أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - سلامة كيلة - مصير الماركسية بعد انهيار المنظومة الاشتراكية















المزيد.....

مصير الماركسية بعد انهيار المنظومة الاشتراكية


سلامة كيلة

الحوار المتمدن-العدد: 347 - 2002 / 12 / 24 - 06:42
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    





أوحى انهيار النظم الاشتراكية وكأن الماركسية قد وصلت إلى نهايتها، وأن انهيار تلك النظم هو نتيجة “عدمية” (أو لا واقعية) الماركسية. بمعنى أن الماركسية ماتت مع موت النظم الاشتراكية، ليصبح التمسك بها جموداً، وتمسكاً بـ “أحلام” سالفة. وبالتالي عجزاً عن مساوقة العصر، وفهم الظروف الراهنة!! إذن سيبدو الربط محكماً بين الماركسية والاشتراكية، وليكون انهيار الاشتراكية دليلاً على فشل الماركسية، دون مسافة يمكن أن توضع بين هذا وذاك، ودون احتمالٍ لأن يكون الواقع هو أساس انهيار الاشتراكية، دون الماركسية. ورغم محاولات الفصل التي تحققت، إلا أنها استندت إلى “منطق” ضعيف، يقول بالتمييز بين “النظرية والتطبيق”، مما جعلها غير مقنعة، أو حتى مضحكة. لهذا استمر منطق الربط بين الماركسية والاشتراكية، واستمرت محاولات الدفاع عن الفصل ضعيفة.
لهذا سنلمس بأن حالة من الفوضى، وكذلك من الضياع، حكمت قطاعات واسعة من الماركسيين. وإلى حالة من الفوضى حكمت الأفكار الماركسية، أو التي تنسب نفسها إلى الماركسية. هنا انتشرت الميول نحو “التجديد”، ومحاولة البحث عن تصورات جديدة، أو حتى الميول للتخلّص من الماركسية، والهروب إلى ما يناقضها، وينفيها. لقد بدأت عملية تخلٍّ عن مفاهيم وتصورات سادت لعقود ومثلّت ما يسمى عادة بـ “الماركسية الرائجة”، رافقتها عملية أضعف لإعادة بناء المفاهيم، أو لتقديم تصورات ومفاهيم “جديدة”، لتبدو الحركة الماركسية اليوم وكأنها في أضعف لحظاتها، لأن موت التصورات والمفاهيم القديمة، لم يفضِ إلى بناء تصورات ومفاهيم ماركسية جادة، وبالتالي فإن حالة الضياع هي التي تحكم هذه الحركة، وتفضي، في الواقع، إلى تفككها، و”هزالها”، وربما تلاشيها.
هذه النتيجة، ربما كانت، تدعم الربط بين انهيار النظم الاشتراكية والماركسية، لأن تداعيات الانهيار كانت عظيمة التأثير على الحركة الماركسية، إلى حدّ أنها تبدو وكأنها تتلاشى، وربما كان لذلك علاقة بطبيعة تشكّل الماركسية في الوطن العربي، بدءاً من قيام ثورة أكتوبر، وبالتالي طغيان التشكّل السياسي على التشكّل الفكري النظري، ومن ثم انفصامهما لمصلحة سيادة “السياسي”، الذي كان يعني “النظر التكتيكي”، وبالتالي دون وعي عميق للواقع، وعي أعمق لآليات تحويله، وهو ما كان يؤشر إلى أن الماركسية هذه لم تكن ماركسية، بل أفادت منها في جملة شعارات وأفكار وتكتيكات، مما جعلها تفشل في تأسيس وعي مطابق لصيرورة التطور العربي، سواء بتحديد الأهداف الأساسية المحقّقة لهذا التطور، أو بتجديد الآليات الضرورية لتحقيق تلك الأهداف، وبالتالي دور الطبقات في كل هذه العملية. بمعنى أنني أنفي امتلاك الماركسية من الأساس، لأقول بأن انهيارها كان سابقاً لانهيار النظم الاشتراكية، ولم يفعل انهيار النظم الاشتراكية سوى أنه “أطلق رصاصة الرحمة” على جثة تحتضر، هذا ملخّص بسيط لكل المشكلة، لكنه أساس حالة الفوضى والضياع اللتين حكمتا الحركة الماركسية منذ تسعينات القرن الماضي. حيث أفضى انهيار النظم الاشتراكية إلى انهيار “منظومة فكرية” ولدت فيها، وعُمِّمت على أنها الماركسية، رغم أنها لم تؤسس لنشوء وعي ماركسي لدى الحركات الماركسية في الوطن العربي. لقد جرى التشكيك، إذن، بهذه المنظومِة التي أسميت “الماركسية اللينينية” أو “الماركسية السوفياتية”، كما جرت محاولة الخروج من إسارها، لكن ـ أيضاً ـ دون وعي بالماركسية، لهذا بدت المشكلة وكأنها، من جهة، مشكلة التخلي عن هذه المنظومة واعتناق “منظومة معاكسة”، ليتحقق الضياع في متاهات الليبرالية الجديدة، والعولمة. أو أنها، من جهة أخرى، مشكلة “ترقيع” تلك المنظومة، أو “خلطها” بمنظومات أخرى، أو بأفكار من منظومات أخرى، من أجل تحقيق “التجديد”، الذي سيبدو أنه إعادة إنتاج للمنظومة ذاتها، لكن في صيغ أخرى.
