تحية
وبعد
قال قائلهم إننا شعبان وأمتان قسمهما السيف ولاعود، وإننا عدوان جاورهما القدر فلا مناص من الإحتراب، وإن أهواءتا متعارضة ولابد لأحدنا من الإنتصار بعدو الآخر ونصره، وإننا قوم يجنحون إلى الحداثة وأنتم متخلفون سلفيون معاندون، قبلتنا تل أبيب وقبلتكم مكة، مرجعنا بوش ومرجعكم محمد منظرنا شارون ومنظركم علي، وقائدنا رامسفيلد وقائكم الحسين، فيا حسنانا ويا شؤماكم، ويا لحظة سيرميكم بها التاريخ إلى مناسيه.
وكذبوا، وأي كذب!
فأعرافنا ليس محمد وعلي والحسين فقط، وإنما أيضا عيسى بن مريم ويحيى بن زكريا وموسى وإبراهيم وياسين، وهؤلاء هم المنصورون، كما بين التاريخ. وقبلتنا ومنوانا ليس مكة فحسب، وإنما أيضا كل شطر للخير ويمضي إلى دار السلام (أورشليم) الأم التي بنتها الآلهة على أرض شنعار. ونحن الجانحون إلى السلم وهم المعتدون، ونحن أصل الحضارات وبناتها وهم الهادمون ونحن أهالي وذوي الأنبياء وهم المفسدون.
وما يدعون أو يرون إلا لحظة غشت أعينهم فصبر جميل.
فما إجتمع منذ الخليقة لا يفرقوه، وما إرتوى بدجلة والفرات والكرخة جوهره واحد، وما أختلطت بدمه علائل الجبال ونفح الهور وصحو ليالي الجزيرة، فقد تذاوب هواه ومزاجه وطبعه وروحه تذاوب الملح بالماء فلا تعد تفصله إلا إذا جف ماؤه. ومحال أن يجف ماء جنة الكون التي جعلها الله على الأرض، وما صنعه الله لا يفسدوه ولو شاؤوا وإنما يفسدون أنفسهم ودنياهم وما نووه.
سادتي، لقد إستمعنا فتواكم من كركوك، بمقاومة العدوان، وأكرم بكم من شجعان قلتم الحق على ضنك. فمن هنا دولة تدعي الإسلام وإتفقت على فيء الغزو، ومن هنا دولة يحكمها عسكر أتاتورك الماسوني، ومن هنا عتاة ليس بينهم وبين بيع كردستان سوى دولار يلمع على معبر الخليل، ومن هناك نظام فاشي لم يعد يعرف لون التراب من كثرة الدماء التي سفكها عليه. ومع ذلك، وأنتم في هذه الحال، قلتم الحق ونظمتم النفوس إستعدادا. ووالله إن شعبا به مثلكم ومثل السيد السستاني وسعيد الحكيم والخالصي وقافلة العلماء المخلصين الذين لا تحضرني أسماؤهم في حوزتي النجف وقم المقدستين، وكل من قال رأيه وإستعد لمقاومة هذا الغزو، إن شعبا فيه أمثالكم لن يهزم، فإن أخذ على غرة وبخونة بين ظهرانيه، فهو الواثب المنصور لامحالة.