أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - أموات غير أحياء














المزيد.....

أموات غير أحياء


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4708 - 2015 / 2 / 2 - 23:35
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أموات غير أحياء

في النص القرآني جاءت هذه العبارة من ضمن آية تصف البعض بالأموات الغير أحياء, الغريب في بلاغة النص أستخدام عبارتين في معنى واحد فيه إثبات ونفي وقد يظن البعض أن التكرار المعنوي هنا للتوكيد فقط وهو أسلوب من أساليب البلاغة العربية ليس إلا, الحقيقة أرى أن المسألة هنا ليس توكيد معنوي بقدر ما سطر النص حالتين ووصفين متناقضين بين تأكيد الموت الذي هو أنتفاء الحيوية الطبيعية عن الكائن الحي وفي الثانية نفي الحياة الأخرى عن صاحب الوصف{أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ }21النحل ,هنا النص يقول ميت في الحياة الأولى وغير حي في الحياة الثانية ليؤكد جملة من المعطيات التي تتعلق بالموت الوجدي بتغييب الوعي الإنساني ليس إلا وكذلك جعل النص من بعض الكائنات الحية التي غابت عن مدارك الوعي مجرد جمادات لا تقدم ولا تؤخر في وجودها, منها ما يلي :.
• الموت الحيوي ليس نقيضا للحياة بمعنى الوجود الحيوي وبالتالي لا أنتفاء للوجود مع مفهوم الموت ,أي أن الموت بحد ذاته لا يلغي الوجود ولا يعني الفناء الحياتي ,فكم من ميت بالحياة وهو موجود حسيا وحضوريا دون أن يعط أو يتفاعل أو يؤشر وجوده حالة إيجابية محددة .
• ليست الحياة في مقصد النص هي مجرد حالة يمكن التسليم بها لمجرد أنها مقروة بل أن الحياة تعني الحالة الإيجابية التي تتوافق بين ضرورة الوجود وحقيقة الوعي به ,ومن هنا تكون علية الوجود ليس كما يظن البعض بناء على نص أنها العبادة لأن العبادة الحقيقية تشترط الوعي بها والوعي بها يشترط الوعي بالغائية من الوجود ,وحينما تكون هدفية الإصلاح والأعمار والتعارف الغاية التي ربط الله بها بين الإنسان والوجود يكون للحياة نفس المعنى وهو أن تكون طريقا يبسط به الإنسان هذه الأهداف الثلاث .
• الحياة في مقصد النص لا يمكن تأشيرها على أنها نقيض الموت إلا عندما يكون الكائن الحي مستفيدا من الحيوية بالتفاعل يعط للوجود ويأخذ منه ,الحياة إذن عملية تبادل بين الكائن الوجودي الحي وبين الماحولية الوجودية ,وهذا الشرط مهم وأساسي لابد أن يتم بالشكل الذي وصفه أصلا في ما قبل التكوين والتكييف .
• الحياة التي فيها حضور وجودي تمتد لما بعد التحول إلى عالم الكينونة الثانية ولا ينقطع بالأنتقال ,فليس كل من مات أو هلك حسب تعبير النص القرآني سيكون بلا حياة لأنه مجرد ما يطلق عليه الموت يكون بالضرورة غائب عن الحيوية الوجودية , العمل الإيجابي وحتى بعض الأعمال السلبية التي تعكس ضرورة العمل الصالح على الوجود تبقى حاضرة ولا تغيب لتذكر الباقين في الوجود أن الحياة تتواصل حتى بالعمل الذي لا ينتفي ولا يموت أيضا .
• الحياة مسيرة تبدأ من الكينونة ولا تنتهي أبدا ولكن تتحول وتتقلب في العوالم الوجودية حتى تستقر بشكلها النهائي في عالم المطلق الغائي عالم الذي تنتهي كل الموجودات فيه , أما الأموات الغير أحياء فهم حتى في عالمنا عالم الكينونة لا أثر لهم وبالتالي لا يظن أحد أنهم سيكون لحضورهم في العوالم القادمة أثر وبالتالي فموتهم كان نهاية رحلتهم القصيرة لأنهم لم ينجحوا في إدراك ماهية الفرصة ولم يستغلوا فيها ما منح لهم فهم وبعض الأحجار الصماء البكماء سواء .
