دلشاد مراد
كاتب وصحفي
الحوار المتمدن-العدد: 4709 - 2015 / 2 / 3 - 23:01
المحور:
القضية الكردية
حواره: دلشاد مراد
حدثنا السيد زوهات كوباني مسؤول تنظيم حزب الاتحاد الديمقراطي في أوروبا في حوار معه, عن تقييمه لنشاطات حزبه في أوروبا خلال العام 2014م, وعن الموقف الغربي لثورة روج آفا, والإدارة الذاتية الديمقراطية المعلنة, وعن تأثير مقاومة كوباني على الرأي العام الأوروبي. وهذا نص الحوار:
دخلنا في عام جديد – 2015م, كيف تقيم ما شهدته العام المنصرم من أحداث في منطقة الشرق الأوسط وسوريا بشكل عام, وروج آفا بشكل خاص؟
قبل كل شيء أشكركم على إتاحة الفرصة لي وإجراء حوار معي. في الحقيقة إن العام المنصرم, كان عام المقاومة بامتياز بالنسبة للكرد, ومعلوم لدى الجميع أن حزبنا يشكل طليعة هذه المقاومة التي لاتزال مستمرة في كافة جبهات القتال في روج آفا.
في العام المنصرم استمرت القوى الدولية والإقليمية في محاولاتها لتنفيذ أجنداتها ومصالحها على حساب شعبنا, ولكن عند النظر إلى المقاومة والتقدم الحاصل خلال العام المنصرم على الأرض, سيتبين أن الكرد خرجوا منها وهم منتصرين.
صحيح أننا قدمنا الكثير من التضحيات, حيث تعرض شعبنا إلى التهجير في شنكال وكوباني, إلا أننا استطعنا أن نجعل أنفسنا رقماً صعباً في المعادلة السورية والإقليمية. ففي السابق لم تكن الدول الكبرى تدرج مسألة الكرد في أجنداتها, ولكن خلال العام المنصرم أصبحنا أحد اللاعبين الأساسيين في المنطقة, بعد أن كنا مجرد ورقة بيد الدول الإقليمية والدولية. ولو جمعنا حصيلة العام المنصرم لاستنتجنا أن محاسننا كانت أكثر من مساوئنا.
سياسياً تصدرنا واجهة الأحداث دولياً وتوسعت علاقاتنا الدبلوماسية وازداد أصدقاؤنا وبدأت الأبواب تنفتح أمامنا. وخلال العام المنصرم تعرضنا لهجوم كبير في محاولة من أطراف عدة لتنفيذ سياسة الجينوسايد بحقنا, ولكن الكرد قاوموا هذه السياسة ووقفوا بوجهها.
كردستانياً, حصل توافق بين القوى الكردستانية حول دعم مقاومة كوباني, وكسر الكردستانيون الحدود في سياق الدعم المذكور. ولكن ما ميز العام المنصرم أن الكرد أثبتوا للعالم أجمع بأنهم الخط الأول في محاربة الإرهاب والقوى المتطرفة.
باعتباركم مسؤول تنظيم أوروبا لحزب الاتحاد الديمقراطي, كيف تقيمون أعمالكم ونشاطاتكم خلال العام 2014م من حيث بناء العلاقات مع المنظمات والأحزاب والدول الأوروبية, وحتى حضور المؤتمرات الدولية والخاصة بالقضية الكردية؟
لتنظيمنا نشاط محموم في أوروبا, هنا أود ان أذكر مثال, فكما نعلم يوجد المفوضية الأوروبية في هيكلية الاتحاد الأوروبي, حيث كل ثلاثة أشهر يداوم فيها البرلمانيون في ستراسبورغ الفرنسية, ويصادف أننا أيضا نقوم بزيارة المفوضية في نفس الوقت, وفي إحدى المرات قال لنا رئيس القسم السياسي في المفوضية الأوروبية "إننا نرى بعضنا في كل مرة نأتي إلى هنا". وهكذا فنحن في أوروبا نمارس دور اللوبي "الجماعة الضاغطة" لإيصال صوت شعبنا إلى المحافل الدولية.
نحن بحاجة إلى أصدقاء وحلفاء, ومن خلال العلاقات التي أقمناها في أمريكا و أوروبا حتى روسيا مروراً بالشرق الأوسط نحاول أن نكسر الحصار المفروض على شعبنا. فكل هذه العلاقات واللقاءات التي نجريها مع منظمات المجتمع المدني ورؤساء الأحزاب والأكاديميين والمسؤولين في الحكومات الأوروبية هي بالتأكيد لصالح الكرد ومكونات روج آفا.
