أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عصام البغدادي - مائة عام من رحلة البحث عن الديمقراطية في العراق!















المزيد.....



مائة عام من رحلة البحث عن الديمقراطية في العراق!


عصام البغدادي

الحوار المتمدن-العدد: 347 - 2002 / 12 / 24 - 06:42
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


 

 

 بمناسبة انتهاء اعمال مؤتمر لندن الذى عقدته المعارضة العراقية في لندن من طرف وبمناسبة استقالة هنري كيسنجر من رئاسة اللجنة التى شكلها بوش لدراسة موضوع 11 سبتمبر 2001 وبعد مدة قصيرة جدا من تشكيلها مما يثير عدة اسئلة عن الاسباب الحقيقية التى  لن  نعرف الاجابة عليها الا بعد مدة قادمة قد تطول  وليس هو الموضوع الاساس في هذه المقالة انما يبدو ان الولايات المتحدة ماضية بخطى ثابتة ومبرمجة زمنيا في هدفها االاساسى للهجوم على العراق بعد ان ربطت الادارة الاميركية بين موضوع الارهاب العالمي وبين القضية العراقية حتى في ظل اوهى الذرائع.
فدولة مثل الولايات المتحدة  لا تحتاج الى عديد اسباب مقنعة حينما تنوي وتخطط للهجوم او للاعتداء وهى المالكة  لكل ادوات العدوان والارهاب السياسي اضافة الى ماكنة اعلامية ضخمة ابتداءا  من المحطات الفضائية وانتهاء بالاقلام المأجورة  المسخرة لغاياتها في عالم تملك  فيه الهيمنة المعلوماتية والتجسس التقنى المتطور . وليس كبير اختلاف بين الطاغية الفرد حينما يمتلك هذه الادوات في قمع الاخرين وبين الدول حينما تمتلكها سيما كدولة مثل الولايات المتحدة قامت منذ 200 عاما فقط على ايدى رجال مارسوا القتل في سبيل الارض والثروة  وأمنوا به مبدا وعقيدة للحصول على المال وهاهي الان تملك كل الادوات المساعدة في التفرد والسيطرة على مقدرات الدول  الضعيفة  .
  ادعوكم لقراءة موضوع  "الكراهية وتعريف التحدى". الموجود نصه في نهاية هذا المقال والذي نشرقبل حوالى شهرين بقلم هنري كيسنجر وزير الخارجية الاميركية الاسبق   ومستشار الامن القومي خلال حقبة السبعينات  والعزيز هنرى  كما اسماه السادات معروفا لدى الفرد العربي كعراب للحلول الاستسلامية في عقد السبعينات  وصاحب مبدا "Step By Step”  المشهور وصاحب  نظرية اباحة استخدام الاسلحة الذرية التكتكية في العدوان على الشعوب ضمن اجابته على التساؤل  الذى طرحه انذاك  "ماجدوى الرد النووى الشامل اذا تقدمت دبابة سوفياتية واحتلت حيزا من الارض في اوروبا ؟".
وهو صاحب نظرية وجوب البحث عن مصادر الطاقة البديلة بعد ان ارعبه تحكم العرب الجزئى والمحدود  في موضوع تصدير النفط بعد حرب اكتوبر 1973 وهو من اشد الكارهين لمنظمة "اوبك" ومن اوائل العاملين على تحطيمها وتعطيل دورها في توحيد كلمة وسياسة الدول المصدرة للنفط  وهو اول من حث على ضرورة تامين انسياب النفط الى الولايات المتحدة  خصوصا والعالم الغربى عموما بارخص الاسعار حتى في ظل اعنف واشد الازمات السياسية والعسكرية.
وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر هو الذى استصحب معه 200 رجل من مساعديه من العارفين بالشأن المصرى خلال زياراته المكوكية بين  مصر واسرائيل  وهو الذي طلب منهم ان يكتب كل واحد تقريره  بسطر واحد فقط فيما يتعلق بموضوع اختصاصه ليتمكن بالتالى من قراءة تقرير مكون من 10 صفحات فقط عن مصر قبل ان تحط الطائرة بهم على الاراضى المصرية ليحتضنه السادات ويتناول العشاء معه تحت الاضواء متمتعين بهز بطن الراقصة سهير زكي.
 فهل يستطيع انسان ان يختزل تاريخ شعب امتد الالاف السنوات بتقرير مقنن من 10 صفحات ؟ نعم . ان اشد اسوء نقطة في عقول واضعى السياسة الاميركية هو اغفالهم المتعمد وعدم قراءتهم الصحيحة لتاريخ الشعوب وذلك ليس مستغربا من دولة امضت نصف تاريخها  في حروب داخلية وقتل جماعي بطريقة رعاة البقر المشهورة "Add Them To Bill “  حيث الغلبة لمن يطلق النار بسرعة ويردي خصمه قبل ان يتلقى رصاصة الغدر من رجال يمارسون الغدر في كل لحظة من لحظات سلوكهم  وهي الفلسفة التى ترسخت في عقل صدام حسين بمباغتة رفاقه او خصومه على حد سواء عندما يخطط للتخلص منهم  بما يقابل بالعراقى "اتغدى بيه قبل ما يتعشى بيك"  ولهذا فالتوجس من الاخرين والشك  بهم سكن فيه وذلك سلوك كل الغادرين .
في مقاله "الكراهية وعنوان التحدى" يكشف كيسنجر الاطروحات والاسس التى تشكل الفهم الامريكى للعالم الجديد الذى جرى التبشير به وفق المواصفات الامريكية  منذ سقوط الاتحاد السوفياتي  وكشف بوضوح ماهو هدف الامريكان بالضبط من حملتهم العسكرية القادمة على العراق والمتوقعة خلال الاشهر القادمة الاولى من العام الجديد 2003 تحت ذريعة التخلص من نظام صدام حسين وبناى نموذج ديمقراطي في العراق.
