|
اليسار المتجدد مقابل اليمين المتجذر
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 4730 - 2015 / 2 / 24 - 01:31
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
اليسار المتجدد مقابل اليمين المتجذر مروان صباح / تحالفت الطبقة المتوسطة التى وصفت في حينها بالمتعلمة ، أي المتعلمين ، مع الطبقة الثالثة التى كانت ترزح في أوضاع سيئة في ظل نظام ساد ، انذاك ، عرفت بالحقبة اللوسوية ، بعد أن ساءت الأحوال في فرنسا وعموم أوروبا اقتصادياً ، وتحت ضغط النواب عقد البرلمان الفرنسي اجتماعاً بحضورالملك لويس السادس عشر ، كانت العادة أن يجلس نواب الليبراليون ، ممثلين الطبقة العامة أو الشعب ، إلى يسار الملك وعن يمينه ، طبقة النبلاء ورجال الدين ، ولإصرار المعارضة على مطالبها ، خضع الملك بعد مفاوضات شاقة وساخنة إلى تلبية مطالب من أصبحوا ، لاحقاً ، يطلق عليهم مصطلح اليساريين ، وهي مطالب حددت ، لاحقاً ، بالحرية والإخاء والمساواة ، وحيث ، تنامى تداول مصطلح اليسار ، أكثر ، بين المجتمعات ، بعد الإعلان الشهير لوثيقة حقوق الإنسان والمواطنة ، تبعها ، اعلان ، الجمهورية الديمقراطية . تحاشت الطبقة الأرستقراطية عبر العقود الأخيرة المساس باليسار الأوروبي ، الغربي ، الذي شكل طيلة الوقت معارضة قوية لأي التفاف على انجازات الثورة أو تمكين الارستقراطيين من تشكيل نشاط يصل إلى اعادة تمركز القوة والثروة بأيديهم والتى ، إي الثورة ، قضت على اللامساواة من خلال ترسيخ الديمقراطية وبتزامن اصلاحي أصاب أغلب مناحي الحياة بما فيها ملكية الأراضي ، لكن ، كما واجه اليسار ، في أوروبا الغربية ، الملكية والإقطاعيين تبنى مواقف صريحة لا لبس فيها ، مناهضة الامبريالية العالمية ، المرتبطة ارتباطاً كامل بالرأسمالية ، حيث ، عارض اليسار وجزء من القوميين فكرة اعادة احياء الكولونيالية في مناطق كانت قد خرجت منها عسكرياً ولكنها استمرت ثقافياً وتريد العودة إليها بهدف إدارة اسواقها ومصالحها باعتبارها تائهة وتحتاج إلى من يخطط عنها طالما غير مسموح لها ذلك ، هذا تحديداً ، شهدته في الآونة الأخيرة اليونان ، الحديثة ،عندما اغرقها البنك الأوروبي والصندوق الدولي بجملة ديون وصلت في عام 2014 م إلى 315 مليار يورو ، وبالرغم ، من انتخاب الخط اليساري الممثل بائتلاف الراديكالي سيريزا ، إلا أن ، التحالف الأوروبي وضع خطوط وخطوات لأي محادثات قادمة حول ديون اليونان كمحددات ثلاثة ، حيث ، يريدها قاعدة انطلاق للخروج من الأزمة المالية ، تقول تلك المحددات باختصار ، إما أن تستمر الأوضاع على ما هي عليه أو أن تشهد فترة من عدم الاستقرار ، السداد ، ويتم التفاوض حسب ما يرتئيه البنك المركزي الأوروبي ، أو أن ينتهي بها الأمر بالخروج بشكل مهين من منطقة اليورو ، والراجح ، أن ائتلاف اليسار اليوناني لا يمتلك في واقع الحقيقة عصا سحرية كي يُخرج اليونان من أزمتها الاقتصادية والصناعية والسياحية ، هي بالتأكيد عميقة ، حيث يمتلك ، فقط ، عنصر التمرد على مطرقة البنك المركزي للمجموعة الأوروبية وسندان صندوق النقد الدولي ، لأن هنا من المفترض بديهياً ، أن يرتفع نبرة التمرد الذي سيفرض نفسه على الائتلاف كي يفي بوعوده الانتخابية المناهضة للتقشف ، مما يعني ، أن العدوى اليونانية قابلة لانتشار في دول تعاني من ذات الظروف ولجملة اضطرابات مماثلة في الاقتصاد . منذ السبعينات فشلت جميع المحاولات التى سعت إلى تغيير البنية التحتية للاقتصادية الأوروبي ، وبعد محاولات عدة كان الفشل يتكرر في توحيد العملة الواحدة ، بالطبع السبب ، اختلافات ايدولوجية بين الدول ، نحج الإتحاد الأوروبي بعد سقوط الإتحاد السوفيتي وتوحيد ألمانيا ومشاركة الأوروبيين في الحرب الثانية على العراق ، أن يصدر عملته تحت أسم اليورو ، بديلاً ، للتسمية الأولى ، الإيكو ، وبالتالي ، في نهاية المطاف عبرت الخطوة عن نجاح أولي في تغيير البنية القومية ، الفكرية ، فعندما يتغير الفكر يتغير الاقتصاد ، وهذا ، على الأرجح الذي حصل ، عندما تحول التغيير الفكري ، بالتحديد ، في ألمانيا وفرنسا ، انعكس ذلك على الإتحاد عموماً ، لكن ، الأمر لم يطول كما رغبت الدولتين التى لهما شبه سيطرة على سياسات اليورو ، بالطبع ، نتيجة قوة اقتصادهما ، ومنذ اليوم الأول ظهر انقسام بين الترحيب باليورو في دول مثل ألمانيا وفرنسا ، وغير مرحب ، بالعكس تماماً ، لدول ضعيفة التصنيع والتصدير ، مثل اليونان وإيطاليا ، كان ترحيب الشعوب لهذه الدول باليورو أقل شأناً ومنخفض ، لأن الإدراك الجمعي ترك انطباعاً بأن تداول باليورو سيسبب غلاء أسعار وسيحول أسواق الدول في القارة الباردة إلى نظام رأسمالي متوحش لا يعترف بالكيانات والتجمعات التى من وظيفتها مراقبة الحياة العامة ، ومع عودة روسيا ، اليوم ، قوية بالرئيس بوتين ، بدأ يظهر من جديد الفكر اليساري بشكل متجدد والذي يريد بكل صراحة ووضوح وضع حد لتفشي الرأسمالية المتجذرة بعروق ورثت الارستقراطيين ، الذين يعتبرون الشعوب والدول الغير منتمية لهذه الايدولوجيا ، هي ، عالة وعقبة في طريق طموحاتها الاستعمارية ، الهادفة ، بالعودة إلى الماضي ، مما يتيح فهم ما يجري من صراع هادئ غير مكلف بين الطرفين ، لكنه ، يأخذ شكل وأسلوب جديدين الأول يبتعد عن الأفكار التى سادت في حقبة الشيوعيين ، والأخر ، يتوارى خلف الكنائس والبنوك ، الذي يحقق أمرين ، الأول ، تغيير في نمطية الفكر ، أصبح جاري ويلاحظ نموه ، والثاني يحقق ارباحاً خيالية من خلال التحكم بالفوائد المفروضة على الاقتراض ، حيث ، هناك ملحوظ أخر ، يشير بأن اعتمادها على الناتج الصناعي والزراعي أقل بكثير من البنوك ، رغم ، سعيها الاحتكاري لهما . تخوض اليونان في عهدها الجديد معركة مضادة من موقعها في جنوب شرق أوروبا للمشروع الغربي ، اليميني الوسط ، مُهيأ ، هو لا سواه ، الانتقال إلى أقصى اليمين ، وكما أن الحلف الناتو استطاع إختراع للروس أزمة أوكرانيا ، يبدو الروس ، هم الآخرين ، شجعوا اليساريين بالتمرد على سياسات الإتحاد الأوروبي ، ومادام الشعب اليوناني أختار مواجهة القوى الكبرى التى تتحكم بسياسات الإتحاد من خلال حكومة قوية منتخبة يريدها أن تلعب دوراً أفضل على المسرح الأوروبي ، حتى لو جاء ذلك على حساب حقوقه ومتطلباته وتعافي اقتصاده . العالم شيئاً فشيئاً يُظهر انقسام في الايدولوجيات وأيضاً في المصالح ، حيث ، يضخ تنافر ويشير بأنه يتحضر إلى حرب حارقة ، أوسع وأخطر من الحربين الأولى والثانية ، وبالرغم ، أنه ينقسم حالياً بين حروب مازالت بالوكالة ، وأخرى ، توصف بالصامتة ، كالصين التى تستعيض بموقعها عن اليابان سابقاً ، وإذا جاز القول بأن مازال الزحف الروسي خجول حتى الساعة ، على الأقل لا يقتضي إلى مواجهة عسكرية مع الناتو ، لكن الاحتمالات ، التى يمكن أن تنتج عن اليسار اليوناني إذ ، ما تعممت فكرة التمرد على المنظومة القائمة في القارة الباردة ، قد يكون من الجائز رفع الشأن التحول حسب الوقائع ، وبالتالي ، ما أن يتحرك خطوة ، إلا ، كانت خطوات مستعرة من الجانب الأخر قد تحركت . والسلام كاتب عربي
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عربدة إسرائيلية في عز الظهيرة
-
اندفاع بشري على حمل الأمانة ولعنة الضمير
-
الصدق طريق إلى الخير
-
المباهاة بالأسلاف والانفصام من العروة
-
استراتيجية الحزام الأخضر تتحقق بكفاءة
-
التباس بين الفساد المالي والإداري
-
العربي يحلم بحدائق بسيطة ،، لا معلقة
-
تحديات أوروبية تنتهي بالاستجابة للماضي
-
المحذوف والثابت
-
المخدرات بأقنعة،، مهدئات نفسية
-
مشاريع بحجم وطن
-
كالأطفال نشكو من قلة المياه،،، رغم كثافة أمطار السماء
-
حقول النفط العربية في منظور الرؤية الأمريكية
-
صيدليات ما بعد الحداثة
-
عمليات النصب والاحتيال
-
اللاجئ بين ظلمات البحر وقهر ذوي القربى
-
علاقة أوروبا بتركيا .. تحالف لن يصل إلى إتحاد
-
الكهرباء والماء مسألتا حياة
-
لبنان وصانعاته
-
زياد ،،، واحد من أكثر الأشجار طيبةً
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|