أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وليد المسعودي - الذات العراقية من تأصيل العذاب الى تأبيد الاغتراب-نحو إعادة تشكيل خصائص الواقع















المزيد.....

الذات العراقية من تأصيل العذاب الى تأبيد الاغتراب-نحو إعادة تشكيل خصائص الواقع


وليد المسعودي

الحوار المتمدن-العدد: 1319 - 2005 / 9 / 16 - 07:59
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يتميز تاريخ العراق منذ ازمنة طويلة بالغياب الحقيقي لقيمة الذات المنتجة والمحايثة لقيمة التغيير والبناء والخلق ، ومن ثم عدم وجود تأصيل امكانيات مستمرة من الوجود الغير قابل الى توزعات دلالية اجتماعية وثقافية ضمن عقل التراجع والانحسار الانساني في بوتقة الرفض الاعمى للجديد والمغاير عن نسق الثقافة الجاهزة والمعلنة حقيقتها بشكل عنفي ، من حيث التعاطي الدائم مع قيم تؤصل الخرافة والجهل والامية لدى المجتمع او من خلال انتشار الكثير من الايديولوجيات المتصارعة فيما بينها بشكل عنفي ايضا، لانها في النهاية وليدة هذه الحقيقة العنفية ذاتها ، وذلك ينطبق على اكثر السرديات الكبرى ، التي لاتستطيع ان تجترح عقل البناء والتطور داخل نسقها إلا من خلال لغة الاقصاء للاخرين . فالذات العراقية بعد كل سنوات العذاب والاقصاء لقيمتها الانسانية اصبحت ذات مكلومة وعذابية الى حد كبير ، من حيث وجود وعي يستدرج هذه الذات الى تراجعات مستمره نحو عقل يؤسس البكاء والنظرة الى العالم بشكل عذابي مؤلم ، وذلك مرتبط بشكل عام بالثقافة العراقية النادبة التي رسخت كثيرا خلال عهود دولة الاستبداد البعثية في العراق ، فهذه الدولة سمحت بأنتاج الكثير من السلع الثقافية البكائية داخل وعي المجتمع ، وخصوصا داخل وعي الطبقات الفقيرة والمغيبة عنها جميع عوامل انبثاق المدنية وبناء منظومة من التسامح والتعايش الاجتماعي والمعرفي السلمي المختلف والمتعدد ، بفعل حرمانها الوجودي والانساني من ابسط مقومات البقاء والحياة والخلق والتجاوز ، حيث نشاهد اليوم بعد مرور اكثر من سنتين على زوال الدكتاتورية ، كثافة السلع الثقافية البكائية المنتشرة بشكل هائل في كل مكان او خلية اجتماعية ، هذه السلع قادرة على جذب الكثير من الكائنات البشرية المنومة تاريخيا بفعل الغياب الحقيقي لاية مفردة تتعلق بالمعرفة والوعي ، ومن ثم سيطرة عقل البكاء ذاته ، هذه السلع الثقافية البكائية مازال هناك من يدفع بها الى ازمنة وفترات طويلة لابعرف مداها ، من اجل تمرير الحصول على مكتسبات سياسية واقتصادية بالدرجة الاولى ، وخصوصا لدى اولئك الذين هم في طليعة المستفيدين من تصدير وتوزيع هذه السلع الثقافية البكائية في ازمنتنا الحاضرة .
لايوجد هناك من يحدد وعي المجتمعات البشرية إلا وهو مرتبط بظروف انتاج هذه المجتمعات اقتصاديا وسياسيا وانسانيا ، ومن ثم يعد ذلك الضامن الوحيد الى حدوث تبدلات وتغيرات في جوهر العلاقات الاجتماعية والانسانية بشكل عام ، فاذا كانت الظروف المنتجة لاترتبط بالضرورة بالارادة الانسانية وقدرتها على تمثل الوجود البشري من حيث العدالة الاجتماعية والمساواة وضمان توزيع الفرص والحقوق بين جميع الافراد الذين يشكلون الوعي الجمعي لدى مجتمع معين ، يحدث هناك ماسماه كارل ماركس بالاغتراب عن السلعة المنتجه والخير الانساني المنتج ، ومن ثم تصاب الحياة بالاغتراب هي ايضا من حيث تمثلها الوجودي ماديا ومعنويا .
