أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - تاريخ الجزية : وصمة عار على كل الغزاة













المزيد.....

تاريخ الجزية : وصمة عار على كل الغزاة


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 4710 - 2015 / 2 / 4 - 22:47
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تاريخ الجزية : وصمة عار على كل الغزاة
طلعت رضوان
تاريخ (الجزية) تاريخ قديم ، قِدم الاستعمار وغزو الشعوب واحتلال أراضيهم لنهب ثرواتهم، وفى العصور القديمة والوسيطة أخذتْ (الجزية) عدة مُسميات ، ولكن تلك المُسميات كانت تعنى شيئـًا واحدًا ، هو اجبار الشعب الذى أحتلتْ أرضه أنْ يدفع للغزاة نسبة معينة على كل (رأس) من رؤوس البشر، وهو ما فعله كل الغزاة الذين احتلوا مصر، وفى عهد الاحتلال الرومانى كان المُسمى (ضريبة الرؤوس) وفى عهد الاحتلال العربى كان المُسمى (جزية) وعندما دخل الغازى عمر بن العاص مصر، كان أول سؤال سأله ل (المقوقس) عن مقدار ما يأخذونه على كل رأس من المصريين، وخيّره بين ثلاثة أمور: الإسلام أو الجزية أو القتال.

ورغم ما هو معروف ومذكور فى كل كتب التراث العربى / الإسلامى عن (الجزية) التى فرضها العرب على شعبنا (وعلى كل الشعوب التى غزوها واحتلوا أراضيها) فإنّ أصحاب تيار(تجديد الخطاب الدينى) يحاولون (تجميل الصورة) ويرون أنّ البعض فهم معنى الجزية فهمًا خاطئـًا أدى إلى تبرير ما يحدث فى بعض الأحيان من اعتداء على البعض من (أهل الكتاب) والذين هم من نفس البلد والوطن. وترجمة هذا الكلام أنّ المصريين المسيحيين ينطبق عليهم حق (المواطنة) الذى نظمته المواثيق الدولية. فإذا كان الأمر كذلك فلماذا تكرار الحديث عن الجزية ؟ الهدف هو نفى أنّ الإسلام انتشر بالقوة وبحد السيف . وينتهى هؤلاء إلى أنّ أهل الكتاب لم يتعرّضوا للأذى حتى فى أشد عصور الدولة الإسلامية تطرفـًا. بينما يرى أ. حسن كامل الملطاوى أنّ الجزية تؤخذ من المفروضة عليهم مع إشعارهم بالذلة والصِغار (المجلس الأعلى للشئون الإسلامية عام 72 ص 334) وهذا يدل على أنّ تفسير آية الجزية موضع خلاف بين الفقهاء. وكتب أ. خليل عبدالكريم ((منذ قديم أثار تفسير هذه الآية الكثير من الجدل بين المفسرين والفقهاء واختلفوا فيما بينهم . كما اختلفوا فى تفسير معنى الصِغار الوارد فى الآية فبعضهم قال إنها تؤخذ بالعنف)) (المشكلة الطائفية فى مصر- مركز البحوث العربية عام 88 ص 81) أما أ. أحمد أمين فقد نقل ما كتبه ابن الأثير من أنّ الدخول فى الإسلام كان بهدف الفرار من الجزية لما ((يشعر به من المهانة. فالإسلام هو دين الحكام . أضف إلى ذلك أنّ بعض الولاة لم يكن يرعى تعاليم الدين وتسامحه فى الذميين . فكان يسومهم سوء العذاب فاضطروا أنْ يفروا من دينهم إلى الإسلام)) (فجر الإسلام ص 142) وكتبتْ د. سيدة إسماعيل كاشف ((كان العرب فى مصر وغيرها