|
الكرد والديمقراطية العراقية ومشروع الشرق الأوسط الكبير 1/2
خالد يونس خالد
الحوار المتمدن-العدد: 1317 - 2005 / 9 / 14 - 11:38
المحور:
القضية الكردية
الكرد والديمقراطية العراقية ومشروع الشرق الأوسط الكبير 1/2 الجزء الأول الديمقراطية العراقية ومشروع الشرق الأوسط الكبير مشروع الديمقراطية العراقية ينبغي أن يتضمن مشروع الديمقراطية العراقية مشاركة الشعب العراقي في السلطة بكل قومياته وأديانه وطوائفه في دولة ديمقراطية تعددية إتحادية موحدة. وأن تكون للجبهة الوطنية الديمقراطية العراقية مشاركة فعالة، بجعل السيادة للشعب الذي يعتبر مصدرا للسلطات بدلا من المراجع الدينية أو القومية الشوفينية. لعل من المفيد فهم الحقيقة التي مفادها أن الولايات المتحدة الأميركية لم تتدخل في العراق لإسقاط نظام صدام حسين من أجل سواد عيون العراقيين، أو للإتيان بنظام ديني أو بدولة تسيطر عليها العقلية المذهبية لجعل العراق عمقا إستراتيجيا لإيران. لقد تدخلت الولايات المتحدة وحلفاءها لتفادي خطر الارهاب الدولي ومن أجل حماية مصالحها في الشرق الأوسط، وتمرير إستراتيجيتها في التحكم بالمنطقة تحت مظلة الديمقراطية. والمعروف أنه لا صديق دائم ولا عدو دائم في السياسة الدولية إنما مصلحة دائمة. ما يخصنا في هذا المقال هو العراق، وتهديد النظام البعثي العفلقي للشعب العراقي أولا وللمجتمع الدولي ثانيا. وجاء تدخل الولايات المتحدة الأمريكية أيضا استجابة لدعوة المعارضة العراقية، ولأنها أيضا أصبحت مهددة من قبل القوى الظلامية الارهابية. وطبيعي تعلَم الولايات المتحدة وحلفائها في المجتمع الدولي بجلاء أنه لا يمكن تحقيق الإستراتيجية الدولية بدون إقناع الشعب العراقي أو أغلبيته أن تقف إلى جانبها. وكان لابد من إيجاد هدف يلتف حوله الكثير من أبناء الشعب العراقي من العرب السنة والعرب الشيعة والكرد والأقليات القومية والدينية الأخرى. وكانت الديمقراطية أكثر هذه الأهداف إغراء، كما أنها أكثر هذه الأهداف ملاءمة للتوجهات العراقية المختلفة التي عانت الكثير من المآسي، وتعرضت لكثير من سياسات الظلم والاستبداد والقهر التي مارسها نظام صدام حسين المنهار. فالديمقراطية هي القاسم المشترك لإلتقاء القوى العراقية لتحقيق مشاريعها. ومن خلال هذه المعادلة، تتجاذب هذه القوى العراقية، وتتصارع من أجل السلطان والحصول على أكبر قطعة من الكعكة العراقية. وكان لابد أيضا أن يقع بعض هذه القوى في مصيدة الإرهاب الدولي، كما وجد الإرهاب الدولي من العراق أرضا خصبة لضرب الديمقراطية التي تهدد الإرهاب والتخلف والعبودية. وفي هذه الدوائر المتناقضة وجدت الولايات المتحدة أن العراق أرضا ملائمة لتحقيق مصالحها بجعل الشرق الأوسط منطقة نفوذها لتأمين الحصول على النفط، وضرب الإرهاب، وتحقيق الديمقراطية التي تجعل من المنطقة قوة كبيرة لمواجهة الإرهاب الذي يهدد المدنية والحرية والتقدم. مشروع الديمقراطية العراقية هو الخطوة الأولى لمشروع الشرق الأوسط الكبير. ونجاح الولايات المتحدة في تحقيق الديمقراطية في العراق يفتح الأبواب أمام الدول الأخرى للدخول