أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - راجى يوسف ابراهيم - ابيقور ومعضلة الشر














المزيد.....

ابيقور ومعضلة الشر


راجى يوسف ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 4711 - 2015 / 2 / 5 - 20:18
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ابيقور ومعضلة الشر

منذ أن اطلق ابيقور معضلته الشهيرة التى تعبر عن تناقض وجود الشر فى عالم يحكمه اله كلى القدرة وكلى الخيرية لا يفعل الشر ولا يريده وهى مثار جدال لم يحسم حتى الآن.

بداية فان الشر ينقسم الى نوعين رئيسين :

1- شر فيزيقى (طبيعى) : كل ما يلحق الإنسان من اضرار من جراء الطبيعة كالأمراض والكوارث والموت

2- الشر الأخلاقى: وهو الضرر الذى يلحقه الانسان بالإنسان كالحروب وسفك الدماء وسائر الجرائم .

من قديم وهذه المشكلة تؤرق الانسان الدينى ويحاول تفسيرها وتعليلها أو عزوها الى قوة مضادة لالهه الخير فتارة يقول بالهين أحدهما خير محض والآخر شر محض أو ان الاله نتجت عنه قوتين احدهما خيرة وهو يدعمها والأخرى شريرة وهو يحاربها أو أن للشيطان قوة مجابهة لقوة الاله الخير وبينهما صراع . وكل هذه التفسيرات تنويع على مصدر الشر ولكن مع التوحيد الخالص انتقل الجدال من مصدر الشر الى بيان حكمة الاله في السماح به .
يعد ( الابتلاء) أحد أهم تعليلات الشر الدينية بمعنى أن الله قد سمح بالشر الأخلاقى بالضرورة لابتلاء القوى فى قوته وابتلاء الضعيف فى صبره والرضا بالقضاء .
وقد يبدو سببا وجيها خصوصا مع الوعد الالهى بدار أخرى تتحقق فيها العدالة بشكل ناجز.
ولكن يقدح فيها بشكل ظاهر ابتلاء الأطفال والحيوانات بل وابتلاء (الكافر) الذى وضعه يدفعه خارج دائرة الإبتلاء والإختبار أصلا.

ونحن نرى البلايا لا تفرق بين الصغير والكبير أو المؤمن والكافر فالزلازل لا تؤذى أحدا وتدع آخر بل تقتل كل من فى دائرتها أو توقع به الضرر ناهيك من مفهوم (الابتلاء) فى كارثة طبيعية تودى بالجميع فى لحظات معدودة ولا يسمح لهم الوقت بالرضا أو التسخط .
وزاد فى الإشكال وجود نصوص تدعم المؤمنين وتعدهم بالنجاة والنصر والتمكين وحين تأتى الهزائم يقعون فى تفسيرات لا عقلية للجمع بين النصوص والوقائع كالقول بانهم لم يحققوا شرائط النصر أو مقصرين فى الطقوس والشعائر أو الانغماس فى الدعاء واستجداء الاله كمحاولة يائسة لتحويل مسار الأحداث .
والخطورة هنا تكمن فى استبعاد الأسباب والقوانين (الطبيعية) لصالح التفكير اللاعقلانى كما فعل القديس أوغسطين ابان سقوط روما فسطر ما سطره فى (مدينة الله)

ولكن من قال أن مثل هذه التفسيرات تدوم أو تصمد أمام الفكر الانسانى الذى سرعان ما يدحضها بقوة منطقه؟؟

اتجه بعض اللاهوتيون للتفلسف كمحاولة لاقامة بنيان منطقى امام المنكرين والملحدين الذى اتخذوا وجود الشر ذريعة لإنكار الخالق أو الطعن فى خيريته .

قال بعضهم بنسبية الخير والشر فما هو خير لانسان هو شر لآخر وقال آخرون أن الشر عدمى بمعنى أنه عدم خير وأنه فى حقيقة الأمر لا وجود له ونظر غيرهم أن الخير هو الأغلب والشر نادر وأن الكون عبارة عن سيمفونية متكاملة الشر فيه يؤدى دورا معينا لو نظر اليه بمفرده سيكون نشازا مزعجا .

ولكن هل كل ما سبق يبرر طفلا ولد أعمى أو عاجزا وقدره أن يعذب طول عمره وهو يرى أقرانه الأصحاء؟
وهل الكون سيصبح أقل جمالا لو شفى هذا المريض أو ذاك ؟؟؟؟
ناهيك من اعتبار الآلام والتباريح والإعاقات أمور خيرة لمجرد أغراض كمالية أو جمالية أمر خلو من الرحمة تماما
وقد يكون أقوى ما قيل فى هذا الصدد أن الإبداع يولد من رحم الصراع المستمر المتصل وأن أعظم الاختراعات جائت فى أزمنة الحروب وأن الأمراض من أسباب التقدم العلمى حيث اضطر الانسان ان يبتكر لمواجهتها .

ولكن هل هذا أفضل العوالم الممكنة؟؟؟؟؟

إن عالما لا تتأتى رفاهته الا على حساب المرضى والمكروثين والمهانين والمعذبين لهو قمىء فى ذاته

الم يكن فى استطاعة الاله كلى القدرة أن يخلق نظاما أكثر رفاهة وأقل الما من هذا ألا يستطيع اقامة النعيم على الأرض . ان كان لا يستطيع فهذا يطعن على قدرته وان كان لا يرغب فالتسائل عن الرحمة.

مع تقدم الإنسان العلمى توصل نيوتن الى أن العالم آلة لها قوانين محايدة لا تحابى أحدا وتوصل داروين الى أن الطبيعة مضرجة الأنياب والمخالب وتوصل البيولوجيون الى أن أكثر من 99% من الأنواع السابقة تم انقراضه كنتيجة لصراعه مع طبيعة لا ترحم .

الحقيقة المريرة أن الكون آلة محايدة من تكيف معها أبقته ومن لم يتكيف دهمته بلا رحمة.

إن مشكلة الشر دفعت بعض المتدينين الى إنكار الإله أو القول بعدم اكتراثه أو حتى موته واعتبروا انغماسهم فى الإعتقاد بخطة كونية يديرها اله كلى الرحمة والقدرة أمرا سطحيا تكذبه الوقائع والأحداث.

إن عددا من متدينى اليهود فقدوا إيمانهم تحت وطأة المعسكرات النازية الشرسة التى أثبتت أن الجحيم فقط هو ما يمكن تحقيقه فى هذه الحياة .

ومع كل حادث أليم يتكرر الجدال حول عناية الإله ورحمانيته..

بعد فشل المنطق العقلى يتبقى المنطق الإيمانى بخطة تفوق العقل البشرى وتتحداه ولا يملك الإنسان بإزائها الا التسليم المطلق وهذا موقفا شخصيا لا برهانيا حجاجيا وقد يهون من آلام الشرور على صاحبه.

ويتبقى كذا المنطق الإنكارى لمن يرى الكون ليس غائيا ولا مخطط له وأن عليه تحدى الشرور بغريزة البقاء المتأصلة فى نفسه .

ولا يزالون مختلفين .

راجى يوسف.



#راجى_يوسف_ابراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN ...
- فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا ...
- لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو ...
- المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و ...
- الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية ...
- أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر ...
- -هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت ...
- رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا ...
- يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن 
- نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - راجى يوسف ابراهيم - ابيقور ومعضلة الشر