من البلاد التى فتحوها يُخيّرون أهالى البلاد المفتوحة بين ثلاثة أمور: الإسلام أو الجزية أو الحرب. كذلك لم يكن للإسلام مبشرون يقومون بالدعوة لهذا الدين كما فى الديانة المسيحية)) وذكرتْ أنّ حيان بن سريح كتب إلى عمربن عبدالعزيز ((أنّ الإسلام قد أضر بالجزية)) (مصر فى عصر الولاة - تاريخ المصريين رقم 14 ص111 ،132) أى أنّ العرب عندما غزوا مصر لم يتــّبعوا أسلوب التبشير، وإنما أسلوب فرض الأمر الواقع . ويؤكد ذلك ما ذكرته د. ناريمان عبدالكريم من أنّ الرسول قال لأحد قواده ((إنْ أنت حاصرت أهل حصن أو مدينة فأرادوك أنْ تستنزلهم على حكم الله فلا تستنزلهم على حكم الله ولكن أنزلهم على حكمك فإنك لا تدرى أتصيب فيهم حكم الله أم لا. وستجدون رجالا فى الصوامع معتزلين الناس فلا تتعرضوا لهم وستجدون آخرين على رؤوسهم مفاحص فاقلعوها بالسيوف)) وكتب إلى أساقفة نجران ((إنى أدعوكم إلى عبادة الله. فإنْ أبيتم فالجزية فإنْ أبيتم آذنتكم بحرب والسلام)) وترى د. ناريمان أنّ أهل الكتاب ((كفروا بكتاب الله تعالى وهو القرآن ورسوله محمد)) وتنتهى إلى ضرورة فرض الجزية عليهم (معاملة غير المسلمين فى الدولة الإسلامية – مكتبة الأسرة عام 97 من ص26- 47)
كان هدف العرب إذن منع مواطنى كل دولة يغزونها من الدفاع عن أنفسهم ، أى منعهم من حمل السلاح الذى ربما يكون ضد المحتل . وتزاوج هذا الهدف مع الهدف الأول ، أى الحصول على ثروات البلاد المغزوة من خلال آليتين : الجزية والخراج . وفى مقارنة بين الإحتلاليْن الرومانى والعربى لمصر كتبت د. زبيدة عطا ((إنّ وضع الفلاح تحت الحكم البيزنطى لم يكن بالوضع المميز. ولكنه لم يكن أسوأ فترات تاريخه. إذْ ليس بأسوأ من سابقه أو لاحقه)) (الفلاح المصرى بين العصر القبطى والعصر الإسلامى – تاريخ المصريين رقم 48 ص 10) وعندما حاور عمرو بن العاص عمر بن الخطاب ليقنعه بغزو مصر، لم يتطرّق فى حديثه إلى نشر الإسلام إنما قال ((يا أمير المؤمنين . إئذن لى أنْ أسير إلى مصر. هى أكثر الأرض أموالا. وأعجزها عن القتال والحرب)) (ابن عبدالحكم : فتوح مصر وأخبارها - مؤسسة دار التعاون- عام 1974- ص47) وكيف يكون الفتح / الغزو (سلمًا) وقد وصل عدد جيش عمرو فى غزوه لمصر أكثر من 16 ألف مقاتل عربى ؟ وكيف يكون الهدف نشر الإسلام مع إجبار كل مصرى أنْ يستضيف عددًا من العرب لمدة ثلاثة أيام وسط زوجته وأولاده ؟ وعن غزو الاسكندرية فإنها ((فـُتحتْ عنوة بغيرعهد ولا عقد ولم يكن لهم صلح ولا ذمة)) كما أنّ عمرو بن العاص ((سبى أهل بلهيب وسلطيس وقرطسا وسخا فتفرقوا وكتب عمر بن الخطاب إلى عمرو بردهم فردّ من وجد منهم)) وما معنى عبارة عمرو التى لا علاقة لها بنشر الإسلام ((من كتمنى كنزًا عنده فقدرت عليه قتلته)) ؟ وذكر ابن أبى رقية ((أنّ القبط أخرجوا كنوزهم شفقــًا أنْ يبغى على أحد منهم فيقتل كما قتل بطرس)) وما علاقة نشر الإسلام بالجباية التى وصلت إلى درجة أنْ تكون (جزية موتى القبط على أحيائهم)) وأنّ القبط ((بمنزلة العبيد)) ؟ وما علاقة نشر الإسلام بأسلوب أداء الجزية حيث التعليمات ((أنْ يختم فى رقاب أهل الذمة بالرصاص ويُـظهروا مناطقهم ويجزوا نواصيهم ويركبوا على الأكف عرضًا ولا يدعوهم يتشبّهون بالمسلمين فى لبوسهم)) وهل كان للجزية مقدار ثابت ؟ روى هشام ابن أبى رقية أنّ قسيسًا طلب من عمرو بن العاص أنْ يخبره مقدار ما عليه من الجزية. فقال عمرو وهو يشير إلى ركن الكنيسة ((لو أعطيتنى من الأرض إلى السقف ما أخبرتك ما عليك إنما أنتم خزانة لنا.. إلخ)) كما أنّ الجزية جزيتان : جزية على رؤوس الرجال. وجزية جملة على أهل القرية. ومن هلك ممن جزيته على رؤوس الرجال ولم يدع وارثــًا فإنّ أرضه للمسلمين)) (أى للعرب) وعن عبد الملك بن مسلمة ((أنّ رجلا أسلم على عهد عمر بن الخطاب فقال : ضعوا الجزية عن أرضى . فقال عمر: لا. إنّ أرضك فــُـتحتْ عنوة)) وكانت الجزية فى وقائع عديدة تؤخذ من الذين دخلوا فى الإسلام . لذلك كتب عبد الملك بن مروان إلى عبد العزيز بن مروان أنْ ((يضع الجزية على من أسلم من أهل الذمة. فكلّمه ابن حجيرة فى ذلك فقال : أعيذك بالله أيها الأمير أنْ تكون أول من سنّ ذلك بمصر. فوالله إنّ أهل الذمة ليتحملون جزية من ترهّب فكيف تضعها على من أسلم منهم . فتركهم عند ذلك)) وعندما تمّ عزل عمرو بن العاص عن الجباية قال له عثمان ((يا أبا عبد الله درّت اللقحة بأكثر من درها الأول. فقال عمرو: أضررتم بولدها)) وهل كانت الجزية هى الأداة الوحيدة ؟ لنستمع إلى كلمات عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص فى عام المجاعة : إلى العاص بن العاص . فإنك لعمرى لا تبالى إذا سمنتَ أنت ومن معك أنْ أعجف أنا ومن قبلى . فياغوثاه ياغوثاه . فكتب إليه عمرو بأنه سيرسل له قافلة من العير أولها عندك وآخرها عندى . ووعده بقافلة أخرى عن طريق البحر. ثم شعر بالندم فقال (( إنْ أمكنتُ عمر من هذا خرب مصر)) ورغم هذا الندم من عمرو فإنه عندما عُزل عن الجباية قال ((أنا إذن كماسك البقرة من قرنيها وآخر يحلبها)) كما أنه كتب إلى ولاته فى غزوة برقة أنْ يشترط عليهم ((عليكم أنْ تبيعوا أبناءكم وبناتكم فيما عليكم من الجزية)) (ابن عبد الحكم – مصدر سابق من ص 47 – 121) وكتب د. عبد الله خورشيد البرى ((أنه أتبع فى توزيع دور الاسكندرية التى كان الجنود العرب يحتلونها بطريقة الابتدار. أى أنّ ((من ركز رمحه فى دار فهى له ولبنى أبيه)) (القبائل العربيبة فى مصر- دار الكاتب العربى عام 67 ص 230)