(يروج السيد كيسنجر لأطروحة بالغة الخطورة وهي ضرورة التخلي عن مفهوم السيادة " الذي ظل الأساس القانوني للنظام الدولي منذ معاهدة ويستفاليا عام 1648، وتمثلت مبادئها المنظمة في أن السياسة الخارجية هي قضية دول تعتبر متساوية قانونيا، وملزمة بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لبعضها البعض ". ويعلل ذلك بأن أحداث 11 سبتمبر2001 أدخلت العالم الى مرحلة جديدة " كشفت فيها المنظمات الخاصة، غير الحكومية، عن أنها قادرة على تهديد الأمن الوطني والدولي بهجمات سرية "، الأمر الذي يتطلب أعمالا وقائية ومباشرة. ويقدم كيسنجر بن لادن والقاعدة مثال نموذجيا على التناقض بين وجود هذه المجموعة وقائدها على ارض قومية ( أفغانستان) وبين نشاطها ببعده العالمي، في مناطق وبلدان متنوعة بما فيها حلفاء الولايات المتحدة، وما تركه من تأثير على مسار الأحداث. وفي هذا المجال يقول كيسنجر أن هذا التحدى يجب مكافحته على مناطق السيادة لدول اخرى (وهذا عينه المفهوم العسكري ان تكون المعركة على ارض العدو وليس على ارضك)  لانه يرى ان امريكا لم تعتبر نفسها دولة فقط انما كيان قومي عبرت بروحها تعبيرا شموليا لقضية  تماثل نشر وانتشار الديمقراطية باعتبارها الوسيلة الوحيدة للسلام " ذلك ان اميركا لم تعتبر نفسها قط، ببساطة، دولة واحدة بين الدول الاخرى. فقد جرى التعبير عن روحها القومية باعتبارها قضية شاملة تماثل انتشار الديمقراطية، باعتبارها السبيل الرئيسي للسلام "وهذا ماطرحه بوش في خطابه امام الجمعية العامة للامم المتحدة يوم 12 سبتمبر 2002 والذي كان مكرسا لحث الدول على قبول اي قرار سيصدر منها بالشان العراقي.)
(ولا يعيد  كيسنجر الظاهرة الإرهابية الى جذورها الحقيقية وأسبابها الجوهرية بل الى عوامل وأسباب جانبية. فهو يعتقد أن " ارهابيي الحادي عشر من سبتمبر، الذين يعملون على أساس عالمي، لا تدفعهم عوامل ظلم محددة او حتى التعبير باحساسهم بالظلم  بقدر ما تدفعهم كراهية عامة وشاملة اما للفكر الغربي او للقوة الاميركية  غافلا تاريخ السياسة الامريكية الخارجية ازاء العديد من القضايا العالمية ويتجنب الخوض في الحديث عن  بنية النظام العالمي السائد والياته القائمة على الهيمنة التي تنتج وتعمم الفقر من جهة والثروة من جهة أخرى، سواء محليا أو عالميا، علما بأن الكثيرين من هؤلاء الإرهابيين تمت صناعتهم في  مطابخ الأجهزة الخاصة في الولايات المتحدة تحديدا ضمن الصراع الذي كان دائرا بين المعسكرين، الاشتراكي والرأسمالى.)
(ولهذا يبيح كيسنجر الحق للدولة الاقوي وهي الولايات المتحدة بالتصدي والعمل الوقائى لمواجهة التحدى  ويستنتج " أن الدول التي تؤوي مقرات الإرهابيين أو مراكز تدريبهم لا يمكن أن تلوذ خلف المفاهيم التقليدية للسيادة لأن وحدة أراضيها انتهكت بطريقة وقائية من جانب الإرهابيين ". وهو يربط موضوعة الارهاب على الاقل في هذه المرحلة مع قضية العراق  "  تمتزج قضية العمل الوقائي العام ضد الإرهاب مع قضية العراق ". وهكذا إذن يضاف بعد جديد للحملة القادمة على العراق. فبعد أن كانت الاتهامات تكال للنظام الديكتاتوري في بغداد بكونه يطور أسلحة التدمير الشاملة ويمتلك خزينا هائلا منها غافلا الاشارة الى الحقيقة الكامنة ان الولايات المتحدة هي اول المساهمين في بناء تلك الترسانة  بل هو يريد االقول الفصل في  وجود علاقة بين الإرهاب على الصعيد العالمي والنظام الديكتاتوري. واذا كان المحللون الاستراتجيين يعتقدون  ان الحرب ضد الإرهاب ستكون طويلة وعالمية البعد، وعلى مراحل واذا كانت معظم التحاليل تشير الى أن الحلقة الثانية في " الحملة العالمية على الإرهاب " ستطول أحد بلدان " محور الشر " ( المحورالذي سماه بوش صراحة بدول ايران والعراق وكوريا الشمالية) وهو العراق كما اظهرت الدلائل والاحداث المتلاحقة  بالتحديد، ولكن انطلاق هذه الحملة مرهون بانتهاء المهمة في أفغانستان.(وهذا بالفعل ما حصل بعد سنة واحدة من انشغال امريكا بحملتها في افغانستان) وكيسنجر في مقاله هذا يقول معكوس ذلك، مؤكدا أن " العمل ضد العراق ليس عقبة أمام الحرب على الإرهاب وإنما هو شرط مسبق لهذه الحرب ". وبهذه الكلمات فإن كيسنجر، وهو أحد كبار المفكرين الاستراتيجيين الذين تأخذ الإدارة الأمريكية الحالية كلماته كمرشد لها، يحسم جدالا ليس أكاديميا بالطبع ولكن عملي ظل يدور حول توقيت موعد الحملة الثانية. إذا ربطنا هذا الكلام بما يدور من جهود حثيثة قامت  بها الإدارة الأمريكية خلال الفترة الحالية لبناء تحالفات محلية ودولية وإسكات " المعترضين " أمكننا أن نستنتج أن قرار المرحلة الثانية من " الحملة العالمية على الإرهاب " قد اتخذ فعلا وان سيناريو " بغداد أولا " الذي طرحه كيسنجر في مقالة سابقة قد اصبح جاهزا للتنفيذ الفعلي.)
