أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الغني سلامه - أربعة ملاحظات على جريمة داعش















المزيد.....

أربعة ملاحظات على جريمة داعش


عبد الغني سلامه
كاتب وباحث فلسطيني

(Abdel Ghani Salameh)


الحوار المتمدن-العدد: 4711 - 2015 / 2 / 5 - 13:06
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الأولى: أكذوبة التحالف الدولي: عندما أرادت أمريكا (من خلال التحالف الدولي) تصفية نظام طالبان في أفغانستان تمكّنت من ذلك خلال أقل من شهر، وعندما أرادت إنهاء حكم صدّام حسين، واحتلال العراق بأكمله، كان لها ذلك خلال 21 يوم .. لكنها عندما شكّلت التحالف الدولي لمحاربة داعش، وضعت خطة تحتاج عشر سنوات (كما صرح أوباما) وخمسائة مليار دولار !! عِلماً بأن قوة داعش لا تقارَن مع قوة صدام، ولا حتى مع قوة طالبان؛ فما داعش إلا بضعة آلاف مقاتل، يسيطرون على إقليم محاصَر من جميع الجهات، وليس لهذا التنظيم من ناحية موضوعية أي فرصة للحياة. وهذه الحقائق تقودنا إلى استنتاجان في غاية البساطة والوضوح:

الأول: أنه لا أمريكا، ولا التحالف الدولي جادّون في القضاء على داعش، والثاني: أن داعش، التي هي في الأساس صنيعة أمريكا، تعتاش وتتقوى بضربات هذا التحالف الوهمية. وهذا كله يعني أن ما تزعم أمريكا أنه تحالف دولي لمحاربة الإرهاب، هو في حقيقة الأمر مشروع غربي طويل الأمد سيمد مراكز القوى الغربية بكل ما تحتاجه من أدوات وموارد للنفاذ إلى المنطقة ونهب مواردها، والسيطرة عليها، ويعني أيضاً ازدهار صفقات الأسلحة، وصفقات النفط (العراقي) في السوق السوداء، وهو أيضا بروباغندا تختفي من ورائها أجندات المخابرات العالمية، وشعارات تفيد المرشحين في حملاتهم الانتخابية، ولابتزاز سكان المنطقة والعالم بأسره، وتخويفهم بهذا الشبح الخرافي ..

الملاحظة الثانية: حقيقة داعش: لا أميل للقبول بمقولة أن داعش وكل ما تفعله عبارة عن منتج أمريكي صهيوني 100%، ولا علاقة لها بثقافتنا ولا بتراثنا ولا بتاريخنا .. فمثل هذا الطرح يمنحنا راحة وهمية، ويجعلنا نتغافل عن جوهر المشكلة؛ ذلك لأن ظاهرة التطرف لا تحضر دون أن يكون لها جذور تاريخية، ولا تقوم ولا تستقوي دون حاضنة شعبية وثقافية، ومن ناحية ثانية فإن داعش هي آخر ما تم تفريخه من جماعات دينية متشددة، لا تقل عنها ضراوة وتخلفا. الحقيقة التي يجب أن نراها بوضوح, أن بيئتنا تربة خصبة لإنتاج ظواهر مثل داعش، وربما بما يفوقها همجية.
وقصة داعش، وكيف صارت فجأة، باتت معروفة للجميع؛ فمن ناحية السرد التاريخي لكيفية نشوئها وتشكلها، تابعنا كيف تمكنت عصابة لا يتجاوز عمرها السنة، أن تركب بضع مئات من سيارات التيويوتا، وتسير في موكب استعراضي في أرض مكشوفة في وضح النهار، دون أن يكتشفها أي راصد، ولا تتعرض لأي قصف، ثم تجتاح إقليم كامل وتحتله، وتقيم عليه كيانا سياسيا أسمته "الدولة الإسلامية" في مدة لا تتجاوز 24 ساعة !!

