|
بورخيس كاتب على الحافة 6: مجازات الأدب الفانتازى
خليل كلفت
الحوار المتمدن-العدد: 4724 - 2015 / 2 / 18 - 01:35
المحور:
الادب والفن
(فى فصول) تأليف: بياتريث سارلو ترجمة: خليل كلفت بياتريث سارلو (1942-) ناقدة أدبية وثقافية أرجنتينية. ومنذ 1978 أدارت المجلة الثقافية وجهة نظر، أثناء فترة استمرارها على مدى ثلاثة عقود، وكانت أهم مجلة للنظرية الاشتراكية في الأرجنتين وقد أُغلقت بعد تسعين عددا طوال ثلاثين عاما. تفتح مقالات سارلو الكثيرة في مجلة وجهة نظر ومجموعة كتبها إمكانيات جديدة للقراءات، أكثر مما تقدم المزيد من القوالب النظرية أو النماذج النقدية. الفصل الرابع 6: مجازات الأدب الفانتازي تُعَدّ قصص بورخيس الفانتازية أحد الأسباب الرئيسية وراء شهرته الأدبية. والواقع أن قصصه القصيرة تُقْرَأ منذ الستينات، باعتبارها الإطار mise-en-scène الأساسي لكثير من المشكلات التي تهم النقد الأدبي. والحقيقة أن قصصه الفانتازية ومقالاته الفانتازية (التي أعني بها نصوصا مثل "اللغة التحليلية لجون ويلكنز" El idioma analí-;-tico de John Wilkins أو "دراسة لأعمال هربرت كوين" Examen de la obra de Herbert Quain) تعالج على السواء ثلاث مجموعات من المسائل هي في آن معا جمالية وفلسفية: مصادر المادة الأدبية؛ الإستراتيجيات التي تقوم الحبكة والإجراءات الشكلية عن طريقها ببناء عالم خيالي أو بإثارة مناقشة؛ العلاقة بين اللغة والتمثيل [التصوير أوالعرض في الأدب والفن، إلخ.]. وبمعنى ما، استبق بورخيس الكثير من الموضوعات التي تستحوذ على اهتمام النظرية الأدبية المعاصرة: وَهْم المرجعية، والإنتاج المتناصّ، والطابع الملتبس للممعنى. ويمكن أن نقرأ قصص بورخيس القصيرة الفانتازية من مختلف وجهات النظر النظرية. وتعود بعض مداخل البحث بأصولها إلى آراء بورخيس عن فن وصنعة القصة أو تسترشد بها. وتحاول مداخل بحث أخرى، لا تتناقض مع هذه القراءات غير أنها لا تضعها في مركز تفسيرها، أن تفهم معاني قصصه الفانتازية في إطار ما يمكن، بصورة عامة جدا، أن نسميه التاريخ المعاصر. وستكون هذه مهمتي في الفصول الثلاثة التالية. والحقيقة أن بورخيس قد أقام فن الشعر ars poetica [كما يقدمه هو] على أساس مزدوج. من ناحية كانت هناك الحاجة إلى ابتكار حبكات مثالية، مثل تلك التي أعجبته عند كتاب مثل كپلنج و[روبرت لويس] ستيڤ-;-نسون [Robert Louis] Stevenson، اللذين كانا بمثابة مثاليْن لقاعدة جمالية مصمَّمة من أجل تفادي طابع الفوضى وعدم التنظيم للواقع كما يحاكيه الأدب الواقعي. ومن ناحية أخرى كان هناك إغراء الحرية التي يتمتع بها الأدب الفانتازي فيما يتعلق بالعرض وفقا للمذهب الطبيعي، ونظريات الإبداع الأدبي poetics الواقعية، والمحاكاة الواقعية السيكولوجية. وقد فضّل بورخيس دائما القصة القصيرة على الرواية كنوع أدبي، لأن التفاصيل غير الضرورية تثقل دائما في رأيه على حبكة الرواية الحديثة، التي يتخذها شبح التمثيل والمرجعية مأوى له بصورة لا يمكن تفاديها. واعتقد بورخيس أن الرواية لا يمكن أن تخلص نفسها من آثار، مهما تكن طفيفة، مما هو واقعي. وكان الطول الذي تقتضيه قواعد النوع الأدبي أحد الأسباب وراء ضعفها؛ إن طول الرواية، بالمقارنة بالقصة القصيرة، يمثل قيدا شكليا على كمالها. ولهذا أبدى بورخيس رأيه مرارا وتكرارا ضد الواقعية ومحاكاة الواقع باعتباره المرجع وأعلن مرارا وتكرارا سخطه على الأدب الروسي أو الواقعية الفرنسية والمذهب الطبيعي الفرنسي. وكان يشكو من أن الروايات الروسية قدمت شخصيات تنهمك دائما في سلوك متناقض وفي كثير من الأحيان سخيف، من قبيل الانتحار لأنها تحس بالسعادة، أو قتل شخص بدافع الحب: شخصيات مبنية على أساس نوع السيكولوجيات المعقدة التي يمكن أن يكتشفها أيّ قاريء بسهولة عند دوستويڤ-;-سكي (وعند أحد معاصري بورخيس الأرجنتينيين: روبرتو