( وللتمويه عن هذه الاستراتجية يدعو   كيسنجر الى التشاور مع حلفاء الولايات المتحدة.(وهذا ما قامت به الولايات المتحدة دبلوماسيا بقيادة كولن باول) ولكنه يحذر من جهة أخرى مؤكدا على " أن التشاور ليس حلا سحريا لكل المشاكل، بل أن البعض يعتبره وسيلة للمماطلة والتأجيل. وليس هناك وقت غير محدد لعملية التشاور هذه. أن التأخير لسنة أخرى يمكن أن يصل الى الإذعان للأمر الواقع بكل دلالاته ". الكلام هذا بالغ الوضوح ولا يحتاج الى تعليق. ويؤكد هذا الاستنتاج ما يطرحه كيسنجر مباشرة بعد هذا الكلام حين يكتب قائلا " وفي النهاية فإن الولايات المتحدة ستحتفظ بحق التصرف بمفردها "،( وهذا ماتتبناه فلسفة السياسة الخارجية الاميركية وما يؤكده بوش في كل مناسبة) رابطا في هذا المجال بين مدى جدية التوجه الأمريكي وتبدل مواقف حلفاء الولايات المتحدة، وخصوصا الأوربيين منهم الذي يفسر كيسنجر أن البعض من " تشدد " هؤلاء " مرتبط بقضايا السياسة الداخلية (حيث من)  الصعب الاعتقاد بأن حلفاءنا سينبذون نصف قرن من الشراكة الأطلسية ".)
(وبمقابل ذلك فإن كيسنجر وفي الوقت الذي يؤكد على أهمية التشاور حول أسلحة الدمار الشامل وفقا لقرارات الأمم المتحدة، فإنه يروج لفكرة رفض نظام التفتيش السابق الذي أثبت عجزه حسب كيسنجر. وهنا يحث هو الإدارة الأمريكية على " أن تقدم فكرتها حول نظام تفتيش محكم يدار بحدود زمنية صارمة ". ولا يكتفي كيسنجر بذلك بل يشدد على أن هذا النظام المقترح يجب أن يتضمن المبادئ التالية : " عمليات تفتيش عند الطلب، وإمكانية وصول غير محدودة الى أي موقع، ويجب عدم السماح بأي تدخل لمسؤولين عراقيين يحول بين المفتشين وهدفهم. ومن اجل منح هذا النظام القوة، لا بد من إقامة قوة عسكرية مقرة دوليا تتمتع بسلطة بديلة لإزالة أي عائق أمام الشفافية ".(وعلى هذه القواعد تمت صياغة القرار1441  حيث ان المقال نشر قبل شهرين من صدور القرار ).
(لا يرى كيسنجر أن تطبيق نظام صدام لهذه المبادئ سيجنبه حملة عسكرية أمريكية،".(وهذا ما تصرح به كونزاليس مستشارة بوش للامن القومى الاميركي في اكثر من مناسبة بل على العكس فإنه يعتقد " أن مثل هذه الاستراتيجية يمكن ان توفر لنا، أيضا، أن نحدد أهدافا سياسية قادرة على أن تكيف لتلائم وضعا ناشئا معينا).  أي أنه يقول وبفصيح العبارة أن هذه لم تعد استراتيجية بالمعنى العلمي لهذه الكلمة بل هي عبارة تكتيكات هدفها أما قبول النظام الديكتاتوري بها وما سيتبعه من استحقاقات قد تنتهي برفضه للنظام المقترح، أو برفض نطام صدام حسين  للفكرة من اصلها. وفي الحالتين سيتم تطبيق خيار الحرب (وهذا نص المعنى الذى حاول التعبير عنه  الشريف على بن الحسين راعى الحركة الدستورية الملكية في حديثه لشبكة انفوسويس بعبارة " ان نظام صدام سوف يسقط نفذ او لم ينفذ القرار 1441 عندما ساله محاوره عن ايضاح هذا الغموض في عبارته "نفذ او لم ينفذ"  )بكل كوارثه المرافقة واستحقاقاته المعروفة، بما فيها طبيعة البديل القادم وقواه الفعلية المكونة.)
  ( يقول كيسنجر " أن العراق ليس دولة قومية، فقد تأسس في نهاية الحرب العالمية الأولى كثقل موازن لإيران، وكعجلة موازنة للنزاعات الإقليمية ".اذن ماهو العراق القادم ؟ إذا ربطنا اطروحته هذه باطروحه كتبها في مقال سابق له أمكننا أن نستنتج أن العراق القادم بحسب وصفة السيد كيسنجر هو  فيدرالية على النمط الأمريكي، أو دولة طوائف على وجه الدقة وليس فدرالية، بالمعنى السياسي !!. وهذه الاطروحة الساذجة بان العراق ليس دولة قومية ذات تاريخ حضاري زاه فهو ليس غريبا على رجل يفكر بعقلية امريكية  مختلة المنظار الى تاريخ الشعوب .)
