أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعد تركي - هوية المدينة.. رصيف!














المزيد.....

هوية المدينة.. رصيف!


سعد تركي

الحوار المتمدن-العدد: 4705 - 2015 / 1 / 31 - 18:30
المحور: المجتمع المدني
    




الأرصفةُ هويةُ المدنِ ومقياسٌ لتحضّر أبنائها، فالرصيفُ يستفزّ الحواسَ ويثيرُ النشاطَ ويحثُّ الأقدامَ على الحركةِ ويمنحُ الناسَ فرصةً للتأملِ والتقاطِ الأنفاسِ مثلما يمنحهم الأمنَ والطمأنينةَ.. مدينةٌ تتخلى ـ طوعاً أو كرهاً ـ عن رصيفٍ تتنازلُ عن رئتها فيفسد فيها الهواء ويختنق سكناها.. مدينةٌ تلغي أرصفتها كنهرٍ أهدرَ ماءه لأنّه تنازلَ عن إحدى ضفتيه.. أيُّ مدينة يجدُ المارةُ فيها أنفسهَم ـ مطرودين ـ إلى المساحةِ المخصصةِ للسيارات، تُمسي بلا حياةٍ أو روحٍ.
لم يعُد بمقدورِ مدننا أنْ تشعرك بالأمانِ لأنّها أضحتْ من دونِ أرصفةٍ، ولو أسعدَ أحدنَا الحظُ في العثورِ على واحدٍ منها فسيكون ملغوماً بالقمامةِ أو بكتلةٍ كونكريتيةٍ أو هيكلٍ حديدي سينمو ليصبح "بسطيّة"، أو يفاجئه زعيقُ سيارة هربتْ من زحامِ الشوارعِ.. في مدننا أصبحَ لـ"الآلةِ حقوقٌ أكثر من حقوقِ الناس" كما قالت مرّةً دبلوماسيةٌ غربيّةُ.
لا شيءَ أكثر بؤساً من مدينةٍ لا يجدُ فيها عاشقٌ مكاناً يصوّبُ منهُ نظرةً عجلى إلى خيالِ الحبيب، وتموتُ فيها ضحكاتُ الأطفال تحت العجلاتِ المسرعةِ أو ضجيجِ المنبهات.. المدنُ التي تحتفي بالشوارع فقط تُضيّع ذاكرتها، فتختفي في زحامها آهاتُ المحبين وضحكاتِ الأطفال.. ذكرياتُ العابرين لا يضمّها شارعٌ مهما اتسع كما يحتضنها صدرُ رصيفٍ. المدنُ التي تؤثثُ أرصفتِها بثراءٍ باذخٍ تحتفلُ بالإنسانِ قيمةً عليا، وتحفظُ له ذاكرته من الضياعِ وتمنحه الكرامة والأمان.
أرصفة مدننا ـ الضيقة أصلاً ـ باتت ممنوعةً على المشاة.. الباعةُ الجوالون احتلوها فضاقتْ بهم، المحالُ التجارية تمددت عليها، المساكنُ حولتها إلى حديقةٍ ملحقةٍ بالدارِ أو كراجِ سيارة أو (حَمّام) للضيوفِ، المولداتُ الكهربائيةُ بملحقاتها استأثرتْ بنصيبها.. على أرصفةِ مدننا نربّي المواشي ونذبحُها ونسلخُها ونشويها تكة وكباباً.. صارَ الرصيف كلّ شيء إلا أن يكونَ رصيفاً للمارّة!!




#سعد_تركي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفرحُ ليس مهنتنا!!
- كي لا نخسر أزل وأخواتها
- نادية كومانتشي وصناعةُ البطل
- المياه لا تعود إلى مجاريها!
- وصايا لسياسي مبتدئ!!
- طريق المنافي والمهاجر
- رمضانهم كريم!!
- صحف لقراءة الأبراج!!
- سلام القلوب
- أمنية ابتدائي!!
- محنة المشتكي
- ورق.. ورق
- عبقريّة معلمة!!
- أرائك الفاكهين!!
- وهمُ البطالة!!
- قرطاسية كلّ عام!
- بشائر النصر.. مقدمات الهزيمة!
- أحوال مدنية!!
- وصايا لتعيش!!
- نحيب الأرصفة


المزيد.....




- بيان مشترك بين الإمارات ودول أخرى حول خطر المجاعة في السودان ...
- اعتقال رئيس الاتحاد الكولومبي لكرة القدم وابنه بعد نهائي كوب ...
- شهادات مروعة عن تعذيب أسرى غزة في سجون إسرائيل
- صحيفة: العنصرية في تركيا لا تقل خطورة عن محاولة الانقلاب
- منتدى حقوقي بالدوحة يبحث أوضاع المهاجرين في دول مجلس التعاون ...
- استمرار توافد النازحين إلى القضارف جراء الحرب بالسودان
- الثاني بتاريخ الفورمولا 1.. رالف شوماخر يعلن هويته المثلية
- مفوض أممي: تحول مقر الأونروا الرئيسي في غزة لساحة حرب أمر مر ...
- ألمانيا - اعتقال شخص يشتبه بانتمائه لحزب الله وعمله على شراء ...
- جدل بعد إيقاف الكويت جوازات سفر البدون


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعد تركي - هوية المدينة.. رصيف!