آرلت). وأكد بورخيس أن الروايات تتمحور على الشخصيات بدلا من الحبكة، وتميل بالتالي إلى تصوير مضطرب للحدث الذي يمنح الفراسة السيكولوجية قيمة أعلى من الكمال الشكلي. وفيما يتعلق ب يوليسيس Ulysses، معيار تقييم القصة الحديثة، وكانت خطا فاصلا في نظر الكتاب الشبان في الثلاثينات، يعلن بورخيس أنه يُقدِّر عاليا كتابة écriture جيمس جويس James Joyce الرائعة مستدركا أنه لم يستطع متابعتها من البداية إلى النهاية. وقد قرأ أجزاءً منها غير أنه لم ينجح في قراءتها كاملة. ولا ينبغي أن نأخذ هذا التصريح بمعناه الظاهري، غير أنه ينبغي اعتباره موقفا جماليا إزاء يوليسيس، وبصورة أعم إزاء الأدب الحديث والطليعي. غير أنه ينبغي أن نضيف أن ترجمة بورخيس للصفحات الأخيرة من مونولوج مولي بلوم Molly Bloom تُعَدّ، دون شك، أفضل ترجمة تم إنجازها على الإطلاق لجويس في الإسپانية. أحبَّ بورخيس منذ الطفولة قصص المغامرات. (ويمثل ستيڤ-;-نسون، في هذا الخصوص، الاسم الذي يرد دائما على شفتيه، جنبا إلى جنب مع ألف ليلة و ليلة). وتتوقف المتعة التي تُستمد من قصص المغامرات على حبكة بالغة الإحكام بلا أيّ خيوط مهلهلة وبأدنى إشارة إلى دوافع وبواعث سيكولوجية عميقة. وعلاوة على هذا فإن روايات المغامرات لا تواجه مشكلة "الطول"، التي تؤدي دائما، في رأي بورخيس، إلى حبكة ضعيفة، لأنها بوجه عام منظمة ضمن سلسلة أحداث تبدأ وتنتهي داخل المدى الزمني لفصل واحد. ويمكن فهم إعجاب بورخيس المتماسك بستيڤ-;-نسون وكپلنج من هذا المنظور، ولكنْ ليس من هذا المنظور وحده. وفي مقدمته ل تقرير برودي ، المنشور في 1970 عندما كان بورخيس في قمة الشهرة والاعتراف العالمي، كان ما يزال يُصرّ على هذا الإعجاب ويعلن أنه استلهم الشكل القصصي عند كپلنج: لم تكن قصص كپلنج الأخيرة معذبة ومحيِّرة أقل من قصص فرانتس كافكا Franz Kafka أو هنري جيمس Henry James، التي تتفوق عليها دون شك؛ غير أنه في 1885، في لاهور، بدأ كپلنج الشاب سلسلة من الحكايات القصيرة، مكتوبة بأسلوب غير معقد، جمعها في 1890. والعديد منها ... روائع قصيرة جدا. وقد خطر ببالي أن ما تصوَّره ونفذه شاب عبقري يمكن أن يجربه رجل على حافة الشيخوخة يعرف صنعته. ومن هذه الفكرة جاء الكتاب الحالي، الذي أترك الحكم عليه للقاريء.(1) وتمثل الحبكة ذات البناء المحكم ضرورة أخلاقية بمعنى أنها لا تعِدُ بأكثر من أن الأدب عليه (على الأقل) أن يقدم لقرائه: متعة الكمال الشكلي دون تدخّل يُذكر من العالم المعيش. وفي الأدب الفانتازي يمكن لبورخيس أن يُوجز نظاما مثالي الكمال بقوة الحكي وحدها و- ظاهريا على الأقل- بصورة مستقلة عن الواقع الاجتماعي: تقدم القصة الفانتازية عوالم مفترضة hypothetical تقوم على قوى خيالٍ لا تعرقله المعوقات التي تفرضها الجماليات التمثيلية. إن ماهو فانتازيّ أسلوب لا يعتمد إلا على الضرورة الداخلية للنص. ورغم أنه يمكن التدليل على أن الأدب الواقعي أيضا يقدم عوالم مفترضة لا تختلف عن العوالم الفانتازية إلا في درجة احتمال فرضياتها، أحبَّ بورخيس دائما التدليل على دعواه ضد التمثيل الواقعي وكأن ما تجري المخاطرة به ليس مجرد تراث أدبي أو اختلاف بين أنواع الخطاب بل بالأحرى أخلاقيات الأدب ذاتها. وآراء بورخيس هذه معروفة جيدا، وقد رددها المرة تلو الأخرى حتى منذ المقالات الأولى التي نشرها في المجلة الأدبية سُورْ Sur [الجنوب] والمجلة الأسبوعية الأوجار El Hogar في الثلاثينات. ويدعم بورخيس استقلال القصة بحجج أخلاقية وجمالية. الحبكة الكاملة، وتفادي التفاصيل غير الضرورية التي تؤدي إلى الفوضى وتفرض سمات محلية غير مرغوب فيها على القصة (رغم أن بورخيس يضيف العديد من التشعبات والانحرافات إلى قصصه هو)، والأسلبة الجمالية لأصوات النص- هذه هي القواعد التي ينبغي أن يتبعها الكتاب ليس فقط لكي يحققوا النوعية