  ( وفي الوقت الذي  يتبنى العديد من المحللين وكتاب المقالات وجهة النظر القائلة بأن الحملة العسكرية الأمريكية ستتمخض عن نظام ديمقراطي يشكل نفيا للنظام الديكتاتوري القائم، نظام يضمن للجميع الحرية والسلام، فإن لكيسنجر وجهه نظر أخرى. هنا يكتب قائلا " وفي هذه العملية يجب أن نكون مستشعرين للتمييز بين أولئك الذي يستخدمون شعار الديمقراطية للوصول الى السلطة وليس تقاسمها، وتفكيك البنية القائمة من دون تحسينها، وأولئك الزعماء الذين يكرسون طاقاتهم حقا لإقامة نظام منفتح ". ولكن السيد كيسنجر لا يحدد لنا المعايير التي تميز بين هؤلاء وأولئك، وما هي طينة " أولئك الزعماء الذين يكرسون طاقاتهم حقا لإقامة نظام منفتح "، وما هي سمات النظام المتفتح هذا؟ وعلى عكس الاطروحات الحالمة بديمقراطية للجميع، فإن السيد كيسنجر يفهم القضية بشكل محدد : لا ديمقراطية مطلقة بل ديمقراطية لمن " يكرسون طاقاتهم حقا لإقامة نظام منفتح ". هذا مع العلم بأن هذا المجتمع المتفتح - بحسب طرح السيد كيسنجر وفلسفته  النظرية -  هو مجتمع ينبغي أن  يؤمن بخيار التطور الرأسمالي وبقوانين السوق، وبالتالي بالتفاوتات الطبقية والاجتماعية التي يعاد " توازنها " من خلال " يد السوق الخفية " كحل سحري لمشكلات الشعوب .)
( ثم يكشف كيسنجر عن حقيقة :إن إقامة نظام ديمقراطي ليس مهمة آنية  بل بعيدة المدى، بل ستترك الجهود لـ " المهمات العاجلة لإعادة البناء ". وفي هذا الصدد يكتب كيسنجر قائلا " أن هدف الحكم الديمقراطي هدف سام وضروري. غير أن تحقيقه اكثر تطلبا للدأب والوقت من بعض المهمات العاجلة لإعادة البناء ". وهنا نجد السوال الملح ماهى الاولوية المطلوبة في العراق اعادة بناء البنى التحتية والمعرفية واعادة اصلاح النسيج المعطوب في المجتمع العراقي ام الانشغال ببناء صرح ديمقراطي قد يكون اجوفا من داخله وهشا بحيث يمارس اللعبة بشكلها الساذج والمشروخ لحين تجد الولايات المتحدة  الرجال الذين يضمنون لها  الهيمنة الاميركية في  بناء النموذج الاميركي الجديد في العراق. ام ان على المجتمع العراقي الذي ظل طيلة 80 عاما الماضية( منذ 1918 ) يرزح تحت الأنظمة القمعية والديكتاتورية ان لا ينتظر حكما ديمقراطيا يتأسس على أنقاض النظام الديكتاتوري بل يجب عليه الانتظار فترة أخرى. ويضرب السيد كيسنجر مثالا محددا وهو تركيا " الديمقراطية الوحيدة القائمة في المنطقة " التي  جاءت إليها " الديمقراطية التعددية بعد 20 سنة من الاوتوقراطية الخيرية ".) هكذا يتعين علينا أن ننتظر 20 سنة أخرى لنتمتع بحقنا في الديمقراطية!! وبذلك يصبح العمر الحقيقي لرحلة البحث عن الديمقراطية في العراق مائة عام! العراق الذى اخترع شعبه الكتابة والرياضيات الحديثة وسن اعظم القوانين الانسانية في عصر حمورابى التى تحمى الضعيف  والارملة واليتيم  وحاول فلاسفته خلال خمسة الاف سنة تدوين وتوثيق كل معارف الدنيا واخترعوا مواد البناء العمرانية واول الناس الذين سكنوا البيوت وافتتحوا اول مدرسة للفلك والطب والشعر والذين بنوا بغداد التى بقيت 1200 عاما قبلة الانظار. هل يعقل ان العراقيين الذين اول من اخترعوا الساعة لمعرفة الزمن ان يظلوا الطريق في رحلة البحث عن الديمقراطية 100 عاما  لتاتى اخر الامر معلبة من الغرب  يحاول تجريعها لهم بطريقته الخاصة مستخدما حبل ومسدسات رعاة البقر؟؟
 هل ينبغى ان نهمس  لكل  أولئك الذين يبشرون في كل طروحاتهم  بأن الولايات المتحدة حريصة كل الحرص على جلب الديمقراطية للعراق، وليس لديهم الا المهم هو أن يسقط النظام الديكتاتوري غافلين ان الولايات المتحدة وهي تهم بذلك فهى الاقدر على لوي  اعناق كل اطراف المعارضة لاحقا  ولها القدرة انذاك على التحكم المطلق في كل البرامج السياسة في العراق  خلال الزمن الذى ترسمه الولايات المتحدة لايصال العراق الى الديمقراطية والتى ستكون حتما على الطريقة الامريكية  برفع صورتي الفيل والحمار فقط! 
 عسى ان يصحى الذين قبلوا  مشروع انشاء الديمقراطية  في العراق لمدى العشرين عاما القادمة من احلامهم او حتى منازعتهم حول النسب والحصص والكراسى  التى بامكان الولايات المتحدة اجلاسهم عليها او سحبها من تحت "مؤخراتهم" متى شاءت او متى تململ احدهم حتى لو قليلا فليس مسموحا لهم "التحدى" انذاك لئلا ينالوا "كراهية" الدولة او الادارة التى قدمت لهم   "الديمقراطية المعلبة" .
انها دعوة للفرح والرقص في شوارع بغداد لمدة 20 سنة القادمة  اذ سنذوق سندويجات  الديمقراطية الجديدة . مثلما كانت فرحة كبرى في حياة صدام حسين وهو يذوق  جبنة   "الكرافت" الاسترالية بسعر 60 فلسا للعلبة الوحدة الصغيرة  لاول مرة في حياته في بغداد في الستينات في حين كان الاطفال  يترامون بهذه العلب وهم يتاشجرون فيما بينهم  غير مبالين في تذوقها او حتى التاسف على فقدانها. ففى بيوتهم من الجبنة العراقية الاصيلة مايغنيهم عن تلك الجبنة المعلبة!.  

