بؤس الحياة التاريخية

جواد الشلال

الحوار المتمدن-العدد: 4725 - 2015 / 2 / 19 - 01:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

بؤس التاريخ
كم هو التاريخ شاسع ومملوء بالحركة والحياة القديمة .. تفاصيل كبيرة .. جنون غريب .. تمحى حكايات كبيرة .. تبدل بزيف يوهم الاخرين بالحقيقة المختفية تحت رغبات سياسية او قبلية او اشياء اخرى غريبه مثل المزاج الخاص او الكره او الحب وما الى ذلك ... تاريخ لا يثق به الجميع .. ويحتاجه الجميع لتدعيم عقائدهم وافكارهم وبناء معتقداتهم ... انه يبضع ويستعمل عند الحاجة ... اذا اردت ان تدافع عن قاتل قاس ولايمتلك قيم الفروسية ... لا ضير ابحث في جوانب من التاريخ العربي والاسلامي ستجد تخريجة ما تجعل من القاتل شهيدا ويستحق كل كلمات الثناء والاعجاب وربما التقديس .. ولاباس ربما يكون الامر نموذجا او معيارا لحالات اخرى وسيحتذى به من شباب الامة وشيوخها وسيصفق له الكثير وتقراء له كل ادعية الاستغفار والرحمة ...وليس الامر عند هذا الحد بقراة التاريخ والشخوص الفاعلة به .. بل يتعدى ذلك الا ما هو اسوء .. وذلك بالبحث في دفاتر التاريخ عن قائد بطل نصنعه ونضيف اليه سجايا كثيرة ونخلق له اجواء مقدسة .. ونلوي تاويلا بعض النصوص المقدسة لتنمنحه حق الاستيلاء على المشاعر البسيطة للناس وتفرض عليه رسوم وهيبة الرضى الالهي والقدسية المترامية الصلاحية .. ويمرر هذا القائد النصف زائف كقائد الامة بمرحلتها المكتظة بالخوف والجهل والسفه .. وسيكون هناك من يمثله بالواقع الحالي ويرفع رايته .. والذي يدافع عن قيمه ووسائل نموها وتطويرها وكيفية خضوع الراي العام لها
سواء بالجبر والاختيار.. ورفع رايته واعتبارها الراية الوحيدة لخلاص الوطن والامة ودونها تتنكس جميع الرايات.. الراية التي تقف خلفها الجموع تهدر بصوت واحد الله ... الاسلام ... الوطن ... الشعب ... الفقراء... وليس للامر اي صلة هي شعارات وحسب .. وللجموع لا يغريها غير الشعارات ... ولايهمها من نتيجه حركة الحياة المعاصرة بالعالم ولا العلوم والتقدم التكنلوجي ولاتراعي الدراسات السوسولجيه.. وليس بمقدورها احترام القوانين الحاكمة لضبط ايقاع الحركة الانسانية بالبناء المتقدم للوجود الكوني .. ولا تدرك الاسرار والخبايا لايقاع التاريخ الزاحف باللاوعي الى تدمير دعامات المستقبل ... كل مايهمها هو الهدير المدوي لنصرة القائد - التاريخ ..القائد.... السوبرمان ...هو ملك الاعطيات الماليه والروحية ... هو المانح الكبير والقدوة النفسيه القويه القادره على الديمومة والنشاط والبقاء على قيد الحياة ... هو من من يعطي طرق واليات الشجاعة والحب وتفاصيل الزواج والسهر اللائق والنوم المبكر والصبر الكتوم .. بمعنى ادق هو الصيغه المثلى للبقاء والعمل التفصيلي .. .. هو الحياة بالطريقة البائسة التي تجرها حبال الماضي القديم ... الجموع ترى الصورة هكذا ولا تقبل بغير هذا الامر .. الجموع تتكون من اهالي الارياف او النازحة من الارياف الى المدن وربما بعض اهل المدن ولا نغالي اذا قلنا كاننا كلنا من هذه الجموع بين حين واخر...... تلك الجموع تملك ذلك الفراغ الهائل داخل تفكيرهاوتجعل امرها صيدا سهلا ووفيرا للاستثمار السياسي ولرمزية القائد التاريخي ... وتحويل ذلك الفراغ الى قوة كبيرة تؤمن دون ادراك بزيف التاريخ وحمايته بالاسطورة والخرافة هلى حد سواء .. وبالتكيد ستمنع كل الاسئلة التي تحمل معنى المعول للبحث عن الحقيقة او الافتراب من واقعية التاريخ وملابساته ومداخيله .. ستذوب تلك الاسئلة وتغيب .. تحت حد السيف القادر على شحذ نفسه باجساد كل الراغبين بتلك الاسئلة .. حتى وان كانت على سبيل المزاح وسيتهمون جميعا بالمروق او الكفر او بالبحث عن البديل السيء عن جمال تاريخ الامة وقادتها الكرام .. وتنمو عل قلب الحدث الراديكاليات الثورية وتتحول الى توريث عوائل التاريخ بالتناوب او الفردانية الخاصة .. وفي حالات معينه توريث احزاب ذات استمرار دائم ... وعليه نحن نبقى ندور في فلك التاريخ المزيف تحديدا .. وليس لنا من المستقبل الا الدعوة الخجولة الخفية ربما وفرة الاطيان والاموال والسرقات الهائلة والغناء الاكثر من فاحش والغباء السياسي الرهيب .. ينتج بذرة من الاعتراض هنا او هناك او يصنع فرصة للتساؤل الطبيعي في اماكن الخفاء والازقة والمقاهي ومدارس الاختلاف ... سينزعجون بصمت خجول ويترددون كثيرا ... لانهم كذلك يخشون اللعب بالتاريخ المزيف ويحترمونه اكثر من ايائهم .. وبالتالي كل منا سيرى التاريخ من الجهة التي تحميه والقائد الذي يصنعه اسوة حسنة للاخلاق والصبر والزهد وتحمل الاذى والسكوت عنه ... كلنا نرتدي التاريخ ونبحث عن العباة التي تغطي سوئتنا ... كلنا عاشقون للتاريخ المزيف .. تلك جزء من شخصيتنا السياسية ... جزء سيردف باجزاء اخرى

#جواد_الشلال (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات