أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خليل اندراوس - علمنة التراث ودمقرطة العالم العربي















المزيد.....

علمنة التراث ودمقرطة العالم العربي


خليل اندراوس

الحوار المتمدن-العدد: 1319 - 2005 / 9 / 16 - 11:54
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الدمقراطية غير ممكنة في فضاء ذهني عقلي وثقافي يحتكم الى المطلق
علمنة التراث ودمقرطة العالم العربي

لا يزال التيار المسيطر في دراسة التراث الفكري العربي – الاسلامي، هو التيار المثالي، والميتافيزيقي والنط العام لهذه الدراسات رؤية منجزات هذا التراث في استقلالية مطلقة عن تاريخية هذه الانجازات، مقطوعة الصلة بجذورها الاجتماعية وترابطها مع الانجازات التي سبقتها تاريخيا.
فقط الفكر الماركسي الجدلي يستطيع ان يرى التراث في حركته التاريخية، وقيمه النسبية والمتغيرة وغير المطلقة.
هناك دراسات قليلة اعتمدت المنهج المادي التاريخي في دراسة تراث الفكر العربي الاسلامي للعصر الوسيط، منها دراسة محمود أمين العالم "التفكير العلمي عند العرب" (كتاب الهلال العدد 177-1965)، ودراسة هادي العلوي "نظرية الحركة الجوهرية عند الشيرازي" مطبعة الارشاد بغداد عام 1971 ودراسة مهدي عامل "ازمة الحضارة العربية ام ازمة البرجوازيات العربية" (دار الفارابي بيروت 1974).
مسألة اعادة النظر من التراث، من وجهة نظر ماركسية مهمة جدا خاصة الآن، عندما يسيطر على غالبية الدراسات بما في ذلك الاعلام الرسمي والفضائيات العربية، التفكير السلفي والفهم الضيق، والجمود والغيبيات في التعامل مع هذا التراث.
فعلاقة الانسان بعالم الغيبيات والمنزّلات او ما يعرف بالعقل الغيبي (مع ملاحظة الاشتقاق اللغوي المفضي الى الغباء) بكل ما يحمله من سلب وهروب وانغلاق وتعصب، استطرادا "طبعا" الى حد المقولة المعروفة عن كيف ان الغيبية تفضي بالضرورة الى الفاشية، او هي تنتهي عادة في احضان وخدمة مصالح احتكارية واستعمارية، كما هو الحادث مع الانظمة الدينية العربية، وهذا ما نلاحظه في المبالغة في التسلط الديني وطباعة الكتب الصفراء والاستحواذ والسيطرة باقصى عنف وشراسة على الادوات، ولقتل الاسلحة الحقة في محاربة الجهل والتخلف، وهي وسائل الاعلام الالكتروني، من راديو وتلفزيون وصحف. لتفريغ الشعارات السياسية من مضمونها الاجتماعي، ولمنع حتمية التغيرات الاجتماعية، واقامة مجتمع مدني تعددي يكرس الدمقراطية كنمط حياة، ولمنع قيام ثقافة حضارية تقدمية منفتحة على الحضارات الانسانية الاخرى قابلة للحوار ولتقبل الآخر.
من اكثر القضايا اثارة للجدل في تحليل تراثنا العربي الاسلامي، هي الكتابات الغربية عن هذا التراث والتي ما زالت مشوهة بمجموعة من التحيزات، نشأت عن تصورات مسبقة اوروبية وامريكية، تحيزات تمتاز احيانا بمواقف شوفينية، عنصرية، غير موضوعية وغير علمية.
وهنا اريد ان اضيف، أي تناول لاي مجتمع ولاي تراث خاص بهذا المجتمع، عربي اسلامي او غيره، لا يمكن بالبدء من هذا التراث او المجتمع وحده، وبرسم تاريخه او قيمه او خصائصه بمعزل عن المجتمعات الاخرى.
عدا عن ذلك علينا ان نرفض فكرة البدء من خصوصية مفترضة ما، مستمدة من الدين او الفضيلة السياسية او القومية، او أي شيء آخر فليست هناك قوميات خاصة، غير متفاعلة، تأخذ وتعطي مع قوميات اخرى، مكونة بذلك حلقات وقفزات تكوّن كلها التراث الانساني العام.
فالعالم العربي الاسلامي ليس فريدا ربما الا في مضمون الخرافات التي تروج عنه من الداخل والخارج. وللانشطة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والتراثية لشعوب هذه المنطقة خصوصياتها واختلافاتها، فيما بينها، وفيما بين الشرق الاوسط الواحد والعالم الخارجي والشواغل المادية، والاجتماعية والنكات، والاستمتاع بالطعام الجيد واهوال القهر السياسي هي نصيب شعوب المنطقة قدر ما من نصيب أي شعوب اخرى في العالم.
ولكن هناك حلقة مركزية تحول دون دمقرطة العالم العربي والعقل العربي العام، والاسلامي، ويتمثل هذا الحائل للدمقرطة بالعجز عن علمنة التراث والفكر فبدون علمنة التراث والفكر لن تقوم قائمة لاي مجتمع دمقراطي علماني في عالمنا العربي.
ومداخلة حسن حنفي (في قضايا فكرية الكتاب الثامن اكتوبر 1989) يعود بازمة الحرية والدمقراطية الى اعتبارها ازمة تاريخنا في الالف سنة الاخيرة حيث يرصد جذورها التاريخية في خمسة جذور.

