|
التحدي الأكبر للقارة الأوروبية
هويدا احمد الملاخ
الحوار المتمدن-العدد: 4710 - 2015 / 2 / 4 - 22:48
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لا شك بان الإنسان هو قائد عملية التطوير في المجتمع البشري , فهو المحرك الفاعل في جميع النشاطات الاقتصادية والاجتماعية. وكثيراً ما كان العدد الكبير للسكان دليلاً على قوة الدولة ، إن أهمية السكان في قوة الدولة تحظى بقبول عام من علماء العلاقات الدولية ، و هناك علاقة وثيقة بين عدد السكان وقوة الدولة فى المحيط الاقليمى والدولى ، و زيادة عدد السكان تعنى زيادة في قوة الدولة البشرية في الحاضر و المستقبل ، ومثال على ذلك لولا الزيادة السكانية الكبيرة التي حصلت في غرب أوربا خلال القرون الثلاثة الماضية ، بعد ان عرفت الثورة الصناعية وترتب عليها التحول الديمغرافي ،و انخفاض معدل الوافيات نتيجة تطور مستوى الخدمة الطبية ، هنا تتجلى أهمية العامل الديمغرافي ، في تشكيل القوة العسكرية اللازمة للحرب ، ومن ثم أصبح للنفوذ الأوربي مكانة عالية كبرى , و انتشرت الثقافة الأوربية فى مناطق متعددة ، نتيجة اعتماد الدول الاستعمارية على مستعمراتها في توفير القدرات البشرية اللازمة لآلتها العسكرية
ولم تتوقف أهمية الموارد البشرية عند هذا الحد بل تعد الموارد البشرية في الإدارة من أهم عناصر العملية الإنتاجية ، وتعد أداة الانتفاع والاستغلال للطاقات والموارد الطبيعية والمادية ، ولا شك بان أهمية الموارد المادية والبشرية معا في تحقيق بناء المجتمع اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا، هو أمر بديهي غير أن الموارد والإمكانيات البشرية هي الأفضل لأن بدونها لا يمكن كشف الموارد المادية ولا تنميتها وتطويرها ولا للاستفادة منها وتسخيرها في خدمة التنمية الاقتصادية الاجتماعية والسياسية. فالشباب هم طليعة المجتمع وعمود الفقري وقوته النشطة والفعالة وكلما زادت شريحة قطاع الشباب فى الدولة ، كلما زاد تحمس الدولة للقضايا الاقتصادية والاجتماعية الأساسية ، ومن هذا المنظور تصبح مشاركة الشباب في عملية التنمية ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية وأمنية شاملة . وبالرغم من أهمية حجم السكان في قوة وثروة الدول, إلا أن هذه الأهمية لا تظهر إلا في حالة انسجام عدد السكان مع سعة الإقليم وحجم الموارد الطبيعية ،وبعبارة أخرى فإن عدم توازن معدل النمو السكاني مع النمو الاقتصادي يعتبر أحد مظاهر التخلف ويؤدي غالبا إلى مضاعفات خطيرة بالنسبة لمستوى المعيشة في الدول النامية أما من الناحية السلبية فان عامل السكان له نتائج سلبية وعكسية خاصة بالنسبة للدول النامية ذلك أن التضخم السكاني والتزايد السريع لعدد السكان قد يقف عائقا أمام تحقيق التنمية والتقدم الاقتصادي والاجتماعي, مما سيؤثر سلبا على مكانة الدولة.
من هذا المنطلق نجد الحرب العالمية الثانية 1939 ـ 1945م أسفرت عن عواقب ديمغرافية و مادية جسيمة ، حيث قدرت الخسائر البشرية للحرب بحوالي 50 مليون قتيل ، بالإضافة إلى ملايين الجرحى و والمعاقين و الأرامل و اليتامى ، و دمرت الحرب المباني و المصانع و شبكة المواصلات وعطلت الأراضي الزراعية. وبالتالي تراجع الناتج الوطني الخام في الدول المتحارب وخلفت الحرب سقوط الكثير من القتلى فى صفوف القوات المحاربة التابعة لدول اوروبا مما اثر بالسلب على توازن العامل الديموغرافى لتلك الدول ، فضلا عن مشكلة زيادة عدد النساء في ألمانيا أضعافا مضاعفة عن عدد الرجال بعد الحرب ... فقد فقدت ألمانيا وحدها أكثر 3 مليون عسكري ، فضلا عن عدد القتلى المدنيين الذى كان مفجعاً.
