|
النخب السياسية اليمنية ونجاح المشروع التصالحي
عبد الله اليماني
الحوار المتمدن-العدد: 4728 - 2015 / 2 / 22 - 10:54
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عملت الولايات المتحدة الإمريكية بعد دخولها القرن الحادي والعشرين على تصدير مشروع خبيث للمنطقة الإسلامية، ألا وهو مشروع الشرق الأوسط الجديد، وهو في الوقت نفسه مشروع الفوضى الخلاقة المبني على إسقاط الأنظمة الدكتاتورية والمجيء بأنظمة لا تكاد تختلف عنها إلا ببعض الديكورات؛ وتشجيع الروح القومية والطائفية بل وحتى القبلية، وتنميتها لتبلغ مرحلة الانفجار، لتكوين كونتونات والنزوع إلى مرحلة التقسم؛ للتهيؤ لإعادة تقسيم المنطقة على أسس غير الأسس التي قسمت على أساسها في اتفاقية سايكس بيكو. أول بلد جرَّبـت فيه الولايات المتحدة الأمريكية مشروعها هذا هو العراق، وقد نجحت نجاحاً باهراً في تفتيت عرى أواصر الوحدة والوئام والسلم الأهلي، فمناطق الوسط والجنوب "الشيعي" عُرِّضَت لعمليات تفجير متنوعة لا يتصورها عقل بشري من تفخيخ السيارات والانتحاريين وتفخيخ الجثث والحيوانات بل المنازل ..وهلم جراً، وعلى الرغم من فتاوى المرجع الشيعي علي السيستاني للتهدئة وعدم الرد وعدم توجيه الاتهامات للمكون السني في المنطقة الغربية، إلا أن الجماعات الإرهابية المرتبطة بالمشروع الأوسط الجديد أدركت أن تهديم مراقد الشيعة هو الذي سيؤجج الموقف، وفعلاً فجرت مرقد العسكريين في سامراء ونشبت الحرب الطائفية في العراق أعقبتها توترات كبيرة بين الحكومة المركزية "العربية" وبين الشمال "كردستان" وصرحت قيادات الكرد عزمها على الانفصال عن حكومة العراق المركزية. أما مصر وتونس فتجربتهما تختلف قليلاً أو كثيراً عن العراق، لأسباب ديموغرافية وتعقيدات في مسألة المحاور، فضلاً عن تجذر المؤسسة العسكرية في مصر وقوتها نسبياً مما جعل مصر بمنأى عن التجربة العراقية، وقوة التيار اليساري في تونس أنتجت النتيجة نفسها. لكن التجارب التي أشبهت التجربة العراقية هي التجربة الليبية والتجربة السورية، فتمزق المجتمع وانهارت الدولة فيهما، وتصدرت المشهد فيهما الجماعات الإرهابية الدموية التي لم ير التاريخ مثلها قط.... وماذا بعد؟ بعد هذا جاء دور اليمن، ولا أراني مضطراً لسرد بدايات التجربة الجديدة من 11 فبراير في 2011 وليس انتهاءً بــ"الإعلان الدستوري" الذي أعلنه "أنصار الله" لكن ما أريد الإشارة إليه هو خروج النخب السياسية اليمنية بمختلف مشاربها من هذا المأزق وبداية الاتفاق على مشروع إدارة الدولة التشاركي، وعدم الانسياق إلى الخطوات التصعيدية التي يريدها الخارج المتشفي! فبعد الفراغ الذي مر به اليمن في الفترة القصيرة الماضية أنذر بتشتيت الجهود اليمنية وتمزيق البلاد إلى قبائل وطرائق قدداً وأقاليم تابعة لهذه الدولة أو تلك. أعتقد جازماً أن الإخوة في دول الخليج لم يكونوا راضين عما نتج من سيطرة أنصار الله، على الرغم من أن هذه الحركة هي حركة سياسية يمنية حالها حال حزب الإصلاح والمؤتمر الشعبي