**************
الكراهية وتعريف التحدي
هنري كيسنجر


جسدت هجمات الحادي عشر من سبتمبر (ايلول) 2001 على اميركا، تحديا زلزاليا لمفهوم السيادة  الذي ظل الأساس القانوني للنظام الدولي منذ معاهدة ويستفاليا عام   1648،   وتمثلت مبادئها المنظمة في أن السياسة الخارجية هي قضية دول تعتبر متساوية قانونيا، وملزمة بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لبعضها البعض.
 وفي الحادي عشر من سبتمبر دخل العالم مرحلة جديدة كشفت فيها المنظمات الخاصة، غير الحكومية، عن انها قادرة على تهديد الامن الوطني والدولي بهجمات سرية.  ويعتبر الجدل الحالي  حول  الموقف الوقائي احد الدلائل على تأثير هذا التحول. وهذا، في  حقيقة الامر،  جدل بين المفهوم  التقليدي للسيادة،  والتكيف الذي تتطلبه التكنولوجيا الحديثة وطبيعة التهديد الارهابي. والعمل الوقائي، حسب رأيي، يتعذر فصله عن الحرب ضد الارهاب، غير ان الاهداف التي ينفذ من اجلها تتطلب تفكيرا دقيقا، وحوارا وطنيا ودوليا.
 لقد كانت قاعدة اسامة بن لادن على أرض دولة قومية. غير ان قضيته لم تكن قضية قومية، وكان افراد عاملون رفيعو الانضباط ينتشرون في مختلف انحاء العالم، بعضهم على اراضي اقرب حلفاء اميركا، بل داخل اميركا نفسها. وكانوا يتمتعون بالدعم المالي والتنظيمي من عدد من الدول ـ في الغالب الاعم من افراد خاصين يزعم انهم ليسوا تحت سيطرة حكوماتهم. واقيمت قواعد تدريب للارهابيين في عدد من الدول، ولكن، عادة، في مناطق حيث امكن للحكومات، ظاهريا، ان تتبرأ من السيطرة، او انها لا تتمتع بالسيطرة فعلا، كما هو الحال في اليمن او الصومال او ربما اندونيسيا. وفي هذا الاطار جرى تحدي النظام الدولي القائم على سيادة الدولة القومية عبر تهديد يتجاوز الحدود القومية، ويتعين مكافحته على منطقة السيادة لدول اخرى في قضايا تتجاوز الدولة القومية.
 وبتحديهم الولايات المتحدة مباشرة، ضمن الارهابيون ان يتخذ الصراع شكله عبر السمة الخاصة للدولة الاميركية. ذلك ان اميركا لم تعتبر نفسها قط، ببساطة، دولة واحدة بين الدول الاخرى. فقد جرى التعبير عن روحها القومية باعتبارها قضية شاملة تماثل انتشار الديمقراطية، باعتبارها السبيل الرئيسي للسلام.ان السياسة الخارجية الاميركية اكثر ارتياحا مع مقولات مثل الخير والشر منها مع حسابات المصلحة القومية للدبلوماسية الحكومية الاوروبية.
لقد اتهم النقاد الاوروبيون، الذين يحملون مفاهيم اكثر تقليدية، اميركا بالمبالغة في رد الفعل، لأن الارهاب ظاهرة جديدة أساسا بالنسبة للاميركيين، وان الاوروبيين تغلبوا على الارهاب في سنوات سبعينات وثمانينات القرن الماضي بدون القيام بحملات صليبية عالمية. غير ان ارهاب عقدين مضيا كان ذا سمة مختلفة. فقد تشكل، على العموم، من مواطني البلد حيث يحدث الارهاب (أو في حالة الجيش الجمهوري الآيرلندي في بريطانيا بواسطة جماعة ذات مظالم قومية خاصة بها). وعلى الرغم من ان بعضهم تلقوا دعما استخباراتيا اجنبيا، فإن قواعدهم كانت في البلد الذي عملوا فيه. وكانت اسلحتهم المختارة متوافقة، في معظم الاحيان، مع الهجمات الفردية. وعلى العكس من ذلك فإن ارهابيي الحادي عشر من سبتمبر، الذين يعملون على اساس عالمي، لا تدفعهم مظلمة محددة بقدر ما تدفعهم كراهية معممة، ولديهم وسيلة للحصول على اسلحة يستطيعون بواسطتها منح جهد لهذه الاستراتيجية في قتل الآلاف، واكثر من ذلك في نهاية المطاف.
 وفي فترة ما بعد الحادي عشر من سبتمبر مباشرة انغمر هذا الفارق في التأكيد بصدمة عامة اوضحت، بجلاء، لمعظم الدول، اهمية الولايات المتحدة كضامن للاستقرار الدولي بالمعنى التقليدي.
 وتلقى الجانب الاستخباراتي والبوليسي للحرب ضد الارهاب ـ وهو الجزء الاكثر توافقا مع التعاون بين الدول المستقلة دعما عالميا شاملا تقريبا من المجتمع الدولي.