1- حرفية التفسير: الجمود وضيق الافق، الحرفية ورفض التأويل، وانكار المجاز، واستبعاد التشابه، وتحول الحوار الفكري الى مماحكات لفظية، مما ادى الى قيام طبقة من العلماء تحتكر العلم والتفسير والتألأويل (وفهم التراث)، فالتقت عقلية السلطتين الدينية والسياسية حول (التنزيل) الذي لا يقبل المراجعة، وتنزيل الامر من السلطة الى الشعب دون حق الشعب في مراجعة قراراتها، حيث اقفل باب الاجتهاد وساد التقليد والتظاهر والتبعية.
2- تكفير المعارضة: فمنذ بيعة يزيد بن معاوية تتدخل السلطة في الخلافات الفكرية، فالدولة الاموية تؤيد "جبرية" الجهم بن صفوان، وتعارض "الحرية" عن معبد الجهني وغيلان الدمشقي وعمر بن عبيد.
والمأمون ينتسب لعقيدة خلق القرآن فيعذب في ذلك احمد بن حنبل، وتدور الدائرة فينتسب المتوكل الى الاشعرية فيبدأ اضطهاد المعتزلة، فكيف يتم الحوار اذا والسيف مرفوع منذ الف عام وحتى اليوم على رقاب اصحاب الرأي والاجتهاد (واكبر دليل على ذلك تكفير نصر حامد ابو زيد).
3- سلطوية التصور: حيث سيادة التصور الاشعري للعالم القائم على تصور سلطوي مركزي اطلاقي، فليس للانسان الا ان يكسب ما يهيئه الله له، لان الانسان لا يستطيع ان يفعل الا اذا تدخلت الارادة الالهية لحظة فعله، وجعلته ممكنا والا استحال الفعل، والانسان يعيش في عالم لا يحكمه قانون، وليست به غاية، عالم خاضع لسلطة مطلقة لا يستطيع الانسان لها دفعا، ومن هذا التصور المركزي للعالم جاءت فكرة الزعيم الاوحد والمنقذ الاعظم ومبعوث العناية الالهية وسلطوية التصور هذه تحولت الى تسلطية النظم والاعلاء من شأن القمة على القاعدة والاعلاء من شأن السلطة على الشعب.
كل هذا متناسين قول الآية التي تحيي ثقة الناس بانفسهم حتى خاطبهم بقوله: "كونوا ربانيين"
وفسر الرسول مفهوم الآية فقال: "تخلقوا باخلاق الله"
وامسك إمام من أئمة التصوف الاسلامي زمام الحديث فقال: "ان الله عبادا – اذا ارادوا – اراد".
4- تبرير المعطيات: فالعقل لا يعارض او ينتقد او يتساءل عن صحة المعطى لذلك اختفى التناقض، وضاعت الحركة بين الاضداد.
5- هدم العقل: منذ هجوم الغزالي في القرن الخامس الهجري، على العلوم العقلية وقضائه على الفلسفة وعدائه لكل اتجاه حضاري عقلاني، وتنكره لكل العلوم العربية الاسلامية بما في ذلك علوم الكلام والفقه والحكمة، وباستثناء علم التصوف، اصبحنا في المعرفة صوفية وفي الاخلاق اشعرية.
من هنا فالاستبداد السياسي والتصور السلطوي للعالم، والتعامل السلفي مع التراث، كنص، كمعطيات، كتفسير حرفي، يستحيل في هذا الوضع التفكير بالدمقراطية كممارسة سياسية للنسبي والممكن.
فالدمقراطية غير ممكنة في فضاء ذهني عقلي وثقافي، يحتكم الى المطلق، ولا يرى حضارة كل شعب بما فيها التراث من منطلق جدلي تاريخي مادي.
وفقط بالغاء جميع المطلقات بما فيها المطلق في التراث، واحلال مطلق وحيد محلها هو حرية الفكر في جميع الميادين، وبالتالي "تفترض الدمقراطية العلمانية شرطا" لها لا مفر منه، تفترض الغاء الدين بوصفه نظام حكم – فهو نظام ذو طابع اخلاقي قيمي فقط – واقامة بديل ذي طابع اجتماعي بحت تحدده الظروف التاريخية.
"اما ان تنبعث الانوار من الداخل او لا تنبعث"، لن يأتي النور من امريكا بل من عقولنا. ومن الذين بشروا بالدمقراطية والعدالة الاجتماعية، ومراجعة التراث على اساس علمي مثل شبلي شميل وفرح انطون، ولطفي السيد وطه حسين واحمد امين ومحمد حسين هيكل وعلي عبد الرازق، كل هؤلاء طرحوا قراءات جديدة للتراث قادرة على ادراج منظوماتها المنهجية الحديثة في موضوعات فكرية وثقافية محلية، فيتاح للذات الثقافية للامة ان تغتني برؤى ومنظورات جديدة على ذاتيتها ونسق خصوصيتها فنخرجها من عزلتها وانكفائها المحلي الاقليمي، والقومي لتكون جزءا من حركة ثقافية كونية شاملة.
