|
التدخل الانساني ظاهرة غير انسانية
غسان عبد الهادى ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 1319 - 2005 / 9 / 16 - 11:31
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
ظاهرة "التدخل الإنساني" ليست جديدة فى العلاقات الدولية، ولكنها أصبحت بارزة ومميزة بصورة كبيرة بعد انتهاء الحرب الباردة وبروز النظام الدولى الجديد الذى تهيمن عليه الولايات المتحدة الأمريكية، إذ نتج عن سقوط المنظومة الاشتراكية تفشى الصراعات الداخلية فى الكثير من الدول مما أدى إلى انتشار العديد من المظالم والحروب والصراعات الداخلية والإقليمية وخاصة ما يتعلق بالعرقيات، ففرض هذا على الدول والمنظمات الدولية مبرر التدخل لحماية هذه الأقليات تحت مسوغات حماية حقوق الإنسان وحماية الأقليات وتقديم المساعدة الإنسانية، ومما ساعد على ذلك سعى الدول الرأسمالية وخصوصاً الولايات المتحدة الأمريكية إلى نشر القيم الغربية والفلسفة الرأسمالية المتمثلة فى الليبرالية والديمقراطية وآليات اقتصاد السوق وخصوصاً فى الدول الناشئة والمتحولة. يشتمل التدخل الإنسانى على المساعدة الإنسانية والتدخل العسكرى بشقيه السلمى والحربي، ويتم ذلك فى الغالب تحت غطاء قانونى من الأمم المتحدة، ولكن ذلك يتعارض فى بعض جوانبه مع مفاهيم ثابتة فى القانون الدولى والعلاقات الدولية مثل مفهوم السيادة وعدم التدخل فى شؤون الدول المستقلة المنصوص عليها فى القانون الدولي. يتضمن الكتاب "التدخل الانسانى فى العلاقات الدولية" الذى صدر مؤخراً عن مركز الدراسات والبحوث الاستراتيجية فى ابو ظبي، دراسة نظرية لظاهرة التدخل الإنسانى والحالات التاريخية التى تمت فى العلاقات الدولية، ودراسة مسألة التدخل الإنسانى فى القانون الدولى ومدى مشروعية هذا التدخل. وكذلك تطور هذه المسألة بعد انتهاء الحرب الباردة والجوانب التى وصلت إليها، وينتهى الكتاب بدراسة ثلاث حالات تطبيقية من التدخل الإنسانى تمت فى العراق والصومال وكوسوفو، تبين التوظيف السياسى لنظرية التدخل الإنسانى فى العلاقات الدولية المعاصرة ومدى قانونيتها والفائدة المرجوة منها. ينطلق الكتاب من أن الدولة القوية توظف إمكانات قوتها فى حال تعرُّض مصالحها السياسية والاقتصادية والاستراتيجية للخطر من أجل القضاء على مصادره. ولولا هذه القوة لما تمكنت هذه الدولة من القيام بالتدخل أو حتى التفكير فى إحداثه. وتختلف دوافع الدول باختلاف مصالحها عند اتخاذ قرار التدخل، فقد يكون تدخل دولة فى شؤون دولة أخرى ناتجاً من دوافع أمنية أو اقتصادية أو أيديولوجية أو إنسانية، أو لتحقيق المكانة الدولية. وهكذا تترك الدوافع والعوامل الإنسانية -أحياناً- أثراً مهماً فى اتخاذ قرار التدخل لدى بعض الدول، لوقف المعاملة القاسية واللاإنسانية التى يتعرض لها الإنسان فى دولة أخري. ويوضح أن مفهوم الإنسانية مرتبط بنظرية حقوق الإنسان وفكرة المساعدة الإنسانية، لأن ما يمس الإنسان فى جسده وكرامته له صلة بالنظرية الإنسانية. ويميز الكتاب بين اتجاهين، الأول يربط مفهوم التدخل الإنسانى بالانتهاك الصارخ والمنظم لحقوق الإنسان، ومن ثم يمكن استخدام