|
قضية القمني وأوهام المثقفين/تعقيب على الأديب عباس بيضون
نعمان الحاج حسين
الحوار المتمدن-العدد: 1315 - 2005 / 9 / 12 - 10:09
المحور:
الصحافة والاعلام
لا شك أن إعلان كاتب أصيل ومرموق مثل سيد محمود القمني ، عن اعتزاله الكتابة ،هو حدث ثقافي كبير ومروع ،لكن ردود المثقفين ( على ندرتها كما يشكو الأديب عباس بيضون )، المدافعين عن القمني أو المهاجمين له ،ليست أقل إثارة للخوف لأنها تقدم أدلة إضافية على التشتت الذهني واهتزاز رؤية المثقفين العرب للوقائع ،واستنادها إلى الانفعال رغم اللغة الثقافية التي تبدو باردة ظاهريا. وإذا كان (بيضون) على حق في أن تعرض القمني للهجوم من أطراف كان يجب أن تدافع عنه ، لا يتعلق بعارض مرضي) عارض ستوكهولم) حيث الضحية تتبنى موقف الجلاد، بل: ( ..بحسابات واقعية أرعبت الجميع..) على حد تعبير بيضون ، لكن ردود المثقفين تتعلق-حسب رأيي- بعارض آخر هو (الذهان) حيث الذات تدير مساجلة مع الآخر وفق حوار مسبق دار داخل الذات وحدها . لن أناقش القضية التي هي محور مقالة عباس بيضون: ( محنة القمني ومساجلة درويش:عار المثقفين) المنشورة في السفير/عدد9/أيلول ، لأنني أوافقه على طرحها ، وهي: عزلة المثقف العربي أمام فداحة التهديد بالقتل، لكن فات(بيضون ) – على غير عادته- ملاحظة أن موقف القمني يوازي في عنفه ، عنف الأصوليين الذين هددوا بقتله مما جعل مثقفا آخر ( هو النابلسي وليس شرف الدين ) أن يصف (القمني) بالجبان(!) وليس ( القمني) بأقل شجاعة من ( النابلسي) الذي تعرض بيته للهجوم بسبب مواقفه الليبرالية ، وهو هجوم كان يمكن أن يتجاوز تحطيم باب البيت ونوافذه إلى إلحاق الضرر بساكنيه! غير أن الاثنين معا هما للأسف مثقفان عربيان انفعاليان لا تختلف ردود أفعالهما عن مواقف الرأي العام . فلا اعتزال (القمني ) يعطي فكرة حقيقية عن قوة الأصوليين ، ولا وصفه بـ( الجبان) يفسر مواقفه المسبقة ، ولا مقالة عباس بيضون تضيء أكثر من زاوية مضاءة! رغم أصالة(بيضون ) التي جعلته يبدي سابقا برودا جريئا وصادقا تجاه رواية تعرض كاتبها لفتوى بالقتل وثار المتظاهرون الأصوليون ضدها في مصر لكن ذلك كله لم يجعله يبدي إعجابا بها من حيث مستواها الأدبي وهي رواية(وليمة لأعشاب البحر...) وبالمثل يمكن إخضاع موقف (القمني) للنقد والتفسير دون أي تردد في الدفاع عن حقه بالكتابة و(الحياة) في وجه قتلة لا أكثر. أتمنى أن يكون الجميع مازالوا يتذكرون حضور (القمني) في برنامج الاتجاه المعاكس على قناة (الجزيرة) منذ أقل من عام في مواجهة أحد الإسلاميين ، فقد أدهشنا هذا المفكر بسخريته الساحقة من كل شيء، حتى من الفتح الإسلامي لمصر ! وهو أمر ليس مطلوبا منه وليس موضع نقاش، ووجه اتهامات في كل الاتجاهات ولاشك أنه كان مسليا لمعد البرنامج الذي كان يخفي ضحكه خلف راحة يده ، ولعل تلك الحاقة كانت سبقا إعلاميا من نوع ما ، ولكن ما إن انتهت الحاقة حتى أحسست بالخوف لأن كاتبا نقديا كبيرا كان على هذا المستوى من الانفعال ، وأقولها سريعا أنني لذلك لم استغرب موقفه العنيف ردا على التهديد فهذا الموقف-أي إعلانه التوقف عن الكتابة- كامن في (القمني) كاستجابة مسبقة . ومع ذلك لم يتطرق أي كاتب لتحليل هذه الأرضية التي يقف عليها المثقفون العرب . لعل الكتاب من اليسار العربي قد أسهموا في تغول ظاهرة الأصوليين لأنهم يصدقون تحذيراتهم القديمة من وقوع المجتمعات العربية في قبضة التيارات الدينية ، واليوم يصدقون كل ما ينسب للأصوليين لكي يبرروا منطلقا تهم رغم أن الظاهرة الأصولية الجديدة ليس لها أي حامل اجتماعي حقيقي، وإذا ما استعرنا سخرية رجل الشارع (كما فعل القمني على الجزيرة ) لقلنا ( اللي يخاف من العفريت يطلع له) حقا إن الأصوليين هم عفاريت اليساريين والمجتمع يقف اليوم خارجا..
القضية الأخرى التي طرحها(بيضون) في مقالته هي رد بعض الشعراء العرب على الشاعر (محمود درويش) بعد تصريحه بأن: (المتنبي أفضل من الشعراء العاصرين) ولاشك-هنا أيضا – بأن درويش قامة شعرية كبيرة جدا وكذلك (مارسيل خليفة) ولكن..سوف أطرح سؤالا جريئا بمثل جرأة ( بيضون ) في طرح أسئلته..أليست قصيدة(وأنا يوسف يا أبي) التي أنشدها (مارسيل) قصيدة تافهة من الناحية الأدبية المحضة؟ وهل كان يقبل أن ينشرها في جريدته لو أن شاعرا غير معروف هو مؤلفها ؟
تستحق القضايا التي أطرحها إلى نقاش موسع أكثر لكنني أتحمل مسؤولية الأحكام التي وردت في مقالتي.
نعمان الحاج حسين مصياف –سوريا في 10/9/2005
#نعمان_الحاج_حسين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ثقافة المثقفين العرب
المزيد.....
-
السيسي وولي عهد الأردن: ضرورة البدء الفوري بإعمار غزة دون ته
...
-
نداء عاجل لإنهاء الإخفاء القسري للشاعر عبد الرحمن يوسف والإف
...
-
-الضمانات الأمنية أولاً-..زيلينسكي يرفض اتفاق المعادن النادر
...
-
السلطات النمساوية: هجوم الطعن في فيلاخ دوافعه -إسلاموية-
-
نتنياهو: انهيار نظام الأسد جاء بعد إضعاف إسرائيل لمحور إيران
...
-
نتنياهو: ستفتح -أبواب الجحيم- في غزة وفق خطة مشتركة مع ترامب
...
-
كيلوغ المسكين.. نذير الفشل
-
تونس تستضيف الدورة 42 لمجلس وزراء الداخلية العرب (صور)
-
-مصيركم لن يكون مختلفا-.. رسالة نارية من الإماراتي خلف الحبت
...
-
مصر تعلن بدء إرسال 2000 طبيب إلى غزة
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|