وما دام الهجوم على الولايات المتحدة قد شن من اراض ذات سيادة لدولة قومية، فإن الحرب ضد القاعدة وطالبان في افغانستان خلقت تعاونا واسع النطاق ايضا. ولكن ما ان انتهت عملية افغانستان، فعليا، حتى بات من المؤكد ان المرحلة المقبلة من حملة مكافحة الارهاب، تطرح كيفية التعامل مع الارهاب في مراحله الاولى اكثر من الارهاب الفعلي. وعلى خلاف الفترة الويستفالية حيث كان تحرك الجيوش ينذر بالخطر، فإن التكنولوجيا الحديثة الموضوعة في خدمة الارهاب لا تعطي تحذيرا، ويتلاشى مقترفو الارهاب مع فعل الاقتراف. ومن هنا فإنه اذا كان هناك احتمال جدي لظهور خطر ارهابي من اراضي بلد مستقل، فإن عملا وقائيا معينا ـ بما في ذلك العمل العسكري ـ هو جزء من تعريف التحدي. ان الدول التي تؤوي مقرات الارهابيين او مراكز تدريبهم لا يمكن ان تلوذ خلف المفاهيم التقليدية للسيادة لأن وحدة اراضيها انتهكت بطريقة وقائية من جانب الارهابيين.
 وفي هذه المرحلة تمتزج قضية العمل الوقائي العام ضد الارهاب مع قضية العراق. وربما تعتبر المشكلة الطويلة الأمد، الأكثر اهمية، التي يواجهها المجتمع الدولي، هي مشكلة انتشار اسلحة الدمار الشامل، خصوصا في دول لا توجد فيها رقابة داخلية على قرارات حكامها. واذا اريد للعالم ألا يتحول الى يوم قيامة، فلا بد من ايجاد سبيل لمنع انتشار هذه الاسلحة. ولا تنطبق مبادئ الحرب الباردة في الردع مع وجود عدد كبير من الدول التي يوفر بعضها ملاذا للارهابيين، وفي وضع يمكنهم من إحداث الدمار. لقد عكس عالم الحرب الباردة توافقا معينا في الهدف في كل طرف، والتقاء في تقييم الخطر بين الجانبين. ولكن عندما تهدد دول كثيرة بعضها البعض لأغراض متعارضة، فمن الذي يقوم بعملية الردع، وفي وجه اي عمل استفزازي؟ وان ما يجب ردعه هو ليس، ببساطة، استخدام اسلحة الدمار الشامل وانما تهديد هذه الاسلحة. هل يتعين على الولايات المتحدة ان تأخذ على عاتقها هذا الدور على اساس عالمي في كل الاحتمالات؟ ان نوعا من النظام الدولي في الوقاية من انتشار اسلحة الدمار الشامل امر اساسي لا غنى عنه.
 ولهذا فإن تكديس اسلحة الدمار الشامل في العراق لا يمكن فصله عن مرحلة ما بعد افغانستان في الحرب ضد الارهاب. ان العراق يقع وسط منطقة ظلت مرتعا للنشاط الارهابي العالمي، ومنها نظم الهجوم على الولايات المتحدة. ان التحدي الذي يطرحه العراق هو ليس مدى علاقته بالقاعدة ـ على الرغم من ان العراق استخدم الارهاب ضد جيرانه، وضد اسرائيل، وحتى ضد اوروبا. وبالنسبة للولايات المتحدة فإن القبول بالمخزونات المتزايدة من اسلحة الدمار الشامل حيث يجري تفريخ الشكل الجديد من الارهاب، يعني تقويض اسس التقييد، ليس فقط في ما يتعلق بنشر الاسلحة، وانما في ما يتعلق بالدافع السيكولوجي تجاه الارهاب عموما. ان الاستمرار المثابر لهذه المخزونات لما يزيد على عقد من الزمن بعد حرب الخليج، وفي وجه تملص صارخ من تقييدات الاسلحة التي فرضتها الامم المتحدة كشرط للهدنة، سيمثل، بالنسبة للارهابيين ومن يدعمونهم، رمزا للافتقار الى الارادة والقدرة من جانب المجتمعات المهددة على حماية نفسها. ومن هذا المنظور فإن العمل ضد العراق ليس عقبة امام الحرب على الارهاب وانما هو شرط مسبق لهذه الحرب. (يجادل البعض بأن هذه المخزونات لا توجد حاليا، ولا يمكن ان توجد قريبا. وانا مستعد لقبول كلام ادارة بوش حول هذا الموضوع).
 وبقدر ما تعتبر قضية مبدأ العمل الوقائي قضية مؤثرة، فإنها ليست ذاتية التنفيذ. وباعتبارنا البلد الاقوى في العالم، فإننا نتمتع بقدرة خاصة على تبرير وجهات نظرنا والدفاع عنها. ولكن امامنا ايضا تعهدا خاصا بوضع سياساتنا على اساس مبادئ تتجاوز تأكيدات القوة المتفوقة. ان الزعامة العالمية تتطلب قبول نوع من التقييد حتى على افعالنا الخاصة لضمان ممارسة الآخرين تقييدا مماثلا، ولا يمكن ان يكون في مصلحتنا القومية او مصلحة العالم ان نوجد مبادئ تضمن لكل دولة حقا مطلقا غير مقيد في ممارسة العمل الوقائي على اساس تعريفها للمخاطر التي يتعرض لها أمنها. ولهذا فإن قضية العمل الوقائي يجب ان تكون جزءا من جهد تشاور جدي لخلق مبادئ عامة يمكن للدول الاخرى ان تعتبرها في مصلحتها ايضا.  ومن المؤكد ان التشاور ليس حلا سحريا لكل المشاكل، بل ان البعض يعتبره وسيلة للمماطلة والتأجيل. وليس هناك وقت غير محدد لعملية التشاور هذه. ان التأخير لسنة اخرى يمكن ان يصل الى الإذعان للأمر الواقع بكل دلالاته.