القوة المسلحة للدفاع عن حقوق الإنسان الأساسية التى تتعرض لانتهاكات صارخة كما فى حالات الإبادة الجماعية والتطهير العرقي. أما الثانى فيربط بين مفهوم التدخل الإنسانى وحماية رعايا الدول المتدخلة، بوصفه حالة من حالات الدفاع الشرعى عن النفس، ولولا صلة الجنسية والمواطنة التى تجعل القانون الدولى يسمح بالتدخل الإنسانى لأصبح استخدام القوة انتهاكاً غير مشروع لسيادة الدول الأخري. وتجدر الإشارة هنا أن التدخل الإنسانى ليس منصبّاً إلا على حماية مواطنى الدولة المنتهكة لحقوق الإنسان الأساسية، أما بالنسبة إلى الرعايا الذين يحملون جنسية دولة أخري، فإجراءات حماية دولهم الدبلوماسية تسوغ تدخلها الدبلوماسى من أجلهم، أما ما يغاير ذلك فيكون انتهاكاً غير مشروع لسيادة الدولة على أراضيها. ويشير إلى أن للتدخل الإنسانى أشكالاً مختلفة تندرج من الوسائل السلمية إلى الوسائل العسكرية من أجل وقف المعاناة الإنسانية، سواء كانت ناتجة من كوارث طبيعية أو كوارث إنسانية، مع العلم أن التدخل الإنسانى لكى يكون شرعياً يجب أن يُنفذ من خلال عمليات الأمن الجماعى وفقاً لميثاق الأمم المتحدة فقط، كما أن التدخل الإنسانى ينأى عن أن يكون إنسانياً إذا كانت أسبابه تتضمن حماية المصالح السياسية والاقتصادية للمتدخل، أو إذا كانت وسائله أو نتائجه تزيد حدة المعاناة لمن هم هدف التدخل الإنساني. ولفت الكتاب إلى أن العُرف الدولى التقليدى سمح بالتدخل العسكرى من جانب إحدى الدول أو عدد منها فى الشؤون الداخلية لدولة أخري، إذا هدف إلى حماية حقوق الجنس البشرى والقواعد الإنسانية، أو ما يعبر عنه بلغة العصر "حقوق الإنسان"، وقد سوغ هذا التدخل من خلال قواعد الأخلاق والاستجابة الانفعالية للرأى العام العالمي، فضلاً عن تحرك الدول العظمى لحماية مصالحها الوطنية. والحقيقة أن هذا العُرف قد وُجِد فى ظل سيادة مفهوم القوة فى العلاقات الدولية وغياب الرادع التنظيمى الدولى آنذاك. ولذا اعتبر الفقه التقليدى التدخل الإنسانى حقاً يفرض على الدولة المتحضرة وقف الاعتداء على الإنسانية برغم اختلاف الفقهاء على تحديد المقصود به، فبعضهم حدده بتخليص شعب مظلوم من قبل شعب آخر، وبعضهم الآخر حدد الغرض منه بوقف أعمال القتل والاضطهاد ضد مواطنى الدولة المتدخلة، ومنهم من قصره على وضع حد للاضطهاد الديني. ويبين الكتاب أن القانون الدولى المعاصر لا يستسيغ فكرة التدخل الإنساني، لأنها تشكل محاولة لبعث الاتجاه الاستعمارى القديم الذى يبيح التدخل لعوامل إنسانية فى الظاهر، ولكن القصد الحقيقى منها هو فرض الهيمنة الاستعمارية على دول الجنوب التى لم يكن يسمح لها بالاستفادة من مبدأ عدم التدخل فى الشؤون الداخلية للدول. ثم إن حق التدخل لا يأخذ التحولات الجذرية التى عرفها القانون الدولى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية بالحسبان، وعلى وجه الخصوص تصفية الاستعمار وانتهاء العمل بتقسيم الدول إلى متحضرة ووحشية، ووضع حد لكون القانون الدولى حكراً على الدول الغربية، كما ظهرت الآليات التى توفر الحماية الدولية لحقوق الإنسان على المستويين الدولى والإقليمي.