والحزب الناصري والحزب الاشتراكي، بيد أن مخاوف العربية السعودية التي وصلت إلى حد "الوسواس والهوس" من التمدد الإيراني جعلتها بالتعاون مع الإخوة في مجلس التعاون الخليجي تحرض مجلس الأمن على التدخل في اليمن تحت الفصل السابع، وهو أمر يكاد يشبه الجنون والتخبط في هذه المواقف، فبدلاً من السعي إلى الضغط على الأطراف القريبة منها!! لإيجاد منطقة مشتركة يمكن من خلالها إدارة الحوار الداخلي، بدلاً من ذلك زادت الطين بلة وأرادت أن تسري النار في هشيم الوضع اليمني الملتهب أصلاً! لكن الجهود المضنية التي بذلها المبعوث الأممي "جمال بنعمر " قد أتت أكلها، واستطاع لملمة الأحزاب والقوى السياسية اليمنية، وأعلن في صفحته على الفيس بوك التوصل مبدئياً إلى شبه توافق على تكوين مجلس انتقالي لإدارة المرحلة الانتقالية. إن السير في هذا المنحى العقلاني والحكيم سوف يفوت الفرصة على كل من يريد بأرض وشعب الحكمة أن ينجر إلى مشهد الذبح والدم وتناثر الأشلاء والسبي واستحداث سوق للنخاسة كما هو الحال في الموصل والرقة ونحن في القرن الواحد والعشرين!! الشعب اليمني الذي أراد له البعض أن يتقاتل وأن يحشد بعضه ضد البعض الآخر والخروج بتظاهرات ضد هذه الجهة أو تلك، حريٌّ به في هذه المرحلة أن يعضد موقف النخب السياسية بتكوين رأي عام يقوده المثقفون وأصحاب الأقلام والإعلاميون؛ من أجل تأييد هذا المنحى السياسي الذي يجنح نحو السلم الأهلي، وربما ستكون الدعوة إلى المسيرات التأييدية لهذا المنحى تضم بين جنباتها كل أطياف الشعب أروع خطوة في تصوير المشهد اليمني المتحضر. ونرجو أن لا يكون خروج الرئيس المستقيل من صنعاء ووصوله عدن فيه منحى يتقاطع من المنحى المذكور آنفاً، وأن لا يعكر صفو الساعات الأخيرة التي أعلن عنها بنعمر، بحجة أن شرعية الرئيس هي التي ينبغي أن تقود المرحلة تحت شرعية المبادرة الخليجية.. الله الله في اليمن .. لا يسوِّل لكم أحد شرعة التفرق والتشتت.
#عبد_الله_اليماني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اليمنيون يعانون وإخوة يوسف يُصعِّدون
-
بعبع داعش والقاعدة حقيقة أم ابتزاز سياسي للحوثيين
-
الملف اليمني بين فكي الماكنية الإعلامية
المزيد.....
-
الأردن.. ماذا نعلم عن مطلق النار في منطقة الرابية بعمّان؟
-
من هو الإسرائيلي الذي عثر عليه ميتا بالإمارات بجريمة؟
-
الجيش الأردني يعلن تصفية متسلل والقبض على 6 آخرين في المنطقة
...
-
إصابة إسرائيلي جراء سقوط صواريخ من جنوب لبنان باتجاه الجليل
...
-
التغير المناخي.. اتفاق كوب 29 بين الإشادة وتحفظ الدول النامي
...
-
هل تناول السمك يحد فعلاً من طنين الأذن؟
-
مقتل مُسلح في إطلاق نار قرب سفارة إسرائيل في الأردن
-
إسرائيل تحذر مواطنيها من السفر إلى الإمارات بعد مقتل الحاخام
...
-
الأمن الأردني يكشف تفاصيل جديدة عن حادث إطلاق النار بالرابية
...
-
الصفدي: حادث الاعتداء على رجال الأمن العام في الرابية عمل إر
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|