في المعادلة بعد أن أدركت مدى جدوى الديمقراطية التي تستحق التضحية من أجل تحقيقها. العراق مركز استراتيجي في الشرق الأوسط، والعراق الديمقراطي، فيما إذا نجحت العملية الديمقراطية، يصبح بؤرة الإشعاع الحضاري في المنطقة. ولعل من المهم التأكيد على ضرورة أن يساهم كل أبناء الشعب في اللعبة الديمقراطية، وعدم حرمان الأقلية والأقليات القومية من حقوقها، وضرورة مساهمتها في النظام السياسي. وبدون ذلك لا يمكن نجاح الديمقراطية في بلد لم يتربى الشعب تربية ديمقراطية، ولا سيما بعد أن قبض حزب البعث العربي الإشتراكي على السلطة في انقلاب عام 1968. ولذلك فإن مسيرة الديمقراطية تحتاج إلى فترة زمنية طويلة نسبيا، وتتطلب تضحيات كثيرة أيضا من الجانبين العراقي والأمريكي. لكن العملية تستحق كل هذه التضحيات لتحقيق النجاح. العراق بوابة مشروع الشرق الأوسط الذي يهدد الأنظمة الدكتاتورية والاستبدادية في المنطقة، لذلك فإن هذه الأنظمة تخاف من نفسها، لأنها ستضمحل فيما إذا بلور الوعي الاجتماعي، وتحققت الديمقراطية في تلك البلدان أيضا. وليس غريبا أن يواجه العراق هذه المقاومة الشرسة من الظلاميين من بعض دول الجوار التي تصدرو الإرهاب إلى العراق. فالمعروف أنه ما من نظام مستبد يعمل على دمقرطة المجتمع لأن الديمقراطية تهدده وتُزيحه عن السلطة. نجاح العملية الديمقراطية يعني أن مشروع الشرق الأوسط يجد النور، وأنه ينبغي أن يساهم الشعب في المشروع. لكن الأهم من كل ذلك كيفية مواجهة المد العدائي لهذا المشروع من قبل الظلاميين والارهابيين الذين يُجَندون كل قواهم تحت غطاء الدين والأمن والاستقرار لمواجهة المد الديمقراطي. فالصراع مشروع بين الديقراطيين بعيدا عن العنف، لكن أعداء الديمقراطية يمارسون الإرهاب لذلك لابد من بقاء القوات الدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة في المنطقة لفترة أطول لتجنب الحرب الأهلية في العراق. لاشك أن مشروع الشرق الأوسط الكبير في صالح القوميات الصغيرة المحرومة من حقوقها، كما أنه في صالح القوى النيرة التي لا تؤمن عادة بالتطرف القومي والمذهبي. وبالمقابل فإن القوى التي تحتكر السلطة وتلعب بمشاعر المغفلين بسلاح الدين، تقف ضد هذا المشروع، فالأنظمة التي تحتكر السلطة ترفض الديمقراطية لأنها لا تعترف بحكم الشعب. وبالنسبة للشعب الكردي الذي يحلم بدولة كردستانية، دون أن يجد فرصة لتحقيق ذلك الحلم بسبب موانع داخلية وأقليمية ودولية، فإن مشروع الشرق الأوسط الكبير لصالحه، لأنه يأَهله بالحصول على حقوقه ديمقراطياعن طريق التربية والثقافة والتطور في المنطقة. كما أنه يقضي نسبيا على القوى القومية الشوفينية الطاغية، ويُضْعف القوى الدينية المتطرفة التي تجعل من الدين وسيلة عسكرية لتحقيق مصالح عدد قليل من الأئمة الذين يُسَيسون الإسلام في خدمة مصالحهم الذاتية. والمشروع يزيل أيضا الحدود الثقافية المحدودة، ويفك أغلال العبودية. وكل هذه الخطوات لصالح الشعب الكردي المحروم من أبسط حقوقه في تركيا وإيران وسوريا، وعليه فعلى الكرد مؤازرة ودعم هذا المشروع، والمساهمة في نجاحه وتطوره.
