أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إبراهيم جركس - أيمكن أن يكون الله مطلق العدل ومطلق الرحمة في آنٍ معاً؟














المزيد.....

أيمكن أن يكون الله مطلق العدل ومطلق الرحمة في آنٍ معاً؟


إبراهيم جركس

الحوار المتمدن-العدد: 4709 - 2015 / 2 / 3 - 20:35
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أحبّ أن أبدأ هذه المقالة باقتباس مقطع للكوميدي الملحد جورج كارلين الرائع إذ يقول في أحد عروضه: ((الدين في الحقيقة أقنع الناس بأنّ هناك رجل خفي، يعيش في السماء، يراقب كل شيء تفعله، كل دقيقة من كل يوم، وهذا الرجل الخفي لديه قائمة خاصة بعشرة أمور لايريد منك أن تفعلها، وإذا فعلت أي شيء من هذه الأمور العشرة، فلديه مكان خاص مليء بالنار والدخان والحرق والعذاب والمعاناة، حيث سيرسلك لتعيش وتعاني وتحترق وتختنق وتصرخ وتبكي إلى أبد الآبدين حتى نهاية الوقت.... لكنه يحبك!!!!!!))
أفضل صفة يتمتّع بها الله هي مجموعة صفاته التي يتميّز بها، فهو لطيف، محب، عادل، عطوف، رحيم، كما أنّه يكره جميع الأشياء التي نكرهها نحن . وهو مثالي ومطلق أيضاً... إنّه الخير المطلق، كما أنّه مطلق العدل، ومطلق الرحمة، ومطلق المغفرة. لكن هل هذا صحيح؟... وهل تتناسب هذه الصفات مع بعضها؟
يشير دان باركر (المبشّر والقس السابق الذي تحوّل إلى الإلحاد) بأنّه من غير الممكن _بل من المستحيل_ وجود إله مطلق العدل من جهة، ومطلق الرحمة في الآن نفسه من جهةٍ أخرى، لأنّ أي اتساع من جهة الرحمة يستلزم عنه انحسار في مجال العدل... بمعنى آخر كلّما زادت رحمة الله نقص عدل، وكلما زاد عدل الله نقصت رحمته.
وإذا كانت رحمة الله مطلقة... أي أنّها غير محدودة فهذا يلزم انعدام العدل الإلهي، والعكس صحيح.
على سبيل المثال، إذا سمح الله لشخصٍ ما بدخول الجنّة، وهو في الواقع يستحق دخول النار أو الجحيم فإنّه رحيمُ ورؤوف، لكنه ليس بعادل. لكنّه إذا أرسله إلى الجحيم، إذن هو عادل، لكنه ليس برحيم.
ومع ذلك نرى أنّ الكتب المقدسة للديانات الرئيسية الثلاث تصرّ وتؤكّد باستمرار أنّ الله عادل ورحيم في نفس الوقت. جاء في القرآن:
{وأنت أرحم الراحمين} [الأعراف: 151] {وأنت خير الراحمين} [المؤمنون: 109] لكنّ من صفاته أنّه العادل والمقسط
وفي الكتاب المقدس ((4هُوَ الصَّخْرُ الْكَامِلُ صَنِيعُهُ. إِنَّ جَمِيعَ سُبُلِهِ عَدْلٌ. إِلهُ أَمَانَةٍ لاَ جَوْرَ فِيهِ. صِدِّيقٌ وَعَادِلٌ هُوَ)) [تثنية 32: 4]
((18وَلِذلِكَ يَنْتَظِرُ الرَّبُّ لِيَتَرَاءَفَ عَلَيْكُمْ. وَلِذلِكَ يَقُومُ لِيَرْحَمَكُمْ،)) [إشعياء 30: 18]
# قصّة قاضيين
لنشرح الأمر بصورة أخرى، تخيلوا أنّ هناك قاضيين، كل قاضٍ منهما على طرفي نقيض عن الآخر. القاضي مطلق الرحمة يعفي الجميع من جرائمهم وأخطائهم وذنوبهم. أمّا القاضي مطلق العدل، من جهةٍ أخرى، يحكم على الجميع كلٌ حسب ما يتناسب مع جريمته.
الآن تخيّلوا أنّ هذين القاضيين مجتمعان في شخصٍ واحدٍ. كيف يمكن لقاضٍ واحدٍ أن يعفو وأن يحاكم في الآن معاً؟ إذا كان الله يتمتّع بصفات مطلقة وكلية ويعمل على أساسها، عندها لن يقدر على القيام إلا بواحدةٍ منها دون الثانية.
قد تخرجنا الديانات الرئيسية _وبخاصة المسيحية والإسلام_ من هذا المأزق كما يتصوّر البعض، وذلك عن طريق افتراض وجود شخص يشفع لنا عند الله ليسامحنا على آثامنا وذنوبنا كمحمد الذي يشفع لأمّته يوم القيامة، أو شخص يدفع مسبقاً الثمن على أخطائنا وذنوبنا كيسوع المسيح!... لكن كيف حدث وأن قامت هذه الصفقة، فلا أحد يدري.
لنأخذ حالة يسوع على سبيل المثال، إذ أنّ التراث الإسلامي يخبرنا أنّه يكفي أن يشفع لنا محمد عند الله يوم الحساب حتى ندخل الجنة، أمّا حالة يسوع فهي حالة فريدة وتتضمّن عذاباً وألماً جسدياً حتى يتمّ الخلاص.