أما من ناحية طبيعة ومحتوى هذا التنظيم، فقد بات واضحا للجميع، بالصوت والصورة عالية النقاء، أنهم مجموعة من المرتزقة والشواذ ذوو النزعة الإجرامية والميول السادية، الذين وجدوا في هذه البقعة مرتعا خصبا ليمارسوا فيها نزواتهم البدائية، وقد جاؤوا من كل أنحاء الأرض، مدفوعين بأحقادهم، أو مطرودين من مجتمعاتهم التي لفظتهم، أو التي عجزوا عن التكيّف معها، إما بسبب تركيبتهم النفسية المريضة، أو لأنهم تعرضوا لما يسمى صدمة البداوة مع الحضارة، وهي صدمة تصيب كل من يعجز عن استيعاب مفردات العصر، حتى لو كان يعيش في قلب أوروبا، وكل من يعاني من قلق وجودي، أو نكوص ماضوي، أو اغتراب شديد، أو كبت جنسي، أو شعور بالنقص والتهميش، أو أنه ضحية المجتمع .. وهؤلاء الأشخاص لديهم حقد دفين تجاه الآخرين، ولديهم استعداد لفعل أي شيء وارتكاب أي جريمة ليتخلصوا من معاناتهم الداخلية، ويتحرروا من كبتهم، ومن إحساسهم بالنقص والاغتراب، وهؤلاء عادة يسعون لتبرير جرائمهم وتجميلها بالشعارات والنصوص الدينية، لأن ذلك يخلصهم من الشعور بالإثم ومن عذاب الضمير، وفي النتيجة يصبحون مجرد وحوش بلا رحمة وبلا إنسانية.

الملاحظة الثالثة: هل الحرب على داعش قضية أردنية !؟ وما الذي يجعل طياراً أردنياً يشارك في حرب خارج بلده ؟ وهل هذا يمهد لقبول مقولة البعض، بأن داعش إنما قتلت شخصا كان يحاربها في أرضها !!

بداية، منذ متى صارت أرض الموصل والرمادي والرقة وحلب أرضاً لداعش ؟!! ثم أن أغلبية الدواعش من جنسيات مختلفة، لم يطأوا أرض العراق وسورية من قبل، وإذا كانت حجة داعش أنها قتلت طيارا يقصفها، فما هو مبرر قتلها للرهائن الأجانب وهم صحافيون !! الحقيقة أن مشكلة داعش، لا تنحصر في الحيز الجغرافي الذي تشغله حاليا، رغم فظاعة جرائمها التي اقترفتها هناك، فهي تتمدد، وتهدد دول المنطقة، بل والسلم العالمي بأسره، وقد باتت خطرا على الأمن القومي العربي، لذلك، فإن من حق الأردن؛ بل ومن واجب شعوب المنطقة التصدي لهذا التهديد، ومحاربته في عقر داره، لأن السكوت والحياد يعني انتظار هؤلاء المجرمين حتى يصلوا بيوتنا، ويسبوا نساءنا، ويحوّلونا إلى مجرد رعايا عند الخليفة البغدادي !! والأخطر من ذلك أن ينتشر فكرهم ومنهجهم التكفيري المتزمت المعادي لكل القيم الإنسانية. وإذا كانت مشاركة بعض الدول العربية في التحالف الدولي لمجرد إرضاء أمريكا، أو للحصول على مكاسب معينة، فإن هذا لا يقلل من أهمية محاربة داعش، ولا يعني أن نترك داعش في حالها، بحجة أنهم مسلمون؛ فقد كان الخوارج من الصحابة ومن حفظة القرآن، ومع ذلك حاربهم الإمام علي بلا هوادة.

