|
التنمية المتفائمة بالمغرب
محمد البكوري
الحوار المتمدن-العدد: 4707 - 2015 / 2 / 1 - 04:35
المحور:
الادارة و الاقتصاد
بجمل متسمة بالنبرة التفاؤلية:"المغرب سيكون في الموعد فيما يخص بلوغ اهداف الالفية للتنمية"،"الرهان الان هو التفكير في مابعد2015 " .وبجمل اخرى ،ذات رؤية تشاؤمية :"وجود تفاوتات على مستوى التوزيع المجالي للانجازات"،"بعض الجهات تثقل كاهل المغرب وتجذبه نحو الاسفل". بكل هذه المنطلقات و الرهانات التفاؤمية-زف البشرى من جهة ودق ناقوس الخطرمن جهة اخرى- حاول المندوب السامي للتخطيط يوم الاربعاء28يناير2015 في معرض تقديمه للتقرير الوطني الخامس لاهداف الالفية من اجل التنمية طمانة كل مكونات و عناص الحكامة بالمغرب من دولة ومجتمع مدني ووسائل الاعلام وقطاع خاص ومواطن ،بان قطار التنمية ببلادنا ذو المقصورات الثمان:"القضاء على الفقر المدقع والجوع ،تحقيق تعميم التعليم الابتدائي ،تعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المراة ،تقليص وفيات الاطفال ،تحسين الصحة الانجابية، مكافحة الايدز و الملاريا و الامراض الاخرى، كفالة الاستدامة البيئية، اقامة شراكة عالمية من اجل التنمية"،عازم على مواصلة مساره في السكة الصحيحة ،حتى الوصول الى محطة 2015، كمحطة وقوف و تامل واستشراف للمحطة المقبلة ،محطة مابعد 2015.وهو القطار نفسه ،الذي من الممكن ان تعترض سكته بعض الحواجز والعقبات ، مما يحتم عليه اللجوء الى توقفات اضطرارية من اجل القيام بالاصلاحات الضرورية ومواصلة السير بكل امن و امان - في هذا الصدد، اكد ملك المغرب في خطابه بمناسبة قمة اهداف الالفية للتنمية لسنة2010على ضرورة القيام ب"وقفة موضوعية لتقييم ماتحقق من تقدم و تحديد العوائق التي يتعين تجاوزها و التوجه لوضع الاستراتيجيات اللازمة للمضي قدما في تحقيق الاهداف الانمائية للالفية في افق 2015 ". كما الح في نفس الخطاب وبرؤية استراتيجية على واجب " الانخراط من الان ،في تفكير استشرافي وعمل استباقي لما بعد2015لتحقيق استمرارية مبادراتنا، والتاهيل لرفع التحديات الجديدة .سبيلنا الى ذلك العمل الجماعي الهادف لتوطيد نموذج تنموي بشري ومستدام وتضامني ومتناسق . وذلك في نطاق حكامة عالمية منصفة و ناجعة و توفير العيش الكريم للاجيال الصاعدة وبناء مستقبل مشترك يسوده الامن و الاستقرار و التقدم و الازدهار". هكذا سعى المغرب ،ومنذ بداية الالفية الثالثة الى القيام بجملة من المبادرات المنخرطة في السياقات المتنوعة لاهداف الالفية من قبيل: المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ،وما حملته في طياتها من مشاريع و برامج محاربة الفقر و الهشاشة والاقصاء الاجتماعي ، المخطط الاستعجالي وما ارتبط به من برامج تعميم التعليم الابتدائي ومحاربة الهدر المدرسي، كبرنامج تيسير،برنامج مليون محفظة ،مخططات تنمية الطاقات البديلة والمتجددة : الشمسية، الريحية.. .الميثاق الوطني للبيئة و التنمية المستدامة ،وضع استراتيجيات صحية مثل نظام المساعدة الطبية راميد ،امومة بلا مخاطر برنامج رعاية .. ان الصورة الميتافوريكية السابقة- قطار التنمية - يمكن ان نمتح عناصرها من واقع و رهانات التنمية بالمغرب ،الذي حرص ومنذ البدايات التنموية الاولى ،على الانخراط الايجابي و الفعال في مسارات اعلان الالفية لسبتمبر ،2000كلحظة اممية للتوافقات الجماعية من اجل بلوغ مرامي و غايات التنمية البشرية المستدامة، المنذمجة ،الالتقائية المتضامنة و المنسجمة عالميا والتعامل مع التنمية المستدامة كحق من الحقوق الاساسية ،وهوماسعى المغرب الى تكريسه عبر دسترة الحق في التنمية المستدامة في دستوره الحالي ، حيث ينص الفصل 31منه في فقرتيه الاولى و الاخيرة ،على مايلي:" تعمل الدولة و المؤسسات العمومية و الجماعات الترابية على تعبئة كل الوسائل المتاحة ،لتيسير اسباب استفادة المواطنات و المواطنين، على قدم المساواة من الحق في.. ..التنمية المستدامة .. ".