رائد الحواري
الحوار المتمدن-العدد: 4729 - 2015 / 2 / 23 - 21:56
المحور:
المجتمع المدني
السادية العربية
عندما شخص هشام شرابي المجتمع العربي قال عنه/ مجتمع يعاني من العجز، الاتكالية، التبربر، إسقاط غضبه على من هم اضعف منه، لكن بعد مرور أكثر من أربعين عاما على توصيفه، وجدنا هناك مرض جديد يضاف إلى هذه الأمراض، السادية، وهذه السادية مركبة، بمعنى، أن المواطن العربي العادي قبل أن يصل إلى أي مركز قيادي أو متنفذ يكون ساديا، يتعامل مع الآخرين بطريقة فوقية صارمة، تصل إلى الشتم والسب والاتهامات الباطل، كل هذا لكي يجد مبرر يقنع به نفسه بأنه على حق، وأيضا بأنه حر وصاحب سيادة، من هنا يقوم بهذا الأمر.
لكن المفارقة الكبير تكمن عندما يصبح هذا المواطن في مركز سيادة أو متنفذ، فأنه يدعوا من هم دونه ـ الموظفين تحت إمرته ـ إلى الشد على المواطنين العادين وعدم ترك الحبل على الغارب، متجاهلا ما قام به بالأمس القريب، فهو من خلال هذا السلوك يظهر لنا بان هناك حالة مرضية تضاف إلى ما يعانيه المجتمع تتمثل في السادية بشكليها، الأولى السب والشتم، والثانية إصدار الأوامر والتعليمات متناقضة مع سلوكه العادي والطبيعي، لكنه عن طريق هذه الأوامر يريد أن يقنع نفسه بأنه صاحب قرار، وانه انتقال من مرحلة العادي إلى مرحلة ما بعد العادي، لكنه في حقيقة الأمر لم يخرج عن ذاته فهو ما زال يعاني من حالة النقص والضعف والقهر، فلا بد من وجود مكب/ تفريغ لهذا المرض، وبالتأكيد سيكون الآخرين، الأقل شئنا هم هذا المكب.
سأعطي أمثلة حية على هذا المرض، احد الأشخاص المتنفذين والكبار جدا والمحسوب من قيادات الأمن اصدر قرارا بمنع تداول أي أغنية من أغاني مارسيل خليفة، لكن بعد اقل من عامين، وبعد أن تم تسريحه من الخدمة الأمنية، وأصبح عضو مجلس الشعب/ النواب/ الأمة، وجدناه يتحدث عن الحرية وضرورة احترم حق المواطن في التعبير عن رأيه، لن ادخل في تحليل هذا الموقف ولكل منا أن يستخرج منه ما يريد.
الموقف الثاني مواطن عادي جدا، لكنه يعتمد على قوة القبيلة، أو معارفه من اصحب النفوذ، أو شعوره بان من يقف أمامه هو اضعف من أن يقوم بأي عمل أو إجراء ضده، نجده يسب ـ من تحت الزنار ـ ويتهم ويصرخ ويلعن عندما تطالبه بدفع ما عليه من مستحقات مالية، لكنه ما أن يصل إلى موقع المسؤولية، تجده يطالب من هم تحت رأسته أن يقوموا بضغط على المواطنين وتحصيل تلك المستحقات، أيضا ساترك هذا الموقف دون تحليل ولنا جميعا أن نفكر به.
والموقف الثالث يتمثل في نقد مواطن عادي لسلوك أحد الموظفين، "الموظف يتأخر، لا يقوم بعمله، متكاسل، مهمل، يتغيب كثيرا، لا يوجد من يحاسبه، النظام فاسد ..."، لكن ما أن يصل هذا المواطن إلى تلك الوظيفة نجده أكثر سوءً ممن انتقده بالأمس، وأيضا لن نحلل هذا الموقف، فكلا منا له مداخله لكي يستنتج ما هذه الحالة ما يريد.
رائد الحواري
#رائد_الحواري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