|
عن واقع الاعلام العراقي
احمد جاسم الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 1317 - 2005 / 9 / 14 - 11:03
المحور:
الصحافة والاعلام
ما زال الا علام العراقي يعيش حتى هذه اللحظة حالة من التخبط وفقدان الهوية على اكثر من مسار فهو لم يمتلك بعد الادوات الكافية التي تجعل منه اعلاما محترفا بل هو يعمل بذات الادوات القديمة وهو ايضا لم يستطع ان يجاري التدفق الهائل او ان يدافع جيدا عن مشروعه الجديد في التغيير رغم انه امتلك بعضا من الحرية التي طالما افتقدها والتي قيل ان مجرد عودتها ستكون كفيلة بخلق اعلام محترف وعالمي!! وبدا ذلك واضحا بشكل جلي في الصراع الدائر في العراق اليوم وموقف وسائل الاعلام العراقية منه او دورها فيه والذي ما زال دورا هامشيا او هو صدى لوسائل اعلام اخرى تقوم بصع الحدث وننقله جاهزا. ومن المظاهر التي تؤكد على ضعف هذا الاعلام اعتماده على وسائل اعلام اخرى ولاسيما فيما يتعلق بالكشف عن الكثير من الاحداث التي تعد من قبيل الكشف الصحفي الكبير الذي انفردت به وسائل اعلام عربية ودولية وسط تفرج الاعلام العراقي او في ما يخص استقطاب القاريء العراقي الذي ما زال يبحث عن خبره المحلي بتغطية كاملة من وسائل اعلام اخرى ان المشكلة الحقيقية تكمن ليس في الصحفيين انفسهم او ادارات الصحف وتجربتها الجديدة في الحرية وعجز هذه المؤسسات عن مواكبة التطور العالي في تقنيات التعامل مع الاخبار بل الامر يتعلق من جهة اخرى بمدى قبول القاريء العراقي بوسائل اعلامه المحلية التي تعود ان لا يثق بها على مدى ثلاثة عقود من الزمن ولم تفعل وسائل الاعلام الجديدة رغم الحرية التي تتمتع بها ما يجعلها تستعيد ثقة القاريء بها ليس ذلك فحسب بل ان الحكومات العراقية ( تبلور ذلك الامر اثناء وزارة اياد علاوي) اعجبتها لعبة وضع اليد على الاعلام العراق ولا سيما الرسمي منه اضافة الى اعلامها الحزبي للترويج لسياساتها ان المتتبع للواقع الاعلامي في العراق يعرف ان تأسيس شبكة الاعلام العراقي جاء كبديل عن جميع وسائل الاعلام الرسمية في العهد البائد ورصدت اكثر من 96 مليون دولار لتطوير شبكة الاعلام العراقي وحصلت على العقد شركة هاريس الاميركية التي وزعت بالباطن عقد التطوير على شركات اخرى فحصل تلفزيون العراقية على ما يقارب الـ 35 مليون دولار لتطويره ومنح عقد التطوير الى ( الـ بي سي ) وما قيل تحديدا في تلك المناسبة ان الهدف هو انشاء هيئة اعلام وطنية تكون شبيهة بهيئة الاذاعة البريطانية الا ان القائمين على المشروع فاتهم ان عاما واحدا من الاستعانة بقناة محترفة لا يخلق قناة شبيهة بهيئة الاذاعة البريطانية بل يتطلب الامر سنوات عدة لسبب بسيط وهو ان هذه القناة تحتاج الى خبرات خارجية محترفة تقوم بعملية تربية كادر محترف يؤسس لقواعد عمل واخلاقيات تصبح جزءا من مكونات عمله وهذا ما لا يخلقه عام واحد كما ان بناء تجربة تحضى بالاحترام تحتاج الى عمل وجهد استثنائيين وطويل يؤسس مع الوقت لبناء الثقة بين وسيلة الاعلام والجمهور اضافة الى اسباب اخرى منها ان النخب السياسية العراقية وتحديدا الحاكمة او التي سترتقي الى الحكم لاحقا ليس لديها الاستعداد الكافي او الايمان الحقيقي بخلق وسيلة اعلام مستقلة وحيادية وهو ما عبر عنه مسؤول كبير في حكومة علاوي بالقول ان العراقية لا تمثل وجهة نظرهم وعندما قيل له ان القناة ليس من واجبها ان تعبر عن سياسة حزبه او حكومته اجاب اذن لماذا ننفق على قناة لا تعدم مشاريعي؟ وبالفعل فقد وضعت حكومة اياد علاوي يديها على العراقية ( اضافة الى الشعور الصحفي العام بالدونية والتقزم ازاء المسؤول ) وهو من مخلفات المرحلة السابقة ساهما بأن تتحول العراقية الى وسيلة دعائية مجانية لحكومة السيد علاوي. وبمجرد خسارة الرجل في الانتخابات وفوز قائمة الاحزاب الاسلامية تم اقصاء او بالاحرى اخصاء (طبول) السيد علاوي واختيار طبول جديدة تلائم الخطاب الاسلاموي وتحولت العراقية (المشروع الاعلامي الوطني) الى قناة ناطقة بلسان الاحزاب الاسلاموية فوجدت المقاتل واللطميات طريقها الى الشاشة الوطنية وغلبت تلك المواد حتى على المواد الصحفية فيقطع مؤتمر الناطق الرسمي بأسم الحكومة رغم كل ما يحمله من مضامين سياسية واخبارية لتقدم كلمة زعيم سياسي اسلامي ؟؟!!وتستبعد كل التعليقات التي لا تتوافق مع سياسة الحكومة وتعالج الازمات الكبرى ببدائية مخجلة ومنها تغطية ماساة جسر الائمة التي قدمت بطريقة لا علاقة لها بكل معايير الاعلام ثم انعكست السياسات الاعلامية للقناة على مدى قبولها من الناس فأصبحت تمثل شريحة معينة وابتعدت عن كونها وسيلة اعلام وطنية تمول من الخزينة العامة ومن اموال دافعي الضرائب الذين من حقهم ان يعرفوا لماذا تدفع اموالهم في قناة ذات توجهات اسلاموية تحديدا مما جعل الكثير من الشرائح تعزف عن القناة ومشاهدتها وهكذا خسرت القناة مشاهديها كالعادة لصالح قنوات اخرى. ان المشكلة الحقيقية لوسائل الاعلام العراقية ليس في مدى ما يتوفر لها من امكانيات مادية او رغبة في النجاح او في حجم الحرية المتاح ولكن في الايمان باستقلالية تلك القنوات وتوفير الاجواء المناسبة للعمل الاعلامي المحترف والمهني ولا اقول الموضوعي لا الموضوعية مفردة لا واقعية ثم انك لن تجد قنوات لا تعبر عن سياسات معينة ولكن السؤال كيف تستخدم هذه القنوات بحرفية عالية لتمرير اي مشروع وكيف لنا ان نحقق التوازن بين تجاذب مصالح قوى السياسة والاعتبارات المهنية ذلك طريق طويل حتى الان لا يبدو ان هناك من يريد السير فيه.
#احمد_جاسم_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|