النظام الدولى بعد الحرب
لم ينتج من نهاية الحرب الباردة انهيار منظومة الدول الاشتراكية فقط، وإنما تمت مراجعة كل المنظومة الفكرية والقيمية للأيديولوجية الشيوعية بعد فشل التجربة السوفييتية، بحيث استطاعت منظومة الدول الرأسمالية بقيادة الولايات المتحدة الأميركية الانفراد بالهيمنة على النظام الدولى الراهن، ومن ثم حاولت وضع آليات جديدة لتنظيم التفاعلات الدولية السياسية والاقتصادية. وقد وظفت الولايات المتحدة الأمريكية تفوقها العسكرى فى ظل المتغيرات الدولية الجديدة بما يحقق مصالحها السياسية والاقتصادية ويضمن استمرار هيمنتها على النظام الدولى من خلال جعل الأيدولوجيا الليبرالية وقيم النظامين الديمقراطى والرأسمالى نموذجا مثالياً تطبقه دول العالم مقتدية فى ذلك بخطى التجربة الأمريكية، وقد استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية لتحقيق ذلك كلا من الأمم المتحدة كأداة سياسية وعسكرية وصندوق النقد والبنك الدوليين كأداة اقتصادية، حيث تفترض الولايات المتحدة الأمريكية بأن تعميم الديمقراطية وحقوق الإنسان كقيم عالمية وفقا للنموذج الغربي، سيؤدى إلى حفظ السلام والأمن الدوليين، ما دامت التعددية السياسية والانفتاح الاقتصادى يوفران طرقا عدة لتسوية النزاعات الدولية سلميا. فمثلا تؤدى الانتخابات إلى حسم الحروب الأهلية وتوفير الفرص الأفضل لحماية الأقليات، وهو ما يؤدى إلى تحسن الوضع الاقتصادى ونشر الحرية السياسية الكفيلة بالقضاء على الكراهية والتطرف والإرهاب، ومن ثم احترام القوانين الدولية.
الحالات التاريخية
والتدخل الإنسانى ظاهرة قديمة فى تاريخ العلاقات الدولية، فالمعاهدة الدولية الأولى التى عُرفت فى تاريخ البشرية ترجع إلى عام 1978 ق.م. بين رمسيس الثانى وملك الحثيين، وقد نصت على أنه "إذا هرب شخص أو اثنان أو ثلاثة من أرض مصر ولجأوا إلى أرض الحثيين، فإن ملك الحثيين، يرسلهم إلى رمسيس الثاني، لكن من يُعاد إليه لا يتسبب عمله هذا فى هلاك بيته أو زوجه أو أولاده أو قلع عينه أو صم أذنيه أو قطع لسانه أو قدميه، ولا يُوجه إليه اتهام بأى عمل إجرامي، والمعاملة تكون بالمثل مع من هرب من أرض الحثيين إلى أرض مصر"، ويؤكد هذا المثل على البعد التاريخى لهذه الظاهرة، كما يؤكد على حقيقة أخلاقية وإنسانية تحكم العلاقات الدولية وتهدف إلى تقديس حياة الإنسان وحمايتها فى أوقات السلم والحرب. وعلى الرغم من قدم هذه الظاهرة، فإن تتبع التسلسل التاريخى لحالات التدخل الإنسانى يكشف بوضوح أن التدخل يُعد دليلاً على قوة الدولة التى تهدف إلى توفير مسوغ أخلاقى عند عدم وجود مسوغ قانونى يمكن بموجبه استخدام القوة فى العلاقات الدولية. ولذلك كان التدخل الإنساني، الذى يتم بحجة حماية الأقليات الدينية والعرقية أو حماية حقوق الإنسان من اضطهاد السلطة الوطنية ظاهرياً