نعم ندرك أن المقاومة البطولية الجارية وحجم التضحيات في داخل الوطن هي الأساس, ولكننا بحاجة إلى إيصال صوت المقاومة ورسالتنا إلى مراكز القرار والرأي العام الدولي, أي بمعنى وجود ممثلين لروج آفا وأحزابها في الخارج له أهمية كبيرة.
يوجد في تنظيم أوروبا لحزب الاتحاد الديمقراطي هيئة أو مكتب علاقات سياسية ودبلوماسية, وأنشأنا لجان علاقات دبلوماسية في عدد من الدول. وحتى أننا نسعى لإنشاء لجان التواصل والصداقة بين الكرد والشعوب الأوروبية بهذا الخصوص في كل مدينة أوروبية, طبعاً هذا كله في خدمة تشكيل لوبي كردي قوي في أوروبا.
تحدثتم عن إنشاء لجان التواصل والصداقة مع الأوروبيين, لماذا لم يتم تشكيل جمعيات الصداقة الكردية الأوروبية حتى الآن؟
في الحقيقة يوجد في أوروبا مثل هذه اللجان والجمعيات, ففي بلجيكا مثلاً توجد جمعية للصداقة الكردية البلجيكية تضم الكرد من جميع أجزاء كردستان والبلجيكيون من الأكاديميين والبرلمانيين والسياسيين.
نحن نريد تشكيل لجان وجمعيات الصداقة على المستوى السفلي من الرأي العام الأوروبي وما أقصده إقامة العلاقات مع البلديات ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية التي تشكل عماد المجتمع الأوروبي, وليس فقط مع الفئات النخبوية الحاكمة.
ماذا عن الموقف الأوروبي من أزمة الشرق الأوسط عامة, ومن روج آفا والإدارة الذاتية الديمقراطية خاصةً؟
الأوروبيون في مواقفهم غير واضحين تماماً, هم لا يتبعون عادة سياسة التدخل المباشر, إلا أنه وبعد تصاعد الخطر الداعشي وتمدده في الأراضي السورية أصبحوا في تردد واضح, وقد لاحظنا أنهم في الآونة الأخيرة وضعوا خريطة سياسية إن صح التعبير, ويقولون أن عليهم الالتفات لخطر داعش أولاً وبعدها يمكن النظر بمصير الملفات الأخرى مثل رحيل نظام بشار الأسد. وفي الحقيقة أن الأوروبيين يرون أن نظام الأسد ينبغي أن يزول ولذلك هم يبحثون عن البديل, لكن البديل القادر على ملء الفراغ بعد رحيل الأسد ليس موجوداً لحد الآن في نظرهم. هم جربوا الكثير من القوى المعارضة, ولكنهم لم يروا منهم أي شيء على الأرض. بل وكانت محصلة تلك المعارضات التي تمت دعمها الخلافات والتعرض للانشقاقات والانقسامات و التسيب والسرقة ....الخ.
الأوروبيون قدموا الدعم للمعارضة وفي المحصلة ذهبت نتائجها لصالح داعش وجبهة النصرة. ولهذه الأسباب لا يرون أنها المعارضة التي يمكنها ملء الفراغ في حال سقط النظام السوري الحالي.
بالنسبة لموقفهم من الإدارة الذاتية الديمقراطية هم يرونها كموديل جديد, حتى أنه عندما تعرضت كوباني لهجوم داعش أصدر المكتب الاعلامي للاتحاد الأوروبي بياناً ذكرت فيه إن كانتون كوباني التابع للإدارة الذاتية يتعرض للخطر من قبل القوى الإرهابية.
صحيح إن الدول الأوروبية لم تعترف صراحة بالإدارة الذاتية الديمقراطية, ولكن ما ورد في ذلك البيان يعتبر موقف متقدم للأوروبيين, والعديد من الأحزاب السياسية الأوروبية يقولون أن الإدارة الذاتية هو مشروع معقول.
بشكل عام فإن الأوروبيين يرون بأن الكرد يقاتلون من أجل الديمقراطية والسلام, بل ويقولون علناً بأن كوباني تحارب الإرهاب بالنيابة عن العالم أجمع, وهذا تغير متقدم وملفت في الموقف الأوروبي تجاه الكرد.
أوضحتم لنا الموقف الأوروبي من المعارضة السورية, وكيف أنهم قيموا سلبياً المعارضات الموجودة, ماهي المواصفات المطلوبة للمعارضة لدى الأوروبيين؟
يوجد في أوروبا "مركز الدراسات الاستراتيجية الأوروبية" الذي من أحد مهامه بناء معارضات حسب المواصفات الأوروبية. عندما يتخذون من إحدى البلدان هدفاً لهم يقومون بكتابة تقارير ودراسات ومقالات حول تعرض الأمن الأوروبي للخطر. ومن ثم يقوم مراكز القرار في أوروبا بتجميع بعض الأشخاص في البلدان التي تتعرض للإرهاب أو الأخطار تحت اسم المعارضة, وبعد ذلك يتم دعمهم وفرضهم على أرض الواقع.