من هنا الوصف الذي جاء به النص على عكس ما سار عليه المفسرون القدماء والمحدثين أنه كان مخصوصا بوصف الأصنام بأعتبارها عند البعض ألهه كما يقول مثلا(والخطاب هنا موجه للمشركين الذين يدعون الأصنام التي نحتوها من الجمادات وعبدوها من دون الله تعالى ، ومعنى : أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ يعني أن هذه الأصنام جمادات ميتة لا حياة بها أصلا. وزيادة : غَيْرُ أَحْيَاءٍ . تأكيد لموتها ولبيان أنها ليست كبعض الأجساد التي تموت بعد ثبوت الحياة لها ، بل لا حياة لها أصلا فكيف يعبدونها وهم أفضل منها لأنهم أحياء ؟! ) .
هذا عند المعاصرين الذين لم يغادروا أصل الفهم الذي كان عليه الأولون مثلا ما جاء في تفسير الطبري (يقول تعالى ذكره لهؤلاء المشركين من قريش : والذين تدعون من دون الله أيها الناس ( أموات غير أحياء ) وجعلها جل ثناؤه أمواتا غير أحياء ، إذ كانت لا أرواح فيها ,كما حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله ( أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون ) وهي هذه الأوثان التي تعبد من دون الله أموات لا أرواح فيها ، ولا تملك لأهلها ضرا ولا نفعا ، وفي رفع الأموات وجهان : أحدهما أن يكون خبرا للذين ، والآخر على الاستئناف وقوله : ( وما يشعرون ) يقول : وما تدري أصنامكم التي تدعون من دون الله متى تبعث ، وقيل : إنما عنى بذلك الكفار ، أنهم لا يدرون متى يبعثون .
من سياق فهمنا للآية أن الله يخاطب بشر يعقلون ووجه هذا التصنيف للبعض الذي لا يشعرون والشهور الحسي من مستلزمات الوجود الحي ,فكيف لهم جعلوا هذا المعنى ينصرف كما يزعمون للأصنام وكأنما الله لا يعلم أن الناس تعرف أن الأصنام بلا حياة , ولو كان كذلك فكيف يصف من لا حياة أصلا لديه بأنهم أموات ولأن فبول وصف الموت يجب أن يسبقه حكما وجود حياة ما , هنا من يفسر النص هكذا هو المشمول الحقيقي بما في قصدية النص لأنهم لا حياة لهم ولا موت .
الله تعالى يؤشر لحقيقة حاول الكثير ممن تولى التفسير والتأويل تجاهلها عن عمد وهي فكرة أن الحياة تعني الوعي والوعي طريق للفعل الإيجابي الإصلاحي ,فليس لمن لا خطط إصلاحية لديه ولم ينخرط بهذه الوظيفة الوجودية ولم يشارك بأي مدخل أو معطى أو مقدمة لا يمكن أن نصفه بأكثر من ميت لا ترجى له حياة ولا يرجى له وجود حيوي مساهم في سيرورة الوجود وصناعة حركة الزمن والمجتمع .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضرورة الكتابة
- ثورة المؤمنين ح2
- ثورة المؤمنين ح1
- عوالم الوجود ونظرية الأنماط الخمسة
- عوالم الوجود ونظرية الأنماط الخمسة ح2
- متى نسترد الله ح1
- متى نسترد الله ح2
- الإنسان المجهول ح2
- الإنسان المجهول ح1
- أنسنة الدين أم أنسنة الأخلاق ح2
- طيران بلا أجنحة _ قصة قصيرة
- الوفاق الاسلامي في ضيافة................. الاديب الدكتور عبا ...
- أنعام في عراضة ترحل للسماء
- المطلوب ....قرار وطني عراقي
- أنسنة الدين أم أنسنة الأخلاق
- اللحظة الحاسمة
- التسنن العربي والتشيع الصفوي .... فكر الإنحراف العنصري
- سيد الماء .... والمجهول _ قصة قصيرة
- وصايا الأب لأبن
- شخصية الرسول الكريم والجدل في التاريخية ح3


المزيد.....




- مقتل 42 شخصا في أحد أعنف الاعتداءات الطائفية في باكستان
- ماما جابت بيبي..استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي وتابعو ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح ...
- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - أموات غير أحياء