الجمالية بل أيضا ليكونوا مخلصين لواجبهم الذي يتمثل، على وجه التحديد، في احترام الوسيلة التي يُنتجون بواسطتها الأدب. ويمكن النظر إلى هذه المباديء، فيما وراء عرض بورخيس نفسه لها في علاقتها بفن الشعر ars poetica عنده، على أنها ردّ فعل أرستقراطي على عالم تسوده الفوضى بدا في الثلاثينات أنه يترنح على حافة اللاعقلانية. ويمثل دفاع بورخيس عن أدب فانتازي عقلاني (مثل دفاعه عن قصة بوليسية عقلانية على طريقة ج. ك. تشيسترتون G. K. Chesterton) استجابة خلاقة لللاعقلانية التي بدا أن الحضارة الغربية قد سقطت فيها: عقلانية الفاشية والشيوعية- والديمقراطية الجماهيرية، التي كانت تثير اشمئزاز بورخيس شأنها شأن السلطوية تماما. ورغم أن بورخيس نفسه ما كان ليوافق على مثل هذا التفسير للإنتاج œuvre الفانتازي، فإن من الممكن مع هذا أن نفهمه على أنه استجابة غير مباشرة ومشفرة ورمزية للغاية للاعقلانية (وهي وجهة نظر فلسفية لم يؤيدها بورخيس في يوم من الأيام) ولحالة الثقافة المعاصرة، التي وصفها بورخيس، في مقال عن پول ڤ-;-اليري Paul Valéry ، كما يلي: إهداء وضوح الفكر للناس في عصر متواضع الرومانسية، في العصر السوداوي للنازية والمادية الجدلية، عصر المبشرين بالفرويدية وتجار السوريالية surréalisme، تلك هي المهمة السامية التي قام (ويواصل القيام) بها ڤ-;-اليري.(2) ويحدد بورخيس هنا المهمة التي وضعها نصب عينيه، في عالم ينظر إليه على أنهمعتلّ وغير عضوي. والحقيقة أن نظام فانتازيا بورخيس لا يجمعه شيء بالخيال السوريالي، أو بالرفض الدادائي Dadaist للهيراركية الجمالية، أو بالاستخدام التعبيري Expressionist للإغاظة والتشويه المهشَّم. إنه على العكس، يقدم عوالم كابوسية غير أنها كاملة بصورة استحواذية ومنظمة بانتظام مزعج. ولعل من الممكن أيضا قراءة قصصه على أنها استجابة (مهما كان قد حاول أن يصون الأدب كفضاء متحرر من الرأي السياسي المباشر) ليس فقط للتطورات الجارية في أوروپا، حيث أثار صعود الفاشية وتوطيد نظام شيوعي في الاتحاد السوڤ-;-ييتي قلق المثقفين الليبراليين، ولكنْ أيضا هجمات الديمقراطية الجماهيرية في الأرجنتين. ولا يعني هذا أن الديمقراطية الجماهيرية كانت تزدهر تماما هناك في الثلاثينات، بعد أن كان قد وقع انقلاب عسكري في أوائل الثلاثينات، وبعد أن كان قد تم حظر الحزب الراديكالي، الذي كان يمثل الطبقات الوسطى وأقساما من الطبقات الشعبية. غير أن ما أقلق بورخيس وأصدقاءه في النخبة المثقفة كان إضفاء الطابع الجماهيري على الثقافة والمجتمع في بلد كالأرجنتين كان قد اندفع بسرعة خاطفة في طريق التحديث الاقتصادي والاجتماعي، وشهد عملية نمو حضري استطاعت في غضون عشرين سنة تغيير بوينوس آيرس بالكامل تقريبا، وحولتها إلى مدينة حديثة مثل مدن أوروپا الغربية. ويمكن النظر إلى استجابة بورخيس على أنها فرْض مبدأ للنظام في عالم بدا فيه أن الهجرة، والتعددية اللغوية، والنظام الجديد الذي أقامه الحزب الراديكالي الذي كان قد حكم من 1916إلى 1930، والقلاقل الاجتماعية التي أعقبت أزمة 1929، تُنذر مجتمعة بنهاية الهيمنة الكريولية على الثقافة والمجتمع. وباختصار فإن العالم الذي عاش فيه بورخيس في الثلاثينات والأربعينات كان مختلفا اختلافا هائلا عن عالم طفولته. وفي مواجهة هذه التغيرات اقترح الاختراع الأدبي لعالم، في دواوينه الأولى، وإعادة التنظيم الأدبية لواقع كان عرضة لأن يصير واقعا لا يطاق (كما صار بالفعل، بالنسبة لبورخيس على الأقل، بعد سنوات قليلة في عهد النظام الپيروني 1945-1955). والحقيقة أنه لم تجر إلى الآن محاولة القيام بقراءة تاريخية كهذه لقصص بورخيس، غير أن مثل هذه القراءة يمكن حقا أن تلقي ضوءا جديدا على دور بورخيس نفسه كمثقف، وليس ككاتب فقط. وسوف نعود إلى هذه النقطة فيما بعد. غير أنه توجد طرق أخرى يبدو أنه لا مناص منها لقراءة بورخيس الفانتازي. وتحتل القراءات الفلسفية هنا مكان الصدارة.