وفي الحالة السورية, الأوروبيون يريدون معارضة متوافقة مع سياساتهم, وتعمل على تحقيق المصالح الأوروبية في سوريا.
وضع الأوروبيون أيديهم على المجلس الوطني السوري ومن ثم الائتلاف الوطني وقدموا لهم الدعم اللازم, ولكن في النتيجة لم يحقق هذه الأطر المعارضة أي شيء على أرض الواقع.
ولذلك بدأ الأوروبيون بالتقرب من الكرد, حتى أنه جاء في تصريح لهم بأن الحالة القائمة في مناطق تواجد الكرد هي أكثر الحالات إيجابية في سوريا, وأنه يمكن تعميم تلك الحالة في بقية أرجاء البلاد.
تقولون أن هناك تقرب إيجابي من جانب أوروبا لروج آفا, هنا أود أن أسالك فيما إذا كان موقف تركيا - التي تشترط على الغرب تهميش الكرد وعدم التعامل مع الإدارة الذاتية في روج آفا كشرط لقبولها الدخول في الحملة الغربية ضد الإرهاب- تشكل أي ضغط أو عائق على صعيد التعامل والتقرب الأوروبي من روج آفا؟
تركيا بالأساس تتدخل بهدف تخريب وتشويه ثورة روج آفا, حيث حركت اللوبي التابع لها في الخارج بهدف تشهير ثورتنا, والقول بأننا موالون للنظام وضعنا على قائمة استهداف الغرب. وفرضت حصاراً على روج آفا بهدف تجويع أبناء شعبنا, وقامت بدعم القوى السلفية في هجماته بهدف ترويع الأهالي وتفريغ روج آفا لتحقيق أجنداتهم.
لكن أبناء روج آفا استطاعوا كسر كل المحاولات التركية في إجهاض ثورتهم, وحتى الغرب لم يأبهوا لما تقوله تركيا عن ثورتنا, والدعم الإعلامي الأوروبي لنا واضح للجميع وزيارات الوفود الغربية لروج آفا أكبر دليل على الفشل التركي في الضغط على الغرب لمنع التواصل مع الإدارة الذاتية الديمقراطية في روج آفا.
في الآونة الأخيرة زار العديد من الوفود الغربية روج آفا, كان من بينهم برنار كوشنير وزير الخارجية الفرنسي السابق , هل يمكنك الحديث عن أبرز نتائج تلك الزيارات؟
هنا أود أن أذكر لكم بأننا وفي إطار عملنا الدؤوب للتعريف بالإدارة الذاتية, نعرض على الأوروبيين زيارة روج آفا للاطلاع على الواقع, فنحن لا نريد أن يسمعوا منا ما نقوله لهم فقط, اطلاعهم على ما يجري في الداخل أفضل, لأننا نتعرض للهجمات وهناك الكثيرون ممن ينشرون التقارير المشوهة والمسيئة لحقيقة الوضع في روج آفا.
هذا بالإضافة إلى أن التقدم الذي يحصل للنظام الذي تأسس في روج آفا (وأقصد هنا الإدارة الذاتية الديمقراطية) يترك فضولاً لديهم لزيارة المنطقة والاطلاع على هذ التجربة أو هذا النظام الناشئ عن قرب. حيث أن هناك قوانين أكثر تقدماً مما هو موجود في أوروبا.
هم يستغربون كيف استطعنا بناء نظام أو إدارة في روج آفا وسط الحرب التي تشهدها كافة أرجاء البلاد, كما أنهم معجبون ببعض الأسس التي قامت عليها الإدارة الذاتية كالقوانين المتعلقة بالمرأة, فيما يتعلق بالرئاسة المشتركة وتحديد كوتا خاص بالمرأة ضماناً لمشاركتها في كافة المجالات, ومشاركة جميع المكونات في العملية الإدارية والسياسية.
الشخصيات والصحفيون الذين يزورون روج آفا, بعضهم يرفعون تقارير عن نتائج زياراتهم للدول أو الحكومات التي أتوا منها, وبعضهم ينظمون المؤتمرات حول القضية الكردية, وهناك من يصنع أفلاماً عن ثورة روج آفا.
باعتقادي أن زيارة الوفود والشخصيات والصحفيين لها تأثير إيجابي بالنسبة لنا, فهم يرون حقيقة التجربة التي نقوم بإنشائها في الداخل, وله تأثير كبير في كسر كل المحاولات التركية لتشويه ثورتنا.