لماذا مشروع الشرق الأوسط الكبير؟ يمثل مشروع "الشرق الاوسط الكبير" تحدياً وفرصة فريدة للمجتمع الدولي بالعمل على إزالة المخاطر التي تنَمي الارهاب في الشرق الأوسط، العدو الأول للديمقراطية والسلام العالمي. لقد وجد الارهاب الدولي في المنطقة، ولاسيما في العراق وأفغانستان اللتين كانتا مرتعا له قبل التدخل الأمريكي فيهما. وما يهمنا هنا هو العراق، فالشعب العراقي كان يرزح تحت ظلم نظام دكتاتوري لايعرف للإنسان قيمة، حيث كان الشعب يعيش حياة الذل والاستعباد، وكانت سياسة القتل والمقابر الجماعية سمة أساسية للنظام الذي جعل من العراق بؤرة للارهاب الدولي. وسبق أن نبهت المعارضة العراقية أن نظام صدام حسين سيصبح تهديدا مباشرا للمجتمع الدولي، ولا سيما الولايات المتحدة، بفعل تمويل النظام الصدامي للإرهاب. وكان الأمر كذلك بالنسبة للمعارضة الأفغانية التي سبقت المعارضة العراقية بالإشارة إلى ذلك التهديد الدولي. لكن الولايات المتحدة لم تتجاوب ولم تتدخل في الوقت المناسب إلاّ بعد أن تعرضت للتهديد المباشر في الحادي عشر من سبتمبر 2001 بعد تلك العملية الارهابية الكبيرة في نيويورك. وأدركت مدى خطورة الارهاب الدولى، ومدى خطورة التهديد القادم من أفغانستان والعراق. ماهو مشروع الشرق الأوسط الكبير؟ مشروع "الشرق الاوسط الكبير" الذي قدمته واشنطن في قمة الدول الثمان عام 2004 يشير إلى بلدان العالم العربي، زائداً باكستان وأفغانستان وإيران وتركيا واسرائيل. وساهمت "النواقص" الثلاثة التي حددها الكتّاب العرب لتقريرَي الامم المتحدة حول التنمية البشرية العربية للعامين 2002 و2003 – الحرية، المعرفة، وتمكين النساء - في خلق الظروف التي تهدد المصالح الوطنية لكل أعضاء مجموعة الـ8. وطالما تزايد عدد الافراد المحرومين من حقوقهم السياسية والاقتصادية في المنطقة، سنشهد زيادة في التطرف والارهاب والجريمة الدولية والهجرة غير المشروعة. إن الاحصائيات التي تصف الوضع الحالي في "الشرق الاوسط الكبير" مروعة. أشير في هذا المقال باختصار إلى أهم هذه الاحصائيات التي جاءت في "مشروع الشرق الأوسط الكبير": * مجموع أجمالي الدخل المحلي لبلدان الجامعة العربية الـ22 هو أقل من نظيره في أسبانيا. * حوالي 40 في المئة من العرب البالغين - 65 مليون شخص – أميون، وتشكل النساء ثلثي هذا العدد. * سيدخل اكثر من 50 مليوناً من الشباب سوق العمل بحلول 2010، وسيدخلها 100 مليون بحلول 2020. وهناك حاجة لخلق ما لا يقل عن 6 ملايين وظيفة جديدة لامتصاص هؤلاء الوافدين الجدد الى سوق العمل. * اذا استمرت المعدلات الحالية للبطالة، سيبلغ معدل البطالة في المنطقة 25 مليوناً بحلول 2010. * يعيش ثلث المنطقة على أقل من دولارين في اليوم. ولتحسين مستويات المعيشة، يجب أن يزداد النمو الاقتصادي في المنطقة اكثر من الضعف من مستواه الحالي الذي هو دون 3 في المئة الى 6 في المئة على الأقل. * في امكان 6,1 في المئة فقط من السكان استخدام الانترنت, وهو رقم أقل مما هو عليه في اي منطقة اخرى في العالم، بما في ذلك بلدان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. * لا تشغل النساء سوى 5,3 في المئة فقط من المقاعد البرلمانية في البلدان العربية، بالمقارنة، على سبيل المثال، مع 4,8 في المئة في افريقيا