حميد طولست
الحوار المتمدن-العدد: 4727 - 2015 / 2 / 21 - 23:20
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لقد الأحداث الإرهابية الهمجية المروعة ، التي هزت المجتمع الفرنسي ومن خلاله العالم ، لنا نحن الذين لنا أهل وأقرباء في فرنسا ، في قلق بالغ وخوف شديد ، من تحول تأثير تلك الأحداث على علاقة المجتمع الفرنسي بعموم المهاجرين المسلمين المقيمين والدارسين بفرنسا عامة ، وباريس ، موقع الحدث ، على وجه الخصوص ، وذلك نتيجة لتعرض له الرأي العام الفرنسي من تحريض ضد المهاجرين المسلمين ، ما دفع بي وزوجتي ، للاتصال هاتفيا بابننا الذي يسكن بالديار الفرنسية ، للاطمئنان على أحواله في ضل الأجواء الجديدة التي فرضتها ظروف الأحداث المؤلمة الأخيرة ، والتي علمنا من رد ابني بأن الأمور عادية ، وأن الغالبية العظمى من الفرنييين يتعاطفزن مع المهاجرين المسلمين ، وأن الأكثرية تنزههم عن الإرهاب ، بل وأن الكثيرين منهم يشيدون بشجاعة الشرطي المسلم الذي قتله الإرهابيون وهو يطاردهم ، ويحتفون ببطولة البقال المالي المسلم ، الذي خاطر بحياته لإنقاذ المتبضعين الفرنسيين المحتجزين ، بإخفاء بعضهم داخل ثلاجة المتجر الذي يشتغل فيه ، والذين كان من بينهم يهود .
مثل هذه العلاقة الإنسانية بين الناس ، التي تعبر عن حقيقة جوهر الإنسان وطيبته وإنسانيته ، وتفرض عادة التعايش السائد بينهم كفرق ونحل وأفكار ، هي ما يسعى الإرهاب إلى تخريبها ، بافتعال الصدام ، وإشعال حرائق التفرقة في المجتمعات المختلطة ، بشعارات إسلامية تخدع الجماهير البسيطة في دول ضعيفة من ناحية التنمية السياسية وانتشار الأمية والجهل فيها .
لكن الأمور لم تمر هذه المرة ، كما اعتاد المتطرفون أن تمر في السابق ، وجاءت نتائجها عكس مبتغاهم وأهدافهم المسطرة ضمن مفاهيم الصدام - الذي يحدثونه في كل مجتمع يندسون فيه ، تحت الكثير من ذرائع الإسلام السياسي التي يسهل اختيارها أو اختلاقها - ففوتت عليهم فرصة تحريض المهاجرين المسلمين ضد الفرنسيين ، وتأليب الرأي العام الفرنسي على المهاجرين المسلمين ، للانتقام من بعضهما ، وذلك لأن المجتمعات المعاصرة لم تعد كالمجتمعات القديمة ، كما في المقولة التي وجهها جان جاك روسو في رسالته التاسعة لمواطني جنيف الذين كانوا يحاولون أن يظهروا بمظهر الجمهوريين :" لم تعد الشعوب القديمة نموذجا للشعوب الحديثة " لتشبعهم بمشاعر الإنسانية ، بما فيهم المهاجرين المسلمين الذين يعيشون في بلدان المهجر الديمقراطية ، كفرنسا التي استطاع رئيسها ، فرنسوا هولاند ، أن يداوي العلاقات ضد الكراهية والعنصرية ، بكلمته الإيجابية التي دافع فيها عن الجالية المسلمة في بلاده ، واحتفى فيها بأبطال المسلمين الذين بذلوا أعظم التضحيات لحماية الفرنسيين من الإرهاب في أحداث شارلي
#حميد_طولست (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