يخفى الدوافع السياسية والتوسعية للدولة المتدخلة، ولذلك جاءت ممارسة التدخل الإنسانى متوافقة وإرادة الدولة الحامية، وخاضعة لتقدير مصالحها إزاء الدول الضعيفة أو الخاسرة، الأمر الذى جعل التدخل الإنسانى غير مقبول عالمياً وموضع شك قانونياً. ويعرض الكتاب أمثلة لبعض الدول الآخذة من التدخل الإنسانى حجة لأغراضها السياسية، فقد برر أدولف هتلر التدخل العسكرى فى بوهيميا ومورافيا عام 1939 بحماية الأقليات الألمانية، ورأى أن الاحتلال الألمانى يهدف إلى نزع سلاح القوات التشيكية والعصابات الأخرى التى تهدد حياة الأقليات وحرياتها. ويُلاحظ على التدخلات الإنسانية التى سبقت الحرب العالمية الثانية، أنها كانت تتم لدوافع سياسية وتوسعية، وهذا هو الذى جعل التدخل متوافقاً وإرادة الدولة المتدخلة وحماية مصالحها، كما جعله خاضعاً لتقدير الدولة لا تطبيقاً لالتزام تفرضه قاعدة قانونية دولية أو عرفية، فالمعاهدات الدولية لحماية الأقليات منذ معاهدة فيينا عام 1815 لا توفر الأساس القانونى لحماية الأقليات، لأنها لم تكن وليدة توافق الإرادة الحرة للدول الأطراف فيها، وهو ما يفتح المجال للطعن فى مدى صحتها وشرعيتها، كما أن هذه المعاهدات كانت تفتقر إلى الطابع العام، فجعلها ذلك ذات طابع انتقائى وفى دول معينة، وهذا ما يحول دون تشكل عرف دولى يسوغ التدخل الإنساني.
الأمم المتحدة والقوة
أما بعد الحرب العالمية الثانية، فإن ميثاق الأمم المتحدة منع استخدام القوة إلا فى حالتى الدفاع الشرعى عن النفس أو بتفويض من مجلس الأمن، ولذلك يُعد استخدام القوة لحماية حقوق الإنسان بشكل فردى من دون تفويض من مجلس الأمن انتهاكاً لقواعد الميثاق وللشرعية الدولية، فى حين عدت إسرائيل العملية العسكرية التى قامت بها فى أوغندا "مطار عنتيبي" عام 1976 تدخلاً لغايات إنسانية، بقصد إطلاق سراح الرهائن المحتجزين فى الطائرة الإسرائيلية المختطفة من قبل الفدائيين الفلسطينيين، وليستطيع مجلس الأمن اتخاذ قرار فى هذه القضية نتيجة للفيتو الأمريكي. وجدير بالذكر أن التدخل الدولى فى العراق الذى أعقب حرب الخليج الثانية عام 1990، والتدخل الدولى فى رواندا عام 1994، والتدخل الدولى فى يوغسلافيا عام 1999 قد تم كل واحد منها بالتنسيق مع الأمم المتحدة لحماية حقوق الإنسان. لقد تمكنت الدول الغربية من ابتداع نظم دولية هدفت إلى التدخل فى شؤون الدول الأخري، وكان الهدف المعلن لها هو حماية أرواح الرعايا الأجانب وممتلكاتهم وحماية حقوق الإنسان من الانتهاكات القاسية والمنظمة. وقد وجد التدخل الإنسانى سنده فى فكرة الحد الأدنى من العدالة فى معاملة الأجانب، لئلا ترتكب الدولة جريمة إنكار العدالة، وفى نظام الامتيازات الأجنبية الذى فرضته المعاهدات غير المتكافئة، وحق الحماية الدبلوماسية للدولة فى حماية مواطنيها فى الخارج.