جنوب الصحراء الكبرى. * عبّر 51 في المئة من الشبان العرب الاكبر سناً عن رغبتهم في الهجرة الى بلدان أخرى, وفقاً لتقرير التنمية البشرية العربية للعام 2002، والهدف المفضل لديهم هو البلدان الأوروبية. وتعكس هذه الاحصائيات أن المنطقة تقف عند مفترق طرق. ويمكن للشرق الاوسط الكبير أن يستمر على المسار ذاته، ليضيف كل عام المزيد من الشباب المفتقرين الى مستويات لائقة من العمل والتعليم والمحرومين من حقوقهم السياسية. وسيمثل ذلك تهديداً مباشراً لاستقرار المنطقة، وللمصالح المشتركة لاعضاء مجموعة الثماني. البديل هو الطريق إلى الاصلاح. ويمثل تقريرا التنمية البشرية العربية نداءات مقنعة وملحة للتحرك في الشرق الاوسط الكبير. وهي نداءات يرددها نشطاء وأكاديميون والقطاع الخاص في أرجاء المنطقة. وقد استجاب بعض الزعماء في الشرق الاوسط الكبير بالفعل لهذه النداءات واتخذوا خطوات في اتجاه الاصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي. وأيدت بلدان مجموعة الثماني، بدورها، هذه الجهود بمبادراتها الخاصة للاصلاح في منطقة الشرق الاوسط. وتبيّن "الشراكة الاوروبية المتوسطية"، و"مبادرة الشراكة بين الولايات المتحدة والشرق الاوسط"، وجهود اعادة الاعمار المتعددة الاطراف في افغانستان والعراق التزام مجموعة الثماني بالاصلاح في المنطقة. إن التغيرات الديموغرافية المشار اليها اعلاه، وتحرير افغانستان والعراق من نظامين قمعيين, ونشوء نبضات ديموقراطية في ارجاء المنطقة، بمجموعها، تتيح لمجموعة الثماني فرصة تاريخية. وينبغي للمجموعة، في قمتها في سي آيلاند، ان تصوغ شراكة بعيدة المدى مع قادة الاصلاح في الشرق الاوسط الكبير، وتطلق رداً منسّقاً لتشجيع الاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي في المنطقة. ويمكن لمجموعة الثماني أن تتفق على اولويات مشتركة للاصلاح تعالج النواقص التي حددها تقريرا الامم المتحدة حول التنمية البشرية العربية عبر: تشجيع الديموقراطية والحكم الصالح. بناء مجتمع معرفي. توسيع الفرص الاقتصادية. وتمثل اولويات الاصلاح هذه السبيل الى تنمية المنطقة: فالديموقراطية والحكم الصالح يشكلان الاطار الذي تتحقق داخله التنمية، والافراد الذين يتمتعون بتعليم جيد هم ادوات التنمية، والمبادرة في مجال الاعمال هي ماكينة التنمية.
أولا: تشجيع الديموقراطية والحكم الصالح "توجد فجوة كبيرة بين البلدان العربية والمناطق الاخرى على صعيد الحكم القائم على المشاركة ... ويضعف هذا النقص في الحرية التنمية البشرية، وهو احد التجليات الاكثر ايلاماً للتخلف في التنمية السياسية". (تقرير التنمية البشرية، 2002) ان الديموقراطية والحرية ضروريتان لازدهار المبادرة الفردية، لكنهما مفقودتان الى حد بعيد في ارجاء الشرق الاوسط الكبير. المجتمع المدني أخذاً في الاعتبار ان القوة الدافعة للاصلاح الحقيقي في الشرق الاوسط الكبير يجب ان تأتي من الداخل، وبما ان افضل الوسائل لتشجيع الاصلاح هي عبر منظمات تمثيلية، ينبغي لمجموعة الثماني أن تشجع على تطوير منظمات فاعلة للمجتمع المدني في المنطقة. ويمكن لمجموعة الثماني أن: * تشجع حكومات المنطقة على السماح لمنظمات المجتمع المدني، ومن ضمنها المنظمات غير الحكومية الخاصة بحقوق الانسان ووسائل الاعلام، على ان