أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد العزيز الخاطر - التراث بين ضرورة النقد ورهبة التقديس














المزيد.....

التراث بين ضرورة النقد ورهبة التقديس


عبد العزيز الخاطر

الحوار المتمدن-العدد: 1318 - 2005 / 9 / 15 - 08:40
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


هناك جانبان لتشخيص أشكالتنا مع التراث .
الجانب الأول : نفسي فالتراث بشقيه المادي والمعنوي ذاكرةً للأمة والذاكرة في الأساس قدرة على استرجاع أحداث الماضي ولكن قد تحتل الحاضر أو معظمه كذلك إذا ما أصبحت هاجساً وأصبح الحاضر فضاءً فارغاً لا يملؤه شي يذكر .
عدم تبلور آلية للتعامل مع هذا التراث بالشكل الذى يجعل منه ذو نفع بحكم أنه ماضي يستفاد منه لا أن يعاش وبحكم أن الأشياء لا توخذ بشكل شمولي غثها وسمينها وآلية التعامل مع التراث تتطلب عنصرين هامين لتحقيق الغرض المرجو منها وهما – المسافة اللازمة للحكم على الأشياء والنظرة النقدية وليس النظرة النوستالجية المتشوقة أو الحانة الى الماضي وعدم تحقق هذان العنصران في تعاملنا مع تراثنا أصبح عبئاً على حاضرنا وشغل يومنا وغدنا .
إن دراسة أي شئ تتطلب حيادية الدارس أمام الموضوع الذى يراد دراسته وتتطلب الفصل بين الذات الدارسة والذات المدروسة ، نحن ندرس الماضي والتراث ونحن نعايشهما بشوق كبير نلتصق بالماضي حفظاً لذاتنا الضائعة وخوفا عليها من الاندثار ، نتشوق الى الماضي وتراثه بحنين يفوق حنين ألام الى وليدها الرضيع لان الحاضر مرعب ولا ندرك من أشياءه الكبرى أو الصغرى ذرة ً تطمئنها أو تهدى من روعنا . أية موضوعية نتقصاها بعد ذلك نحن نذوب في ماضينا كما يذوب الملح في الماء وننزوي في أركانه وزواياه كما ينزوي الخائف من أشعة الشمس أو برد الشتاء .
إن انتصار نظرة التقديس للماضي وتراثه على تيار النظرة النقدية الفاحصة له كان لها الأثر الكبير في تراجع دور هذه الأمة بين الأمم ، قد تجنح النظرة النقدية نحو التحامل قليلاً ولكن لا يمكن الاستغناء عنها بأي حال من الأحوال ما نمارسه اليوم في حاضرنا عندما نحاول استعادة الماضي وتراثه العريق تحت العديد من الشعارات سواء كانت دينية أو قومية أو غير ذلك هو قمة التقديس لـه . لقد أباد بُول بُوت نصف شعبه الكمبودي في محاولة لاستعادة تاريخه ومزق صدام حسين العراق وجيرانه في محاولة لاستعادة تاريخ بنوخذ نصر وقادسية العرب .
لقد كان اقتحام الحاضر بأسلحة الماضي وبالاً على الأمة لأننا لم نفرق بين عناصر الزمن الثلاثة الماضي والحاضر والمستقبل . لقد كانت قلوبنا غُلف ونحن نقف أمام النقد ونعتبره سَباً وهجاءً لان قاموسنا اللغوي لا يعرف كلمة النقد وملئ بأبواب السب والهجاء الى جانب المدح المبتذل . ننظر كيف كانت وقفتنا مع من أراد أن ينظر ببصيرة الى التراث ويفرزه فرزاً في الماضي والحاضر فمن جرى تكفيرهم أو طردهم أو قتلهم أليس كان من الأفضل التحاور معهم وفتح باب النقاش بدلاً من تكميم الأفواه وسد الثغور وترحيل الإشكالية من زمن الى آخر ومن جيل الى آخر . لقد كان انتصاراً كبيراً للشمولية السياسية والعسكرية التي تزهق أرواحنا يومياً وانهزاماً للكيفية التي لو قدر لها لوضعتنا على خريطة الأمم الرائدة . ما لم يرتفع التراث الى مستوى النقد وما لم نضع المسافة المطلوبة بينه وبين حاضرنا وذواتنا المعاشة اليوم وما لم يكن النقد منهجاً أساسيا يفوق مناهجنا العربية البيانية كلها لن نستطيع أن نعايش حاضرنا إلا بقدر تدخل ماضينا فيه وبقدر ما ينعكس عليه من ذلك الماضي والتراث وسنظل نتحرك في فضاء اليوم بذاكرة الزمن الذاهب الى غير رجعة .



#عبد_العزيز_الخاطر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التفسير الانتقائي وفقهاء - الاستيكه -
- أنجاز العقلية العربية الوحيد الاصطفاف خلف صنمية المصطلح
- أنظمة ديموقراطية أم مصالح استراتيجية؟


المزيد.....




- مسؤول عسكري بريطاني: جاهزون لقتال روسيا -الليلة- في هذه الحا ...
- مسؤول إماراتي ينفي لـCNN أنباء عن إمكانية -تمويل مشروع تجريب ...
- الدفاع الروسية تعلن نجاح اختبار صاروخ -أوريشنيك- وتدميره مصن ...
- بوريسوف: الرحلات المأهولة إلى المريخ قد تبدأ خلال الـ50 عاما ...
- على خطى ترامب.. فضائح تلاحق بعض المرشحين لعضوية الإدارة الأم ...
- فوضى في برلمان بوليفيا: رفاق الحزب الواحد يشتبكون بالأيدي
- بعد الهجوم الصاروخي على دنيبرو.. الكرملين يؤكد: واشنطن -فهمت ...
- المجر تتحدى -الجنائية الدولية- والمحكمة تواجه عاصفة غضب أمري ...
- سيارتو يتهم الولايات المتحدة بمحاولة تعريض إمدادات الطاقة في ...
- خبراء مصريون يقرأون -رسائل صاروخ أوريشنيك-


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد العزيز الخاطر - التراث بين ضرورة النقد ورهبة التقديس