حقوق الفرد فى القانون الدولي
يحتل موقع الفرد فى القانون الدولى الكثير من الغموض، كما تختلف آراء الفقهاء القانونيين حول تمتع الفرد بالشخصية القانونية الدولية ما بين مؤيد ومعارض. ولذلك برزت ثلاث نظريات لتحديد ذلك المكان الذى يشغله الفرد فى القانون الدولي. وترى النظرية الوضعية أن القانون الدولى هو الذى يحكم العلاقات بين الدول، حيث تتمتع الدول ذات السيادة فقط بالشخصية القانونية الدولية، نظراً إلى قدرتها على إيجاد قواعد قانونية دولية، أما الفرد فلا تعده شخصاً دولياً لأنه لا يتمتع بالسيادة، ومن ثم فهو لا يتمتع بالقدرة على إيجاد القواعد القانونية الدولية، ولذلك لا تنطبق عليه قواعد القانون الدولى بصورة مباشرة إلا من خلال الدولة التى ينتمى إليها، وضمن الحدود التى يقررها القانون الدولي. ويتزعم هذه النظرية الفقيه الإيطالى دينيسو أنزيلوتي، وما زال الفقه التقليدى الدولى يأخذ بهذا الرأي. أما النظرية الموضوعية "الواقعية"، فتعد الفرد الشخص الوحيد الخاضع للقانون الدولي، والمخاطب الحقيقى بكل قواعد القانون سواء أكان دولياً أم داخلياً، لأن القانون يتوجه فى نهاية الأمر إلى الأفراد حكاماً أو محكومين، ما دام هؤلاء هم الوحيدين الذين يتمتعون بالذكاء والإرادة. فأنصار هذه النظرية ينكرون شخصية الدول ويرفضون نظرية السيادة الوطنية، لأن الدولة ما هى إلا وسيلة قانونية لإدارة مصالح الجماعة التى تتكون من أفراد، أما الشخصية المعنوية فهى نوع من الخيال القانوني، ولذا فإن الفرد هو الشخص القانونى الدولى فقط، وهو المخاطب بأحكام، ويتزعم هذه النظرية الفقيه الفرنسى جورج سل. وتتوسط النظرية الحديثة النظريتين السابقتين، حيث تعد الفرد المستفيد النهائى من أحكام القانون الدولي. فالهدف النهائى من قواعد القانون الدولى رفاهية الفرد وسعادته، وقد يخاطب القانون الدولى الأفراد خطاباً مباشراً بأن يكونوا موضوعاً لبعض قواعده، ولذا تنشأ لهم حقوق بالمعنى الصحيح، ويلزمون بسلوك معين يترتب على مخالفته تعرضهم للجزاء، لذلك ينتهى أنصار هذه النظرية إلى أن للفرد وضع الشخص الدولي، على أن أهليته لاكتساب الحقوق محدودة، ولا يمارسها بنفسه إلا فى بعض الأحوال الاستثنائية النادرة، عندما تخاطبه قواعد القانون الدولى مباشرة، فيصبح شخصاً قانونياً دولياً، لكن هذه الحالات الاستثنائية لا تؤثر فى الأصل العام، وهو أن الفرد ليس من أشخاص القانون الدولى المعتادين، ويتزعم هذه النظرية شارل روسو وبول ريتر. ويرجع الجدل الفقهى حول مركز الفرد فى القانون الدولى إلى أن المعاهدات الدولية تقرر حقوقاً للأفراد، لكنهم لا يستطيعون وحدهم اتخاذ خطوات إيجابية للحصول عليها، لأن حماية هذه الحقوق على المستوى الدولى تتم عن طريق الدول التى ينتمون إليها. وهكذا يجب الرجوع إلى كل معاهدة دولية لتحديد إذا ما كانت تعد الفرد شخصاً دولياً من دون أن تطالبه باتخاذ أى خطوات إجرائية لإثبات هذه الوصف، أو لا تعده كذلك طبقاً لنصها. وفى العادة لا تقرر الاتفاقيات الدولية لحماية الأفراد حقوقاً مباشرة لهم، وإنما ترتب حقوقاً والتزامات تقع على عاتق الأطراف فيها، أى إن الدول هى التى تحمى هذه الحقوق لمواطنيها، كما أن الحقوق الدولية لا تصبح نافذة فى إطار القانون الداخلى إلا وفقاً لقواعد نفاذ المعاهدات داخل الدولة، وهو ما أكدته المحكمة الدائمة للعدل الدولى فى القضية المتعلقة باختصاص محاكم دانزج. ولقد شكلت محاكم نورمبرج وطوكيو نقطة البداية لتطبيق فكرة المسؤولية الجنائية الدولية، حيث تمت معاقبة الأفراد الذين ارتكبوا جرائم دولية ضد السلام، أو ضد الإنسانية أو جرائم حرب أمام محكمة عسكرية دولية. وقد استنتجت لجنة القانون الدولى من الأحكام التى أصدرتها هذه المحكمة مبادئ منها الاعتراف بمسؤولية الفرد جنائياً على الصعيد الدولي، حيث رفضت المحكمة الاعتراض القاضى بأن القانون الدولى يحكم أعمال الدول ذات السيادة فقط ولا شأن له بمعاقبة الأفراد، خصوصاً أن جرائمهم المرتكبة تعد من أعمال الدولة، فالدولة لذلك تحميهم من المسؤولية الشخصية. وقد ردت المحكمة على هذين الادعاءين بأن القانون الدولى يفرض واجبات ومسؤوليات على الدول والأفراد، وهذا متفق عليه منذ زمن بعيد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ * باحث اقتصادى سورى متخصص فى شؤون الشرق الاوسط ومحرر من اسرة جريدة "العرب الاسبوعي" فى لندن [email protected] [email protected]
#غسان_عبد_الهادى_ابراهيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كالعادة، العالم العربى يحتل المراتب الاخيرة فى تسهيل الاستثم
...