تعمل بحرية من دون مضايقة او تقييدات. * تزيد التمويل المباشر للمنظمات المهتمة بالديموقراطية وحقوق الانسان ووسائل الاعلام والنساء وغيرها من المنظمات غير الحكومية في المنطقة. * تزيد القدرة التقنية لمنظمات غير الحكومية في المنطقة بزيادة التمويل للمنظمات المحلية (مثل "مؤسسة وستمنستر" في المملكة المتحدة أو "مؤسسة الدعم الوطني للديموقراطية" الاميركية) لتقديم التدريب للمنظمات غير الحكومية في شأن كيفية وضع برنامج والتأثير على الحكومة وتطوير استراتيجيات خاصة بوسائل الاعلام والناس العاديين لكسب التأييد. كما يمكن لهذه البرامج ان تتضمن تبادل الزيارات وانشاء شبكات اقليمية. * تمَول منظمة غير حكومية يمكن أن تجمع بين خبراء قانونيين أو خبراء اعلاميين من المنطقة لصوغ تقويمات سنوية للجهود المبذولة من اجل الاصلاح القضائي او حرية وسائل الاعلام في المنطقة. (يمكن بهذا الشأن الاقتداء بنموذج "تقرير التنمية البشرية العربية".) ثانياً - بناء مجتمع معرفي "تمثل المعرفة الطريق الى التنمية والانعتاق, خصوصاً في عالم يتسم بعولمة مكثفة". (تقرير التنمية البشرية العربية, 2002) لقد أخفقت منطقة الشرق الاوسط الكبير التي كانت في وقت مضى مهد الاكتشاف العلمي والمعرفة، الى حد بعيد، في مواكبة العالم الحالي ذي التوجه المعرفي. وتشكل الفجوة المعرفية التي تعانيها المنطقة ونزف الادمغة المتواصل تحدياً لآفاق التنمية فيها. ولا يمثل ما تنتجه البلدان العربية من الكتب سوى 1,1 في المئة من الاجمالي العالمي (حيث تشكل الكتب الدينية اكثر من 15 في المئة منها). ويهاجر حوالى ربع كل خريجي الجامعات، وتستورد التكنولوجيا الى حد كبير. ويبلغ عدد الكتب المترجمة الى اللغة اليونانية (التي لا ينطق بها سوى 11 مليون شخص) خمسة أضعاف ما يترجم الى اللغة العربية. وبالاستناد على الجهود التي تبذل بالفعل في المنطقة، يمكن لمجموعة الثماني ان تقدم مساعدات لمعالجة تحديات التعليم في المنطقة ومساعدة الطلاب على اكتساب المهارات الضرورية للنجاح في السوق المعولمة لعصرنا الحاضر.
مبادرة التعليم الأساسي يعاني التعليم الأساسي في المنطقة من نقص (وتراجع) في التمويل الحكومي، بسبب تزايد الاقبال على التعليم متماشياً مع الضغوط السكانية، كما يعاني من اعتبارات ثقافية تقيّد تعليم البنات. وفي مقدور مجموعة الـ8 السعي الى مبادرة للتعليم الأولي في منطقة الشرق الأوسط الكبرى تشمل هذه العناصر: * محو الأمية: أطلقت الأمم المتحدة في 2003 "برنامج عقد مكافحة الأمية" تحت شعار "محو الأمية كحرية". ولمبادرة مجموعة الـ8 لمكافحة الأمية أن تتكامل مع برنامج الأمم المتحدة، من خلال التركيز على إنتاج جيل متحرر من الأمية في الشرق الأوسط خلال العقد المقبل، مع السعي الى خفض نسبة الأمية في المنطقة الى النصف بحلول 2010. وستركز مبادرة مجموعة الـ8، مثل برنامج الأمم المتحدة، على النساء والبنات. وإذا أخذنا في الاعتبار معاناة 65 مليوناً من الراشدين في المنطقة من الأمية، يمكن لمبادرة مجموعة الـ8 أن تركز أيضا على محو الأمية بين الراشدين وتدريبهم من خلال برامج متنوعة، من مناهج تدريس على انترنت الى تدريب المعلمين. * فرق محو الأمية: يمكن لمجموعة الـ8، سعياً الى تحسين مستوى القراءة والكتابة لدى الفتيات، انشاء