|
مسودة دستور ...ومعضلة شعب ..6
فاتن نور
الحوار المتمدن-العدد: 1317 - 2005 / 9 / 14 - 11:38
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
سابدأ ببعض همهمات وتساؤلات .......
..كيف يولد دستور واكداس المزابل من الذمم الرفيعة والغليظة متفشية في كل حدب سياسي وكل فج أجتماعي وكل مؤسسة دينية؟
كيف يصاغ.. وحمامات الهزيمة ترفرف فوق الرؤوس ملهمة أياها في وضع المزيد من النصوص الخائبة المُستهلِكة لأبجديات العجز؟
كيف تمسك الأقلام لتأطر المصير وعداد الزمن أمام الوجوه في تنازل مضطرب حاملا صفارته ليعلن حسم المباراة كحكم وديع محايد؟
كيف يستفتى شعب غير قادر على التمعن في شيء آخر غير سلامته ومتطلبات أحتياجاته اليومية المتسمرة في طوابير الأنتظار الطويلة الأمد؟
كيف والشوارع تطلى بالأسفلت الأحمر وترصف بصرخات المارة وتعثراتهم؟
لماذا لا توضع الحقيقة في نصابها ويستفتى الشعب إن كان لابد من إستفتاء مُعجّل ليختار بين عراق ديمقراطي أو عراق أسلامي وسيكون بعدها وضع الدستور أكثر سلاسة وبلا إنبعاجات توفيقية ومحاولات تضليلية للمصاهرة...
هل.. وبعد كل الدساتيرالرمزية المؤقتة والتي أرتبطت بالسلطان الأوحد وأمتيازته غير المنتهية هل بعد كل ذلك ينزل علينا وبسرعة غير معهودة ،دستور بمتناقضات جوهرية.. ومبادئ خيالية التطبيق كخرافات من حكاوي كان ياما كان في غابر العصر والزمان...؟
وهل الدستور هو بيان سياسي او خطاب أنشائي يستعرض الحقوق والحريات والمبادئ أم هو مجموعة أحكام وثوابت رصينة تنطلق من قواعد مستقرة وليس من فوهة بركان لفظ كل حممه بعد طول جمود؟
هل اصبحت الوطنية مقرونة بالتصويت (بنعم) للدستور والعمالة (بلا ) رغم أن العويل والصهيل بالمبادئء الديمقراطية يكاد يصم الآذان ؟ ( ربما الأستفتاء هو ضرورة لتصنيف الشعب على مقياس رختر للأرهاب!)
لنترك الهمهمة... ونبدأ بالدردشة...
قبل أيام تداولت بعض الفضائيات والصحف نقل خبر القبض على مجموعة أرهابية،تلك المجموعة لم تقم بتفجير ما او خطف مبعوث دبلوماسي او نحر رأس برئ ..بل قامت بما هو أكثر من ذلك بشعاعة !.. لقد قامت بتوزيع بعض مناشير تشجع او توجه العامة للتصويت بلا.. ورغم أن الحكومة من جانبها تبذل كل الجهود والأمكانيات لتشجيع العامة على التصويت بنعم إلا أن المجموعة الأولى وصفت بالأرهابية وحق القبض عليها!!هل يحلم العراقي بهذا السيل النادر من ديمقراطية الازدواج والمتدفق من منابع لا تختلف كثيرا عن منابع الحقبة الغابرة المتغطرسة بدكتاتوريتها؟..
استعراض بديهيات في الدستور لا معنى له ما لم يقترن بوضوح بحكم ما.. كأن يرد في الدستور وعلى سبيل المثال.. نص يقول: من حق كل مواطن أن يشرب الماء.. ثم يغلق النص بنقطة.. ما قيمته مثل هذا النص؟ قد تكون له قيمة لو ارتبط مضمونه البديهي بواجب الدولة وكفالتها بتوفير الماء الصالح للشرب لكل مواطن..
