أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هيثم بن محمد شطورو - دائرة الإسلامي الجحيمية














المزيد.....

دائرة الإسلامي الجحيمية


هيثم بن محمد شطورو

الحوار المتمدن-العدد: 4732 - 2015 / 2 / 26 - 22:48
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أنت إنسان كادح متألم يبحث عـن شفاء. أنت إنسان تحس بنــفسك مسحوقا و يمزقـك الإحساس بعالم قاس بلا روح يعبد المال و التوحش. هذه هي المحطة الأولى التي يشرع فيها الإسلامي نحو شرعه. الرغبة في عالم خير في ذاتها هي رغبة أصيلة "هابيلية" أي متعلقة بالضحية حسب الأسطورة الدينية. الرغبة في عالم روحي جميل و خير مناقض للعالم المتوحش أو الذي تراه متوحشا. و دون شك فان الطريق محفوف بالمخاطر. للشر ألوان و هو متاسس أصليا في الأعماق. بل ربما انطلق التاريخ من الجريمة. و في الوقت الذي تشرع طريق العالم الخير كانت تلزمك مئونة المعرفة. المعرفة التي تتوسط و تسبق الحكم. الطريق الذي يجعلك تعلق الحكم أي تبتعد عن الأحكام لتبحث على أساس الشك. يعني شريعة كانطية ديكارتية نجد صداها عند ابن رشد و الغزالي.. لكن بما انك متألم و مشتعل و سريع الهذيان. بما أن عقلك قد تم إغلاقه بقال الرسول و عذابات القبر و قصص القبور.. بما انك رميت نفسك بين أحضان المشائخ الدراويش السذج.. فانك تشرع نحو شريعة القتل و التوحش التي بلغت مداها من حيث تصور أنها شريعة الله.
ما أروع أن يقتل القاتل و هو يتصور نفسه ينفذ شرع الله. في القتل رغبة تحرر قصوى من الحياة و ابلغ ما يبلغه المرء من نفي للآخر و الذات و الحياة و هي قمة الحرية. لكنها حرية مدمرة. و ها أنت حين يبلغونك عن "فرويد" بالكافر فإنهم يبعدون الضوء عن عينيك لرؤية تناقضك و هاجسك و قلقك. فأي قتل و ان كان باسم الله و تكبيره فانه مباشرة يحيلك إلى العدمية و القلق الرهيب. و تقف عند القبور مناجيا ربك و إخوانك ان يرحموك و أنت في لجج الإحساس بالذنب كأنك تغرق في مستنقع و تعلم انك غارق لا محالة و مآلك الموت القـريب لا محالة و تأمل في ان تكون من الفرقة الناجية، و هكذا تنتحر في اليوم آلاف المرات سواء كنت في باريس أو طرابلس أو الشام أو العراق أو تونس. انك قاتل تتعفن يوما فيوما، و لا تنتبه انك أدخلت نفسك الجحيم نهائيا. الجحيم الذي هو الآن و هنا. ليس الجحيم المفارق. انه النار التي تستعر في صدرك. كلما استعرت النار كلما أملت في النجاة بالتكبير و تنفيذ أوامر أميرك أو شيخك الذي جعلته دون ان تدري رابطك بالسماء. و غريب ان يربط ذو عقل قلبه بالروح بواسطة ادمي خلق من حمأ مسنون.. و لعل سكن هواجسك لا يكون إلا على عتبات قبر قتيلك. قتيلك الذي هو أنت في الوقت نفسه فقد أعدمت نفسك و قتما أعدمته. أعدمت أي طريق للتراجع نحو ذاتك. أي ذات و عقلك فيه لوثة تقول أعوذ بالله من كلمة "أنا". انك عاجز عن الوقوف أمام ذاتك..
