيًا جديدًا، وتبلور عندها إيمانٌ عميقٌ بضرورة إنجاز تغيير دراماتيكي، يطهِّر الوطن من دنس النظام الحاكم، وعَجْزِ المعارضة معًا، ويؤسِّس لواقعٍ سياسي حداثوي، له القدرة على وضع حدٍّ لسفه الممارسات السياسية القديمة، وتقديم مشروع وطني نهضوي، يحبط المخططات الدولية الرامية لبعثرة ما تبقى من وحدة التراب السوداني، ويفشل تنفيذ مشروع تقسيمه لخمس دويلات متناحرة، يسهل ابتزازها، ونهب ثرواتها ، والملاحظ أن هذه المجموعات الشبابية بما تطرحه من رؤى وأفكار جديدة، قد استطاعت أن تقنع شريحة واسعة من شباب الأحزاب العريقة لتنضم إليها، وتهجر تنظيماتها التي تكلست.

*(الحسكنيت) نبات كثير الشوك عظيم التعلّق بالملبس ومؤلم الغرز في الجسم يكثر في إقليم السافنا الفقيرة.
الديمقراطية قادمة وراشدة لا محال ولو كره المنافقون.
تيسير حسن إدريس 28/02/2015م



#تيسير_حسن_ادريس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثورة السودانية وإجهاض حلم الدولة المدنية !
- ما العمل ونيرون يعزف لحنه الجنائزي!
- إنَّ البلاءَ مُوَكَّلٌ بالمنطق!
- مزامير الخلاص عظات من فصول العهد القديم !
- العقلية الارتدادية فقر المرجعية وعُسر المراجعات!


المزيد.....




- هدنة بين السنة والشيعة في باكستان بعد أعمال عنف أودت بحياة أ ...
- المتحدث باسم نتنياهو لـCNN: الحكومة الإسرائيلية تصوت غدًا عل ...
- -تأثيره كارثي-.. ماهو مخدر المشروم المضبوط في مصر؟
- صواريخ باليستية وقنابل أميركية.. إعلان روسي عن مواجهات عسكري ...
- تفاؤل مشوب بالحذر بشأن -اتفاق ثلاثي المراحل- محتمل بين إسرائ ...
- بعد التصعيد مع حزب الله.. لماذا تدرس إسرائيل وقف القتال في ل ...
- برلماني أوكراني يكشف كيف تخفي الولايات المتحدة مشاركتها في ا ...
- سياسي فرنسي يدعو إلى الاحتجاج على احتمال إرسال قوات أوروبية ...
- -تدمير ميركافا وإيقاع قتلى وجرحى-.. -حزب الله- ينفذ 8 عمليات ...
- شولتس يعد بمواصلة دعم أوكرانيا إذا فاز في الانتخابات


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - تيسير حسن ادريس - خلع جلباب الحسكنيت* !