أو توسيع معاهد تدريب المعلمين مع التركيز على النساء. ولمعلمات المدارس والمختصات بالتعليم القيام في هذه المعاهد بتدريب النساء على مهنة التعليم (هناك دول تحرم تعليم الذكور للاناث)، لكي يركزن بدورهن على تعليم البنات القراءة وتوفير التعليم الأولي لهن. للبرنامج أيضاً استخدام الارشادات المتضمنة في برنامج "التعليم للجميع" التابع لـ"يونيسكو"، بهدف اعداد "فرق محو الأمية" التي يبلغ تعدادها بحلول 2008 مئة الف معلمة. * الكتب التعليمية: يلاحظ تقرير التنمية البشرية العربية نقصاً مهماً في ترجمة الكتب الأساسية في الفلسفة والأدب وعلم الاجتماع وعلوم الطبيعة، كما تلاحظ "الحالة المؤسفة للمكتبات" في الجامعات. ويمكن لكل من دول مجموعة الـ8 تمويل برنامج لترجمة مؤلفاتها "الكلاسيكية" في هذه الحقول، وأيضاً، وحيث يكون ذلك مناسباً، تستطيع الدول أو دور النشر (في شراكة بين القطاعين العام والخاص) اعادة نشر الكتب الكلاسيكية العربية الخارجة عن التداول حالياً والتبرع بها الى المدارس والجامعات والمكتبات العامة المحلية. * مبادرة مدارس الاكتشاف: بدأ الأردن بتنفيذ مبادرته لانشاء "مدارس الاكتشاف" حيث يتم استعمال التكنولوجيا المتقدمة ومناهج التعليم الحديثة. ولمجموعة الـ8 السعي الى توسيع هذه الفكرة ونقلها الى دول اخرى في المنطقة من طريق التمويل، من ضمنه من القطاع الخاص. * إصلاح التعليم: ستقوم "المبادرة الأميركية للشراكة في الشرق الأوسط" قبل قمة مجموعة الـ8 المقبلة (في آذار/ مارس أو نيسان/ أبريل) برعاية "قمة الشرق الأوسط لاصلاح التعليم"، التي ستكون ملتقى لتيارات الرأي العام المتطلعة الى الاصلاح والقطاع الخاص وقادة الهيئات المدنية والاجتماعية في المنطقة ونظرائهم من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وذلك لتحديد المواقع والمواضيع التي تتطلب المعالجة، والتباحث في سبل التغلب على النواقص في حقل التعليم. ويمكن عقد القمة في ضيافة مجموعة الـ8 توخياً لتوسيع الدعم لمبادرة منطقة الشرق الأوسط الكبرى عشية عقد القمة. مبادرة التعليم في الانترنت تحتل المنطقة المستوى الأدنى من حيث التواصل مع الانترنت. ومن الضروري تماماً تجسير "الهوة الرقمية" هذه بين المنطقة وبقية العالم نظراً الى تزايد المعلومات المودعة على الانترنت وأهمية انترنت بالنسبة للتعليم والمتاجرة. ولدى مجموعة الـ8 القدرة على اطلاق شراكة بين القطاعين العام والخاص لتوفير الاتصال الكومبيوتري أو توسيعه في انحاء المنطقة، وأيضاً بين المدن والريف داخل البلد الواحد. وقد يكون من المناسب أكثر لبعض المناطق توفير الكومبيوترات في مكاتب البريد, مثلما يحصل في بلدات وقرى روسيا. وقد يركز المشروع أولا على بلدان الشرق الأوسط الأقل استخداما للكومبيوتر (العراق، أفغانستان، باكستان، اليمن، سورية، ليبيا، الجزائر، مصر، المغرب)، والسعي، ضمن الامكانات المالية، إلى توفير الاتصال بالكومبيوتر إلى أكثر ما يمكن من المدارس ومكاتب البريد. ومن الممكن أيضاً ربط مبادرة تجهيز المدارس بالكومبيوتر بـ"بمبادرة فرق محو الأمية" المذكورة اعلاه، أي قيام مدرسي المعاهد بتدريب المعلمين المحليين على تطوير مناهج دراسية ووضعها على الانترنت، في مشروع يتولى القطاع الخاص توفير معداته ويكون متاحاً