(3) ذلك أن من الممكن النظر إلى كثير من قصصه stories على أنها قصص خيالية fictions تتأمل أفكارا فلسفية بنفس الطريقة التي تطور بها قصص خيالية فانتازية أخرى أفكارا علمية أو سيكولوجية. وبهذا المعنى فإن قصص بورخيس هي الإطار العام السردي لمسألة ليست مطروحة بصورة صريحة بل يتم تقديمها، في القصة الخيالية، من خلال تطور الحبكة. ولا يعني هذا أن كل قصة تقدم حلا لمشكلة، على الأقل ليس ما يعتبر إجابة أو حلا بصورة عامة أو من الناحية الفلسفية. بعيدا عن هذا: لا تقدم قصص بورخيس معالجة فلسفية لفكرة، بل بالأحرى ما يمكن أن نسميه موقفا سرديا فلسفيا philosophical narrative situation. وقد ابتكر بورخيس نوعا من القصة الخيالية fiction لا تجري فيها مناقشة أفكار من خلال شخصيات، ولا تقديمها للقاريء فضلا عن التمتع بحبكة سردية تتكشف. وعلى العكس فإن الأفكار هي في الوقت نفسه مادة stuff الحبكة، وهي تشكلها من الداخل. والأفكار عند بورخيس ليست ضرورية فقط لتطور الحبكة (كما هي، على سبيل المثال، عند كاتبين مختلفين مثل [ليو] تولستوي Tolstoy [Leo] وجويس)، بل يتم تقديمها باعتبارها الحبكة نفسها. وتقوم قصته الخيالي fictionعلى بحث إمكانية فكرية intellectual يتم تقديمها كفرضية سردية. غير أن بورخيس لا يحصر قوة موقفه السردي الفلسفي في قصصه. والواقع أن مقالات كثيرة لبورخيس تقدم أيضا فكرة (أو فكرتين متناقضتين) من خلال إستراتيجية تلعب على الحدود بين الوقائع والقصة، عن طريق الإسنادات الزائفة، والإزاحات، والاستشهادات الصريحة والخفية، والمحاكاة الپارودية، والتطوير الشديد المغالاة لقضية فلسفية، ومزج الابتكار والمعرفة، والعلم الواسع الزائف. و"اللغة التحليلية لجون ويلكنز"، مقال قصصي قصير مشهور يقدم فيه بورخيس تصنيفا لبعض اللغات ينسبه إلى "موسوعة صينية":
... تنقسم الحيوانات إلى(أ) تلك المملوكة للإمبراطور، (ب) تلك المحنطة، (ج) تلك المدربة، (د) الخنازير الرضيعة، (ه) عرائس البحر، (و) تلك الخرافية، (ز) الكلاب الضالة، (ح) تلك المدرجة في هذا التصنيف، (ط) تلك التي ترتعش وكأنها مصابة بالجنون، (ي) تلك التي لا تحصى ولا تعد، (ك) تلك المرسومة بفرشاة رفيعة جدا من شعر الجمل، (ل) أخرى، (م) تلك التي كسرت للتو فازة زهور، (ن) تلك التي تشبه الذباب من مسافة. (4) هذا التسلسل الشاذ الغريب- الذي خصص له فوكو تعليقا رائعا في مدخله إلى نظام الأشياء- يجمع، بنفس طريقة حبكة قصصية خيالية فانتازية، بين عناصر لا تتبع قواعد أو نظام ما يُنظر إليه على أنه الواقع أو واقع اللغات المعروفة. وهذا الإعلان الشاذ الخارج على المألوف عن نظام لا يمثل حقا، وفقا للمعايير الفكرية المعروفة، نظاما إنما هو مثال دقيق على ما أسميه موقفا فلسفيا، وليس عرضا كلاسيكيا لمشكلة أو لحل تلك المشكلة. إنه، في الواقع، عرض presentation، عن طريق الأسلوب القصصي الخيالي البورخيسي جدا والمتمثل في نسبة زائفة إلى كتاب غير معروف أو بعيد الاحتمال، لاستحالة تقديم شكل لغوي لما نسميه الواقع. فلا لغة تعكس الواقع، رغم أنه تم بذل محاولات كثيرة لتفسير لماذا يُفترض قيام استعمال اللغة على قدرته على تحويل الكلمات إلى ترتيب للأشياء في المكان والزمان هو في حد ذاته، بعيد عن ذات طبيعة الخطاب لأن نظام الواقع ونظام الخطاب يستجيبان لمنطقين مختلفين. وفي شكله المبالغ فيه، تحاكي الموسوعة الصينية الزائفة جهودا أخرى أكثر عقلانية بذلها الفلاسفة والعلماء لاستكشاف الآلية mechanism التي ندرك الواقع من خلالها والطرق التي نقوم بها بتقسيم المتصل التجريبي experimental continuum للزمان والمكان. ويقول بورخيس، تحت غطاء الموسوعة، إن كل هذه الصيغ إنما هي اصطلاحات conventions، لأنه "لا يوجد تصنيف للكون ليس اعتباطيا وافتراضيا. والسبب بسيط جدا: إننا لا نعرف ما هو الكون".