لقد بدت المسألة وكأنها مسألة “فرار من مركب يغرق”، نحو “الضفة الأخرى”، التي هي العولمة، والليبرالية، وأيضاً “الواقعية”. لكن، بدت المسألة، من جهة أخرى، وكأنها محاولة للتمسك بـ “الماركسية” مع تجاوز “دوغمائيتها”، لمصلحة “نص متحرِّر”، سيقود حتماً إلى تركيب نص مختلط، لا يقترب من الماركسية بل يبتعد عنها (وإن ظلّت النوايا الحسنة). وفي هذا الوضع سيبدو النقاش مشلولاً، لأن الفوضى لا تؤسس لحوار حقيقي، ولا تسمح به، وبالتالي لا تقود إلى “انتظام الفوضى”. وستبدو المشكلة الجوهرية هنا وكأنها في وعي الماركسية بالذات، حيث لا تسمح المنظومية التي ورثت من عهد “الماركسية السوفياتية”، والتي كانت نتاج أزمة الاشتراكية، (والمعبّر عنها معاً)، في تقديم الأسس التي تسمح بتجاوز المنظومة ذاتها، وتأسيس منظومة ماركسية بديلة. لقد تشكّلت تلك المنظومة في إطار “عقيدي” (أي تحوّلت إلى عقيدة)، وبالتالي غدت إما تقبل أو ترفض، وليس من الممكن أن تؤسس ـ من داخلها ـ ما يسمح بـ “إصلاحها” أو تجاوزها، وأحرى تأسيس وعي ماركسي حقيقي.
لهذا سيبدو التفكك هو السمة الغالبة، وهو المؤسس لحالات الفوضى والضياع ـ وبالتالي العجز عن التقييم الجدّي لتجربة الحركة الماركسية، وللتجربة الاشتراكية، من أجل بناء تصورات مؤسسة على أساس ماركسي حقيقي، ولكن سيعود الحوار إلى المسألة التي أعتقد أنها ستبدأ أي حوار جدّي وجاد ـ ألا وهي مسألة: ما الماركسية؟ وهو المسألة التي كانت تعتبر بديهية، وكان التساؤل حولها يبدو غبياً، لكن المسألة التي تسكن كل الإشكالية، والتي كانت في أساس إشكالية “الماركسية الرائجة”، وكانت في أساس تفككها، وبالتالي في أساس حالتي الفوضى والضياع اللتين أصبحتا من سماتها منذ بداية تسعينات القرن الماضي. إذن، ولكي يتحقق البحث الجدي في أزمة الماركسية، وكذلك في أزمة الاشتراكية. يجب البدء من التساؤل حول: ما الماركسية؟
هذا التحديد، أيضاً، سيفتح الأفق لوعي الواقع في الوطن العربي، وبالتالي تحديد التصورات الضرورية (وأيضاً التكتيك الضروري) لتحقيق صيرورة التغيير التي تنقله إلى مرحلة جديدة، إن تحديد معنى الماركسية، إذن، ليس “عملاً ذهنياً” فقط، إنه اكتساب “لأداة ذهنية” (طريقة في التفكير)، تسمح بوعي الواقع، وأيضاً بوعي آليات تغييره، وهذه هي مهمة الماركسية الأساسية.
لكن تكمن المشكلة هنا في ضرورة الانتقال من “السياسي” إلى “النظري”، أي من التعامل مع الفكر كغطاء للتكتيك السياسي، إلى التعامل مع السياسي على أنها فكر، وأن التكتيك فيها دون وعي يقود حتماً إلى العماء. وهذا ما يطرح البحث في أهمية النظرية، وأهمية الفكر، وهو الموضوع الذي كان ينحطّ إلى مرتبة الثرثرة، أو يتساوى في “الماركسية الرائجة” ومسألة الثرثرة، وكأن البشر يمكن أن يقسموا إلى “عقل مجرّد”. و”ميكانيكية” عملية، رغم أنهم هم ذاتهم. ولاشك في أن الماركسية هي الداعية إلى “فلسفة البراكسيس” (حسب تعبير غرامشي)، وهي هنا توحّد “العقل المجرّد” و”الميكانيكية” العملية، في تكوين فاعل واعٍ معاً، لكن يكون ممكناً لحركة البشر أن تقود إلى تحقيق التغيير.
* * * * * * *



#سلامة_كيلة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما العمل حول إعادة بناء اليسار الماركسي
- الحداثة من منظور غربي: كيف تنظر الرأسمالية إلى تحديث الإسلام ...
- أزمة اليسار
- عن اليسار الغائب والأصولية الناشطة


المزيد.....




- هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال ...
- الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف ...
- السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا ...
- بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو ...
- حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء ...
- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ...
- جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر ...
- بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
- «الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد ...
- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»


المزيد.....

- الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) / شادي الشماوي
- هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي ... / ثاناسيس سبانيديس
- حركة المثليين: التحرر والثورة / أليسيو ماركوني
- إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات ... / شادي الشماوي
- المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب - ... / شادي الشماوي
- ماركس الثورة واليسار / محمد الهلالي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - سلامة كيلة - مصير الماركسية بعد انهيار المنظومة الاشتراكية