-
متى تتحرر الدول النفطية من عقد الارتباط بالدولار؟
-
الطاقة البديلة تستبق زمن اللا نفط
-
لا يمكن تقليص الفقر في العالم بدون حقوق المرأة العاملة
-
لا سوق عربية مشتركة .. حتى على الانترنت
-
التجارة الحرة .. الأمل الأخير لتحسين العلاقات العربية وفق من
...
-
الاقتصاد العالمي عصا بيد الدول الكبري
-
اقتصاد يملك 2400 مليار دولار .. ولكنه بلا أفق
-
نفطكم ما يزال أرخص من الكوكا كولا
-
ارتفاع حرارة الكون ..الطريق الى نهاية العالم
-
الإصلاح الاقتصادى العربى .. بين كثرة الاقوال وقلة الافعال
-
تحديات الزيادة السكانية تكسر ظهر العالم العربي
-
الصين.. عملاق آسيوى سيبتلع أمريكا اقتصادياً فى عقدين
-
التكامل الأوروبى .. مفتاح التوازن العالمي
-
تكامل اقتصاديات المعرفة يخلق أملاً فى حل مشكلات التنمية العر
...
-
عندما تغيّر الصين العالم
-
الاقتصاد الفلسطيني: بصيص أمل فى ظلمة التحديات
-
البطالة والهجرة كارثة تحدق بالوطن العربى
-
مشوار المئة دولار يبدأ بستين للبرميل
المزيد.....
-
آخر ضحايا فيضانات فالنسيا.. عاملٌ يلقى حتفه في انهيار سقف مد
...
-
الإمارات تعلن توقيف 3 مشتبه بهم بقتل حاخام إسرائيلي مولدافي
...
-
فضيحة التسريبات.. هل تطيح بنتنياهو؟
-
آثار الدمار في بتاح تكفا إثر هجمات صاروخية لـ-حزب الله-
-
حكومة مولدوفا تؤكد أنها ستناقش مع -غازبروم- مسألة إمداد بردن
...
-
مصر.. انهيار جبل صخري والبحث جار عن مفقودين
-
رئيس الوزراء الأردني يزور رجال الأمن المصابين في إطلاق النار
...
-
وسيلة جديدة لمكافحة الدرونات.. روسيا تقوم بتحديث منظومة مدفع
...
-
-أونروا-: إمدادات الغذاء التي تدخل غزة لا تلبي 6% من حاجة ال
...
-
رومانيا: رئيس الوزراء المؤيد لأوروبا يتصدر الدورة الأولى من
...
المزيد.....
-
-فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2
/ نايف سلوم
-
فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا
...
/ زهير الخويلدي
-
الكونية والعدالة وسياسة الهوية
/ زهير الخويلدي
-
فصل من كتاب حرية التعبير...
/ عبدالرزاق دحنون
-
الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية
...
/ محمود الصباغ
-
تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد
/ غازي الصوراني
-
قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل
/ كاظم حبيب
-
قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن
/ محمد الأزرقي
-
آليات توجيه الرأي العام
/ زهير الخويلدي
-
قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج
...
/ محمد الأزرقي
المزيد.....
|