(5) ولكي يبين هذا في شكله النصي، يختار تقديم هذا التصنيف المتسم للغاية بعدم التجانس، وهو تصنيف لا يراعي أيّ مبدأ منطقي للاستبعاد والإدراج، ولا أيّ تكوين منطقي للمجموعات، والأنواع، والأجناس، وهو قبل كل شيء تصنيف يدرج نفسه في التصنيف. وهذا الشكل النصي هو ما أسميه موقفا فلسفيا. ويمكن أن نقول الشيء نفسه عما يسميه بورخيس الألف Aleph: نقطة تشتمل على كل أزمنة وأمكنة الكون، تجريد وفي الوقت نفسه كرة ملموسة تحتوي عليها. ولا يمكن أن نفهمها عبر الإدراك "العادي" لأنها تنطوي على اللانهاية، ولكن يمكن أن نكتبها. وتوحي الألف بمعضلة فلسفية: إذا كانت تحتوي على كل شيء، وكل لحظة، فهي تحتوي إذن على نفسها، غير أنها إذا كانت تحتوي على نفسها، فلا بد أنها تحتوي على "ألف" أخرى تحتوي على "الألفين" السابقتين وهكذا إلى ما لانهاية. ويكتب بورخيس: "رأيتُ ’الألف‘ من كل نقطة وزاوية وفي ’الألف‘ الأرض وفي الأرض ’الألف‘".(6) أدين لعلبة بسكويت معدنية بفكرتي الأولى عن مشكلة اللانهاية. وعلى جانب من ذلك الشيء الغريب كان قد تم تصوير منظر ياباني؛ ولا أستطيع أن أتذكر الأطفال أو المحاربين الذين تم تصويرهم فيه، غير أنني أتذكر تماما أنه على ركن في تلك الصورة، عاودت الظهور نفس علبة البسكويت المعدنية مع نفس المنظر على جانبها، وعليه من جديد نفس المنظر وهكذا (على الأقل كاحتمال) بصورة لانهائية.(7) وهذا واحد من الترتيبات البصرية المفضلة للصور عند بورخيس: بنية الصورة داخل الصورة، التي هي في الوقت نفسه بنية سردية، ومجاز، ونموذج مكاني. وتمثل بنية قصة داخل قصة مثالا رائعا عما أسميه موقفا سرديا فلسفيا: إنها تطرح مسألة فلسفية (بشأن اللانهاية أو التكرارات اللانهائية) من حيث التصوير البصري أو من حيث نموذج للحبكات. وهي تفضي إلى ما يصفه بيوي كاساريس، متحدثا عن "تيلون، أوكبار، أوربيس تيرتيوس"، بأنها قصة خيالية ميتافيزيقية. كما تتشابك بنية قصة داخل قصة، مع موضوع في الفلسفة الغربية، هو مبدأ الهوية، وهي تربكنا بطريقة لا يربكنا بها أيّ نموذج مفاهيمي آخر، لأنه يؤكد، إلى حد ما، تفوّق الصور على الواقع: ليست ابتكارات الفلسفة أقل خيالية من تلك الخاصة بالفن: في الجزء الأول من عمله "العالم والفرد" استنبط جوشيا رويس Josiah Royce ما يلي: "لنتصوَّرْ أن قطعة من أرض إنجلترا تمت تسويتها على خير وجه وأن رسام خرائط يرسم عليها خريطة لإنجلترا، وتتم المهمة على أكمل وجه؛ فليس هناك أيّ تفصيل من تفاصيل إنجلترا، مهما كان ضئيلا، لم يتم تسجيله على الخريطة، فلكل شيء هناك ما يناظره. وهكذا إلى ما لانهاية". فلماذا يزعجنا إدخال الخريطة في الخريطة والألف ليلة في الألف ليلة وليلة؟ ولماذا يزعجنا أن يكون دون كيخوته قارئا للكيخوته وهاملت مشاهدا لهاملت؟ أعتقد أنني وجدت السبب: توحي هذه الانقلابات في الأوضاع بأنه إذا كان بوسع شخصيات عمل قصصي خيالي أن يصيروا قراءً أو مشاهدين، سيكون بوسعنا، نحن قراءها أو مشاهديها أن نصير وهميين.(8) وتقيم بنية قصة داخل قصة، عن طريق تنظيم باروكي للمكان، نظاما هو في حد ذاته مفارقة بصرية؛ فهو يرغمنا على أن نتصور اللانهاية المكانية في مكان غير لانهائي. ووفقا لمبدأ الاشتمال اللانهائي، فإنه يغير إيماننا بصدق مدركاتنا الحسية ويقيم توترا بين ما يمكن تصوره منطقيا وما يمكن إدراكه بصورة ملموسة أو مادية أو محسوسة. وهو يصحح ما كان يمكن أن يصفه بورخيس بأنه الطبيعة الناقصة للعالم المدرك من خلال الحواس البشرية. وهو، مثل متاهة محكمة التصميم، لانهائي، مثل متاهة، يقيم ضد نظام العالم، الذي من المستحيل إدراكه، نظاما مفاهيميا لمجاز يصحح المفاهيم الناقصة التي عززها الفكر "الواقعي". ومفهوم الدائرية اللانهائية ماثل في المتاهات وأيضا في المرايا وفي الأحلام التي تشتمل على أحلام أخرى أو على الحالم. وهذه الأبنية المتبادلة الاعتماد التي لا حل لعقدتها، حيث أن المعضلات المنطقية لا إجابة لها، تمارس تأثيرا حاسما (فهي مناهجية) على البعد الميتافيزيقي. وعلى هذا فإن الحالم في "الأطلال الدائرية" تجرحه في كينونته دائرية الأحلام التي يشتمل، في شكل قصة داخل قصة، كل حلم منها على آخر. وعلى هذا النحو أيضا، ففي قصة صينية استشهد بها بورخيس مرارا، "حلم زوانج زي بأنه فراشة ولم يعرف عندما استيقظ ما إذا كان رجلا حلم بأنه فراشة، أم فراشة تحلم الآن بأنها رجل".