أحمد كاطع البهادلي
الحوار المتمدن-العدد: 4729 - 2015 / 2 / 23 - 12:01
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يحكى أنه كان هناك وطن ! يحمل كل هموم أبنائه صغيرهم قبل كبيرهم.. كان في ما سبق أنين أوجاع المتيم وحنين العاشق أقضَّه سأل عن زرعه إذا اخضر وعن ضرعه إذا اصفر.. محب للحياة بكل تقاسيمها.. يشاركهم وجعهم ويحمل أغراضهم إن عصفت بهم دنيا الرزايا, كان وطني ترنيمة عاشق صلباً صلداً لا تهزه أعتى رياح، ولا تقضه أشرس نباح، فكان فيما مضى دفيئاً في الشتاء وبردياً في الحميم المستعرة . للأسف لم يبقَ منه إلا الأشلاء , أشلاء وطن ممزق ضجت على أرضه ضحكات العذارى، وهن يلعبن على مغانيه، يا ترى من يرجع وطني السليب؟ ومن يهدي لنا الابتسامة التي فارقت ثغرنا وسافرت إلى المجهول؟! وفي كل يوم وأنا أرى القرابين على مذبحه أتألم وأبكي علِّي أجد القشة التي قصمت ظهره، وأناخت برحله، وأودعته حفر العذاب مريضاً كئيباً منزوياً بعيداً عن إخوته، ولكني للأسف لم أجد سوى كلاب وذئاب تناهشت جسده وتلاعبت بدماء أبنائه وجعلتهم للفتن غرضاً، وللحروب حطباً، فها هم أخوة يوسف جرَّدوا السيف عليه، واحتزوا مقدم رأسه وناولوه السم بالعسل، وكل ذلك قبل أن يزأر ويريهم حمم بركانه؛ لأنه للأسف لما يُفِقْ من صدمته حتى طُعِنَ في خنجر الوطن نعم، الوطن غصنه الذي غذاه ورباه وأطعمه وسقاه، وهو ينادي إلى عنان السماء "متحوقلاً" وإلى المؤرقين متبسماً رغم الجراحات والعذابات والخنجر المسموم مغروسة ولات حين مناص أي الأمرين أحجى وأمر ذئب جاء من خلف الحدود أم وحش كاسر خان الأكل والزاد، أكيد إنه ابن الوطن علهم يفيقوا او يفيئوا لرشدهم ويرتدعوا عن غيهم حتى لا تكون الساعة قد حانت، والليل لما ينجلي والصبح قادم، فقصة وطني المبعثر لن تطول ودماء أبنائه لن تذهب أدراج الماء فالأحمر لن ينقلب أبيضَ والحق سيعلو ويعلو رغم أنوف صدئة لا تعرف إلا أن تكون خؤونة مرتمية بأحضان أجلاف الغبراء، ومعشعشة في سراويل جوفاء, فليس لكم إلا بلدكم وليس يطيب عيشكم إلا بهمة أبنائكم فعوا وارشدوا، وليسمع منكم حاضركم غائبكم أن العراق لن يزحف، وحضارته لن تموت فذاك حمورابي وتلك زقورة أور ليعلنا مسلة الحب والعشق لوطن جريح متشظٍ يرقد بين الرماد ليعلن قيامة الموتى وثورة الأحرار على من خانوه وباعوه.
#أحمد_كاطع_البهادلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