الفقرة الأولى / مادة(33) من المسودة نصت على ما لا يختلف كثيرا عن المثال المطروح أعلاه، وهي : لكل فرد حق العيش في ظروف بيئية سليمة. لقد سعدت كثيرا بتلك الفقرة فالعيش في بيئة سليمة سوف لا ينظر له على أنه جنحة أو جريمة! فهو حق دستوري لكل مواطن، ولكن.. من سيكفل هذا الحق علما أن توفيره سيحتاج الى جهد دولة ، فهو ليس كحقوق أخرى قد ترتبط بجهد فردي أو مجموعة افراد او طائفة كحق ممارسة الشعائر الدينية على سبيل المثال والذي أفرطت المسودة في أبرازه وتمييزه بشكل لا يخلو من عاطفة!... صحيح أن الفقرة الثانية من نفس المادة كانت قد ربطت حماية البيئة بالدولة ولكن حماية البيئة لها دهاليزها وممراتها التي قد تبتعد عن أحقية المواطن المباشرة في العيش في بيئة سليمة والذي لم تكفله الدولة بوضوح.. ترى هل ستمنح الدولة حق النزوح بحثا عن بيئة سليمة للعيش، لا سيما وأن التلوث البيئي في العراق موثق بتقاريرعالمية لهيئات ومنظمات ترعى هذا الجانب.. وهل سيتعارض هذا النزوح مع الفقرة الثالثة (ب)/ مادة (23) والتي تنص على حظر التملك لأغراض التغيير السكاني؟ ولو أفترضنا جدلا بأن لا توجد في العراق بيئة سليمة للعيش حسب المقاسات العالمية فهل ستمنح الدولة الشعب العراقي بأكمله حق اللجوء البيئي!؟ كيف ستتعامل الدولة مع هذا الحق المبهم الذي منحته بلا كفالة، وإن جاء بكفالتها فلا أظن أنها قادره على توفيره لكل مواطن على المدى المنظور...أوليس شرب الماء الصالح للأستهلاك الآدمي من أول مستحقات البيئة السليمة؟..ولا أظنه متوفرا لملايين من العامة الذين ينهلون من مياه بمواصفات فيزيائية مقلوبة فهي لا عديمة لون ولا عديمة طعم ولا رائحة ولا تخضع لأدنى مواصفات الصلاحية المحسوسة وليست الصلاحية المختبرية!هذا ناهيك عما يأكله ويتنفسه ذلك الشعب المسكين الذي ارتفعت نسب أمراضه السرطانية ووفيات أطفاله وفتكت به آفات مرضية غريبة ومستعصية لم يكن لها وجود يذكر حتى أصبح الوليد يسقط من رحم أمه ميتا وكأنه يعلن رفضه للعيش على ارض الوجع والمرض والضجيج والمقامرة...
هل سيحمي الدستور من عاث فسادا على ارض العراق من قطاع طرق ولصوص..ووو.. ومن جميع المستويات والذين أختلسوا ما أختلسوه من المال العام ونهبوا العملات الصعبة من المصارف والبنوك وصادروا عقارات ووضعوا أيديهم على مساحات شاسعة من الأراضي ذات الحق العام ؟.... حسب فهمي لمسودة الدستور فأن الضوء الأخضر سيكون أمامهم لأظهار تلك الثروات المستباحة، وحل عليهم الأستثمار والترفه بها حيث أن القوانين التي ستستنبط سوف لا يكون لها اي أثر رجعي إلا فيما يصب لصالح المتهم !!!!!!! وهذا ما فهمته من نص المادة (19) / الفقرتين (9/10) ... لصالح من هذا الكرم!!؟ أوليس الأجدر تكريم الشعب العراقي بالمحاسبة القضائية لكل من بدد ثرواته وعلى اقل تقدير منذ سقوط بغداد وأستعادة كل ما أغتصب أو أنتزع من الثروات العامة وما زال ينتزع لغايته....
أن تتكالب الجهود وتتعاضد المصالح المتنافرة لتقديم مسودة دستورلشعب جائع رزح وما زال يرزح تحت آفات الجهل والتقوقع والتخلف والظلم السياسي والأجتماعي والفساد بألوانه.. والقائمة طويلة.. شعب نهم للتمتع بكل حقوقه المهدوره وبما يتفق مع لوائح حقوق الأنسان العالمية ..وأن تأتي المسودة بهذا المستوى من الألتفاف والأزدواجية.. أن يكون هذا.. فأننا أمام معضلة حقيقية.. أنها معضلة شعب مغلوب.. وصراع أصحاب نفوذ وبما تمليه عليهم ضمائرهم من نهم .... وحرية الضمير قد كفلها الدستور بالمادة (44)!!!.....
فاتن نور 05/09/13
#فاتن_نور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
توجعات.. بلا هوية
-
مسودة دستور..ومعضلة شعب..5
-
مسودة دستور .. ومعضلة شعب..4
-
مسودة دستور.. ومعضلة شعب ..3
-
مسودة دستور... ومعضلة شعب...2
-
مسودة دستور.. ومعضلة شعب 1
-
أين... وطني؟
-
تصدعات جنوبية.. بين السيكارة وعقبها
-
أنثى..
-
غريب.. بين الرصيف والرصيف
-
!! صدام.. ثروة قومية لا يستهان بها
-
البعث خطار قاصدنه
-
ويح اسمي والوطن......فضفضة حول تطويع الدين لخدمة الأرهاب وال
...
-
ولماذا لا اسخر؟
-
نفحة ٌ.. من أور
-
القدس.. التهويد.. ومواء القطط
-
ميزوبوتاميا..ودواليب الخزف
-
الحركة العمالية العراقية.. بين زمنين
-
عراق (الدين) والمصباح السحري
-
بين دجلة.. واسرارها
المزيد.....
-
وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق
...
-
جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
-
فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم
...
-
رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
-
وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل
...
-
برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية
...
-
الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في
...
-
الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر
...
-
سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|