وبما اننا نتكلم هنا عن الذات العراقية من حيث القدرة على إعادة انتاج الوعي العذابي بشكل مستمر ، من الممكن ان يتمثل الاغتراب لديها بشكل غير واع ومدرك ، وذلك لخضوعها الى سلسلة طويلة من العذابات المخدرة لوعيها والمؤصلة لديها نموذجا معينا للحياة والمجتمع لايمكن تجاوزه او محاولة تحجيم اثره على هذه الذات وما يحيطها من تطلعات واحلام تشكل قطيعة مع هذه الثقافة التي يرزح تحت وطأ تها اكثر الطبقات الفقيرة والمسحوقة حيث تمثل بالنسبة اليها اي " ثقافة البكاء" مكيانزمات بشكل يومي لوعيها وجميع مديات تواصلها مع العالم اليومي المعاش . وهنا نتسائل بشكل مؤلم هل من الممكن ان تبقى هذه الذات قابلة الى تمثل ذلك الوعي العذابي الى عهود وازمنة قادمة لايعرف مداها وخصوصا بعد التغيرات التي من الممكن ان تؤثر على طبيعة المجتمع العراقي بشكل عام ، والمرتبطة بسيادة التعددية الاجتماعية والسياسية والثقافية في عراق لاتسوده ثقافة احادية مهيمنة الى حد كبير
من المؤكد هناك المدى والحد الغير النهائي والذي نحن هنا نطرحه بشكل واقعي متجاوزا الكثير من العقد والترسبات الايديولوجية التي تشمل هذه الذات العذابية ، والذي يتمثل ببناء منظومة افكار جديدة قائمة على تأصيل قيمة الحقيقة البشرية المعاشة والمرتبطة بالعالم الارضي وجميع ما يشكل الذات البشرية من تجليات لاتؤسس قيم الماضي وكأنها قيما مطلقة غير حاملة لدرجة النسبية الثقافية ، ومن ثم تغدو جميع التصورات والافكار البشرية كأنها تنبثق لاول مرة في وعي المجتمعات بلا مخزون احتياطي للفكر والثقافة النهائيتين ، من حيث اضفاء قيم وثقافة البكاء والعذاب داخل وعي المجتمع ، رغم ما نطرحه يمثل غاية في الصعوبة ، خصوصا بعد تاريخ طويل من الاجترار الممل لذات العذاب والالم فضلا عن الاجترار المتمثل بالانحسار والجمود والتقوقع ضمن جميع مايشكل الهوية والتاريخ العربي والاسلامي بشكل عام ، وذلك عائد الى فشل جميع مشاريع التحديث القوموية الزائفة في المنطقة العربية
ان ما نطرحه من تجاوز ذات العذاب يحتاج الى تضافر عدة قطائع معنوية وتاريخية مع الجهاز الثقافي السائد ، وذلك يحتاج الى زحزحة الكثير من الشروط والاوضاع الانسانية والاقتصادية المتردية لدى هذه المجتمعات ، اضافة الى طبيعة تعامل الاخر المتقدم والغني ، مع هذه المجتمعات ، حيث لو اراد هذا الاخر ان يبقى في مأمن عن جميع البؤر والترددات العنفية التي من الممكن ان تشمل العالم اجمع ، عليه ان يساعد بشكل فاعل وحقيقي في انتقال المدنية والحضارة والتكنلوجيا الى هذه المجتمعات المفقرة والمغيبة بشكل لانساني من عدة قوى داخلية وخارجية ، ومن ثم لا يعمل على ممارسة نفس السياقات التي تحكم الغني المهيمن على ادوات التجارة والتصنيع والثقافة والمدنية والتقدم وووالخ ، ومن ثم بقاء الذات المجتمعية العربية الاسلامية على ما هي عليه ، من فقر وتشظي وتبعثر وانهيار قيمي وحداثي.
في النهاية ما نطرحه يتمثل في
* ان يتمثل العقل البشري منظومة من الافكار غير النسقية والنهائية بحيث تغدو الحقيقة ذاتها غير متنازع عليها ، ومن ثم لاتوجد هناك حقيقة من اجلها يفقد الانسان وجوده بشكل عنفي ، الامر الذي يؤدي الى ترسيخ التعايش المعرفي والثقافي والمجتمعي في فضاء الثقافة المتحررة من جميع الكليشيهات الجاهزة التي تضفي على الحقيقة اطارها النهائي ، وهنا نعني انه لاتوجد ثوابت معينة تحيط وتشمل وتشكل من خلالها العقل البشري ، بحيث تغدو جميع مكتسبات البشرية من افكار وايديولوجيا ومذاهب وعلوم ملكا عاما ومشاعا بلا إقصاءات او تفضيلات معرفية معينة دون اخرى .