إذا كان أصحاب تيار تجديد الخطاب الدينى ينتهجون نهجًا مثاليًا ، فكيف يكون الرد على الأصوليين الذين يرون ضرورة فرض الجزية على المسيحيين مع حرمانهم من الخدمة العسكرية أمثال أ. مصطفى مشهور مرشد الإخوان الراحل ؟ (أهرام ويكلى 3-9 إبريل 97) ولماذا تكون الكتابة عن الجزية ولا تكون عن الأساس العصرى للدولة الحديثة؟ الأساس الذى يُعلى من حق المواطنة. وأنّ هذا الحق لن يتحقق إلاّ فى ظل (علمنة الدولة) التى تتأسس على فصل المؤسسات الدينية عن المؤسسات السياسية. لو تحقق هذا لن نجد من يكتب ((الإسلام لا يمنع التعامل مع غير المسلمين. ولكن يمنع المودة القلبية والموالاة. لأنّ المودة القلبية لا تكون إلاّ بين المسلم والمسلم )) (جريدة اللواء الإسلامى – العدد 153) لم يكتب هذا الكلام شكرى مصطفى أو عبود الزمر من مدرسة أعداء الحياة وأعداء الحداثة ، إنما كتبه الأستاذ الدكتور أحمد عمر هاشم. فهل نلوم الذين يقومون بتنفيذ أوامر القتل ويتربون على كراهية المختلف معهم دينيًا ، أم أنّ سبب المشكلة فى الأساتذة والدكاترة الذين يروجون للتعصب ولا يعترفون بأبسط حقوق الإنسان : حق المواطنة ؟ ومع مراعاة أنّ هذا الحق لن يكون له أى وجود ملموس إلاّ فى ظل تطبيق مبادىء العالمانية ، وهى المبادىء التى يُعاديها كل الأصوليين ، وترفضها كل سلطات البطش .
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التماثل الطوباوى بين البشر
- الفلسفة المثالية والفلسفة المادية
- الإمام محمد عبده : ما له وما عليه
- مصطفى كامل ولطفى السيد
- انتفاضات شعبية بلا نتائج ايجابية
- رفاعة الطهطاوى : ما له وما عليه
- نماذج من رموز الفكر المصرى (5)
- نماذج من رموز الفكر المصرى (4)
- الإدارة الأمريكية وتوظيف الدين
- نماذج من رموز الفكر المصرى (3)
- نماذج من رموز الفكر المصرى (2)
- نماذج من رموز الفكر المصرى (1)
- أوروبا تدفع فاتورة مغازلة الإسلاميين
- استباحة السيادة الوطنية
- إسماعيل أدهم ودوره التنويرى
- حرب الاستنزاف بين الحقيقة والوهم
- كتابة التاريخ بين الرأى الشخصى والواقع
- الفرق بين القدر اليونانى والزمان المصرى
- توفيق الحكيم والوعى بالحضارة المصرية
- مراجعة لتاريخ الحقبة الناصرية


المزيد.....




- مرشح جمهوري يهودي: على رشيدة طليب وإلهان عمر التفكير بمغادر ...
- الولائي يهنئ بانتصار لبنان والمقاومة الاسلامية على العدو الا ...
- شيخ الأزهر يوجه رسالة حول الدراما الغربية و-الغزو الفكري-
- هل انتهى دور المؤسسات الدينية الرسمية؟
- استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2024 على ال ...
- الكشف عن خفايا واقعة مقتل الحاخام اليهودي في الإمارات
- الجهاد الاسلامي:الاتفاق أحبط مسعى ايجاد شرق اوسط حسب اوهام ا ...
- الجهاد الاسلامي:نؤكد على وحدة الدماء وصلابة الارادة التي تجم ...
- الجهاد الاسلامي:نثمن البطولات التي قدمتها المقاومة بلبنان اس ...
- الجهاد الاسلامي:اتفاق وقف اطلاق النار انجاز مهم يكسر مسار عن ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - تاريخ الجزية : وصمة عار على كل الغزاة