|
مأزق الشراكة بين المعارضة الديمقراطية و الإسلامية في سورية
طارق عزيزة
الحوار المتمدن-العدد: 1318 - 2005 / 9 / 15 - 08:28
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
هــــــــل مــــــن حـــــــــــل؟ منذ أن بدأ الحوار السياسي ينشط نسبياً في سورية أي بعد رحيل الرئيس حافظ الأسد و القضية القديمة الجديدة حاضرة في هذا الحوار وقصدت بها الإخوان المسلمون وهي من وجهة نظري مركبة ومعقدة لعدة أسباب : يتعلّق الأول بكون التعاطي مع الإخوان من قبل أكثر شرائح المجتمع الأهلي والسياسي في سورية وفي المقدمة النظام كظاهرة عنف بدأت في أواسط سبعينات القرن الماضي ولم تنتهي بعد أحداث حماه82الدامية رغم تفاوت الفعل ورد الفعل في تلك الفترات بل ويعتبر البعض أنها ظاهرة عنف مقيمة كامنة حتى الآن رغم الخطاب المعتدل المعلن وليس كتيار سياسي بأيديولوجية دينية أنتجته البنية الاجتماعية السورية كغيره من التيارات سواء ذات الأيديولوجية القومية أو الماركسية بين عشرينات وأربعينات القرن الماضي . السبب الثاني برأيي : المشكلة برمّتها ليست بين الإخوان والنظام بل إنها بين النظام والمجتمع السوري وما استخدام الإخوان للعنف ــ بغض النظر عن الموقف منهم ومنه ــ إلا التعبير الأقصى لمقاومة شريحة من المجتمع للسلطة الاستبدادية والدفاع عن الوجود بعيداً عمّا تبع ذلك من تداعيات و حيثيات لسنا الآن بصددها . ثم ــ وهنا الإشكالية ــ امتدت المشكلة وبالأحرى تحولت بين الإخوان والمجتمع وتحديداً قواه السياسية بسبب ماخلّفه العنف والتاريخ الذي لم يقدم بعد كشف الحساب النهائي لتلك المرحلة . النتيجة التي هي السبب الثالث هنا : جو انعدام الثقة المتبادل بين المعارضة الديمقراطية العلمانية من جهة والإخوان كتعبير واضح عن الإسلاميين فالجميع يطالب بحق العمل السياسي للجميع وكلهم يخشون مما سيفعله الآخرون فيما لو عملوا على برامجهم وإن أي حوار قد يجري بين الأطراف المعنية فيما لو بقي في إطار العموميات وتوصيف ما حدث في الماضي بدل تحليله تاريخياً ونقده سيكون الغائب الأكبر عنه إمكانية الخروج من عنق الزجاجة الوضع الذي يمثل وضع المعارضة ويعبر عن أزمتها والتحدي الأكبر لها الآن وحدة الصف والتوافق على برنامج الحد الأدنى . إن تقليل حظوظ ذلك يعود بشكل أساسي إلى تحفظات متبادلة أجملها كالتالي : إ ن تحفظات كثيرة لدى التيارات العلمانية ــ ونحن منها ــ حاضرة ومشروعة حول جدية ومصداقية تبني الديمقراطية من قبل الإسلاميين /الإخوان كتعددية ثقافية وفكرية وعقائدية وتبني مشروع دولة الدستور وتداول السلطة والمواطنة المتساوية الحقوق والواجبات وهنا تقفز إلى الواجهة قضيتان أساسيتان : المرأة والأقليات وخصوصاً الدينية وسوريا تزخر بها . في المرأة :يعتقد الإخوان في برنامجهم حرفياً أن البيت هو الميدان الأساسي لعمل المرأة ويغيب الحديث عن قانون الأحوال الشخصية مثلاُ . في الأقليات : يبدو الموضوع عند الحديث عن مفهومهم للمواطنة فقد ورد في برنامجهم أن المواطنة انتماء شرعي يقوم على أساس هويتنا الإسلامية وواجبات المواطنة واجبات إسلامية ووطنية وقومية وسورية ذات هوية عربية إسلامية فالإسلام دين وحضارة للمواطن المسلم و هوية حضارية للمواطن غير المسلم ناهيك عن انه لابد من أسلمة القوانين تدريجياً لأن الشريعة المنزلة من عند الله أرفق وأحكم و أرعى للناس أجمين . بعد كل ذلك ما الفرق بين بعثنة الدولة والمجتمع و أسلمتهما؟ من جهة أخرى يتحفظ الإسلاميون/الأخوان على قضايا قد تحسمها الديمقراطية يوماً لصالح التيارات العلمانية والليبرالية في المجتمع كـ :وضع المرأة ـ تحديد النسل ـ الإجهاض ـ . . . وكلها تبقى نقاط تحفظ أساسية مستندة إلى الشريعة لدى الإسلاميين وتأتي أيضاً النظرة التقليدية لديهم عن الإنسان الحر أنه الإنسان المنحل وأن الديمقراطية في الغرب أفضت إلى الانحلال الأخلاقي في المجتمع و تدمير الأسرة تحت شعارات الحرية الفردية أضف إلى كل ما تقدم أزمة التراث والمعاصرة وإمكانية المرجعية الفكرية/الدينية في الاستجابة لمشكلات الواقع و تحدياته القديمة و المستجدة و طبعاً القول بوجود موقف إسلامي واضح موحد من هذه القضايا سواء بين التيارات المتعددة أو حتى ضمن التيار الواحد قول يجافي الحقيقة و يناقض الواقع مما يعقد المشكلة و لا يساعد في حلها وفي جميع الأحوال إذا كان لابد من تنازلات متبادلة كنتيجة طبيعية لتفاوض سياسي يهدف للوصول إلى توافقات معينة فليتم تحديد برنامج واضح لمطالبات كل طرف /المعارضة الديمقراطية و الإخوان/ وليكن التنفيذ أو الاعتراف بالتنازل إن جاز التعبير متزامن ومتوازي فيما بينهم لعل في ذلك استرجاع لثقة ضرورية مفقودة و لا يخفى على أحد ضرورة الشفافية والصراحة في عرض التحفظات المتبادلة و إن لم تك مناقشة بعضها أولوية راهنة ليأخذ بها المعنيون بعين الاعتبار ولبحثها بعقل نقدي متجرد عن المصالح الحزبية الضيقة واضعاً مصلحة سوريا الوطن و الشعب في المقدمة
#طارق_عزيزة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
استقبل تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024 بجودة عالية
-
82 قتيلاً خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
-
82 قتيلا خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
-
1 من كل 5 شبان فرنسيين يودون لو يغادر اليهود فرنسا
-
أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
-
غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في
...
-
بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
-
بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
-
قائد الثورة الاسلامية آية اللهخامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع
...
-
اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|