وهذا لا يعني ان العلمانية مترادف لمعاداة الدين، فهذا خلط لا اساس له، بل ان العلمانية من شأنها ان تحرر الدين من استغلال السلطة له. (د. امين: الاجتهاد والابداع في الثقافة الودية امام تحديات العصر قضايا فكرية مصدر سبق ذكره ص 298).
وهنا بودي ان اطرح تساؤلا، لماذا حين يذكر التراث يتبادر الى الذهن الدين، ولماذا عندما تشتد ازمات هذه الامة، نعود للتراث والافكار السلفية بدل ان نعالج مشاكل الحاضر، ونبني من اجل المستقبل.
وكأن العربي كتب عليه دون البشر كافة ان يسير قدما الى الامام بينما يلتفت رأسه الى الخلف.
هناك من يريد ان يختزل التراث في الاسلام وتحويله الى هوية يمثل التخلي عنها وقوعا في العدمية والضياع. هذا الوضع يختلف اختلافا جذريا عن علاقة اسلاف امتنا بالتراث الانساني السابق عليهم والمعاصر لهم على السواء، فقد استوعب الاسلام كل التراث الانساني السابق عليه وخاصة "الحضارة اليونانية" واخضعه للرفض والقبول، فاستوعب تراث الامم الاخرى بطريقة فعالة حولت هذا التراث الى جزء اساسي من الحضارة الانسانية.
وكما تم اختزال التراث في الاسلام تم اختزال الاسلام بدوره في احد بعديه الاسلام الاشعري الرجعي المسيطر، في غالبية الاقطار العربية عبر الاعلام والفضائيات، او الاسلام الفلسفي التقدمي المهمش (من منا اليوم يسمع او يقرأ او ينشر كتب خالد محمد خالد الفيلسوف الاسلامي التقدمي).
واذا كانت شمولية "الدين" او سيادة سلطة النصوص، هي التي ادت الى ضمور مفهوم "التراث" ووقوفه عند حدود التراث الديني، فان آلية "توليد النصوص" هي المسؤولة عن جعل التراث الديني الاطار المرجعي الوحيد للعقل العربي. وقد ساعد على تثبيت هذه الآلية "ركود الواقع العربي" اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا وسياسيا".
فمنذ ان عرف الواقع العربي فكرة "الدولة" لم تفارق الدولة مفهوم "القبيلة" الا نادرا وقراءة ابن خلدون للتاريخ العربي تؤكد هذا الالتباس بين المفهومين. وحتى في عالمنا المعاصر هناك الكثير من الدول العربية تحكمها القبائل او العائلات (من آل سعود الى آل نهيان الى العائلة الهاشمية او العلوية)، فبدون استقلال ادوات انتاج المعرفة بكل فروعها من العلوم ومراجعة التراث بشكل علمي والفنون والاغاني والاناشيد مرورا بالفلسفة والفنون والآداب عن سلطة السياسي، لا يمكن دمقرطة العالم العربي.
ان السياسة فيما يقال هي فن تحقيق الممكن، اما المعرفة فهي فن بناء المستقبل وتحقيق المستحيل، وهذا ما نحن بحاجة اليه علمنة الفكر والمعرفة.

النص والسلطة
ارادة المعرفة وارادة الهيمنة - د. نصر حامد ابو زيد
الخطاب والتأويل – د. نصر حامد ابو زيد
علمنة الدولة وعقلنة التراث العربي – شوقي عبد الحكيم
الدمقراطية بين العلمانية والاسلام – د. عبد الرازق عيد
د. محمد عبد الجبار
الحداثة وما بعد الحداثة – د. عبد الوهاب المسيري
د. فتحي الشريكي
الهوية ازمة الحداثة والوعي التقليدي – حليم بركات

(كفر ياسيف)



#خليل_اندراوس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إمبراطورية الشر - من وجهة نظر ماركسية
- بعض ملامح مملكة الحرية - مجتمع المستقبل


المزيد.....




- القائد العام لحرس الثورة الاسلامية: قطعا سننتقم من -إسرائيل- ...
- مقتل 42 شخصا في أحد أعنف الاعتداءات الطائفية في باكستان
- ماما جابت بيبي..استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي وتابعو ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح ...
- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خليل اندراوس - علمنة التراث ودمقرطة العالم العربي