الملاحظة الأخيرة، مشهد الإعدام البشع .. والذي أكد على الطبيعة الإجرامية لهذه العصابة، فعلى ما يبدو أن مشاهد الذبح، وحز الرقاب، وتجميع الرؤوس، ورمي الرجال من البنايات الشاهقة، وقذف النساء بالحجارة، والإعدامات الجماعية، والجَلد والصلب وقطع الأطراف .. أصبحت مناظر مألوفة ولم تعد تشفي غليلهم، ولا تطفئ نيران حقدهم، وأصبحت الإثارة وتحفيز الأدرينالين تتطلب جرعات أعلى من العنف، وابتكار طرق جديدة في الإجرام والتعذيب .. وطبعا، باستخدام أحدث تقنيات التصوير وصناعة الصورة، التي يراد منها بث رسائل رعب وتخويف للعالم.

هذا المشهد يؤكد أن أغلبية الأفلام السابقة التي بثتها داعش وجبهة النصرة وغيرهما صحيحة، ما يدحض كل الإدعاءات التي كانت تدافع وتبرر وتتهرب من مواجهة الحقيقة، وتدعي أنها أفلام مفبركة الهدف منها الإساءة للإسلام .. هذه المرة دعمت الفيلم بفتوى ابن تيمية، لا بل وقارنت هذه الجريمة مع قصة "العرنيين" التي حدثت في عهد الرسول الكريم، ولا أرى إساءة للنبي وللإسلام أكثر من ذلك.

خطورة الفيديو ليست فقط في شدة وحشيته وقسوته، بل في كيفية تفاعل الناس معه، وردود أفعالهم؛ فقد انتشرت دعوات الانتقام والأخذ بالثأر، وامتلأت قلوب الناس بالكراهية تجاه هذا التنظيم، وسادت أجواء التوتر والشحن والتحريض، وهذه البيئة ستولد فكرا متطرفا مضادا، واستعدادا أعلى لممارسة العنف والرد بطريقة مشابهة .. ما يعني أننا ساهمنا من حيث لا ندري في إنجاح المخطط المشبوه الذي خلق داعش، وأراد لهذه المنطقة أن تمتلئ بالكراهية، وأن تدخل حلقة من العنف وحروب الانتقام والثأر المتبادل، لن يخرج منها أحد سالما.

ختاما، حتى ننتصر في حربنا على داعش، يتوجب علينا أولاً أن نغادر على الفور هذا التحالف الدولي الذي تقوده أمريكا، وتشكيل تحالف عربي إسلامي حقيقي، وثانيا (وهو الأهم) محاربة كل الأسباب والعوامل التي تنتج الفكر الداعشي المتطرف، والكف عن دعوات الكره والانتقام، لأن الانتقام والحقد يجردنا من إنسانيتنا ويحولنا إلى وحوش، وإلى دواعش من نوع آخر.



#عبد_الغني_سلامه (هاشتاغ)       Abdel_Ghani_Salameh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما الذي يمنع العالم من الانهيار ؟!
- من عطَّّّل مسيرة العِلم والحضارة ؟!
- إعادة تصحيح للتاريخ .. عندما يدرك مشاهير التاريخ أخطاءهم الت ...
- فتح .. خمسون عاما من الحركة
- ما تبقَّ من الثورة السورية
- أي المدن أفضل للعيش ؟!
- خمسة قصص نسائية في شهر واحد
- مستكشفون، أم غزاة ؟!
- فرانكشتاين في بغداد
- جامعة بير زيت تطرد أميرة هاس
- تغيرات المشهد الإنساني بين حقبتين تاريخيتين - دراسة بحثية مخ ...
- حلقات من العنف المستعر
- كشف حساب، لنتائج الحرب على غزة
- أيديولوجية داعش، وعلاقتها بالإسلام
- داعش، والكبت الجنسي
- في غزة .. انتصرنا ، أم لم ننتصر ؟
- إمبراطورية قطر العظمى
- حتى في وقت المعركة .. لا بد من النقد
- قراءة في الحرب على غزة
- وماذا بعد !؟ الحرب على غزة


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي ...
- أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى ...
- الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي- ...
- استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو ...
- في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف ...
- ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا ...
- فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
- ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على النايل سات لمتابعة الأغاني ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الغني سلامه - أربعة ملاحظات على جريمة داعش