لكنّ فكرة الخلاص بحدّ ذاتها تتضمّن على تناقض خطير، فطالما أنّ الله قادر على كل شيء، لماذا هو بحاجة لكل هذه التمثيلية الغريبة حتى يصفح ويفعو عنا، ولماذا يريد شفيعاً يشفع لنا عنده يوم القيامة. أليس بمقدوره أن يشطب لنا سيئاتنا وذنوبنا بطرفة عين منه وانتهى الأمر؟
ثم هناك نقطة أساسية أخرى، إذا كانت رحمة الله مطلقة فهاذ يعني أنّه بإمكانه أن يغفر للشيطان نفسه وأن يرجعه إلى الجنة، هذا الشيطان الذي عصاه وألّب عليه خلقه منذ خلق الأرض وتحدّاه وسخر منه وتمرّد عليه، بإمكانه أن يعفو عنه بكل بساطة، فما بالكم بالملحد الذي لم يؤمن بوجوده، ذلك المخلوق المتواضع والضعيف... ألا يقدر على المغفرة له هكذا ومن دون أي شفيع أو مخلّص؟!!!!!!
لهذا أنا في الأساس لا أؤمن بالله، لكن عندما كنت ما أزال مؤمناً لم أكن أعتقد حقاً بصواب ومنطقية فكرة رحمة الله وعدله مجتمعين، فطالما أنّه عادل "بالمطلق" هذا معناه أنّه لايقدر أن يكون رحيماً بالمطلق، وطالما أنّه رحيم فهذا يحول دون كونه عادلاً بالمطلق.
الفكرة هنا أننّي عندما ناقشت أحدهم بهذه الفكرة، أشار بأنّ الله "محبّة"، وأنّنا لانستطيع حصره بصفتي العدل والرحمة، فهما صفتان من صفاته، لكنه بالأساس "محبة"!!! فالله ليس محب فحسب، إنّما هو محبة ((الله محبة)) [1يوحنا 4: 16] وهذا ما ذكرني بمقطع جورج كارلين. ويبقى التناقض...



#إبراهيم_جركس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا حرّم محمد على أتباعه التشكيك به أو بقرآنه؟
- الموت للكفرة [2] العنف السياسي بوصفه إرهاباً: دراسة سوسيو-سي ...
- الموت للكفرة [1] العنف السياسي بوصفه إرهاباً: دراسة سوسيو-سي ...
- ستة دلائل تشير إلى أنّ الدين يضرّ أكثر ممّا ينفع
- متلازمة الصدمة الدينية
- ميم التوحيد
- شركية ووثنية البطريارك إبراهيم
- كيف تحوّل يهوه من إله محلّي إلى إله عالمي؟
- كتاب فيروس الدين [3] تأسيس
- كتاب فيروس الإله [2] تأسيس
- كتاب فيروس الإله [1] تأسيس
- ماذا نعرف عن محمد حقاً؟
- ديانة التوحيد القمري 12: ((-الله- بوصفه إلهاً للقمر))
- ديانة التوحيد القمري 11: ((-الله- بوصفه إلهاً للقمر))
- ديانة التوحيد القمري 10: ((-الله- بوصفه إلهاً للقمر))
- ديانة التوحيد القمري (جغرافية العبادات القمرية في الشرق الأو ...
- ديانة التوحيد القمري 6: ((جغرافية العبادات القمرية في الشرق ...
- ديانة التوحيد القمري 5: ((-الله- بوصفه إلهاً للحرب))
- ديانة التوحيد القمري (( الله، بوصفه إلهاً للحرب)) الأجزاء [2 ...
- ديانة التوحيد القمري 1 ((مدخل))


المزيد.....




- هكذا أعادت المقاومة الإسلامية الوحش الصهيوني الى حظيرته
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة-إيفن مناحم-بصلية ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تعلن استهداف مستوطنة كتسرين بصلية ...
- المواجهات الطائفية تتجدد في شمال غربي باكستان بعد انهيار اله ...
- الإمارات تشكر دولة ساعدتها على توقيف -قتلة الحاخام اليهودي- ...
- أحمد التوفيق: وزير الأوقاف المغربي يثير الجدل بتصريح حول الإ ...
- -حباد- حركة يهودية نشأت بروسيا البيضاء وتحولت إلى حركة عالمي ...
- شاهد.. جنود إسرائيليون يسخرون من تقاليد مسيحية داخل كنيسة بل ...
- -المغرب بلد علماني-.. تصريح لوزير الشؤون الإسلامية يثير جدلا ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف حيفا ومحيطها برشقة صاروخي ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إبراهيم جركس - أيمكن أن يكون الله مطلق العدل ومطلق الرحمة في آنٍ معاً؟