|
مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا -14-
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 4720 - 2015 / 2 / 14 - 21:54
المحور:
الادب والفن
مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا -14- رواية ****************************** حاولت زوجته أن تهدئ من روعه وتعيد الدم الى سحناته التي تحولت الى ما يشبه ورقة تين ساقطة . سألته عن سبب ما حدث . لكنه لم يسمعها رغم أنها كانت قريبة منه ، أعادت السؤال مرة ثانية وهي مذعورة من حالته المتصلبة . لمسته وأعادت السؤال للمرة الثالثة . التفت اليها وكأنها أحد الشرطيين اللذين باغتاه في منامه ، نظر اليها نظرة غربية ،زائغة وخائفة . ثم قال لها بصوت جاف : - لاشيئ ، لاشيئ . لم تقتنع بجوابه ، وألحت في سؤالها . -مجرد حلم ، لا بل كابوس فظيع . -ماذا حلمت . نهرها بشدة ، وكأنه يستعيد بعض كبرايائه الذي تمرغ في الحلم ، وصرخ في وجهها وكأنه ينتقم مما تعرض له في فراش النوم . لابد من حالة أضعف كي يفرغ الضعيف انهزامه عليها أو فيها . وهي ربما قد تفرغ غضبها على طفليها الصغيرين ، وهما سيفجرانه على بعضهما البعض . الى أن يختفي غول الضعف في تراتبية مصنوعة بعناية اجتماعية وسياسية غاية في الدقة . انها الصناعة الوحيدة التي استطاع المغاربة اتقانها حد الادهاش . حاولت أن تمنحه قليلا أمل الشفاء ، وقالت انها ستذهب لتدفئ قليلا من العسل الممزوج بالليمون ، وهي وصفة ستهدئ من روعه وتمنحه بعض الانتعاش . وذهبت للمطبخ لتحضير الوصفة . يداها المرتعشتان تبحثان في الدرج الأسفل عن قنينة صغيرة من العسل تحتفظ بها للطوارئ المرضية كالحمى والسعال المفرط . أخرجتها من مكانها . كان ما بها من عسل متجمدا مما اضطرها الى وضعها باناء قصديري بعد أن ملأت نصفه ماء . وبعدما لان العسل وارتخى ، أفرغت مقدار ملعقة من العسل في كوب زجاجي صغير ، ثم أخذت ليمونة وعصرتها عليها وخلطت المادتين . وعادت الى غرفة النوم . عندما دخلت عليه وجدته يغطي في نوم عميق . حارت في الأمر . هل توقظه ليتناول دواءه ام تتركه يرتاح . وأخيرا اقتنعت بتركه نائما . فالنوم العميق أيضا دواء لا مثيل له . الدماغ هو الصيدلية العجيبة التي يحملها الانسان في ذاته دون الانتباه الى مخزوناتها الدوائية الهائلة . فلو قدر للانسان أن يكتشف المواد السحرية الموجودة في دماغ الانسان ، وخاصة أولئك الذين يملكون أدمغة متميزة لقضى الانسان على جميع الأمراض التي تهلك الحرث والنسل وتفقر أغنياء القوم وتقتل الفقراء بالحسرة . كان استلقاؤه على الفراش يشبه استلقاء محارب قدم للتو من ميدان معركة طاحنة . فمه مفتوح وكأنه مدخنة قطار بخاري ، يداه مفتوحتان كدفتي نافذة مهجورة مسكنها . وعينان مغمضتان بشكل كامل . حزرت المرأة أنه لن يحتاج بعد استيقاظه من النوم للعسل والليمون . فطريقة النوم تؤكد لها أنه عثر في هذا النوم على دوائه . ها هو الآن ينام مسترخيا دون تشنج او حركة . نظرت الى عقرب الساعة المركونة امام خزانة السرير الصغيرة ، كانت الساعة تشير الى السادسة صباحا . انتقلت الى غرفة طفليها لتتفقدهما ، كان الطفل الصغير ينام عاريا بعدما أسقط ليلا بطانيته ارضا ، أعادتها فوق جسده الصغير المنكمش على نفسه فيما يشبه انكماش الحلزون . وهي نفس الوضعية التي يكون عليها الجنين في بطن أمه . استيقظ نورالدين على الساعة العاشرة صباحا تقريبا . كان استيقاظه طبيعيا ، لكن صور الكابوس الذي أزعجه الليلة ما زالت أطيافه الشاحبة عالقة بذهنه . استغفر الله . نادى على زوجته التي هرعت اليه مسرعة بمجرد ما سمعت صوته . -كيف حالك الآن . انك بخير .الحمد لله . -نعم أنا الآن أفضل . هيئي لي الفطور لأذهب للعمل . -استرح اليوم ، أظن أنك تحتاج الى قليل من الراحة .
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الانتخابات بالمغرب بين المقاطعة والمشاركة : نحو عقلية جديدة
...
-
الانتخابات بالمغرب بين المقاطعة والمشاركة : نحو عقلية جديدة
...
-
حين يتأخر القطار تفسد الرحلة
-
مجتمع آخر او مجتمع الجناكا -رواية-13
-
رائية المغرب
-
المغرب وعقلية التخلف
-
السرقات الأدبية : الشاعر المبدع -حسن أوس -ضحية نموذجية
-
ضربة شبعا والتراجع الاسرائيلي
-
سفر الذل والهوان
-
شكرا للحلم -قصة-
-
نحو مجتمع فاعل وسياسة منتجة
-
مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا -12-
-
المغرب وسياسة الافلات من العقاب
-
جرائد ليست للقراءة-4-
-
المنهج الصحيح في الرد على كل ما هو قبيح
-
المعادلة الانسانية الغائبة
-
حكام يحتقرون شعبهم علنا
-
مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا -11-
-
عودة الأنظمة القديمة
-
النفاق السياسي بالمغرب
المزيد.....
-
مشاهدة مسلسل تل الرياح الحلقة 127 مترجمة فيديو لاروزا بجودة
...
-
بتقنية الخداع البصري.. مصورة كينية تحتفي بالجمال والثقافة في
...
-
ضحك من القلب على مغامرات الفأر والقط..تردد قناة توم وجيري ال
...
-
حكاية الشتاء.. خريف عمر الروائي بول أوستر
-
فنان عراقي هاجر وطنه المسرح وجد وطنه في مسرح ستوكهولم
-
بالسينمات.. فيلم ولاد رزق 3 القاضية بطولة أحمد رزق وآسر ياسي
...
-
فعالية أيام الثقافة الإماراتية تقام في العاصمة الروسية موسكو
-
الدورة الـ19 من مهرجان موازين.. نجوم الغناء يتألقون بالمغرب
...
-
ألف مبروك: خطوات الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2024 في
...
-
توقيع ديوان - رفيق الروح - للشاعرة أفنان جولاني في القدس
المزيد.....
-
خواطر الشيطان
/ عدنان رضوان
-
إتقان الذات
/ عدنان رضوان
-
الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد
...
/ الويزة جبابلية
-
تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً
/ عبدالستار عبد ثابت البيضاني
-
الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم
...
/ محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
-
سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان
/ ريتا عودة
-
أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة
/ ريتا عودة
-
صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس
...
/ شاهر أحمد نصر
-
حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا
/ السيد حافظ
-
غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا
...
/ مروة محمد أبواليزيد
المزيد.....
|