(9) سبق أن ذكرنا أن بورخيس يؤمن بكمال الحبكة كقاعدة من القواعد الرئيسية للقصة الخيالية القصيرة. وهو يجد في إنتاج كافكا مثالا على هذا الكمال، في بساطته وفي تكديسه الكابوسي لتفاصيل ضئيلة وغير أكيدة وتكرارات. وقد حلل بورخيس روايات كافكا في مقالات مكتوبة في أواخر الثلاثينات. وهو يؤكد أن المحاكمة والقلعة تخضعان لنفس الآليات المنطقية التي تخضع لها مفارقات زينون Zeno، وبصورة خاصة مفارقة أخيل Achilles والسلحفاة، التي أحبها بورخيس، واستدعاها مرارا. يجري أخيل أسرع من السلحفاة عشر مرات ويعطي لذلك الحيوان ميزة السَّبْق بعشرة أمتار أمامه. يجري أخيل تلك الأمتار العشرة، والسلحفاة مترا واحدا، ويجري أخيل ذلك المتر، فتجري السلحفاة ديسيمترا؛ ويجري أخيل ذلك الديسيمتر، فتجري السلحفاة سنتيمترا؛ ويجري أخيل ذلك السنتيمتر، والسلحفاة مليمترا، وأخيل السريع القدمين المليمتر، والسلحفاة عُشْر مليمتر، وهكذا إلى ما لانهاية، دون أن يحدث اللحاق بالسلحفاة أبدا.(10) وفي روايات كافكا، يجري طرح المفارقة من حيث استحالة الوصول إلى القلعة أو اكتساب بعض المعرفة وهذا حيوي بالنسبة للشخصية الرئيسية. ومهما يكن ما تحاول الشخصيات في الرواية أن تحققه، فسوف تكون هناك دائما عقبة جديدة ينبغي التغلب عليها. وينظم كافكا الأحداث القصصية في تسلسل يمكن تقسيمه بصورة لانهائية، ولهذا السبب فإنه لانهائي مكانا وزمانا. ويعجب بورخيس بالمفارقات ليس لعدم تطابقها مع التجربة بل لإبرازها التهكمي لقوة المنطق وحدوده. فالمفارقات لا تتعامل مع التضاربات أو التناقضات، بل تُبرز بالأحرى، من خلال التماسك الشكلي الذي لا تشوبه شائبة، حقيقة كم أن العقل محدود عندما يحاول، من جهة، أن يدرك طبيعة الواقع و، من جهة أخرى، أن ينظم نموذجا مثاليا من المتصور أنه يمكن أن يتطابق مع ذلك الواقع. وللمفارقات فضيلة إظهار الحدود التي جرى خلق الأدب (أو الفلسفة) ضدها. وتؤثر المفارقة على مبدأ الهوية و- حتى بصورة أكثر جذرية- على البنية المنطقية لاستدلالنا، إذ أنها تثبت في آن معا، إمكانيات الاستدلال (لأن أيّ شيء يمكن إثباته منطقيا) ومزيجه الغريب من القوة والضعف إزاء الواقع (لأن ما تم إثباته يتحدى الإدراك العام). والحقيقة هي أن المفارقة تنتقد الإدراك العام والفلسفة التجريبية. والسؤال، الذي ربما كان لا يمكن الإجابة عليه، هو ما إذا كانت المفارقة تؤيد قوة المنطق ضد قوة الإدراك العام، أم، على العكس، تفضح الطبيعة الجوفاء لاستدلالنا، في نفس الوقت الذي توضح فيه الاستنتاج الذي لا يمكن تفاديه وهو أن الواقع لا يمكن فهمه لا عن طريق الإدراك ولا عن طريق البناء الشكلي للمنطق. وأعتقد أن كلتا الإجابتين ماثلتان في نفس الوقت في قصص بورخيس الفلسفية، التي تكمن قوتها في الطريقة التي يتحرك بها بورخيس بين مطلبين مختلفين: روعة البناء المنطقي واليأس الذي يثيره كمال شكلي لا يمكن بحكم التعريف أن يترجم البنية المجهولة للعالم الواقعي. وتقدم المفارقات مادة ممتازة لبناء القصة الخيالية. ويستخدم بورخيس هذا المجاز المنطقي جنبا إلى جنب مع مجازات أخرى، تساعده في إظهار الإمكانيات اللانهائية لمختلف التركيبات المنطقية والشكلية دون أيّ ادعاء لوجود صلة محاكاة بالواقع. وعلى العكس فإن المجازات الشكلية والمنطقية