رائد الحواري
الحوار المتمدن-العدد: 4708 - 2015 / 2 / 2 - 21:18
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قتل الإبداع الفلسطيني
إلى ما قبل العقد التاسع من القرن الماضي كان الفلسطيني مشهود له في حجم وكمية الإنتاج، فهو يقوم بعملة بشكل كامل وزيادة، كما كان أيضا يمتاز بالإتقان، وهو ليس بحاجة إلى رقيب فوق رأسه، هذا الواقع عاشه الفلسطيني في دول الخليج العربي تحديدا.
لكن بعد حرب الخليج الأولى والهجرة القيصرية، الرجوع المنقوص إلى فلسطين، تحول الفلسطيني من الأعلى إلى الأسفل، فكانت المكاتب التي أسست الطبقة البيروقراطية قد انتقلت عدواها إلى الشعب، فكان هناك تكالب على الوظائف، حتى ان نسبة هؤلاء تفوق كافة الفئات العاملة في كافة القطاعات الأخرى.
فعندما يكون عدد الموظفين في الضفة وغزة يتجاوز 200 ألف موظف نعرف حجم الضغط الواقع في المكاتب، فعلى سبيل المثال دائرة تابعة لوزارة الداخلية في إحدى البلدات كان يقوم موظف واحد بكافة الخدمات فيها، لكن بقدرة قادر أصبح عدد الموظفين فيها سبعة، فماذا يفعلون؟، الجواب لا شيء، هناك من يحضر إلى مكتبه بعد الساعة التاسعة صباحا ويغادر بعد صلاة الظهر، وإذا ذهب أيا كان إلى أي مكتب لأي وزارة سيجد تكدس الموظفين على مكاتبهم، فهم لا يفعلون شيئا سوى لعب الورق على ألنت.
كما نجد هناك عائلات متنفذة، كافة أفرادها يعملون في السلطة وكأنها شركة خاصة لهم، يحظر على غيرهم العمل فيها، وهذا ما جعل هناك نظام طبقي حقيقي في فلسطين، إن اتفقنا مع ما قاله ماركس أم اختلفنا، هناك طبقة جديدة في فلسطين يتم تشكيلها، وهي تعمل لتحقيق مصالحها فقط.
من هنا يجب على الفئات الأخرى أن تبحث عن مخرج للمأزق الذي يوضع فيه الشعب الفلسطيني، لان القاعدة تقول من السهل التكيف مع الحالة الاقتصادية المتقدمة، ومن الصعب جدا التكيف مع حالة التراجع الاقتصادي.
من هنا نطرح التساؤل التالي، لو حصلت فلسطين على حريتها كاملة، وحجبت عنها المعونات الاقتصادية فمن أين لها ان تقدم كل هذه الرواتب لموظفيها؟
من خلال هذا الكم من التوظيف، والذي ما زال مستمرا، ماذا سيكون حال فلسطين بعد عشر سنوات؟
اعتقد بان ما يجري مخطط له، وكأن هناك جهة تعمل على تقديم الطعم ـ الوظيفة ـ لنا لكي نبقى أسرى لتلك الجهة، فكلنا يعلم بان الوظيفة تحمل العديد من العوامل السلبية التي تقتل حالة الإبداع عند الإنسان، خاصة في المجتمعات العربية المتخلفة، والتي تهتم بالشكل والقوانين المتحجرة، أكثر مما تهتم بالإبداع والتطور.
رائد الحواري
#رائد_الحواري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