هل ترى أن هناك أي فارق بين مواقف كل من روسيا وأمريكا وأوروبا تجاه روج آفا, أو بمعنى آخر, هل ثمة منافسة دولية على التقرب من روج آفا وكسب ودها, ولاسيما على ضوء زيارة كوشنير الأخيرة؟
كل دولة تسعى لتحقيق أجنداتها ومصالحها, هذا شيء طبيعي, نعم قد يكون هناك مثلما تقول منافسة بين الدول الكبرى, ولكننا من جانبنا أيضاً لدينا مصالحنا ونعمل في السياسة لتحقيق ذلك, فأي دولة تقوم بتحقيق مصالحنا نحن مستعدون لفتح العلاقات معهم.
أمريكا مثلاً هي أكثر الدول التي لديها أجندات في كردستان, فتعاملت مع الحزب الديمقراطي الكردستاني- العراق في باشور كردستان, وكذلك مع توابعها في روج آفا, لكنها وبعدما رأت فشل تلك الأطراف, اضطرت للتقرب منا. هناك بعض التقرب الإيجابي للأمريكيين, فقبل فترة زارنا ريتشارد هاس رئيس مجلس العلاقات الأمريكية وقال "أننا نريد في سوريا إدارة ذاتية قوية".
الروس يقولون لنا أننا نؤيدكم ولكن في الحقيقة هم يوالون أكثر إلى جانب النظام السوري, وهم يرون أن أي حل في سوريا ينبغي أن يكون بالتزاوج بين النظام والمعارضة.
بالنسبة للأوروبيين هم بدأوا بإدخال مشروع الإدارة الذاتية في نقاشاتهم ويقولون أنها أكثر الحلول واقعية في سوريا.
كيف هي علاقاتكم مع أطراف المعارضة السورية في الخارج؟
علاقتنا جيدة مع المعارضة السورية, ومن مختلف الأطراف, فنحن بالأساس من أعضاء هيئة التنسيق الوطنية.
حتى أن هناك بعض اللقاءات غير الرسمية جرت مع أعضاء في الائتلاف السوري المعارض.
هل لكم أن توضحوا لنا تأثير المقاومة التي تبديها وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة على صعيدي الرأي أو المزاج العام الشعبي و الرسمي في أوروبا؟
لمقاومة كوباني تأثير كبير على الرأي العام الأوروبي, فالرئيس الفرنسي قال عن كوباني بأنها مدينة الشهداء ورمزاً للمقاومة, كما أن ديمستورا المبعوث الدولي للأزمة السورية قال أن كوباني تحارب الإرهاب نيابة عن العالم, هذه المواقف يدل على أن هناك تغيير حاصل في الرأي الرسمي الغربي.
الكثير من الأوروبيين يقولون إن المقاتلات الكرديات تمثل إرادتهم في محاربة الإرهاب, وأتذكر أنه في مقابلة مع رئيسة البرلمان القبرصي, وعندما قلنا لها أننا من كوباني, أبدت سعادتها وأذرفت الدموع من عينيها
جميع الدول الأوروبية بدأت تشكيل لجان للإغاثة
في إحدى المسيرات الداعمة لكوباني أدلى رئيس حزبنا السيد صالح مسلم خطاباً, وأثناء خطابه كان شاب فرنسي ومعه خبز يقتحم الجموع في محاولة منه للقاء السيد مسلم, وعندما وصل إليه قال له: إني منذ الصباح أقوم ببيع الخبز من أجل دعم كوباني, وسلمه 100 دولار كان ثمن الخبز الذي باعه.
وأيضاً في ندوة لي في أحدى الجامعات الإسبانية لاحظت وجود أكياس على أحد الرفوف, وفي نهاية الندوة سألت عن تلك الأكياس, أخبرني الطلاب بأنهم يجمعون المواد الغذائية من أجل دعم كوباني.
هل لديك أي كلمة أخيرة تود توجيهها إلى أبناء روج آفا؟
في روج آفا نقوم ببناء مشروع تاريخي, سيحدد من خلاله مصير الكرد وشعوب المنطقة, استراتيجية المائة العام نقوم بتغييرها, قد نقدم البدل أو المقابل لذلك من الشهداء, ولكن طريق الحرية يستحق منا دفع الغالي والنفيس. لذا فان المطلوب من الاحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني والمثقفون الكرد التقرب من هذا المشروع بمسؤولية, أقول لهم "هذه فرصة تاريخية لا تعوض, فإما أن نحقق الحرية لأنفسنا, وإلا فإن الخطر سيداهمنا جميعاً ولاسيما إن هناك حرب كبيرة مشتعلة حتى الآن في المنطقة.
#دلشاد_مراد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