وفى عام 1948عقد مؤتمراً للشباب العالمي في "مونيخ" بألمانيا وشارك عدد من بعثات المسلمين من البلاد العربية فى فعاليات المؤتمر وكان من ضمن أهداف المؤتمر تشكيل لجنة لوضع لحل مشكلة زيادة عدد النساء وقد استعرض خلال المؤتمر مختلف الحلول لهذه المشكلة وتقدم الأعضاء المسلمون في هذه اللجنة باقتراح أباحة تعدد الزوجات ، كما طالب اهالى مدينة بون من الحكومة الألمانية إصدار قانون يبيح التعدد ، و أرسلت الحكومة الألمانية إلى مشيخة الأزهر تطلب منها نظام التعدد في الإسلام ، لأنها تفكر في الاستفادة منه كحل لمشكلة ازدياد النساء،وتبع ذلك وصول وفد علماء ألماني إلى القاهرة للتواصل مع مشيحة الأزهر لهذه الهدف وأرسلت المشيحة عدد من العلماء الى المانيا لشرح قواعد التعدد فى الاسلام ، كما التحقت بعض الألمانيات المسلمات بالأزهر لدراسة إحكام الاسلام فى قضايا المرأة بصفة عامة والتعدد بصفة خاصة لكن الغرب المتعصب من رجال الدين دائما كان يشن حملة قاسية على الاسلام والمسلمين بسبب تعدد الزوجات، ويتخذون منها دليلاً على اضطهاد الاسلام للمرأة ..! إن الله -جل وعلا- لم يجز تعدد الزوجات إلا لحكم قد ندركها وقد لا ندركها،ولكن حكمة تعدد الزوجات قد بانت وظهرت لنا...! النتيجــــة ... ففي أواخر 2014 أكد خبراء في الاتحاد الأوروبي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ان عدد المسنين في القارة الأوربية يزيد بوتيرة أسرع من أي منطقة أخرى في العالم اعتبروا أن "القارة المسنة" يمكنها تفادي أن تدب الشيخوخة في أوصال قطاع القوى العاملة حتى عام 2020 إذا استفادت من المهاجرين و إذا أغلقت الباب (في وجه المهاجرين) ستدفع ثمنا اقتصاديا" وطبقا للاتجاهات السائدة ستشهد ألمانيا وهي القاطرة الاقتصادية لأوروبا إلى جانب إسبانيا وبولندا تراجعا في عدد السكان من الآن وصاعدا وهو ما يؤدي إلى تراجع محتمل للنمو وطبقا لهيئة الإحصاء التابعة للاتحاد الأوروبي(يوروستات سيتراجع عدد سكان ألمانيا من 82 مليون نسمة الى 74.7 مليون بنهاية عام 2050 إذا افترضنا عدم حدوث تغيرفي مستويات الهجرة. بل أن بعض التقديرات الأسوأ تذهب إلى توقع انخفاض عدد سكان ألمانيا إلى 65 مليونا بحلول عام 2060 م نقلا عن فرانس 24 ". يبدو مما سبق ان دول القارة الأوربية العجوز تصنف ضمن الدول التى تتصف باختلال التوازن بين الجنسين بسبب الحروب أو الهجرة السكانية ، إذ تزيد نسبة الإناث عن الذكور في الدول التي تبتلى بالحرب، لأن معظم الخسائر البشرية تكون في الذكور ، لذلك يعد التركيب النوعي لسكان الدول الصناعية المتقدمة من عوامل قوتها السياسية والاقتصادية . كما يعد ارتفاع نسبة المسنين في الدول الصناعية المتقدمة من عوامل ضعف الدولة اقتصادياً وعسكرياً، إذ يؤدي ارتفاع نسبة كبار السن في تلك الدولة إلى تناقص القوى العاملة فيها ، على النقيض من ذلك تتصف الدول الفتية بوجود عدد كبير من الاحتياطي البشري للقوى العاملة، في مجالات الإنتاج الاقتصادي والخدمة العسكرية في القوات المسلحة .وهذا ما تعانى منه القارة الأوربية . فتلجأ إلى الهجرة الوافدة، لتعويض النقص في الأيدي العاملة، فضلاً عن ارتفاع تكاليف المعاشات التقاعدية والرعاية الصحية والاجتماعية للأعداد المتزايدة من هؤلاء المسنين. من الناحية التطبيقية في عصرنا المعاصر ، نجد ان دول العالم تختلف فيما بينها من حيث درجة المطابقة بين مفهوم الدولة ومفهوم الأمة فبعضها يكاد يتطابق لديه هذين المفهومين كايطاليا وفرنسا وكثير من الدول الأوروبية الغربية ! فهل تستطيع أوروبا بعد ان تفتح باب الهجرة والتجنيس ان تظل محتفظة بذلك التطابق ؟!
#هويدا_احمد_الملاخ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اليمن السعيد الى اين ؟
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|