* لايمكن ان تتأسس هذه المنظومة من الافكار وتنبثق الى وعي المجتمع إلا من خلال وجود دولة متسامحة مع الجميع يعنيها بالدرجة الاساس انتشار الجانب الايجابي للقيم والافكار المرتنبطة والمؤسسة على التعايش السلمي والتطور الهادئ التدريجي الذي يقود المجتمعات الى التغيير من دون عوامل اكراه معينة او فرض قيم معينة دون اخرى على وعي المجتمع ، هذه الدولة لاتمثل شركة تجارية او مؤسسة قابلة الى استلاب وارهاق المجتمع عبر فرض الكثير من الظروف والاوضاع اللانسانية التي تساهم في شحذ قيم التطرف والعنف داخل وعي المجتمع بشكل مستمر .
* ضرورة انبثاق مؤسسات المجتمع المدني بشكل فاعل ومؤثر في عاملي التطور والتقدم المراد تحقيقه ، ومن ثم يصبح دور هذه المؤسسات قائم على تجاوز جميع الثقافات التي رسخت الجانب البدائي للوعي والمعرفة ، ومن ثم بقاء هذه المؤسسات عامل ضغط مستمر على جميع القوى التي تتجه نحو الهيمنة او محاولة إلغاء كينونة الانسان وكرامته الاجتماعية عبر فرض القوانين والاطر الثقافية التي لاتنتمي الى الازمنة الحديثة المعاشة .
* ان لا تمثل ثقافة الماضي صفة الاطلاق القيمي والوجودي بحيث تغدو مالكة للشباب والنضج والكمال ، ومن ثم هي من تنال التقديس ليس غير ، بحيث تغدو معها الثقافة المنتجه في ازمنتنا الحاضرة لاتشكل سوى المراهقة والطفولة بالنسبة للثقافة الناضجة والمكتملة اي تلك المرتبطة بثقافة الماضي العتيد
* عدم وجود فراغ ايديولوجي معاصر مرتبط بالزمنية المعاصرة المعاشة ، حيث من الممكن ان يؤدي خلو المجتمعات من تعددية الايديولجيات المتصارعة بشكل مدني وحضاري الى سيادة الواحدية والرؤية المطلقة التي تتدعي النهاية والكمال ، ومن ثم هي قادرة على تجاوز اللغة السجالية القائمة على منطق الثنائية الفكرية المطلقة ، التي ماتزال تحكم اكثر المجتمعات التي يسودها عقل العنف والاقصاء والفردنة السلطوية الى حد بعيد .
* وجود تراكم معرفي وثقافي قائم على ثقافة العقلانية والتسامح وبناء منظومة راسخة الجذور للحريات كافة داخل وعي المجتمع ، ومن ثم لا تعد عوامل انبثاق الجديد والغريب عن نمط الثقافة الحاضره يمثل الرفض المطلق والاعمى من قبل اكثرية القائمين على الثقافة ومنتجيها بشكل عام ، وهي هنا اي الاكثرية لابد ان تكون من بيديها سلطة انتاج الثقافة من حيث القبول والرفض والايجاب والسلب .



#وليد_المسعودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ميشيل فوكو والنزعة الانسانية
- نحو تأصيل جديد لثقافة الحرية
- الانسان العراقي بين الدكتاتورية والارهاب
- دولة الاستبداد - دولة الحرية
- قبول الاخر
- الدولة الديمقراطية


المزيد.....




- هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب ...
- حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو ...
- بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
- الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
- مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو ...
- مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق ...
- أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية ...
- حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
- تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وليد المسعودي - الذات العراقية من تأصيل العذاب الى تأبيد الاغتراب-نحو إعادة تشكيل خصائص الواقع