وعموما،وكما يعري على ذلك تقرير المندوبية السامية للتخطيط ،رغم ان سكة قطار التنمية ، تبدو احيانا سالكة ومحصنة بالمؤشرات الايجابية: الحفاظ على نسبة نمو "مقبول"،تحسن استهلاك الاسر وقدرتها الشرائية ،ضبط التوازنات الماكرواقتصادية ،التقليص من نسب مستوى الفقر.. فهي احيانا اخرى تتصف بكونها مازالت محفوفة ببؤر توتر حقيقية وبمخاطر المؤشرات السلبية:غياب الاستفادة المتكافئة من الخيرات بشريا و مجاليا ،بطالة الشباب ، اتساع دائرة الشيخوخة وقلة وسائل رعايتها الطبية و اساليب حمايتها الاجتماعية .. وبذلك ينبغي على بلادنا ، وحتى تتمكن من اخراج نفسها من عنق زجاجة التنمية المتفائمة و التحليق عاليا في فضاء حكامة تنموية رائدة ، و بالتالي ضمان اليات التحول من نمط تنمية "متثائبة " الى نمط تنمية صاعدة ،ان تعمل على مايلي : +اولا : تحسين نظام الحكامة والسير الحثيث به نحو مدارج بناء المغرب المامول . وذلك عبر الحرص الاكيد على مواصلة درب تجديد الحكامة العمومية، باعتباره يشكل المدخل العلمي و العملي للتجديد السياسي و الشرط الذي لا محيد عنه لادماج المغرب في صيرورة التنمية البشرية الرفيعة و المستديمة + ثانيا :تمتين اسس الرؤية الاستراتيجية للسياسات العمومية المتخذة وضمان دعائم استشرافيتها وفق منظور استباقي، تفاعلي ،تشاركي و تشاوري ، يوطد ركائز الاستقرار سياسيا ،اقتصاديا و اجتماعيا ،ويعكس التوجهات الاستراتيجية الكبرى المكرسة لاواليات التدبير المرتكز على تحقيق النتائج .ان التفكير الاستشرافي لما بعد 2015 -وبعد القيام بنظرة استرجاعية للتجربة التنموية المتراكمة و الاستفادة من الدروس المستخلصة من تجارب البلدان الاخرى -عليه ان ان ينصب ،كما ترى ذلك مندوبية التخطيط نفسها ،على القطاعات الاكثر الحيوية ،كالتعليم باعتباره اولوية وطنية وكذا ان يشمل الفئات الاكثر تهميشا -الشباب النساء -و الاكثر هشاشة -الاطفال و الشيوخ - +ثالثا: العزم الثابت و الاكيد على الدفاع عن المكتسبات التراكمية و تحصين المنجزات المحققة خلال السنوات السابقة والقيام بالقراءات التشخيصية و التقييمية لوضع خارطة طريق مستقبلية و اضحة المعالم ووطيدة البنيان +رابعا: جعل الجهوية المتقدمة السبيل الانجع لارساء صرح نموذج ترابي /تنموي صاعد كفيل بتوفير الارضيات الصلبة لنشاة نمط حكامة ترابية تتسم بالتدبير العقلاني الحديث المتجدد المتوازن للمعطى المجالي والترابي وتساهم بالضرورة في تثمين امكانه الطبيعي و البشري ،بالشكل الذي سيرسخ اسس حكامة تنموية رائدة .ان من شان ما سلف ذكره ،ان يبلورببلادنا انماط متعددة من الانتقاليات الكبرى :من حكامة سيئة الى حكامة جيدة ومن تنمية" معطوبة "الى تنمية "مطلوبة " ...وبالتالي المساهمة و بقوة في انهاء حالات " التنمية المتفائمة"وخلق وضعيات "للتنمية المتفائلة."
#محمد_البكوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فتاة -سيدي الحاضي- و الفيلسوف- الغير الراضي-
-
الفهم الفيبري للاسلام -4الاسلام و العلمانية -
-
الو...83مكالمة للحاسة السادسة
-
باب الوراء
-
رجال تحت البحر
-
جسد.. سابع
-
الاسم بين الماكرو استيطيقي و الميكرو استيطيقي
-
سيدي الذئب
-
جمعيات القروض الصغرى بالمغرب - او ازمة -ابناك الفقراء- -
-
-عين الله - !
-
الحكامة -الانتقالية -بالمغرب
-
الفهم الفيبري للاسلام -3القديس و الشيخ-
-
قميص الملثمين او شغب المسافة
-
دروب
-
مغرب الحكامة -الانتقالية -والسلطة الخامسة -الصاعدة-
-
باريس قلبي
-
الفهم الفيبري للاسلام 2- الاسلام و القانون-
-
ملحمة الصمت
-
استراتيجية مواجهة اثار موجة البرد بالمغرب - في افق ترسيخ -حك
...
-
اوهام السر
المزيد.....
-
مركز قطر للمال سجل أعلى نمو بعدد الشركات في 2024
-
كندا والمكسيك على موعد مع تعريفات ترامب غدا
-
سعر الغاز في أوروبا يتجاوز الـ 570 دولارا لكل ألف متر مكعب ل
...
-
تعزيز التعاون الاقتصادي بين سوريا وتركيا: من المستفيد؟
-
مسؤول في وزارة الخزانة الأمريكية يترك منصبه بعد خلاف مع حلفا
...
-
الأردن.. الحكومة ترفع أسعار المحروقات
-
مصر تعلن عن فرص عمل لمواطنيها في الإمارات
-
هل ينجح ترامب بتحويل ولايته إلى -عصر ذهبي-؟
-
إن أم دي سي إنيريجي تسدل الستار على 2024 بنتائج -غير مسبوقة-
...
-
كيف تحولت فاكهة -الرائحة الكريهة- إلى كنز اقتصادي لدول آسيا؟
...
المزيد.....
-
دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر
/ إلهامي الميرغني
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ د. جاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|