مستقلة عن نظام الواقع، الذي لا يمكن فهمه في حد ذاته بل يجري فقط افتراضه بالفكر وفي الفكر. وفي مناسبات عديدة، اقتبس بورخيس من المفكر الإسپاني في القرن الثالث عشر رايموندو لوليو Raimundo Lullio، مخترع آلة للتفكير (ليست آلة كانت قادرة على التفكير، بل كان يمكن استعمالها للتفكير). ويعلن بورخيس: إنها [الآلة] لا تعمل، غير أن هذا، في اعتقادي، موضوع ثانوي. إذ أنه لا تعمل أيضا الآلات التي تحاول إنتاج حركة مستمرة، تضفي خططها الغموض على صفحات أكثر الموسوعات إسهابا؛ كما أن النظريات الميتافيزيقية أو اللاهوتية لا تعمل... غير أن ما هو معروف جيدا ومشهور من عدم نفعها لا يقلل من فائدتها.(11) على أن آلة لوليو لها، في رأي بورخيس، ما يمكن أن نسميه إنتاجية جمالية. وهنا ينبغي أن نتذكر أن بورخيس، مثل حكماء تيلون،(12) يحكم على الأنساق الميتافيزيقية من وجهة نظر تماسكها الشكلي وجمالها الفكري. وتمثل آلة لوليو، رمزيا، نوعا من التناقض أو التضاد اللفظي ، لأنها مصممة لإعداد حل لأيّ مشكلة عبر التطبيق المنهجي للصدفة. وعلى هذا كان مفهوم الآلة يمثل في حد ذاته تناقضا لفظيا، إذ أنه يتناقض مع فكرة "الآلة" (التي تقابل النتائج العشوائية) وفكرة المراحل المتعاقبة نحو حل مشكلة (رغم أن العلم يعترف اليوم بتأثير أضخم للصدفة في منطق البحث). وتتألف الآلة من ثلاثة أقراص دوارة ذات مركز واحد لكل قرص منها خمسة عشر أو عشرون تقسيما. وهذه التقسيمات يمكن أن تحفر عليها رموز أو كلمات أو أعداد أو ألوان. فلنتصوّر، كما يقول بورخيس، أننا نريد أن نعرف اللون الحقيقي للنمور. نبدأ بأن نخصص لكل رمز أو عدد على كل قرص لونا، ثم ندير الأقراص لكي نتوصل إلى ترتيب ينشأ عن الصدفة (أو القدَر إنْ شئتم). وعندئذ فإن العلامات على قرص سوف تتطابق مع العلامات على الأقراص الأخرى، مما يُوجد نوعا من التركيب العشوائي حيث نكون قادرين على أن نفك شفرة أن اللون الحقيقي للنمور هو، ولنقلْ، الأزرق، والأصفر، والذهبي، أو الأزرق المائل إلى الصفرة، أو الأصفر المائل إلى الذهبي، أو الذهبي المائل إلى الزرقة، وهكذا. ويمثل هذا الإبهام المفرط ميزة أخرى للآلة، ميزة يمكن مضاعفتها في حالة الجمع بين أكثر من آلتين وتشغيلهما معا, ويستنتج بورخيس أنه لوقت طويل، اعتقد كثيرون أن الأقراص، إذا تم استخدامها بصبر، يمكن أن تقدم كل الإجابات عن كل مشكلة و"الكشف الأكيد للطبيعة الملغزة للعالم".(13) وما يسحر بورخيس هو طابع التناقض اللفظي لاختراع "لوليو"، وهذا ما أوضحته من قبل. ويسحره أيضا الجمع المغالى فيه بين الاستجابات العشوائية التي تعكس في اتحادها المتفاوت الطابع الفوضوي للواقع، الذي يمكن إعادة تنظيم شكله فقط، دون الأمل الباطل في أن ينجح هذا النظام في أن يمثل أو يعيد إنتاج ما هو واقعي. ورغم أن الاستجابات العرضية التي يمكن أن نحصل عليها من الآلة غير موجَّهة وتحدثها الصدفة إلا أنها مع ذلك دقيقة شكليا. والآلة دقيقة، حتى إذا لم يوجد شيء يجمع دقتها بالمنهج العلمي أو بالإدراك العام أو التجربة. وهي تعمل وفقا لقواعد القدَر، كما أنها مجهولة للإنسان، ويجب قراءة نتائجها دون انتهاك التقاليد التي كانت سائدة قبل إدارة الأقراص (وإنْ جاز القول، بدون تغيير المعنى التقليدي للحروف أو الرموز المرسومة على تقسيمات القرْص). وكان أحد الفلاسفة الذين ظل بورخيس يقتبس منهم كثيرا في الثلاثينات هو ماوتنر Mauthner، والحقيقة أن وصفه لآلة لوليو يذكرنا بوضوح بتعريف ماوتنر لمعجم للقوافي كآلة للتفكير حيث تقود قوافي كلمة إلى كلمات أخرى، تنتهي إلى جمعها في قصيدة افتراضية فقط بالضرورة الصوتية والمصادفة الدلالية- مصادفة تنتمي إلى نظام يقتضيه الشكل. ومثل هذه المصادفة الضرورية إنما هي تناقض لفظي على كل حال. وتنتج الآلات التي من هذا النوع تكاثرا شكليا ينبغي احترامه واتباع قواعده (كيف يتم تشغيل الآلة وقراءة نتائجها). وفي مواجهة ما يبدو واقعا فوضويا، ينبغي أن يعمل الأدب بنفس دقة وقسوة آلة لوليو: "لكل مشهد في قصة محكمة الصنعة إسقاط لاحق"، كما كتب بورخيس- تماما كما تعدل كل حركة للقرص العناصر الماثلة في الأقراص الثلاثة الأخرى، وهذا التعديل لا يجب التغاضي عنه أبدا. ومهما كانت غرابة الأحداث التي يتم سردها في قصة فإنها ينبغي أن تظهر وكأن as if النظام ممكن في عالم النص. وفي حكاية رمزية رائعة، "الجحيم، 1، 32"، كتب بورخيس: بعد ذلك بسنين، كان دانتي يحتضر، مغبونا ووحيدا كأيّ رجل آخر. وفي حلم، صرَّح له الرب بالغرض الخفي وراء حياته وإنتاجه؛ أخيرا عرف دانتي، بدهشة، حقيقة مَنْ هو وماذا هو وبارك مرارة حياته. وتروي الأخبار أنه أحسَّ، عند الاستيقاظ، بأنه تلقَّى وفقد شيئا لانهائيا، شيئا لن يكون بوسعه أن يعوضه أو حتى أن يتكهن به، ذلك أن آلية العالم أعقد بكثير من أن تفهمها بساطة البشر. مجازات العقل، الخيال المنطقي، الصور البلاغية، التي تدل على التناقض الذي لا يمكن تفاديه بين الفكر أو الخطاب والواقع- كانت تلك هي الوسائل التي قدمت بها قصص بورخيس الفانتازية يأسه في مواجهة إلهام دانتي Dante. غير أنها في الوقت نفسه أدوات للعقل، تناوئ لاعقلانية لا نحسّ بها في نصوص الفلاسفة فقط بل أيضا في نسيج الحياة المعاصرة ذاتها. إشارات
1: J. L. Borges, Doctor Brodie’s Report, London 1976, p.11. 2: ‘Valéry as Symbol’, in Labyrinths, London 1970, p. 233. 3: توجد دراسة ممتازة عن المصادر الفلسفية لبورخيس في كتاب خائيمي ريست Jaime Rest, El laberinto del universo, Buenos Aires 1976.؛ وحول الأدب الفانتازي لبورخيس، انظر كتاب أنا ماريا بارينيتشيا القيم Ana Maria Barrenechea, La expresiό-;-n de la irrealidad en la obra de Borges, Buenos Aires 1967. 4: ‘The Analytical Language of John Wilkins’, in Other Inquisitions, Austin (Texas) 1964, p. 103. 5: Ibid., p. 104. 6: ‘The Aleph’, in Jorge Luis Borges, The Aleph and Other Stories 1933-1969, London 1973, p. 21. 7: ‘Cuando la ficciό-;-n vive de la ficciό-;-n’, in Textos cautivos-;- Ensayos y reseñ-;-as en ‘El Hogar’ 1936-1939, Barcelona 1986, p. 325. 8: ‘Partial Magic in the Quixote’, Labyrinths, pp. 230-31. 9: J. L. Borges and Adolfo Bioy Casares, Cuentos breves y extraordinarios, Buenos Aires 1986, p. 27. 10: ‘Avatars of the Tortoise’, Labyrinths, p. 237. 11: J. L. Borges, ‘La má-;-quina de pensar de Raimundo Lullio’, in Textos cautivos, p. 177. 12: للاطلاع على قراءة عن "تيلون، أوكبار، أوربيس تيرتيوس"، انظر الفصل التالي. 13: ‘La má-;-quina de pensar de Raimundo Lullio’, p. 177. 14: Labyrinths, p. 273.
#خليل_كلفت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إحباط ما بعد الصدمات
-
بورخيس كاتب على الحافة 5: التراثات وصراعات التجديد عند بورخي
...
-
بورخيس كاتب على الحافة 4: بورخيس والأدب الأرجنتينى
-
بورخيس كاتب على الحافة 3: صورة عامة لبورخيس
-
بورخيس كاتب على الحافة 2: مدخل لمؤلفة الكتاب
-
بورخيس كاتب على الحافة 1: مقدمة چون كينج
-
أحلام مُحالة إلى التقاعد
-
المثقف والسلطة بين التناقض والتحالف
-
الرسوم المسيئة وتأجيج الإسلاموفوپيا
-
الثورة الشعبية بين سياقين تاريخييْن مختلفين
-
نحو نظرية علمية للثورات الشعبية
-
زيارة جديدة إلى ثورة يناير
-
العيد الرابع لثورة يناير
-
الطابع القانونى للثورات
-
تسييس محاكمة مبارك؟
-
الثورات الشعبية عفوية بالضرورة
-
انظر أمامك فى غضب
-
مفهوم جديد للثورة الشعبية
-
تسييس محاكمة مبارك وعصابته
-
تهجير رفح المثير للجدل
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|