للمعلمين والطلبة. ثالثا: توسيع الفرص الاقتصادية تجسير الهوة الاقتصادية للشرق الأوسط الكبير يتطلب تحولا اقتصاديا يشابه في مداه ذلك الذي عملت به الدول الشيوعية سابقاً في أوروبا الشرقية. وسيكون مفتاح التحول اطلاق قدرات القطاع الخاص في المنطقة، خصوصاً مشاريع الاعمال الصغيرة والمتوسطة التي تشكل المحركات الرئيسية للنمو الاقتصادي وخلق فرص العمل. وسيكون نمو طبقة متمرسة في مجال الاعمال عنصراً مهماً لنمو الديموقراطية والحرية. ويمكن لمجموعة الـ8 في هذا السياق اتخاذ الخطوات التالية: مبادرة تمويل النمو تقوية فاعلية القطاع المالي عنصر ضروري للتوصل الى نسب أعلى للنمو وخلق فرص العمل. ولمجموعة الـ8 ان تسعى الى اطلاق مبادرة مالية متكاملة تتضمن العناصر التالية: * اقراض المشاريع الصغيرة: هناك بعض المؤسسات المختصة بتمويل المشاريع الصغيرة في المنطقة لكن العاملين في هذا المجال لا يزالون يواجهون ثغرات مالية كبيرة. اذ لا يحصل على التمويل سوى خمسة في المئة من الساعين اليه، ولا يتم عموما تقديم أكثر من 0.7 في المئة من مجموع المال المطلوب في هذا القطاع. وبامكان مجموعة الـ8 المساعدة على تلافي هذا النقص من خلال تمويل المشاريع الصغيرة، مع التركيز على التمويل بهدف الربح، خصوصاً للمشاريع التي تقوم بها النساء. مؤسسات الاقراض الصغير المربح قادرة على ادامة نفسها ولا تحتاج الى تمويل اضافي للاستمرار والنمو. ونقدّر أن في امكان قرض من 400 مليون دولار الى 500 مليون دولار يدفع على خمس سنوات مساعدة 1.2 مليون ناشط اقتصادي على التخلص من الفقر، 750 ألفا منهم من النساء. * مؤسسة المال للشرق الأوسط الكبير: باستطاعة مجموعة الـ8 المشاركة في تمويل مؤسسة على طراز "مؤسسة المال الدولية" للمساعدة على تنمية مشاريع الأعمال على المستويين المتوسط والكبير, بهدف التوصل الى تكامل اقتصادي لمجال الاعمال في المنطقة. وربما الأفضل ادارة هذه المؤسسة من قبل مجموعة من قادة القطاع الخاص في مجموعة الـ8 يقدمون خبراتهم لمنطقة الشرق الأوسط الكبير. * بنك تنمية الشرق الأوسط الكبير: في امكان مجموعة الـ8 ومشاركة مقرضين من منطقة الشرق الأوسط الكبير نفسها، انشاء مؤسسة اقليمية للتنمية على غرار "البنك الأوروبي للاعمار والتنمية" لمساعدة الدول الساعية الى الاصلاح على توفير الاحتياجات الأولية للتنمية. كما تستطيع المؤسسة الجديدة توحيد القدرات المالية لدول المنطقة الأغنى وتركيزها على مشاريع لتوسيع انتشار التعليم والعناية الصحية والبنى التحتية الرئيسية. ولـ"بنك تنمية الشرق الأوسط الكبير" هذا أن يكون مذخراً للمساعدة التكنولوجية واستراتيجيات التنمية لبلدان المنطقة. اتخاذ قرارات الاقراض (أو المنح) يجب ان تتحدد بحسب قدرة البلد المقترض على القيام باصلاحات ملموسة. * الشراكة من أجل نظام مالي أفضل: بمقدور مجموعة الـ8, توخيا لاصلاح الخدمات المالية في المنطقة وتحسين اندماج بلدانها في النظام المالي العالمي، ان تعرض مشاركتها في عمليات اصلاح النظم المالية في البلدان المتقدمة في المنطقة. وسيكون هدف المشاركة اطلاق حرية الخدمات المالية وتوسيعها في عموم المنطقة، من خلال تقديم تشكيلة من المساعدات التقنية والخبرات في مجال الانظمة المالية مع التركيز على: - تنفيذ خطط الاصلاح