|
من قصص الموازنة العامة .. القصيرة جداً
عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث
(Imad A.salim)
الحوار المتمدن-العدد: 4709 - 2015 / 2 / 3 - 12:40
المحور:
الادارة و الاقتصاد
من قصص الموازنة العامة .. القصيرة جداً
- وفقا لـ رويترز ، فان صادرات النفط من حقول النفط الجنوبية كانت دون معدلاتها في الأشهر السابقة ، وانخفضت الى 2.389 مليون برميل يومياً في شهر يناير / كانون ثاني2015 . - ان معدل التصدير ( البيع اليومي ) الذي اعتمد لتقدير ايرادات الدولة من العائدات النفطية هو 3.3 مليون برميل يومياً . - واذا تكرّر حدوث ذلك ( لأي سبب من الأسباب ) ، ولم تتمكن حقول نفط الجنوب من تصدير ( أو بيع ) 2.7 مليون برميل يوميا ً ، ولم تتمكن حقول نفط الشمال ( كركوك وكردستان ) من تصدير 600 الف برميل يومياَ ( كمعدل ) ، فاننا سنواجه المزيد من عجز الموازنة العامة للدولة ، المقدّر في الموازنة بـ 26 ترليون دينار . - ولأن صادراتنا من حقول نفط الجنوب تتأثر بعوامل التسويق عبر البحر ( وهي عوامل لايمكن التنبؤ بها بسبب سوء الأحوال الجوية ، واحياناً بسبب سوء الأحوال السياسية في منطقة الخليج ) ، فان حجم الصادرات النفطية المطلوب للأيفاء بمتطلبات الموازنة ينبغي ان يكون محكوما باتفاق قوي ، وقابل للأستدامة ، مع حكومة اقليم كردستان ، بحيث تعوّض حقول نفط الشمال ، عن اي عجز في صادرات نفط الجنوب . واستنادا لأرقام كانون الثاني 2015 ، فان السيناريو المطلوب للأيفاء بتقديرات الموازنة للصادرات النفطية ، سيتحقق ، فقط ، اذا قامت حقول نفط الشمال بتصدير 1.089 برميل يومياً ، ( وهذا امر غير ممكن عملياً ) ، أو قيام حقول نفط الجنوب بتعويض النقص من خلال رفع معدلات التصدير في الأشهر اللاحقة ، وإلاّ واجهنا المزيد من عجز الموازنة . - ان توقعات صندوق النقد الدولي لمعدل سعر النفط في عام 2015 هي 57 دولار للبرميل . قد ترتفع إلى 65-67 دولار للبرميل في عام 2016 . وقد تواصل ارتفاعها لتصل إلى 72 دولار للبرميل في عام 2019 . - ولأننا نبيع نفطنا بسعر يقل عن سعر خام برنت بما يتراوح بين 5-7 دولار للبرميل ( حسب نوعية النفط المنتج ) ، بينما تم اعداد تقديراتنا لعائدات الموازنة على اساس معدل سعر تصدير قدره 56 دولار للبرميل ، فأننا قد نواجه المزيد من عجز الموازنة . - اذا لم يشكل هذا الأنخفاض في اسعار النفط " فرصةً " لا تعوّض امام الحكومة لتغيير قواعد اللعبة في الأقتصاد ، فانها ستواجه المزيد من المشاكل المستعصيّة ، والمعقدة . وستكون الأزمة الأقتصادية أقلّها ضرراً ، وأدناها كلفة . - ان تقديرات صندوق النقد الدولي لأسعار النفط العالمية قد تمت استنادا لدراسة سوق " المستقبليات " ، أو معدلات سعر العقود الآجلة في سوق النفط العالمية للسنوات القادمة . واستنادا لهذه التقديرات ( واتمنى ان لا تكون افضل من تقديراتنا بكثير ) ، فان الموازنات العامة للسنوات 2016- 2019 يجب ان تصمّم في اطار استراتيجية مالية يتراوح امدها بين 3-5 سنوات ، وان يتم الشروع باعداد هذه الأستراتيجية منذ الآن ، مدعومةً بالتزام سياسي قوي ، وواضح ، ومؤطَر قانونياً ، وملزم لجميع القوى الفاعلة في البلد . ويمكن من خلال هذه الأستراتيجية المالية ، تحقيق الأهداف المهمة التالية : - ضمان حد معقول ، و مقبول ، من الأستقرار والنمو الأقتصادي ، وبأقل كلفة اجتماعية ممكنة . - منح القطاع الخاص القدرة على التنبؤ ، والمزيد من التيقن ، حول امكانات السوق الوطنية ، وقدرتها على دعم انشطته المستقبلية ( على الأقل لبضعة سنوات قادمة ) . ان فرص وعوائد الأستثمار لهذا القطاع ستبقى معلّقة على قدرة الحكومة على الألتزام بتعهداتها بدعم القطاع الخاص ، ليس من خلال لغة الخطاب السياسي الدارجة ، ولا من خلال قوانين وخطط وسياسات غير قابلة للتنفيذ ، وانما من خلال تعزيز الثقة بقدرة الحكومة على الألتزام والأيفاء بتعهداتها ، من خلال الموازنات العامة المتعاقبة ، بحيث لاتخرج هذه الموازنات عن " دالة الهدف " الأساسية المقررة لها ، ولا تنطوي على مفاجآت تقوّض الثقة بالسياسات ، وترفع من درجة المخاطرة الناجمة عن التخبّط في ادارة الدولة للأقتصاد ، و لاتجعل من برامج الأنفاق العام رهينة دائمة لمتغيرات العسر والوفرة في العائدات النفطية . - منح الأولوية في الأنفاق الحكومي لمشاريع البنى التحتية الرئيسة . فوجود بنى تحتية ملائمة وكافية وحديثة ، سيقلّل من كلفة الأستثمار الخاص ، وسيمنح المستثمرين ( بما في ذلك الأجانب منهم ) حوافز اساسية للعمل في العراق ، وبما يقلل من اعباء الحكومة في مجالات الأنتاج والأستخدام ، ويرفع من وتيرة الطلب والأنفاق الخاص ، ويعزّز فرص النمو والتنمية والأستقرار الأقتصادي . - تساعد الموازنات العامة المعدّة في اطار استراتيجية مالية متوسطة الأجل ، والمدعومة بخطط ورؤى استراتيجية طويلة الأجل ،على ضبط الأنفاق العام ضمن حدود الطاقة الأستيعابية للأقتصاد ، وبما لا يشكّل " مزاحمة " ضارّة للقطاع الخاص في السوق الوطنية . - لا قيمة ، ولا معنى ، ولا مردود لـ " الأصلاح الأقتصادي " والقانوني و " المؤسّسي " في بيئة غير صالحة ( وغير جاهزة ) لتطبيق هذه الأصلاحات على ارض الواقع . إنّ خلق هذه البيئة هو التحدي الرئيس الذي يتوجب على الدولة مواجهته دون ابطاء ، والتعامل مع غياب مقومات " الحكم الجيد " باعتبارها السبب الرئيس لكل اشكال الخراب والفوضى وهدر الموارد ، التي يعيش العراقيون فصولها البائسة الآن . - ان هذا كلّه يتطلب تحقيق تقدم حاسم وسريع , في الملف العسكري والأمني ، لكي لا يستنزف قطاع الأمن والدفاع الأيرادات العامة لمدى زمني مفتوح ، وغير محدّد بسقوف مدروسة بعناية للتمويل ، واعادة الهيكلة . ان كل يوم اضافي في حربنا ضد الأرهاب يكبّدنا خسائر اقتصادية باهظة ، تتزايد بـ "متوالية هندسية " يوما بعد آخر . هذا اضافة لخسائرنا التي لا تعوّض ، ولا تقدّر بثمن ، في جوانب أخرى .
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
Imad_A.salim#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إشكالية المدخلات والمخرجات والرؤى في الموازنة العامة للدولة
...
-
هموم عراقية - 3 -
-
في زمانٍ آخر .. بتوقيت غرينتش
-
الليل وقتٌ مُحايِد .. في الشتاء اللئيم
-
من - ألغاز - الموازنة العامة للدولة - الأتّحاديّة - لعام 201
...
-
امورٌ عاديّة .. في البلد العجيب
-
للبيتِ صوتٌ .. يُنادي الجنود
-
اقتصاد .. اقتصاد .. اقتصاد
-
دروع .. دروع .. دروع
-
طلقات .. طلقات .. طلقات
-
جمهوريات تكسير الأشياء الجميلة
-
الشباب في العراق : إشكالية الدور في المرحلة الأنتقالية
-
الغباء النسبي .. والغباء المطلق
-
ليس هذا زمن الرومانس . أخرجوا .. وانظروا السَخامَ في الشوارع
-
من التاريخ الأقتصادي والسياسي .. للعراق - المنكوب -
-
مدرسة القمل
-
في التاريخ الأقتصادي المُقارن للعراق : الموازنة العامة للعرا
...
-
لماذا تُتْعِبُ نفسَك ؟
-
هذه المدينة الباهتة
-
في نهاية كلّ عام
المزيد.....
-
مصر.. الكشف عن خطط لمشروع ضخم لإنتاج الطاقة الهجينة
-
مصر.. الدولار يقترب من مستوى تاريخي و-النقد الدولي- يكشف أسب
...
-
روسيا والجزائر تتصدران قائمة مورّدي الغاز إلى الاتحاد الأورو
...
-
تركيا تخطط لبناء مصنع ضخم في مصر
-
زيادة جديدة.. سعر الذهب منتصف تعاملات اليوم الخميس
-
-الدوما- يقر ميزانية روسيا للعام 2025 .. تعرف على حجمها وتوج
...
-
إسرائيل تعلن عن زيادة غير مسبوقة في تصدير الغاز إلى مصر
-
عقارات بعشرات ملايين الدولارات يمتلكها نيمار لاعب الهلال الس
...
-
الذهب يواصل الصعود على وقع الحرب الروسية الأوكرانية.. والدول
...
-
نيويورك تايمز: ثمة شخص واحد يحتاجه ترامب في إدارته
المزيد.....
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|