أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امال قرامي - تونس على محكّ الاختبار














المزيد.....

تونس على محكّ الاختبار


امال قرامي

الحوار المتمدن-العدد: 4725 - 2015 / 2 / 19 - 13:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



يصرّ بعض المحللين والمشغولين بقراءة «العروض الداعشية» على الحفر في كتب التراث بحثا عن إجابة مقنعة. فهذا السلوك الوحشيّ من ذبح، وحرق، وسمل، وتمثيل بالجثث يجد له سندا في الممارسات

التي عرفها المسلمون على امتداد التاريخ. وأصحاب هذا التوجّه «النكوصي» إذ يفعلون ذلك إنّما يرفضون مساءلة الواقع الراهن وإخضاعه للتحليل. فالأحداث الإرهابية الأخيرة الجارية على تخوم البلاد التونسية تثبت بما لا يدع مجالا للشكّ، تحوّل التطرّف، والإرهاب إلى أداة «لتأديب» هذه الجماهير التي خرجت إلى الشوارع معبّرة عن توقها إلى الحريّة والديمقراطية والمساواة، وحقّها في العيش الكريم وتحقيق السيادة الوطنية. إنّ الممارسات «الداعشية» تصبح دليلا قاطعا يبرهن على دموية هذه الشعوب، وتوحّشها، وعدم أهليتها للتحرّر من التبعية الاقتصادية والسياسية والثقافية ومن ثمّة يغدو التدخّل في تقرير مصير هذه البلدان مبرّرا إذ أنّه من واجبات المجتمع الدولي الذي يريد لا دمقرطة هذه البلدان فحسب بل أيضا «أنسنتها» بعد أن تعدّدت المشاهد الدموية وباتت مهيمنة على مختلف وسائل الإعلام وأحاديث الناس.

وهكذا يتحوّل التطرّف، والإرهاب إلى آلة لإجهاض حركات التحرّر في العالم العربي، ووسيلة لتبرير إدامة الاستبداد، والفساد، واحتكار السلطة، والسطو على الموارد من نفط وغاز وأورانيوم وغيرها. هي معارك تحسم في أمكنة متعدّدة بوسائل مختلفة لإحكام السيطرة على الخيرات وتحقيق المصالح، وبسط النفوذ من أجل إرساء هندسة جغرافية سياسية جديدة للمنطقة.

ولئن مثّلت التجربة التونسية الاستثناء فإنّ «الشاذ» غير قابل للتعميم، ويجب أن يبقى «شاذا لا يقاس عليه» بل إنّ اليد المحرّكة للأحداث في الجنوب التونسي تريد أن تثبت إمكانيّة تعثّر مسار استكمال الانتقال الديمقراطيّ. ونظرا إلى وضع التجربة التونسية على محكّ الاختبار فإنّ حجم التحديات قد تضاعف إذ لم يعد الحديث مقتصرا على آليات بناء مؤسسات الجمهورية الثانية (وهي تحديات داخلية) فقط بل البرهنة أيضا على إمكانية تحويل الأنموذج الفريد من نوعه إلى واقع معيش يجب أن يقتدى به ولا يمكن تحت أي ظرف محبط أن يتحوّل إلى يوتوبيا

تحلم بها بقية الشعوب وتعجز عن تنفيذها. وعلى هذا الأساس بات من المشروع إثارة مجموعة من الأسئلة تتعلّق بمدى «جاهزية» الدولة التونسية للدفاع عن كيانها والحفاظ على وضعها الإقليمي، والعالمي وهو وضع اكتسبته بفضل الانتقال السلمي والسلس فما يحدث على الحدود التونسية يدفع باتجاه طرح نوعية جديدة من الأسئلة التي تتجاوز الاستفسار عن استعداد المؤسسة العسكرية، والأجهزة الاستخبارية، والديبلوماسية التونسية للتعامل مع الملف الليبي (إذ ما عاد بالإمكان الحديث عن الجماهيرية ولا الدولة) إلى أسئلة فرضها الواقع السياسي

الجديد: هل بإمكان قيادات تتصارع من أجل الكراسي وتتصدّر المنابر الإعلامية فضحا وتنديدا وتوعّدا وتهديدا أن تتوحّد، وأن ترتّب أولوياتها من أجل صياغة استراتيجية متكاملة كفيلة بحماية البلاد في هذه المرحلة الحاسمة؟هل يمكن لحكومة مازالت متردّدة في إعادة الاعتبار إلى القانون وتطبيقه على كلّ المتطاولين عليه بذريعة الاحتجاج (عبر قطع الطرق وارتهان

الخيرات وتعطيل المصالح الحيوية) أن تواجه الخطر الداهم؟ هل يمكن لحكومة عجزت عن حشد طاقات الشعب لتخليص المدن من القمامة أن تنتصر على التطرف والارهاب؟
إنّ مكافحة الإرهاب ومواجهة التطرّف المتسلّل إلى المجتمع التونسي تتطلّب إرادة سياسية، وإيمانا بأنّ القوانين الملائمة لابدّ أن تسنّ في أقرب الآجال، والسياسات لابدّ أن تنفّذ (من ذلك إغلاق منافذ التمويل، ومنابر الدعاية، مراقبة الحدود، مكافحة الإدمان،,..) وأنّ المجتمع المدني لابدّ أن يتحرك. فالعلاج ينبثق من الداخل، وإن تطلّب التنسيق مع الخارج. وطالما أنّ بثّ الرعب في النفوس هو هدف الدواعش لشلّ كلّ إرادة للمقاومة فإنّ المنتظر من الإعلام أن يضطلع بدوره فلا يكون أداة لخدمة أجندا التطرّف والإرهاب بالتركيز على الأخبار المثيرة للمخاوف، والتفاعل معها بطريقة تلقائية بل يجب التعامل مع هذه الظواهر بحرفية وعقلانية.



#امال_قرامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يمكن تشريك حزب النهضة فى الحكم؟
- هل «تمكن» حكومة «الصيد» النساء؟
- ماذا بعد الانتخابات الرئاسية؟
- السياسى العارض
- ماذا وراء استقالة حمادى الجبالى من حزب النهضة؟
- شعب النهضة
- التوافق المزعوم
- من «سردية التميّز إلى سردية وهم التغيير»
- الكلّ يغنّى على ليلاه
- هل خرجت تونس من النفق؟
- ملاحظات على هامش الانتخابات التونسية
- حالات الإحباط.. قبيل الانتخابات
- موجة خلع الحجاب .... على هامش الانتخابات
- رسالة تونس: لله درّ النهضة كم تتقن التلاعب
- لقد هزلت حتى بدا من هزالها
- السياسة كرنفال
- سفينة النجاة
- على قدر الكساء نمدّ أرجلنا!
- كلّهم فى الهوى سوى
- برگاتك يا حزب!


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امال قرامي - تونس على محكّ الاختبار