التي تخفض سيطرة الدولة على الخدمات المالية. - رفع الحواجز على التعاملات المالية بين الدول. - تحديث الخدمات المصرفية. - تقديم وتحسين وتوسيع الوسائل المالية الداعمة لاقتصاد السوق. - انشاء الهياكل التنظيمية الداعمة لاطلاق حرية الخدمات المالية. منبر الفرص الاقتصادية للشرق الاوسط الكبير لتشجيع التعاون الأقليمي المحسّن، يمكن لمجموعة الـ8 أن تنشئ "منبر الفرص الاقتصادية للشرق الاوسط" الذي سيجمع مسؤولين كباراً من مجموعة الـ8 والشرق الاوسط الكبير (مع امكان عقد اجتماعات جانبية لمسؤولين وافراد غير حكوميين من وسط رجال الاعمال) لمناقشة القضايا المتعلقة بالاصلاح الاقتصادي. ويمكن للمنبر ان يستند في شكل مرن على نموذج رابطة آسيا - المحيط الهادئ للتعاون الاقتصادي (أبك)، وسيغطي قضايا اقتصادية اقليمية، من ضمنها القضايا المالية والتجارية وما يتعلق بالضوابط. الجزء الثاني: الكرد، ما لهم وما عليهم في مشروع الشرق الأوسط الكبير. * باحث وكاتب صحفي مستقل
#خالد_يونس_خالد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدولة المدنية الديمقراطية الدستورية
-
هل يصلح النموذج الإيراني للعراق؟
-
تدخل السلطة الإيرانية في العراق خطر على الديمقراطية والوحدة
...
-
كردستان لن تكون مستعمرة داخلية والعلاقات الاستعمارية لن تحكم
...
-
متى وكيف ولماذا يصبح خيار استقلال أقليم كردستان حتميا؟ القسم
...
-
متى وكيف ولماذا يصبح خيار استقلال أقليم كردستان حتميا؟
-
وحدة العراق تكمن في الاعتراف بحقوق الكرد عمليا
-
الثوابت الكردستانية
-
هل من رؤية واضحة في عراق اليوم؟ القسم الرابع: رؤية نقتنع بها
...
-
هل من رؤية واضحة في عراق اليوم؟ القسم الثالث:إستراتيجية الأم
...
-
هل من رؤية واضحة في عراق اليوم؟ 2
-
هل من رؤية واضحة في عراق اليوم؟1
-
حكومة الجعفري والنوايا السيئة
-
خروج الكرد من النظام الدولي سقوط في الحضيض
-
غدا ينطق الحجر
-
صوت الكلمة وارادة الشعب أقوى من صوت القنبلة والارهاب
-
حركة الاستفتاء في اقليم كردستان ديمقراطية سلمية مستقلة
-
القضية العراقية قضية الشرق الاوسط الاولى في التوازن الأقليمي
-
منبر الحرية والدفاع عن حقوق الانسان
-
القيادات الكردستانية مطالبة باحترام ارادة الشعب
المزيد.....
-
الأمطار تُغرق خيام آلاف النازحين في قطاع غزة
-
11800 حالة اعتقال في الضفة والقدس منذ 7 أكتوبر الماضي
-
كاميرا العالم توثّق معاناة النازحين بالبقاع مع قدوم فصل الشت
...
-
خبير قانوني إسرائيلي: مذكرات اعتقال نتنياهو وغالانت ستوسع ال
...
-
صحيفة عبرية اعتبرته -فصلاً عنصرياً-.. ماذا يعني إلغاء الاعتق
...
-
أهل غزة في قلب المجاعة بسبب نقص حاد في الدقيق
-
كالكاليست: أوامر اعتقال نتنياهو وغالانت خطر على اقتصاد إسرائ
...
-
مقتل واعتقال عناصر بداعش في عمليات مطاردة بكردستان العراق
-
ميلانو.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يطالبون بتنفيذ مذكرة المحكم
...
-
كاميرا العالم توثّق تفاقم معاناة النازحين جرّاء أمطار وبرد ا
...
المزيد.....
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
-
المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية
/ بير رستم
-
الكرد في المعادلات السياسية
/ بير رستم
المزيد.....
|