القبر قـديم جدا، قـديم قـدم ما يسمى بالحضارة البشرية القائمة على الـقـمع. قـديم منذ ـ قابيل ـ القاتل لـ ـ هابيل ـ و اهتـدى بصنيع الغراب فكان القبر لردم الجريمة و قبر الحياة لموت هابيل التي هي موته في الوقت نفسه. للـقبر حكاية الحياة المتعـلقة به و حكاية الموت لجريمة الحياة.. منذ البدء لم تكن الحياة في ذاتها تعاش و إنما بضدها.. تلك هي الجريمة الأصلية، الخـطيئة الأصلية.. أن لا يعـيش البشر متـفـقـين حول سبل التعايش و إنما على إقصاء الآخر الذي هو في جسد آخر، ليتم إقصاء الحياة بتحـويلها رهينة للقبر و هروبا عـبثيا من الموت الساكن في أعماق الحياة المجـرمة. ذاك الإثم المتـنـقـل من جيل إلى جيل حتى غـدا فكرة أصيلة لها نبض دائري في المخ البشري. لم تـذكر الأسطورة أن لـ"هابـيل" المقـتـول نسلا و إنما الباقي في الحياة هو الـقاتـل الذي استحوذ على جميع النساء ليخـرج منه نـسـل الـقـاتــل و المقـتـول الساكن في الأعماق بإحـساس النـقـص و الـذنب و الخطيئة.. إثم الآثام و الخطايا و الغـفران لجريمة لم يقـترفها احد بعـينه و إنما الوجود البشري غـدا جريمة و خـطيئة..
يصلب ما خيل لهم انه السيد المسيح، فيتـقاطر دمه من بدنه ، إلى أن يغـدو جثـة تـتجمع حولها الغـربان لتـنهـشها.. عـقـوبة الإعـدام الـقـديمة المتوحشة جدا في عهد روما اكبر إمبراطورية في التاريخ. اكبر محافـل الجريمة في التاريخ. مسارح روما القـديمة الملطخة بدماء المتصارعـين الذين لا حـول لهم و لا قوة إلا في القـتـل و الموت قـتلا من اجل زهو الجمهور. الجمهور الذي كان يفضل الفرجة في اقـتـتال العـبيد مع الوحـوش الضارية. الجمهور الذي يستمتع باختلاط دماء الوحـوش بدماء البشر بلذة مصدرها وحدة الوجود العـميقة التي تعبر عن نـفـسها في اخـتـلاط الدماء.. هل يحرص الغـراب دوما على إعـدام الجثـة لإرضاء "قـابـيل" أم أن الاشمئزاز من صنيع الغراب جعله ملهما لقصة الجريمة الأصلية التي صيغت في الخطابات التـقـديسوية بكونها جريمة أصلية؟؟ الم يذكر ان الملائكة تساءلت عن خلق من يسفـك الدماء فقال الرب أنكم لا تعـلمون ما يعلم؟ فهل هي شرعنة للجريمة أم إقرار بها كتميز بشري؟ فالحيوان لا يعرف الجريمة و ان كان مفتـرسا فيـقـتـل بالغـريـزة من اجل ان يأكل و إن شبع فلا يلتـفت إلى فريسة و إن كانت بجانبه نائمة. أما الإنسان فيخطط و يبدع في جرائمه و إن كانت القتل بلا قتل. فأي معنى إنساني لثنائية الفقر و الغنى؟
الحكاية قـديمة جدا و قـد وردت في كتابات الأسباط اليهود. الكتابات التي وصلت إلينا. الكتابات التي ألهمتها ثـقـافـة العصر الذي كـتبت فيه. ثـقـافة بابل و آشور. تلك الحضارة التي وصلت إلينا ممزقة كـقـطع متـناثرة و لكن بالمقارنات و الجمع و التأليف تأكـد أن كتابات الأسباط كانت استـلهاما للثـقـافة البابلية و تجاوزا تاليفيا لها. الكتابات العبرانية كانت إبـداعا أدبـيا يـشـفي غـليل المنهـزمين واقعيا و الرافضين استعبادهم من قبل البابليـيـن في عهد الملك البابلي " نبوخذ نصر".. إبداع أدبي اكـتـسى صفة الـقـداسة بما أن المؤلـفين اعتبروا أنفـسهم رجال ديـن.. لا تـكمن الخـطيئة في الإبداع و لكن في التـقـديس الذي يحاول إيقاف نهره الجاري و يحـول المتـشكك و الناقـد و المبدعيـن الآخريـن إلى كـفار.. أليس رجال الدين هم الأقرب إلى الجريمة الأصلية التي تصل عمقها برحابة الخير الأسمى في اتباعهم و الخضوع لهم؟



#هيثم_بن_محمد_شطورو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انك في عصر الإنسان العالمي
- ماذا يخفي العنوان الداعشي؟


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هيثم بن محمد شطورو - دائرة الإسلامي الجحيمية