 وفي النهاية فإن الولايات المتحدة ستحتفظ بحق التصرف بمفردها. ولكن هناك فارقا كاملا بين ان تتصرف الولايات المتحدة بمفردها باعتبار ذلك السبيل الوحيد أمامها او باعتباره خيارا استراتيجيا. وقبل كل شيء، ما ان يعلن الرئيس قراره، شريطة ان تتحدث الادارة بوضوح وبصوت واحد ـ كما لم تفعل في الاشهر الاخيرة ـ فمن الصعب الاعتقاد بأن حلفاءنا سينبذون نصف قرن من الشراكة الاطلسية.
 ان الكثير من التعليقات الاوروبية مرتبط بقضايا السياسة الداخلية. وان قلق الادارة بشأن انتشار الاسلحة في الشرق الاوسط يرتبط بواحدة من القضايا الاساسية للنظام الدولي الناشيء. ويجب ان لا يصرف النظر عن ذلك مع تعليقات حول نزعة المغامرة، ومن غير المحتمل ان يحدث هذا عندما يكون التوجه الاميركي واضحا، وتتقلص الضغوط الانتخابية الاوروبية.
 ويجب ان يكون موضوع التشاور هو التخلص من اسلحة الدمار الشامل وفقا لقرارات الامم المتحدة. وهذا سيجنب السعي الى اقامة حق دولة منفردة في احداث تغيير نظام باعتبار ذلك مبدأ في السياسة الدولية. ولا يتعين ان يتضمن التأكيد على اسلحة الدمار الشامل الحفاظ على نظام التفتيش السابق العاجز. وبدلا من ذلك يجب على الادارة ان تقدم فكرتها حول نظام تفتيش محكم يدار بحدود زمنية صارمة. ويجب ان يتضمن هذا عمليات تفتيش عند الطلب، وامكانية وصول غير محدودة الى اي موقع، ويجب عدم السماح بأي تدخل لمسؤولين عراقيين يحول بين المفتشين وهدفهم. ومن اجل منح هذا النظام القوة، لا بد من اقامة قوة عسكرية مقرة دوليا تتمتع بسلطة بديلة لازالة اي عائق امام الشفافية. وفي التطبيق العملي فإن مثل هذا النظام سيؤدي الى تغيير النظام، ذلك ان نظام صدام حسين يتعارض مع الشفافية المطلوبة.
 ان مثل هذه الاستراتيجية يمكن ان توفر لنا، ايضا، ان نحدد اهدافا سياسية قادرة على ان تكيف لتلائم وضعا ناشئا معينا. ان مرحلة رئيسية من اعادة البناء في العراق امر ضروري، غير ان التعقيدات السياسية للشرق الاوسط المضطرب يمكن التعامل معها على نحو افضل عبر مراحل. ان العراق ليس دولة قومية، فقد تأسس في نهاية الحرب العالمية الاولى كثقل موازن لايران، وكعجلة موازنة للنزاعات الاقليمية. ان عراقا موحدا ومسؤولا يبقى مسألة هامة، ولكن لا يمكننا ان نعرف، في المرحلة الحالية، المعايير الدقيقة التي تتطلبها مثل هذه السياسة.
  ان هدف الحكم الديمقراطي هدف سام وضروري. غير ان تحقيقه اكثر تطلبا للدأب والوقت من بعض المهمات العاجلة لاعادة البناء. وفي هذه العملية يجب ان نكون مستشعرين للتمييز بين اولئك الذي يستخدمون شعار الديمقراطية للوصول الى السلطة وليس تقاسمها، وتفكيك البنية القائمة من دون تحسينها، واولئك الزعماء الذين يكرسون طاقاتهم حقا لاقامة نظام منفتح. وعلى اية حال، ففي تركيا، الديمقراطية الوحيدة القائمة في المنطقة، جاءت الديمقراطية التعددية بعد 20 سنة من الاوتوقراطية الخيرية.
 ان فترة مماثلة من الحكم العسكري من جانب قوة غربية وسط العالم الاسلامي مسألة صعبة التصور. ان التماثلات التاريخية، مثل احتلال المانيا، ليست، بالتالي ذات نفع كبير. ولا يمكننا ان نحل جميع هذه المشاكل سلفا ـ بل يجب استخدام اقل ما يمكن لتجنب قرار معين ـ ولكن يتعين علينا ان نبدأ معالجتها من دون تأخير، ويجب ان نفهم ان الكثير من المصالح تقتضي من اميركا ان تكون قادرة على رسم خارطة النشوء السياسي لعراق ما بعد صدام وحدها. وارتباطا باقتراب الحاجة الى قرار، فإن حلفاءنا لا يمكن ان يكونوا متفرجين. واذ تتولى الولايات المتحدة موقع الزعامة، يتعين عليها ان لا تطلق نفسها بطريقة احادية الجانب قبل ان تكون قد اختبرت آفاق التصرف باعتبارها راعية لمصلحة عالمية.

* وزير الخارجية الاميركي الأسبق

 




#عصام_البغدادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تبادل المراكز بريطانيا تصنع المشاكل وامريكا تصنع النماذج
- فلسفة معاهدة فرساى والوضع العراقي
- الحليم تكفيه الاشارة!!


المزيد.....




- قرار الجنائية الدولية.. كيف يمكن لواشنطن مساعدة إسرائيل
- زيلينسكي يقرّر سحب الأوسمة الوطنية من داعمي روسيا ويكشف تفاص ...
- إسبانيا: السيارات المكدسة في شوارع فالنسيا تهدد التعافي بعد ...
- تقارير: طالبان تسحب سفيرها وقنصلها العام من ألمانيا
- لبنانيون يفضلون العودة من سوريا رغم المخاطر - ما السبب؟
- الدوري الألماني: ثلاثية كين تهدي بايرن الفوز على أوغسبورغ
- لحظة سقوط صاروخ إسرائيلي على مبنى سكني وتدميره في الضاحية ال ...
- سلسلة غارات جديدة على الضاحية الجنوبية في بيروت (فيديو)
- مصدر مقرب من نبيه بري لـRT: هوكشتاين نقل أجواء إيجابية حول م ...
- فريق ترامب الانتقالي: تعليق القضية المرفوعة ضد الرئيس المنتخ ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عصام البغدادي - مائة عام من رحلة البحث عن الديمقراطية في العراق!